الفهرس العام

احتجاج أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على القوم لما مات عمر بن الخطاب وقد جعل الخلافة شورى بينهم .



  قال فأنشدك بالله أنا الذي أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أصحابه بالسلام عليه بالإمرة في حياته أم أنت (1)؟ قال : بل أنت.

---------------------------
<=
نصفين وارتفعا إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقصا عليه قصتهما فقال لصاحب الثلاثة الأرغفة قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فارض بثلاثته فقال : لا والله لا رضيت منه إلا بمر الحق ، فقال علي رضي الله عنه: ( ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين هو يعرض على ثلاثة فلم أرض، وأشرت علي بأخذها فلم أرض ، وتقول لي الآن إنه لا يجب في مر الحق إلا درهم واحد ، فقال له علي: ( عرض عليك صاحبك الثلاثة صلحا فقلت لم أرض إلا بمر الحق، ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد ) فقال الرجل:
فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله ، فقال علي رضي الله عنه: أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا ، أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل، فتحملون في أكلكم على السواء قال : بلى ، قال فأكلت أنت ثمانية أثلاث وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية ويبقى له سبعة وأكل لك واحدة من نسعة فلك واحد بواحدك ، وله سبعة بسبعته ، فقال له الرجل رضيت الآن.
(1) في ص 125 من كتاب ( اليقين في إمرة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ) قال:
فيما نذكره من كتاب الرسالة الموضحة تأليف المظفر بن جعفر بن الحسين..
وهو ممن يروي عنه محمد بن جرير الطبري ننقل ذلك من خط مصنفه من الخزانة العتيقة بالنظامية ببغداد فقال ما هذا لفظه : (وعنه قال : حدثنا محمد بن همام عن علي بن العباس ومحمد بن الحسين بن حفص قالا : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا يحيى بن سالم عن صباح بن يحيى عن العلا بن المسيب عن أبي داود عن بريدة الأسلمي قال : كنا نسلم على علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بحضرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بإمرة المؤمنين نقول: (السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته) ويرد علينا.
وفي ج 9 من بحار الأنوار ص 246 عن بريدة وعن يحيى بن سالم قالا : أمرنا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن نسلم على علي بإمرة المؤمنين.
وفيه أيضا عن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) عن الحسين بن علي ( عليهما السلام )
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 177 _

  قال فأنشدك بالله أنا الذي شهدت آخر كلام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ووليت غسله ودفنه أم أنت (1)؟ قال: بل أنت.

---------------------------
<=
قال: ( قال لي بريدة: أمرنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن نسلم على أبيك بإمرة المؤمنين ) وفيه أيضا عن عمرو بن حصيب أخي بريدة بن حصيب قال:
بينا أخي بريدة عند النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذ دخل أبو بكر فسلم على رسول الله فقال له:
انطلق فسلم على أمير المؤمنين، فقال : يا رسول الله ومن أمير المؤمنين ؟ قال: علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : عن أمر الله وأمر رسوله ، قال: نعم ، ثم دخل عمر فسلم فقال انطلق فسلم على أمير المؤمنين فقال يا رسول الله ومن أمير المؤمنين ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : على ابن أبي طالب ( عليه السلام ) قال عن أمر الله ورسوله قال : نعم.
(1) في ذخائر العقبى ص 72 والرياض النضرة ج 2 ص 237 .
عن عائشة قالت : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ لما حضرته الوفاة ـ (ادعو لي حبيبي) فدعوا له أبا بكر ، فنظر إليه ثم وضع رأسه فقال : (ادعو لي حبيبي) فدعوا له عمر فلما نظر إليه وضع رأسه ثم قال: (ادعو لي حبيبي) فدعوا له عليا رضي الله عنه فلما رآه أدخله معه الثوب الذي كان عليه فلم يزل يحتضنه حتى قبض ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ـ أخرجه الرازي وفيهما أيضا وفي ج 3 من المستدرك عن أم سلمة (رض) قالت: والذي أحلف به إن كان علي أقرب الناس عهدا برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عدنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غداة بعد غداة يقول: ( جاء على ـ مرارا -؟) وأظنه كان بعثه في حاجة فجاء بعد فظننت أن له حاجة فخرجنا من البيت وقعدنا عند الباب فكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه على فجعل يساره ويناجيه ثم قبض ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يومه ذلك فكان من أقرب الناس به عهدا ، أخرجه الإمام أحمد.
وفي ج 3 من المستدرك ص 111 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
لعلي أربع خصال ليست لأحد ، هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو الذي كان لواؤه معه في كل زحف ، وهو الذي صبر معه يوم المهراس، وهو الذي غسله وأدخله قبره .

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 178 _

  قال فأنشدك بالله أنت الذي سبقت له القرابة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أم أنا (1)؟
  قال : بل أنت.
  قال فأنشدك بالله أنت الذي حباك الله بالدينار عند حاجته إليه وباعك جبرئيل وأضفت محمدا فأطعمت ولده أم أنا (2) قال: فبكى أبو بكر قال : بل أنت.

---------------------------
(1) عن الشعبي: إن أبا بكر نظر إلى علي بن أبي طالب فقال: من سره أن ينظر إلى أقرب الناس قرابة من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأعظمهم عنه غنا، وأحظهم عنده منزلة ، فلينظر وأشار إلى علي بن أبي طالب ، خرجه ابن السمان.
الرياض النضرة ج 2 ص 215
(2) أخرج الخوارزمي الحنفي في ص 224 من مناقبه ، عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد قال: انقض على وفاطمة ، فقالت له فاطمة ليس في الرحل شئ فخرج علي يبتغي ، قال: فوجد دينارا فعرفه فلم يجد له طالبا ، ولم يصب شيئا ، ورجع ، فقالت له فاطمة ، ما صنعت؟ قال ما أصبت شيئا إلا أني وجدت دينارا فعرفت حتى سئمت فلم أجد له طالبا باغيا ، فقالت : هل لك في خير هل لك في أن نقترضه فنتعشى به ، فإذا جاء صاحبه أعطيته دينارا ، فإنما هو دينار مكان دينار ، فقال علي ( عليه السلام ) أفعل فأخذ الدينار وأخذ وعاءا ثم خرج إلى السوق فإذا رجل عنده طعام يبيعه ، فقال علي ( عليه السلام ) كيف تبيع من طعامك هذا ؟ قال : كذا وكذا بدينار ، فناوله علي ( عليه السلام ) الدينار ثم فتح وعاء ، وذهب ليقوم رد عليه الدينار وقال لتأخذنه والله، فأخذه ورجع إلى فاطمة فحدثها حديثه ، فقالت فاطمة ( عليه السلام ) هذا رجل عرف حقنا وقرابتنا من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأكلوه حتى أنفذوه ولم يصيبوا ميسرة ، فقالت له فاطمة ( عليه السلام ): هل لك في خير تستقرضه فنتعشى به مثل قولها الأول ؟ قال : أفعل ، فخرج إلى السوق فإذا صاحبه فقال له مثل قوله الأول، وفعل الرجل مثل فعله الأول، فرجع فأخبر فاطمة ( عليه السلام ) فدعت له مثل دعائها الأول، فأكلوا حتى أنفذوا فلما كان الثالثة، قالت له فاطمة إن رد عليك الدينار فلا تقبله ، فذهب علي ( عليه السلام ) فوجده فلما كان له ، ذهب يرده عليه، فقال له على ( عليه السلام ) والله لا آخذه فسكت عنه ـ قال أبو هارون : فقمت فانصرفت من عنده فمررت برجل من الأنصار له صحبة
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 179 _

  قال فأنشدك بالله أنت الذي جعلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على كتفه في طرح صنم الكعبة وكسره حتى لو شئت أن أنال أفق السماء لنلتها أم أنا (1) ؟ قال بل أنت

---------------------------
<=
يطين بيته ، فسلمت عليه، فرد علي وسايلني ، فقال ما حدثكم اليوم أبو سعيد؟ فقلت حدثنا بكذا وكذا ؟! فقال الأنصاري: من كان الذي اشترى منه علي ( عليه السلام )! فقلت لا أعلم! قال : كتمكم أبو سعيد ؟! قلت : ومن كان البايع ؟ قال : لما ذهب على ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال له : يا علي تخبرني أو أخبرك ؟! قال أخبرني يا رسول الله قال صاحب الطعام جبرئيل ، والله لولا تحلف لوجدته ما دام الدينار في يدك .
(1) في ج 2 من الرياض النضرة ص 265 ـ 266 عن علي قال:
انطلقت أنا والنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى أتينا للكعبة فقال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اجلس وصعد على منكبي ، فذهبت لأنهض به فرأى مني ضعفا فنزل ، وجلس لي نبي الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال: اصعد على منكبي فصعدت على منكبيه ، قال : فنهض ، قال فتخيل إلي أن لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفراء ونحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه ، قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : اقذف به فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت ، فانطلقت أنا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس.
أخرجه أحمد ، وصاحب الصفوة ، وأخرجه الحاكمي وقال : ـ بعد قوله : فصعدت على الكعبة - فقال لي : ألق صنمهم الأكبر وكان من نحاس موتد بأوتاد من حديد إلى الأرض فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : عالجه فلم أزال أعالجه حتى استمكنت منه ، فقال :
اقذفه فقذفته ، ثم ذكر باقي الحديث وزاد فما صعد حتى الساعة ، انتهى.
وإلى هذه المكرمة الجليلة يشير الإمام الشافعي بقوله :
قيل  لي قل في علي iiمدحا      ذكـره  يخمد نارا موصدة
قلت  لا أقدم في مدح أمره      ضل ذو اللب إلى أن عبده
والنبي  المصطفى قال iiلنا      لـيلة  المعراج لما iiصعده
وضـع الله بـظهري iiيده      فـأحس الـقلب مما iiبرده
وعـلي واضـع iiإقـدامه      فـي  محل وضع الله iiيده

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 180 _

  قال : فأنشدك بالله أنت الذي قال لك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أنت صاحب لواي في الدنيا والآخرة (1) ) أم أنا ؟ قال : بل أنت.
  قال فأنشدك الله أنت الذي أمرك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بفتح بابه في مسجده عندما أمر بسد أبواب جميع أهل بيته وأصحابه وأحل لك فيه ما أحل الله له أم أنا (2) قال : بل أنت.

---------------------------
(1) في ذخائر العقبى ص 75 عن علي قال:
كسرت يد على ( رض ) يوم أحد فسقط اللواء من يده فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ضعوه في يده اليسرى فإنه صاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، أخرجه ابن الحضرمي.
وعن مالك بن دينار سألت سعيد بن جبير وإخوانه من القراء: من كان حامل راية رسول لله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ قالوا: كان حاملها على ( رض ) ، أخرجه أحمد في المناقب.
وفي الرياض النضرة ج 2 ص 267 عن جابر قالوا :
يا رسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة ؟ قال : من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا! علي بن أبي طالب ، أخرجه نظام الملك في أماليه.
وفي ص 75 من ذخائر العقبى عن مخدوع الذهلي ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لعلي: أما علمت يا علي أني أول من يدعى به يوم القيامة فأقوم عن يمين العرش في ظله ، فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض ، فيقومون سماطين عن يمين العرش، ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة ألا وإني أخبرك يا علي: أن أمتي أول الأمم يحاسبون يوم القيامة ثم ابشر أنك أول من يدعى بك لقرابتك مني ، وميزتك ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي وهو: ( لواء الحمد ) تسير به بين السماطين، آدم وجميع خلق الله تعالى مستظلون بظل لوائي يوم القيامة، فتسير باللواء ، الحسن عن يمينك ، والحسين عن يسارك ، حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، نعم الأب أبوك إبراهيم ، ونعم الأخ أخوك يا علي ، أبشر يا علي إنك تكسى إذا كسيت ، وتدعى إذا دعيت ، وتحيى إذا حييت .
أخرجه أحمد في المناقب.
(2) في ج 3 ص 125 من مستدرك الحاكم، وفي كنز العمال ج 6 ص 152 الحديث
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 181 _

  قال فأنشدك بالله أنت الذي قدمت بين يدي نجوى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صدقة (1)

---------------------------
<=
2465 عن زيد بن أرقم قال:
كانت لنفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أبواب شارعة في المسجد ، فقال يوما سدوا هذه الأبواب إلا باب علي قال : فتكلم في ذلك ناس فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب على فقال فيه قائلكم ، والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته ، ثم قال ، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وفي الرياض النضرة ج 2 ص 253 ـ 254 عن أبي هريرة قال:
قال عمر ، ثلاث خصال لعلي لأن يكون لي خصلة منهن أحب إلى من أن يكون لي حمر النعم: تزويجه فاطمة بنت النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وسكناه في المسجد مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والراية يوم خيبر ، أخرجه ابن السمان في الموافقة.
وعن أبي سعيد عنه قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك .
وأيضا عن ابن عمر قال : لقد أوتي ابن أبي طالب ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلى من حمر النعم: زوجه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ابنته وولدت له ، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر ، أخرجه أحمد.
وفي كنز العمال ص 159 ح 6 الحديث 2670 .
عن أم سلمة لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي والحديث 2671 عن أبي سعيد: يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيرك .
(1) الرياض النضرة ج 2 ص 265 عن علي ( عليه السلام ) :
أنه قال: آية في كتاب الله عز وجل لم يعمل بها أحد بعدي: آية النجوى.
كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فلما أردت أن أناجي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قدمت درهما ، فنسختها الآية الأخرى ( أأشفقتم ـ الآية ) أخرجه ابن الجوزي في أسباب النزول قال الحافظ محمد بن أحمد بن جزي الكلبي في كتاب التسهيل لعلوم التنزيل ص 105 ج 4:
روي أنه كان له دينارا فصرفه بعشرة دراهم وناجاه عشر مرات تصدق في كل مرة
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 182 _

  فناجيته إذ عاتب الله قوما فقال: ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجويكم صدقات (1) ) أم أنا قال: بل أنت.
  قال فأنشدك بالله أنت قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة: ( زوجتك أول الناس إيمانا ، وأرجحهم إسلاما في كلام له ) أم أنا (2) قال: بل أنت.

---------------------------
<=
منها بدرهم وقيل بصدق في كل مرة بدينار ، الخ.
وفي تفسير القرطبي ج 17 ص 302 قال .
وقد روي عن مجاهد: إن أول من تصدق في ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه وناجى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، روي أنه تصدق بخاتم ، وذكر القشيري وقيره عن علي بن أبي طالب أنه قال: في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي ، وهي:
( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) كان لي دينار فبعته، فكنت إذا ناجيت الرسول تصدقت بدرهم حتى نفد ، فنسخت بالآية الأخرى ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) ، كذلك قال ابن عباس: نسخها الله بالآية التي بعدها.
وقال ابن عمر: لقد كانت لعلي رضي الله عنه ثلاث لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلى من حمر النعم ، تزويجه فاطمة ، واعطائه الراية يوم خيبر، وآية النجوى.
(1) المجادلة ، 13
(2) كنز العمال ج 6 ص 153 الحديث 2543 عن أبي هريرة وعن ابن عباس:
أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما، وأعلمهم علما، فإنك سيدة نساء أمتي كما سادت مريم قومها، أما ترضين يا فاطمة أن الله اطلع على أهل الأرض فاختار منهم رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك .
وأيضا الحديث 2542 عن معقل بن يسار:
أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما .
والحديث 2544 عن بريدة:
زوجتك خير أهلي أعلمهم علما ، وأفضلهم حلما ، وأولهم سلما .
والحديث 2545 عن أبي إسحاق:
لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلما ، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما .

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 183 _

  قال فأنشدك بالله يا أبا بكر أنت الذي سلمت عليه ملائكة سبع سماوات يوم القليب (1) أم أنا ؟ قال : بل أنت.
  قال: فلم يزل يورد مناقبه التي جعل الله له ورسوله دونه ، ودون غيره ، ويقول له أبو بكر: بل أنت.
  قال: فبهذا وشبهه تستحق القيام بأمور أمة محمد ، فما الذي غرك عن الله وعن

---------------------------
وفي ينابيع المودة ص 80 ـ 81.
موفق بن أحمد بسنده عن أبي أيوب الأنصاري قال : إن فاطمة رضي الله عنها أتت في مرض أبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبكت فقال: يا فاطمة إن لكرامة الله إياك زوجك من هو أقدمهم سلما ، وأكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، إن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم فبعثني نبيا مرسلا ، ثم اطلع اطلاعة فاختار منهم بعلك ، فأوحى إلي أن أزوجه إياك واتخذه وصيا .
(1) في ص 28 من تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي:
قال أحمد في الفضائل : حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث، حدثنا إسحاق ابن إبراهيم النهشلي، حدثنا سعيد بن الصلت، حدثنا أبو الجارود الرحبي عن أبي إسحاق الهمداني عن الحرث عن علي قال : لما كانت ليلة بدر قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من يستقي لنا من الماء ؟ فأحجم الناس ، قال: فقمت فاحتضنت قربة ، ثم أتيت قليبا بعيد القعر مظلما، فانحدرت فيه فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، تأهبوا لنصرة محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وحزبه ، فهبطوا من السماء لهم دوي يذهل من يسمعه ، فلما حاذوا القليب ـ وقفوا وسلموا علي من عند آخرهم ، إكراما، وتبجيلا وتعظيما وذكره أرباب المغازي وفي ذخائر العقبى ص 68 - 69 قال: لما كان ليلة يوم بدر قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من يستقي لنا من الماء ؟
فأحجم الناس ، فقام علي فاحتضن قربة فأتى بئرا بعيدة القعر مظلمة ، فانحدر فيها فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ، تأهبوا لنصر محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وحزبه فهبطوا من المساء لهم لغط يذهل من سمعه ، فلما حاذوا بالبئر سلموا عليه من عند آخرهم إكراما وتبجيلا .

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 184 _

  رسوله ودينه وأنت خلو مما يحتاج إليه أهل دينه .
  قال : فبكى أبو بكر وقال : صدقت يا أبا الحسن انظرني قيام يومي فأدبر ما أنا فيه وما سمعت منك .
  فقال علي عليه السلام: لك ذلك يا أبا بكر .
  فرجع من عنده وطابت نفسه (1) يومه ولم يأذن لأحد إلى الليل، وعمر يتردد في الناس لما بلغه من خلوته بعلي ، فبات في ليلته فرأى في منامه كأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تمثل له في مجلسه فقام إليه أبو بكر يسلم عليه فولى عنه وجهه فصار مقابل وجهه فسلم عليه فولى وجهه عنه ، فقال أبو بكر : يا رسول الله أمرت بأمر لم أفعله ؟ فقال: أرد عليك السلام وقد عاديت من والاه الله ورسوله ؟ رد الحق إلى أهله ، فقلت: من أهله ؟ قال : من عاتبك عليه علي ، قلت: فقد رددته عليه يا رسول الله ثم لم يره.
  فأصبح وبكر (2) إلى علي عليه السلام وقال ابسط يدك يا أبا الحسن أبايعك وأخبره بما قد رأى، قال: فبسط علي يده فمسح عليها أبو بكر وبايعه وسلم إليه وقال له: أخرج إلى مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأخبرهم بما رأيت من ليلتي وما جرى بيني وبينك ، وأخرج نفسي من هذا الأمر وأسلمه إليك، قال : فقال علي عليه السلام: نعم .
  فخرج من عنده متغيرا لونه عاتبا نفسه ، فصادفه عمر وهو في طلبه ، فقال له ما لك يا خليفة رسول الله ؟ فأخبره بما كان وما رأى وما جرى بينه وبين علي ، فقال : أنشدك بالله يا خليفة رسول الله والاغترار بسحر بني هاشم والثقة بهم فليس هذا بأول سحر منهم ، فما زال به حتى رده عن رأيه وصرفه عن عزمه ورغبه فيما هو ، بالثبات عليه، والقيام به.
  قال: فأتى علي المسجد على الميعاد فلم ير فيه منهم أحدا فأحس بشئ

---------------------------
(1) طاب عن الشئ نفسا : تركه وفارقه.
(2) بكر: أتاه بكرة وسبق إليه في أول أحواله.

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 185 _

  منهم ، فقعد إلى قبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : فمر به عمر ، فقال : يا علي دون ما تريد خرط القتاد (1) فعلم عليه السلام بالأمر ورجع إلى بيته.

احتجاج سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه حين كان عامله على المداين بعد حذيفة بن اليمان (2)
  بسم الله الرحمن الرحيم
  من سلمان مولى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى عمر بن الخطاب.

---------------------------
(1) القتاد: شجر صلب له شوك كالإبر ، وخرط القتاد: هو انتزاع قشره أو شوكه باليد يقال: (من دون ذلك خرط القتاد) أي إنه لا ينال إلا بمشقة عظيمة.
(2) أبو عبد الله، حذيفة بن اليمان، واسم اليمان: حسل ، أو حسيل وإنما سمي باليمان لأنه : أصاب دما فهرب إلى المدينة فحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية .
كان رحمه الله من كبار صحابة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) هاجر إليه ، فخيره النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بين الهجرة والنصرة ، فاختار النصرة ، وكان يقول: خيرني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بين الهجرة والنصرة فاخترت النصرة ، وشهد مع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أحدا وقتل أبوه بها .
وهو صاحب سر رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) في المنافقين ، أعلمه بهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد قيل إن عمر بن الخطاب كان إذا مات ميت يسأل عن حذيفة فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر الصلاة ، لم يحضر عمر .
وفي الصحيحين: أن أبا الدرداء قال لعلقمة : أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ يعني حذيفة .
وروى مسلم عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن حذيفة قال :
لقد حدثني رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما كان وما يكون حتى تقوم الساعة .
وسأل يوما : أي الفتن أشد قال أن يعرض عليك الخير والشر لا تدري أيهما تركب .
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 186 _

  أما بعد: فإنه أتاني منك كتاب يا عمر ، تؤنبني (1) وتعيرني ، وتذكر فيه: أنك بعثتني أميرا على أهل المدائن ، وأمرتني أن أقص أثر حذيفة (2) واستقصي أيام أعماله وسيره ، ثم أعلمك قبيحها ، وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه حيث قال : ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) (3) وما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك .
  وأما ما ذكرت: أني أقبلت على سف الخوص (4) وأكل الشعير، فما هما مما يعير به مؤمن ويؤنب عليه، وأيم الله يا عمر لأكل الشعير وسف الخوص،

---------------------------
<=
وقال أبو إدريس الخولاني: سمعت حذيفة يقول : كان الناس يسألون رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الخير وكنت أسأله عن الشر إخافة أن يدركني .
وعداده في الأنصار وهو أحد الأركان الأربعة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وممن صلى على سيدة النساء فاطمة ، وحضر تشييعها .
روي عن زرارة عن أبي جعفر عن أبيه عن جده عن علي ( عليهم السلام ) قال:
ضاقت الأرض بسبعة ، بهم ترزقون ، وبهم تنصرون ، وبهم تمطرون ، منهم سلمان الفارسي. والمقداد ، وأبو ذر ، وعمار ، وحذيفة رحمهم الله بعالي وكان علي عليه السلام يقول: وأنا إمامهم .
استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد مقتل عثمان وبيعة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأربعين يوما سنة ( 36 ).
راجع: رجال الشيخ الطوسي ص 16 ، جامع الرواة ج 1 ص 182 رجال الكشي ص 27 أسد الغابة ج 1 ص 299 ، الإصابة ج 1 ص 316 ، صفة الصفوة ج 1 ص 249 تهذيب التهذيب ج 2 ص 219 .
(1) أنبه: عنفه ولامه .
(2) قص أثره: تتبعه شيئا فشيئا .
(3) الحجرات: 12 .
(4) سف الخوص: نسجه .

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 187 _

  والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب ، وعن غصب مؤمن حقه وادعاء ما ليس له بحق ، أفضل وأحب إلى الله عز وجل وأقرب للتقوى ، ولقد رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إذا أصاب الشعير أكل وفرح به ولم يسخطه.
  وأما ما ذكرت : من إعطائي فإني قدمته ليوم فاقتي وحاجتي ، ورب العزة يا عمر ، ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي وانساغ (1) في حلقي ، لباب البر ومخ المعزة كان أو خشارة الشعير (2).
  وأما قولك: إني ضعفت سلطان الله ووهنته ، وأذللت نفسي وامتهنتها (3) حتى جهل أهل المدائن إمارتي، واتخذوني جسرا يمشون فوقي ، ويحملون علي ثقل حمولتهم (4) وزعمت أن ذلك مما يوهن سلطان الله ويذله .
  فاعلم : أن التذلل في طاعة الله أحب إلى من التعزز في معصيته ، وقد علمت أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتألف الناس (5) ويتقرب منهم ويتقربون منه في نبوته وسلطانه ، حتى كأنه بعضهم في الدنو منهم ، وقد كان يأكل الجشب (6) ويلبس الخشن ، وكان الناس عنده قرشيهم ، وعربيهم ، وأبيضهم ، وأسودهم ، سواء في الدين وأشهد أني سمعته يقول: ( من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان ) فليتني يا عمر أسلم من عمارة المدائن (7) مع ما ذكرت إني

---------------------------
(1) انساغ: مر في حلقه .
(2) الخشارة: ما لا لب له من الشعير.
(3) أي وضعتها موضع الإهانة.
(4) كل ما له قدر ، ووزن فهو: ثقل ، والحمولة بالفتح: الإبل التي تطيق أن يحمل عليها.
(5) التألف المدارات والاستيناس .
(6) الجشب بفتح الجيم وسكون الشين: الغليظ الخشن.
(7) العمارة: بالفتح: الحي العظيم ، والمدائن هي: مدينة كسرى وقبل هي عدة مدن متقاربة ، تقع على سبع فراسخ من بغداد ، وهي دار مملكة الفرس، وأول من
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 188 _

  أذللت نفسي وامتهنتها ، فكيف يا عمر حال من ولي الأمة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ وإني سمعت الله يقول : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين (1) ) .
  إعلم: أني لم أتوجه أسوسهم وأقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه ، وسرت فيهم بسيرته (2) .
واعلم: أن الله تبارك وتعالى لو أراد بهذه الأمة خيرا أو أراد بهم رشدا لو لي عليهم أعلمهم وأفضلهم ، ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين ، ولقول نبي الله متبعين ، وبالحق عاملين ، ما سموك أمير المؤمنين ، فاقض ما أنت قاض ، إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ، ولا تغتر بطول عفو الله عنك وتمديده بذلك من تعجيل عقوبته وأعلم: أنك سيدركك عواقب ظلمك في دنياك وآخرتك ، وسوف تسأل عما قدمت وأخرت ، والحمد لله وحده .

---------------------------
<=
نزلها أنو شيروان ، وبها إيوانه ، ولم تزل آثاره باقية حتى يومنا هذا ، وبها قبرا سلمان وحذيفة وهما مشيدان ويعرف المكان باسم: ( سلمان باك ) .
(1) القصص: 38
(2) يريد عليا ( عليه السلام ) .
(3) في ج 2 من شرح النهج لابن أبي الحديد ص 61 قال:
ونحن نذكر في هذا الموضع ما استفاض في الروايات من مناشدته أصحاب الشورى وتعديده فضائله وخصائصه التي بأن بها منهم ومن غيرهم ، قد روى الناس ذلك فأكثروا ... إلى أن قال : في كلام قد ذكره أهل السيرة وقد أوردنا بعضه فيما تقدم ثم قال لهم : أنشدكم الله أفيكم أحد آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بينه وبين نفسه حيث آخى بين بعض المسلمين وبعض غيري ؟ فقالوا : لا ، فقال أفيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): من كنت

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 189 _


---------------------------
مولاه فهذا مولاة غيري ؟ فقالوا : لا ، قال : أفيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنت ـ مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي غيري ؟ قالوا : لا ، قال : أفيكم من أوتمن على سورة براءة وقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إنه لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني غيري ؟ قالوا : لا ، قال : ألا تعلمون أن أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فروا عنه في مأقط الحرب في غير موطن وما فررت قط ، قالوا بلى ، قال ألا تعلمون أني أول الناس إسلاما، قالوا : بلى ، قال : فأينا أقرب إلى رسول الله نسبا ، قالوا : أنت.
فقطع عليه عبد الرحمن بن عوف ... الخ وفي الصواعق المحرقة ص 24 :
وأخرج الدارقطني: أن عليا قال للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم كلاما طويلا من جملته : أنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة غيري ؟ قالوا: اللهم لا .
وفي ج 2 من لسان الميزان ص 156 ـ 157 عن ابن أبي الطفيل قال:
كنت على الباب يوم الشورى فارتفعت الأصوات، فسمعت عليا يقول: ( بايع الناس لأبي بكر ، وأنا والله أولى بالأمر منه وأحق به ، فسمعت وأطعت ، مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، ثم بايع الناس عمر وأنا والله أولى بالأمر منه ، فسمعت وأطعت ، مخافة أن يضرب بعضهم رقاب بعض ، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان... إلى أن قال: وأيم الله لو أشاء أن أتكلم فثم لا يستطيع عربيهم ولا عجميهم رده : نشدتكم بالله أفيكم من آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري ؟ قالوا : لا .
قال: نشدتكم بالله أفيكم أحد له مثل عمي حمزة ؟ قالوا : اللهم لا قال نشدتكم بالله أفيكم أحد له أخ مثل أخي جعفر ذي الجناحين يطير بهما في الجنة ؟ قالوا : لا ، قال أفيكم أحد له مثل سبطي الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ؟ قالوا : لا ، قال : أفيكم أحد له زوجة مثل زوجتي ، قالوا : لا ، قال : أفيكم أحد كان أقتل لمشركي قريش عند كل شديدة تنزل برسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مني قالوا: لا .
وفي مناقب الخوارزمي ص 217 :
أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أفضل الحفاظ أبو النجيب سعد بن عبد الله بن
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 190 _


---------------------------
<=
ـ الحسن الهمداني المعروف بالمروزي فيما كتب إلي من همدان ، أخبرني الحافظ أبو على الحسن بن أحمد بن الحسين فيما أذن لي في الرواية عنه أخبرني الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني سنة 473 ، أخبرني الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصبهاني وقال الشيخ الإمام شهاب الدين أبو نجيب سعد بن عبد الله الهمداني ، وأخبرني بهذا الحديث عاليا الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الإصبهاني في كتابه إلى من إصبهان سنة 488 عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مروديه ، حدثني سليمان بن محمد بن أحمد، حدثني يعلى بن سعد الرازي، حدثني محمد بن حميد ، حدثني زافر بن سليمان بن الحرث بن محمد عن أبي الطفيل عامر بن وائلة قال: كنت على الباب يوم الشورى مع علي وسمعته يقول : لأحتجن بما لا يستطيع عربيكم ولا عجميكم تغيير ذلك ثم قال: أنشدكم الله أيها النفر جميعا أفيكم أحد وحد الله قبلي ؟ قالوا : لا ، قال فأنشدكم الله هل منكم أحد له مثل جعفر الطيار في الجنة مع الملائكة ؟ قالوا : اللهم لا ، قال أنشدكم الله هل فيكم أحد له عم كعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله سيد الشهداء غيري ؟
قالوا: اللهم لا ، قال: أنشدكم الله هل فيكم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا ، قال : أنشدكم بالله هل فيكم أحد له سبطان مثل سبطي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال:
فأنشدكم بالله هل فيكم أحد ناجى رسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مرات قدم بين يدي نجواه صدقة قبلي ؟
قالوا: اللهم لا ، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من كنت مولاه فعلي مولاة اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره ليبلغ الشاهد النائب غيري ؟ قالوا: اللهم لا ، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي وأشدهم لك حبا ولي حبا يأكل معي من هذا الطير فأتاه وأكل معه غيري ؟ قالوا ، اللهم لا ، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله على يده إذ رجع غيري منهزما غيري ؟ قالوا: اللهم لا ، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال فيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لو فد بني ربيعة لتؤمنن أو لأبعثن إليكم رجلا نفسه كنفسي وطاعته كطاعتي ومعصيته كمعصيتي يقتلكم بالسيف غيري ؟ قالوا: اللهم لا .
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 191 _


---------------------------
<=
قال فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كذب من زعم أنه يحبني ويبغض هذا غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه في ساعة واحدة ثلاثة آلاف ملك من الملائكة منهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حيث جئت بالماء إلى رسول الله من القليب غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له جبرئيل: هذه هي المواساة فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إنه مني وأنا منه وقال جبرئيل وأنا منكما غيري؟ قالوا: اللهم لا ، قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد نودي من السماء لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي غيري ؟ قالوا : اللهم لا قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري ؟ قالوا:
اللهم لا ، قال فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قاتلت على تنزيل القرآن وتقاتل على تأويل القرآن غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال فأنشدكم الله هل فيكم أحد ردت عليه الشمس حتى صلى العصر في وقتها غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال فأنشدكم بالله هل فيكم أحد أمره رسول الله أن يأخذ براءة من أبي بكر فقال أبو بكر : يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) نزل في شئ فقال : إنه لا يؤدي عني إلا علي غيري ؟ قالوا اللهم لا ، قال فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا كافر غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم بالله أتعلمون أنه أمر بسد أبوابكم وفتح بابي فقلتم في ذلك فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ما سددت أبوابكم ولا فتحت بابه بل الله سد أبوابكم وفتح بابه غيري ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال فأنشدكم بالله أتعلمون أنه ناجاني يوم الطائف دون الناس فأطال ذلك فقلتم ناجاه دوننا فقال : ما أنا انتجيته بل الله انتجاه غيري ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : فأنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : الحق مع علي وعلي مع الحق يدور الحق مع علي كيف ما دار ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال فأنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض قالوا : اللهم نعم قال : فأنشدكم الله هل فيكم أحد وقى رسول الله من المشركين بنفسه واضطجع في مضجعه غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال فأنشدكم الله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود العامري حيث دعاكم إلى البراز غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : فأنشدكم بالله هل فيكم أحدا نزل
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 192 _

  روى عمرو بن شمر (1) عن جابر الجعفي (2) عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه وعلى آبائه السلام.

---------------------------
<=
الله فيه آية التطهير حيث قال: ( إنما يريد ، الخ ) غيري ؟ قالوا: اللهم لا ، قال:
فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنت سيد العرب غيري ؟ قالوا:
اللهم لا ، قال: فأنشدكم الله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ما سألت الله شيئا إلا سألت لك غيري ؟ قالوا: اللهم لا .
وارتفعت الأصوات بينهم فسمعت عليا عليه السلام يقول: بايع الناس أبا بكر وأنا والله أولى بالأمر وأحق به منه ، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف .
ثم بايع أبو بكر لعمر وأنا والله أحق بالأمر منه فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع الناس كفارا ، ثم أنتم تريدون أن تبايعوا لعثمان الخ.
(1) عمرو بن شمر: قال العلامة الحلي في خلاصته عمرو بن شمر بالشين المعجمة والراء أخيرا: أبو عبد الله الجعفي كوفي .
روي عن أبي عبد الله ( عليهم السلام ) وعن جابر وهو ضعيف جدا ، زيد أحاديث في كتب جابر بن يزيد الجعفي، ينسب إليه بعضها ، فالأمر ملتبس ، فلا أعتمد على شئ مما يرويه وعده الشيخ الطوسي في أصحاب الباقر والصادق ( عليهم السلام ).
وقال في ( الفهرست ) : عمرو بن شمر ، له كتاب ، رويناه بالأسناد عن حميد عن إبراهيم بن سليمان الخزاز أبي إسحاق عنه.
وفي رجال النجاشي: عمرو بن شمر ، أبو عبد الله الجعفي عربي، روى عن أبي عبد الله ضعيف جدا زيد أحاديث في كتب جابر الجعفي ينسب بعضها إليه والأمر ملتبس
(2) في خلاصة العلامة: جابر بن يزيد ، روى الكشي فيه: مدحا وبعض الذم والطريقان ضعيفان ذكرناهما في الكتاب الكبير ، ـ وقال السيد علي بن أحمد العقيقي العلوي: روى عن أبي عمار بن أبان عن الحسين ابن أبي العلا: أن الصادق ( عليهم السلام ) ترحم عليه وقال: إنه كان يصدق علينا ، وقال ابن عقدة روى أحمد بن محمد بن البراء الصايغ عن أحمد بن الفضل بن حنان بن سدير عن زياد بن أبي الجلال ، أن الصادق ( عليهم السلام ) ترحم على جابر وقال: إنه كان يصدق علينا ، ولعن المغيرة وقال: إنه كان يكذب علينا ، وقال ابن الغضايري، إن جابر بن يزيد الجعفي
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 193 _

  قال: إن عمر بن الخطاب لما حضرته الوفاة وأجمع على الشورى ، بعث إلى ستة نفر من قريش : إلى علي بن أبي طالب ، وإلى عثمان بن عفان ، وإلى زبير بن العوام ، وإلى طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص وأمرهم أن يدخلوا إلى بيت ولا يخرجوا منه حتى يبايعوا لأحدهم ، فإن اجتمع أربعة على واحد وأبى واحد أن يبايعهم قتل ، وإن امتنع اثنان وبايع ثلاثة قتلا فأجمع رأيهم على عثمان .
  فلما رأى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ما هم القوم به من البيعة لعثمان قام فيهم ليتخذ عليهم الحجة قال ( عليه السلام ) لهم : اسمعوا مني كلامي فإن يك ما أقول حقا فاقبلوا وإن يك باطلا فانكروا ثم قال : أنشدكم بالله الذي يعلم صدقكم إن صدقتم ويعلم كذبكم إن كذبتم هل فيكم أحد صلى القبلتين كلتيهما (1) غيري قالوا : لا .

---------------------------
<=
الكوفي ثقة في نفسه ، ولكن جل من روى عنه ضعيف ، فممن أكثر عنه من الضعفاء عمرو بن شمر الجعفي ومفضل بن صالح والسكوني ومنخل بن جميل الأسدي...
وأرى الترك لما روى هؤلاء عنه والوقف في الباقي إلا ما خرج شاهدا .
وقال النجاشي: جابر بن يزيد الجعفي لقي أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام ومات في أيامه سنة ثمان وعشرين ومائة ، وروى عنه جماعة غمز فيهم وضعفوا منهم عمرو بن شمر ، ومفضل بن صالح ، ومنخل بن جميل ، ويوسف بن يعقوب ، وكان نفسه مختلطا ، وكان شيخنا محمد بن محمد بن النعمان ينشدنا أشعارا كثيرة في معناه تدل على الاختلاط ليس هذا موضعا لذكرها والأقوى عندي التوقف فيما يرويه هؤلاء كما قاله الشيخ الغضائري ( ره ) وفي أصحاب الإمام الباقر ( عليهم السلام ) من رجال الشيخ الطوسي ( ره ) جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد يغوث الجعفي، توفي سنة ثمان وعشرين ومائة على ما ذكر ابن حنبل ، وقال ابن معين : مات سنة اثنين وثلاثين ومائة ، وقال القتيبي هو من الأزد ـ وفي أصحاب الإمام الصادق ( عليهم السلام ) جابر بن يزيد أبو عبد الله الجعفي تابعي ، أسند عنه روى عنهما ( عليهما السلام ).
(1) القبلة الأولى هي: بيت المقدس وكان قبلة المسلمين حتى بعد الهجرة ب ( 16 )
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 194 _

  قال : نشدتكم بالله هل فيكم من بايع البيعتين كلتيهما الفتح وبيعة الرضوان غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد أخوه المزين بالجناحين في الجنة غيري ؟
  قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد عمه سيد الشهداء غيري ؟ (1) قالوا: لا 
---------------------------
<=
أو ( 17 ) شهرا فلما نزل قوله تعالى: ( ولقد نعلم تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ... الخ ) توجه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لي القبلة الثانية ( شطر المسجد الحرام ) وهي قبلة إبراهيم ( عليهم السلام ).
(1) هو حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، أمه هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ، وهي ابنة عم آمنة بنت وهب أم النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رضيع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أرضعتهما ثويبة امرأة أبي لهب.
وكان أسن من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بسنتين ، كنيته أبو عمارة ، وقيل أبو يعلى .
آخى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بينه وبين زيد بن حارثة .
أسلم في السنة الثانية من المبعث قال محمد بن كعب القرظي: قال أبو جهل في رسول الله فبلغ ذلك حمزة فدخل المسجد مغضبا فضرب رأس أبي جهل بالقوس ضربة أوضحته وأسلم حمزة فعز به رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمون .
وهاجر إلى المدينة وأول لواء عقده رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حين قدم المدينة لحمزة ، وشهد بدرا وأبلى فيها بلاءا عظيما مشهورا ، وشهد أحدا وقتل بها ومثل به المشركون وبقرت هند بطن حمزة سلام الله عليه فأخرجت كبده ، فجعلت تلوكها فلما شهده النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اشتد وجده عليه ، وروى أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقف عليه وقد مثل به فلم ير منظرا كان أوجع لقلبه منه ، فقال : رحمك الله أي عم فلقد كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات ، وروى عن جابر قال لما رأى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حمزة قتيلا بكى فلما رأى ما مثل به شهق .
ولما عاد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى المدينة سمع النوح على قتلى الأنصار قال: لكن حمزة لا بواكي له فسمع الأنصار فأمروا نساءهم أن يندبن حمزة قبل قتلاهم. ففعلن ذلك ، قال الواقدي
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 195 _

  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد زوجته سيدة نساء العالمين غيري ؟
  قالوا: لا .
  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد ابناه ابنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهما سيدا شباب أهل الجنة غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد عرف الناسخ من المنسوخ (1) غيري ؟
قالوا: لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد أذهب الله عنه الرجس وطهره تطهيرا غيري؟ قالوا: لا .
  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد عاين حبرائيل في مثال دحية الكلبي غيري (2) ؟ قالوا: لا .

---------------------------
<=
فلم يزلن يبدأن بالندب لحمزة.
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ): كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة وقال ، سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب .
وقال: والذي نفسي بيده أنه لمكتوب عند الله سبحانه وتعالى في السماء السابعة حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله .
وكان مقتله للنصف من شوال من سنة ثلاث وكان عمره سبعا وخمسين سنة .
وصل النبي على حمزة ثم لم يؤت بقتيل إلا وصلى عليه معه حتى صلى عليه ( 72 ) صلاة
(1) أخرج ابن سعد وغيره عن أبي الطفيل قال: قال علي: سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم جبل .
وأخرج ابن سعد أيضا عن ابن عباس عنه ( عليهم السلام ) قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت وأين نزلت وعلى من نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا الصواعق المحرقة ص 125 ـ 126
(2) في ج 9 من بحار الأنوار ص 549 عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال : دخل على ( عليهم السلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مرضه وقد أغمي عليه ، ورأسه في حجر جبرئيل ، وجبرئيل في صورة دحية الكلبي
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 196 _

  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد أدى الزكاة وهو راكع غيري ؟ قالوا : لا .
  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد مسح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عينيه وأعطاه الراية يوم خيبر فلم يجد حرا ولا بردا غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد نصبه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوم غدير خم بأمر الله تعالى فقال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه (1) غيري ) قالوا : لا.

---------------------------
<=
فلما دخل علي ( عليهم السلام ) قال جبرئيل : دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني ، لأن الله يقول في كتابه : ( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) فجلس علي ( عليه السلام ) وأخذ رأس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فوضعه في حجره ، فلم يزل رأس رسول الله في حجره حتى غابت الشمس، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفاق فرفع رأسه فنظر إلى علي ( عليه السلام ) فقال يا علي أين جبرئيل فقال يار سول الله ما رأيت إلا دحية الكلبي، دفع إلي رأسك، قال يا علي : دونك رأس ابن عمك فأنت أحق به مني ... الخ.
(1) في ج 2 من الرياض النضرة ص 224 ـ 225 : عن عمر بن الخطاب وقد جائه أعرابيان يختصمان فقال لعلي : اقض بينهما يا أبا الحسن فقضى علي بينهما ، فقال أحدهما: هذا يقضي بيننا؟ فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال : ويحك ما تدري من هذا! هذا مولاي ومولى كل مؤمن ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن.
وعن زيد بن أرقم قال : استنشد علي الناس فقال: أنشد الله رجلا سمع النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فقام ستة عشر رجلا فشهدوا.
وعن زياد بن أبي زياد قال : سمعت علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال ، أنشد الله رجلا مسلما سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول ، يوم غدير خم ما قال ، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدوا.
وعن رباح بن الحارث قال ، جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا : ( السلام عليك يا مولانا ) ، قال وكيف أكون مولاكم وأنتم عرب ؟ قالوا سمعنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 197 _

  قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد هو أخو رسول الله في الحضر ورفيقه في السفر غيري؟ قالوا لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد بارز عمرو بن عبد ود يوم الخندق وقتله غيري؟ قالوا: لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) غيري ؟ قالوا : لا .
  قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سماه الله في عشر آيات من القرآن مؤمنا غيري (1) ؟ قالوا : لا .

---------------------------
<=
يقول ـ يوم غدير خم ـ ، من كنت مولاه فعلي مولاه ، قال رباح ، فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء ؟ قالوا ، نفر من الأنصار ـ فيهم أبو أيوب الأنصاري ـ خرجه أحمد
(1) أخرج موفق بن أحمد عن مجاهد وعكرمة وهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما أنزل الله في القرآن آية يقول فيها: ( يا أيها الذين آمنوا ) إلا وعلي رئيسها وأميرها .
وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن الأعمش عن أصحاب ابن عباس رضي الله عنه قال .
ما أنزل الله ( يا أيها الذين آمنوا ) إلا وعلي أميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في غير مكان ، وما ذكر عليا إلا بخير .
ينابيع المودة ص 125 ـ 126 والآيات العشرة هي:
أولا ـ قوله تعالى: ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) السجدة ـ 18 ذكر الطبري في ج 21 ص 62 من تفسيره عن عطاء بن يسار قال ، نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط ، كان بين الوليد وعلي كلام فقال الوليد أنا أبسط منك لسانا ، وأحد منك سنانا ، وأرد منك للكتيبة .
فقال على: اسكت فإنك فاسق فأنزل الله فيهما: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون قال: لا والله ما استووا في الدنيا ولا عند الموت ولا في الآخرة.
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 198 _

  قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبضة من التراب فرمى بها في وجوه الكفار فانهزموا غيري ؟ قالوا : لا.

---------------------------
<=
ثانيا: قوله تعالى : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) الأنفال: 64 قال المجلسي ( ره ) في الجزء التاسع من البحار ص 94 روى أبو نعيم بإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: نزلت في علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) وقال العلامة قدس الله روحه : روى الجمهور: أنها نزلت في على.
ثالثا: قوله تعالى: ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين، التوبة: 19 ذكر الطبري في تفسيره ج 10 ص 59 مسندا عن أبي صخر قال : سمعت محمد بن أبي كعب القرظي يقول : افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار، وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال طلحة:
أنا صاحب البيت معي مفتاحه ، لو أشاء بت فيه .
وقال عباس: أنا صاحب السقاية ، والقائم ، ولو أشاء بت في المسجد ، وقال على: ما أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام ، الآية ، رابعا: قوله تعالى : ( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ) الجائية: 21.
روى سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 11 عن ابن عباس: نزلت في على يوم بدر ، فالذين اجترحوا السيئات: عتبة ، وشيبة ، والوليد بن المغيرة، والذين آمنوا وعملوا الصالحات:
علي ( عليه السلام ).
خامسا: قوله تعالى: ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) مريم : 96 .
في ص 10 من تذكرة الخواص: قال ابن عباس : هذا الود جعله الله لعلي في قلوب المؤمنين ، وقد روى أبو إسحاق الثعلبي: هذا المعنى مسندا في تفسيره إلى البراء بن عازب قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي : قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين مودة فأنزل الله: هذه الآية.
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 199 _

  قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد وقفت الملائكة معه يوم أحد حتى ذهب

---------------------------
<=
سادسا: قوله تعالى: ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) البينة: 7 ذكر ابن حجر في الصواعق ص 195: عن ابن عباس: إن هذه الآية لما نزلت قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعلي: هو أنت وشيعتك تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة، راضين مرضيين، ويأتي عدوك غضابا مقمحين ، قال: ومن عدوي ؟ قال: من تبرأ منك ولعنك سابعا: قوله تعالى: ( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) سورة العصر.
في ج 6 من تفسير الدر المنثور ص 392: أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله: والعصر إن الإنسان لفي خسر ـ يعني ، أبا جهل بن هشام ، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
ذكر: عليا وسلمان .
ثامنا: قوله تعالى: ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) ، الأحزاب 23.
في الصواعق ص 122: وسئل وهو على المنبر بالكوفة عن قوله تعالى: ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) فقال اللهم غفرا هذه الآية نزلت في، وفي عمي حمزة، وفي عمي عبيدة بن الحرث بن عبد المطلب فأما عبيدة: فقضى نحبه شهيدا يوم بدر، وحمزة، قضى نحبه شهيدا يوم أحد، وأما أنا فانتظر أشقاها، يخضب هذه من هذه ـ وأشار بيده إلى لحيته ورأسه عهد عهدا لي حبيبي أبو القاسم ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
تاسعا: قوله تعالى: ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ) الأنفال: 62 في ينابيع المودة ص 94: أبو نعيم الحافظ بسنده عن أبي هريرة ، أيضا عن أبي صالح عن ابن عباس.
أيضا عن جعفر الصادق ( عليهم السلام ) في قوله تعالى ، ( هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ) قالوا ، نزلت في على ، وأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال ، رأيت مكتوبا على العرش، ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد عبدي ورسولي أيدته ونصرته بعلي ابن أبي طالب.
عاشرا ـ قوله تعالى ) إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون
=>

الإحتجاج (الجزء الأول) _ 200 _

  الناس غيري قالوا: لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قضى دين رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري ؟ قالوا لا قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد شهد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري ؟ قالوا : لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد غسل رسول الله وكفنه ولحده غيري ؟
  قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد ورث سلاح رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورايته وخاتمه غيري ؟ قالوا لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد جعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طلاق نسائه بيده غيري ؟ قالوا: لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد حمله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على ظهره حتى كسر الأصنام على باب الكعبة غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد نودي باسمه من السماء يوم بدر ( لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم الله هل فيكم أحد أكل مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من الطائر المشوي الذي أهدي إليه غيري ؟ قالوا : لا .
  قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( أنت صاحب رايتي في الدنيا وصاحب لوائي في الآخرة ) غيري ؟ قالوا : لا .
  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قدم بين يدي نجواه صدقة غيري ؟ قالوا : لا قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد خصف نعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيري قالوا: لا .
  قال: نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( أنا أخوك وأنت أخي ) غيري ؟ قالوا : لا .

---------------------------
<=
الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ، المائدة، 55.
راجع هامش ص 161 من هذا الكتاب.