إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
(1) .
وقول أمير المؤمنين (ع) في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا ، فقال : اين الرابع ؟ قالوا : الآن يجيء ، فقال : ( حدوا الشهود ، فليس في الحدود نظر ساعة )
(2) ، وقول الامام الصادق (ع) : ( حد الرجم ان يشهد اربعة انهم رأوه يدخل ويخرج )
(3) .
ومن الطبيعي ان يتوارد الشهود الأربعة على المشهود به من الناحية الواقعية ، بمعنى انه لابد من اتفاقهم على المشهود به زماناً ومكاناً وفعلاً ، فاذا نقص عدد الشهود ، او اختلفوا في التفصيل حد الشهود على القذف .
3 ـ شهادة ثلاثة رجال وامرأتين في الزنا ، الموجب للرجم والجلد فـ ( لا يكفي في البينة اقل من اربعة رجال ، او ثلاثة وامرأتين )
(4) ، لقول الامام الصادق (ع) عندما سئل عن رجل فجر بامرأة ، فشهد عليه ثلاثة رجال وامرأتان ؟ ( وجب عليه الرجم ، وان شهد عليه رجلان واربع نسوة فلا تجوز شهادتهم ولا يرجم ، ولكن يضرب حد الزاني )
(5) .
4 ـ شهادة رجلين واربع نسوة ، للزنا الموجب للجلد فقط دون الرجم .
وقد روي ان امرأة حامل اتت امير المؤمين (ع) ، فقالت : اني زنيت فطهرني طهرك الله فان عذاب الدنيا ايسر من عذاب الآخرة الذي لا ينقطع ، فقال لها : مم اطهرك ؟ فقالت : اني زنيت ، فقال لها : او ذات بعل انت أم غير
**************************************************************
(1) النور : 4 ـ 5 .
(2) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 24 .
(3) الكافي ج 7 ص 183 .
(4) المختصر النافع للمحقق الحلي ص 293 .
(5) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 16 .
الإنحِرافُ الإجتِماعِيُ وأساليب العلاج
ـ 127 ـ
ذلك ؟ فقالت : بل ذات بعل ، فقال لها : افحاضر كان بعلك اذ فعلت ما فعلت ام غائباً كان عنك ؟ قالت : بل حاضراً فقال لها : انطلقي فضعي ما في بطنك ثم اتيني اطهرك ، فعل ذلك اربعاً ، والمرأة تذهب وترجع وتقول له طهرني ، الى أن قال : اللهم انه قد ثبت لك عليها اربع شهادات ، وانك قلت لنبيك (ص) فيما اخبرته به من دينك : يا محمد من عطل حداً من حدودي فقد عاندني وطلب بذلك مضادتي ، اللهم فاني غير معطل حدودك ، ولا طالب مضادتك ولا مضيع لاحكامك ، بل مطيع لك ومتبع سنة نبيك (ص) ... الى آخر الرواية حيث امر باقامة الحد عليها
(1) .
5 ـ علم الحاكم ، حيث يحق للحاكم الشرعي اقامة الحد على المنحرفين اذا قبض عليهما بالجرم المشهود ، لان حكم الحاكم بعلمه ( أقوى من البينة ، وحينئذ فيجب على الحاكم اقامة حدود الله تعالى بعلمه كحد الزنى لان المطالب به والمستوفي له ، واما حقوق الناس فتقف اقامتها على المطالبة حداً كان او تعزيراً ، كما يرشد اليه خبر الحسين بن خالد عن ابي عبد الله (ع) سمعته يقول : الواجب على الامام اذا نظر الى رجل يزني او يشرب الخمر ان يقيم عليه الحد ، ولا يحتاج الى بينة مع نظره ، لأنه أمين الله في خلقه ، واذا نظر الى رجل يسرق فالواجب عليه أن يزجره وينهاه ويمضي ويدعه ، قلت : كيف ذلك ؟ قال : لأن الحق اذا كان لله فالواجب على الامام اقامته، واذا كان للناس فهو للناس )
(2) .
**************************************************************
(1) الكافي ج 7 ص 185 .
(2) الجواهر ج 41 ص 366 .
الإنحِرافُ الإجتِماعِيُ وأساليب العلاج
ـ 128 ـ
ج ـ صورة الرجم والجلد :
1 ـ في صورة الرجم : يتم تغسيل المنحرف وتحنيطه والباسه الكفن ، ثم تحفر له حفرة ، فاذا كان رجلاً وضع فيها الى حقويه ، واذا كانت امرأة وضعت فيها الى صدرها ، ثم يرمي الناس بالاحجار على الزاني او الزانية ، للنص الشريف : ( تدفن المرأة الى وسطها ، ثم يرمي الامام ، ويرمي الناس باحجار صغار ، ولا يدفن الرجل اذا رجم الا الى حقويه )
(1) ثم يصلى عليه او عليها صلاة الميت .
2 ـ في صورة الجلد : يجلد الرجل ، وهو واقف بعد أن يجرد من ثيابه ، فيما اذا وجد عارياً حين الزنا ، والا فلا ، اما المرأة فتجلد وهي جالسة بكامل ثيابها ، وينبغي اتقاء الوجه والفرج عند الضرب ، كما ورد في قوله (ع) : ( يضرب الرجل الحد قائماً ، والمرأة قاعدة ويضرب كل عضو ويتكرك الرأس والمذاكير )
(2) ، وقوله ايضاً ( يفرق الحد على الجسد كله ، ويتقي الفرج والوجه ، ويضرب بين الضربين )
(3) .
د ـ في بعض موارد الزنا :
1 ـ اذا اكره المنحرف ، امرأة على الزنا وجب قتله ، محصناً ، كان او غير محصن ، بالاجماع والنص ، فقد سئل الامام الباقر (ع) عن رجل اغتصب امرأة فرجها ؟ قال : ( يقتل محصناً كان او غير محصن )
(4) .
**************************************************************
(1) الكافي ج 7 ص 184 .
(2) الكافي ج 7 ص 183 .
(3) التهذيب ج 10 ص 31 .
(4) الكافي ج 7 ص 189 .
الإنحِرافُ الإجتِماعِيُ وأساليب العلاج
ـ 129 ـ
2 ـ واذا زنى بذات محرم نسباً ، كالام والبنت والاخت وبنت الاخ وبنت الاخت والعمة والخالة ، وجب قتله بالاجماع ، وقد ورد ما يؤيد ذلك نصاً ، كقول الامام الصادق (ع) : ( من أتى ذات محرم ضرب ضربة بالسيف اخذت منه ما أخذت )
(1) .
3 ـ ويرجم المحصن او المحصنة بعد ان يثبت منهما الزنا ، والمراد بالاحصان ، هو ان يكون الفرد البالغ العاقل متزوجاً بعقد دائم ، متهيأ له الوطء متى شاء ، فاذا لم يكن ذلك ممكناً لا يترتب عليه حكم الاحصان ، كما ورد في الرولاية عن معنى المحصن )
(2) ، وقوله (ع) ايضاً : ( لا يكون محصناً حتى يكون عنده امرأة يغلق عليها بابه )
(3) والمطلقة الرجعية حكمها حكم الزوجة ما دامت في العدة ، و ( ان كان ( الزاني المحصن ) شيخاً او شيخة جلد ، ثم رجم ، بلا خلاف محقق معتدبه ، بل الاجماع عليه ، لرواية عبد الله بن طلحة عن الامام (ع) : اذا زنى الشيخ والعجوز جلدا ، ثم رجما عقوبة لهما ، واذا زنى النصف من الرجال ( الصغير ) رجم ولم يجلد اذا كان احصن ، واذا زنى الشاب الحدث السن جلد ، ونفي سنة من مصره ، ونحوها رواية عبد الله بن سنان مضافاً الى اطلاق خبر أبي بصير المنزل على ذلك : ( الرجم حد الله الاكبر ، والجلد حد الله الاصغر ) ، فاذا زنى الرجل المحصن رجم ، ولم يجلد )
(4) .
4 ـ لا تحد الحامل ، رجماً ولا جلداً حتى تضع الحمل وترضعه ان لم يكن له
**************************************************************
(1) التهذيب ج 10 ص 23 .
(2) الكافي ج 7 ص 179 .
(3) الاستبصار ج 4 ص 204 .
(4) الجواهر ج 41 ص 319 .
الإنحِرافُ الإجتِماعِيُ وأساليب العلاج
ـ 130 ـ
مرضعة ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف ، انه (ص) قال لها : ( حتى تضعي ما في بطنك ، فلما ولدت قال لها : اذهبي ، فارضعيه ) .
5 ـ يجب حضور الشهود والحاكم الذي حكم بالرجم ، فاذا ( ثبت الرجم بالبينة ، فاول من يبدأ بالرجم الشهود ثم الامام ثم الناس ، وان ثبت باعترافه بدأ برجمه الامام ثم الناس )
(1) .
6 ـ يقتل غير المحصن المصر على الزنى في المرة الرابعة ، فاذا جلد مائة جلدة في الاولى ، ثم عاد ثانية وجلد ، ثم عاد وجلد ، يقتل في الرابعة ، و ( هذا هو المشهور ، بل عن صاحب الانتصار والغنية الاجماع عليه ، لموثق ابي بصير عن ابي عبد الله (ع) : الزاني اذا زنى يجلد ثلاثاً ، ويقتل في الرابعة )
(2) .
7 ـ اذا زنى غير المسلم بامرأة غير مسلمة ، يكون الحاكم الشرعي مخيرا بين الحكم عليهما بشرع الاسلام ، او الاعراض عنهما وتسليمهما الى اهل ملتهما ، لقوله تعالى : ( فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ )
(3) .
8 ـ ورد في بعض الروايا ان النظام الاجتماعي والسياسي ، المتمثل بالامام مسؤول عن معالجة ظاهرة الزنا ، وذلك بتزويج الزانية رجلاً يمنعها من ارتكاب هذا اللون من الانحراف ، فقد ورد في قول الامام الباقر (ع) ( ان علياً
**************************************************************
(1) المبسوط للشيخ الطوسي ج 8 ص 4 .
(2) الجواهر ج 41 ص 331 .
(3) المائدة : 42 .
الإنحِرافُ الإجتِماعِيُ وأساليب العلاج
ـ 131 ـ
أمير المؤمنين (ع) قضى في امرأة زنت وشردت ان يربطها امام المسلمين بالزوج ، كما يربط البعير الشارد بالعقال )
(1) .
9 ـ ولا شك ان الاسلام لم يغلق ابواب الاصلاح والتوبة ، خصوصاً اذا جاءت بمبادرة الفرد المنحرف نفسه ، بل وضع للمنحرفين ، اساليب شخصية عديدة للخروج من دائرة الانحراف الاخلاقي ، ومن ذلك الاستتار والتوبة الخالصة ، كما ورد عن رسول الله (ص) قوله : ( من اتى من هذه القاذورات شيئاً فاستتر ستره الله ، وان من أبدى صفته اقمنا عليه الحد )
(2) ، وقول أمير المؤمنين (ع) : ( أيعجز احدكم اذا قارف هذه السيئة ان يستر على نفسه ، كما ستر الله عليه )
(3) ، وقوله (ع) للرجل الذي اقر عنده اربعاً : ( ما اقبح بالرجل منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش ، فيفضح نفسه على رؤوس الملأ ، أفلا تاب في بيته ؟ فوالله لتوبته فيما بينه وبين الله افضل من اقامتي عليه الحد )
(4) .
يترتب على توبة المذنب قبل قيام البينة عليه ، سقوط الحد رجماً كان او جلداً ، اما اذا قامت عليه البينة ثم تاب فلا يسقط عنه الحد ، واذا اقر بالذنب ، ثم تاب ، فللامام الخيرا ان شاء عفا ، وان شا عقاب .
وعليه ، فانه يمكننا تقسيم حدود الزنى ، الى الاقسام التالية :
الاول : القتل ، وهي عقوبة من زنى بذات محرم للنسب كالام والبنت والاخت وشبهها وكذلك من زنى بامرأة ابيه ، ويقتل من زنى بامرأة مكرها
**************************************************************
(1) التهذيب ج 10 ص 154 .
(2) سنن البيهقي ج 8 ص 330 .
(3) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 21 .
(4) الكافي ج 7 ص 188 .