الفهرس العام

المقدمة

نظريات أُخرى في تفسير أهل البيت
الشيعة وآية التطهير

  وخطابهم لاَجل إعلام نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّهن في جوار هوَلاء المطهرين فيجب عليهن القيام بأداء حقوق هوَلاء العظماء، الذين ميّزهم اللّه تعالى عن غيرهم من هذه الا َُمّة بالتطهير والعصمة و الاقتداء بهم في القول والسلوك.
  ولكن يبقى هنا سوَال آخر، وهو أنّه إذا كانت الآية، آية مستقلة فلماذا جاءت في المصحف جزءاً من آية أُخرى، ولم تكتب بصورة آية تامّة في جنب الآيات الا َُخرى ؟
  الجواب: التاريخ يطلعنا بصفحات طويلة على موقف قريش وغيرهم من أهل البيت (عليهم السلام)، فإنّ مرجل الحسد ما زال يغلي والاتجاهات السلبية ضدهم كانت كالشمس في رابعة النهار، فاقتضت الحكمة الاِلهية أن تجعل الآية في ثنايا الآيات المتعلّقة بنساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجل تخفيف الحساسية ضد أهل البيت، وان كانت الحقيقة لا تخفى على من نظر إليها بعين صحيحة، وأنّ الآية تهدف إلى جماعة أُخرى غير نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما بيّناه قبل قليل.
  وللسيد عبد الحسين شرف الدين هنا كلام ربّما يفصل ما أجملناه فإنّه ـ قدّس اللّه سرّه ـ بعد ما أثبت أنّ قوله سبحانه: (إنَّما وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصلاةَ وَيُوَْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (1) منزل في حق الاِمام أمير الموَمنين (عليه السلام) طرح سوَالاً، وهو أنّه إذا كان أمير الموَمنين (عليه السلام) هو المراد من الآية فلماذا عبر عن المفرد بلفظ الجمع ؟
  فقال : إنّ العرب قد تعبّـر عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة التعظيم حيث يستوجب ، ثم قال : وعندي في ذلك نكتة ألطف وأدق، وهي أنّه إنّما أُتي بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بُقياً منه تعالى على كثير من الناس، فإنّ شانئي علي

---------------------------
(1) المائدة: 55.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 52_

  وأعداء بني هاشم وسائر المنافقين وأهل الحسد والتنافس لا يطيقون أن يسمعوها بصيغة المفرد إذ لا يبقى لهم حينئذ مطمع في التمويه ولا ملتمس في التضليل فيكون منهم بسبب يأسهم حينئذ ما تخشى عواقبه على الاِسلام فجاءت الآية بصيغة الجمع مع كونها للمفرد اتقاء من معرتهم ، ثم كانت النصوص بعدها تترى بعبارات مختلفة ومقامات متعددة وبث فيهم أمر الولاية تدريجاً حتى أكمل اللّه الدين وأتمَّ النعمة جرياً منه ص على عادة الحكماء في تبليغ الناس ما يشق عليهم، ولو كانت الآية بالعبارة المختصة بالمفرد لجعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصرّوا واستكبروا استكباراً، وهذه الحكمة مطردة في كل ما جاء في القرآن الحكيم من آيات فضل أمير الموَمنين وأهل بيته الطاهرين كما لا يخفى ، وقد أوضحنا هذه الجمل وأقمنا عليها الشواهد القاطعة والبراهين الساطعة في كتابينا (سبيل الموَمنين) و (تنزيل الآيات) والحمد للّه على الهداية والتوفيق والسلام. (1)

---------------------------
(1) المراجعات : المراجعة: 42 ص 166.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 53_

نظريات أُخرى في تفسير أهل البيت

  قد عرفت القولين المعروفين حول الآية، كما عرفت الحق الواضح منهما، فهلم معي ندرس سائر الاَقوال الشاذة التي لا تعتمد على ركن وثيق وإنّما هي آراء مختلقة لاَجل الفرار من المشاكل المتوجهة إلى ثاني القولين، ونحن نذكرها واحداً بعد آخر على نحو الاِيجاز:
  1 ـ المراد من (البيت)هو بيت اللّه الحرام والمراد من أهله هم المقيمون حوله.
  2 ـ المراد من (البيت) هو مسجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمراد من أهله هم القاطنون حوله ، وكان لبيوتهم باب إلى المسجد.
  3 ـ المراد من تحرم عليهم الصدقة وهم ولد أبي طالب : علي، جعفر، وعقيل، وولد العباس.
  4 ـ المراد من البيت بيت النسب والحسب، فيعم أبناء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونساءه ، (1) وهذه الوجوه كلّها عليلة، أمّا الاَوّل والثاني، فلاَنّ إطلاق (أهل البيت) واستعماله في أهل مكة والمدينة استعمال بعيد لا يحمل عليه الكلام إلاّ بقرينة قطعية ، والمتبادر منه هو أهل بيت الرجل، وعلى ذلك جرى الذكر الحكيم في موردين أحدهما في قصة إبراهيم قال سبحانه : (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) ،(2) وثانيهما في قصة موسى قال سبحانه: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ) .(3)
  أضف إليه أنّ الآية واقعة في سياق البحث عن نساء النبي، فصرف الآية عنه ص وإرجاعها إلى من جاور بيت اللّه أو من بات حول مسجده لا يساعد عليه ظاهر الآيات أبداً.

---------------------------
(1) لاحظ في الوقوف على هذه الاَقوال تفسير الطبري: 22|5 ـ 7؛ وتفسير القرطبي: 14|182 ، ومفاتيح الغيب للرازي : 6|615 ، والكشاف: 2|538 ، وغيرها.
(2) هود: 73.
(3) القصص: 12.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 54_

  ويتلوهما الثالث: فإنّ تفسير (أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) بمن تحرم عليه الصدقة من صلب أبي طالب والعباس تفسير بلا شاهد ، وكأنّه حمل البيت على البيت النسبي، أضف إليه أنّ الصدقة غير محرمة على خصوص أبنائهما، بل هي محرمة على أبنائهما وكل من كان من نسل عبد المطلب.
  قال الشيخ الطوسي في الخلاف: تحرم الصدقة المفروضة على بني هاشم من ولد أبي طالب العقيليين والجعافرة والعلويين، وولد العباس بن عبد المطلب، وولد أبي لهب، وولد الحارث بن عبد المطلب، ولا عقب لهاشم إلاّ من هوَلاء، ولا يحرم على ولد المطلب، ونوفل، وعبد شمس بن عبد مناف ، قال الشافعي: تحرم الصدقة المفروضة على هوَلاء كلهم وهم جميع ولد عبد مناف.(1)
  وقال بمثله أيضاً في كتاب قسمة الصدقات: 2|353، المسألة 26.
  وعلى ذلك فليس لهذه النظرية دليل سوى ما رواه مسلم عن زيد بن أرقم، وقد قدمنا نصّه عند ذكر الاَحاديث الواردة حول الآية.(2)
  وأمّا النظرية الرابعة: فقد ذهب إليها بعضهم، جمعاً بين الاَحاديث المتضافرة الحاكية عن نزول الآية في العترة الطاهرة، وسياق الآيات الدالة على رجوعها إلى نسائه، فحاول القائل الجمع بين الدليلين بتفسير الآية بأولاده وأزواجه، وجعل عليّاً أيضاً منهم بسبب معاشرته وملازمته للنبي ص.
  قال الرازي: والاَولى أن يقال هم : أولاده وأزواجه والحسن والحسين منهم وعلي معهم، لاَنّه كان من أهل بيته بسبب معاشرته بيت النبي وملازمته. (3)
  وقال البيضاوي: والتخصيص بهم أولاده لا يناسب ما قبل الآية وما

---------------------------
(1) الخلاف: 2|227، المسألة 4 كتاب الوقوف والصدقات.
(2) لاحظ ص 398، الحديث 35.
(3) مفاتيح الغيب: 6|615.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 55_

  بعدها، والحديث يقتضي أنّهم من أهل البيت لا أنّ غيرهم ليس منهم . (1)
  وقال المراغي: أهل بيته من كان ملازماً له من الرجال والنساء والاَزواج والاِماء والاَقارب . (2)

  وهذه النظرية موهونة أيضاً
  أوّلاً: انّ اللام في (أهل البيت) ليس للجنس ولا للاستغراق ، بل هي لام العهد وهي تشير إلى بيت معهود بين المتكلم والمخاطب، وهو بيت واحد ، ولو صح ذلك القول لوجب أن يقول (أهل البيوت) حتى يعم الاَزواج والاَولاد وكل من يتعلّق بالنبي نسباً أو حسباً أو لعلاقة السكنيّة مثل الاِماء.
  والحاصل: انّه لو أُريد (بيت النبي) المادي الجسماني لا يصح ، إذ لم يكن له بيت واحد ، بل كان لكل واحدة من نسائه بيت مشخص، فكان النبي صاحب البيوت لا البيت الواحد.
  ولو أُريد منه بيت النسب، كما يقال : بيت من بيوتات (حمير) أو (ربيعة)، فلازمه التعميم إلى كل من ينتمي إلى هذا البيت بنسب أو سبب ، مع أنّه كان بعض المنتمين إليه يوم نزول الآية من عبدة الوثن وأعداء النبي، فإنّ سورة الاَحزاب نزلت سنة ست من الهجرة ، وقد ورد فيها زواج النبي من زينب بنت جحش ، وهو حسب ما ذكره صاحب (تاريخ الخميس) من حوادث سنة الخمس، وعلى ذلك فلا تتجاوز الآيات النازلة في نساء النبي عن هذا الحد وكان عند ذاك، بعض من ينتمي إلى النبي بالنسب مشركاً ، كأبي سفيان بن عبد المطلب ابن عم رسول اللّه، وعبد اللّه بن أُمية بن المغيرة ابن عمته ، وقد أسلما في عام الفتح، وأنشد الاَوّل قوله في إسلامه واعتذر إلى النبي ممّا كان مضى منه فقال :

---------------------------
(1) أنوار التنزيل: 4|162.
(2) تفسير المراغي: 22|7.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 56_

لـعمرك  إنّـي يـوم أحمِلُ رايةً      لـتَغْلِبَ  خَيلَ اللات، خيلُ iiمحمد
لـكالمُدلج  الـحيرانِ أظـلم iiليلُهُ      فهذا أواني حين أُهدي وأهْتدى (1)
  ولو أُريد منه (بيت الوحي) فلازمه الاختصاص بمن بلغ من الورع والتقوى ذروتهما ، حتى يصح عدّه من أهل ذلك البيت الرفيع المعنون، ومثله لا يعم كل من ينتمي بالوشائج النسبية أو الحسبية إلى هذا البيت، وإن كان في جانب الاِيمان والعمل في درجة نازلة تلحقه بالعاديين من المسلمين.
  ثانياً : قد عرفت أنّ الاِرادة الواردة في الآية تكوينية تعرب عن تعلّق إرادته الحكيمة على عصمة أهل ذلك البيت، ومعه كيف يمكن القول بأنّ المراد كل من ينتمي إلى ذلك البيت بوشائج النسب والحسب ؟!
  ثالثاً: انّ النظرية في جانب مخالف للاَحاديث المتضافرة الدالة على نزول الآية في حق العترة الطاهرة، وقد قام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بتفسيرها بوجوه مختلفة أوعزنا إليها عند البحث عن القول الاَوّل، والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هو المبين الاَوّل لمفاد كتابه الذي أرسل معه قال سبحانه : (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) .(2)
  فليست وظيفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) القراءة والتلاوة بل التبيين والتوضيح من وظائفه التي تنص الآية عليها.
  هذا هو موجز القول في تفسير الآية ولا بأس بإكمال البحث بنقل بعض ما أنتجته قريحة الشعراء الاِسلاميين حول أهل البيت وفضائلهم، على وجه يعرب عن أنّ المتبادر من ذلك اللفظ في القرون الاِسلامية لم يكن إلاّ العترة الطاهرة، أعني: فاطمة وأباها وبعلها وابنيها سلام اللّه عليهم أجمعين، وإليك نزراً يسيراً في هذا المجال.

---------------------------
(1) السيرة النبوية: 2|401.
(2) النحل: 44.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 57_

خاتمة المطاف
أهل البيت في الاَدب العربي

  ما حقَّقناه حول الآية كان أمراً واضحاً لا لبس فيه عند المسلمين في الصدر الاَوّل فقد فهموا في الآية الكريمة و بفضل الروايات من هم أهل البيت من دون تردّد أو تريّث ، وصاغوا ما فهموه في قوالب شعرية رائعة، نقتطف منها هذه الشذرات.
 قال عمرو بن العاص في قصيدته الجلجلية المعروفة يمدح بها الاِمام علي ابن أبي طالب، وفيها هذا البيت في حق العترة الطاهرة:
فـوال مـواليه يا ذا iiالجلال      وعـاد مـعادي أخ iiالمرسل
ولا تنقضوا العهد من عترتي      فـقاطعهم بي لم يوصل (1)ii
  و قال الكميت بن زيد الاَسدي في قصيدة له :

---------------------------
(1) الغدير: 2|115.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 58_

ألـم  تـرني من حب آل iiمحمد      أروح  وأغـدو خـائفاً أتـرقب
فـإن هي لم تصلح لحي iiسواهم      فـإنّ ذوي القربى أحق iiوأوجب
يـقولون  لم يورث ولولا iiتراثه      لقد شركت فيها بكيل وأرحب(1)
  قال العبدي الكوفي (المتوفّـى 120 هـ):
ولـما رأيـت الـناس قد ذهبت iiبهم      مـذاهبهم فـي أبـحر الغي iiوالجهل
ركـبت على اسم اللّه في سفن iiالنجا      وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمـسكت حـبل الـلّه وهو ولاوَهم      كـما قـد أمرنا بالتمسّك بالحبل (2)ii
  قال الاِمام الشافعي:
يـا أهل بيت رسول اللّه iiحبكم      فرض من اللّه في القرآن أنزله

---------------------------
(1) الغدير: 2|191.
(2) الغدير: 2|290 ـ 326.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 59_

كـفاكم مـن عـظيم الـقدر أنّكم      من لم يصل عليكم لا صلاة له (1)
  وذكر ابن الصباغ المالكي في (الفصول) لقائل:
هـم  الـعروة الـوثقى لـمعتصم iiبها      مـنـاقبهم  جـاءت بـوحي وانـزال
مـناقب  فـي شورى وسورة هل iiأتى      وفـي  سـورة الاَحزاب يعرفها iiالتالي
وهـم  آل بـيت الـمصطفى iiفودادهم      على الناس مفروض بحكم وإسجال (2)
  وذكر الشبلنجي في (نور الاَبصار) عن أبي الحسن بن جبير:
أحب  النبيّ المصطفى وابنَ عمه      عـلياً وسـبطيه وفاطمة iiالزهرا
هم أهل بيت أذهب الرجس عنهم      وأطلعهم  أفق الهدى أنجماً iiزهرا
مـوالاتهم  فرض على كل iiمسلم      وحـبهم أسـنى الذخائر للاَُخرى

---------------------------
(1) الغدير: 2|303.
(2) الغدير: 2|310 ـ 311، نقلاً عن الفصول: 13.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 60_

ومـا أنـا لـلصحب الكرام iiبمبغض      فإنّي أرى البغضاء في حقهم كفرا (1)
  وقال العبدي:
يـا سـادتي يـا بني iiعلي      يا (آل طه) و (آل iiصاد)
مـن  ذا يـوازيكم iiوأنـتم      خـلائف الـلّه فـي iiالبلاد
أنـتم  نجوم الهدى iiاللواتي      يـهدي بـها الـلّه كل هاد
لـولا  هـداكم إذاً ضـللنا      والـتبس الـغي iiبـالرشاد
لازلـت  فـي حبكم iiأوالي      عمري وفي بغضكم iiأعادي
ومـا  تـزودت غير iiحبي      إيـاكـم وهـو خـير iiزاد
وذاك ذخـري الـذي iiعليه      في عرصة الحشر اعتمادي

---------------------------
(1) الغدير: 2|311، نقلاً عن نور الاَبصار: 13.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 61_

ولاكم والبراءة iiممن      يشنأكم اعتقادي (1)
  وقال دعبل الخزاعي:
أتـسكب دمـع الـعين iiبالعبرات      وبـتَّ تـقاسي شـدّة iiالزفرات؟!
وتـبـكي  لآثــار لال iiمـحمد      فقد  ضاق منك الصدر iiبالحسرات
ألا  فـابكهم حـقّاً وبـلَّ iiعـليهم      عـيوناً  لـريب الدهر iiمنسكبات
ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم      وداهـية مـن أعـظم iiالـنكبات
سقى اللّه أجداثاً على أرض iiكربلا      مـرابيع  أمـطار مـن iiالمزنات
وصلّي  على روح الحسين iiحبيبه      قـتيلاً  لـدى الـنهرين iiبالفلوات
قـتيلاً بـلا جـرم فـجعنا iiبفقده      فـريداً  يـنادي: أين أين iiحماتي

---------------------------
(1) الغدير: 2|317.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 62_

أنا الظامىَ العطشان في أرض غربة      قـتـيلاً ومـظلوماً بـغير iiتـرات
وقـد رفعوا رأس الحسين على iiالقنا      وسـاقـوا  نـساءً ولّـهاً خـفرات
فـقل  لابـن سعد عذب اللّه iiروحه      سـتلقى  عـذاب الـنار iiبـاللعنات
سـأقنت طول الدهر ما هبت iiالصبا      واقـنـت بـالآصـال iiوالـغدوات
عـلى  معشر ضلّوا جميعاً iiوضيّعوا      مـقال  رسـول اللّه بالشّبهات (1)ii
  وقال أيضاً:
نطق  القرآن بفضل آل iiمحمد      وولايـة لـعليّه لـم iiتـجحد
بولاية  المختار من خير iiالذي      بعد النبي الصادق المتودد (2)

---------------------------
(1) الغدير: 2|381 ـ 382.
(2) الغدير: 2|381 ـ 382.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _63_

  وقال الحماني (المتوفّـى 301 هـ):
يـا  آل حـاميم الـذين بـحبهم      حـكم الـكتاب مـنزَّلٌ iiتـنزيلا
كـان  المديح حُلى الملوك iiوكنتم      حـلل  الـمدايح غـرّةً iiوحجولا
بـيـت إذا عَـدَّ الـمآثر iiأهـله      عـدّوا الـنبي وثـانياً iiجـبريلا
قوم  إذا اعتدلوا الحمايل iiأصبحوا      مـتـقسِّمين  خـليفة iiورسـولا
نـشأوا بـآيات الكتاب فما انثنوا      حـتى صـدرن كـهولة iiوكهولا
ثـقلان لـن يـتفرَّقا أو iiيـطفيا      بالحوض من ظمأ الصدور iiغليلا
وخـليفتان  عـلى الاَنـام iiبقوله      الـحق  أصـدق مـن تكلّم iiقيلا
فـأتوا  أكـف الآيسين فأصبحوا      ما يعدلون سوى الكتاب عديلا (1)

---------------------------
(1) الغدير: 3|66.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 64_

  وقال العجلوني (المتوفّـى 1162 هـ):
لـقد حـاز آل المصطفى أشرف iiالفخر      بـنـسبتهم  لـلطاهر الـطيَّب الـذكر
فـحبهم  فـرض عـلى كـل iiمـوَمن      أشـار إلـيه الـلّه فـي مـحكم iiالذكر
ومـن  يـدعي مـن غـيرهم نسبة iiله      فـذلـك مـلعون أتـى أقـبح الـوزر
وقـد  خص منهم نسل زهراء iiالاَشرف      بـأطراف تـيجان من السندس iiالخضر
ويُـغنيهمُ  عـن لـبس مـا خصَّهم iiبه      وجـوهٌ لـهم أبـهى من الشمس iiوالبدر
ولـم يـمتنع مـن غيرهم لبس iiأخضر      على رأي من يعزى لا سيوط ذي الخبر
وقـد  صـححوا عن غيره حرمة iiالذي      رآه مـباحاً فـاعلم الـحكم بالسبر (1)ii
  وقال جرير بن عبد اللّه البجلي:
فصلى  الاِله على iiأحمد      رسول المليك تمام النعم

---------------------------
(1) الغدير: 3|173.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 65_

وصـلى عـلى الطهر من بعده      خـلـيفتنا الـقـائم الـمـدَّعْم
عـليّاً عـنيت وصـي الـنبي      يـجالد  عـنه غـواة الا iiَُمـم
لـه الـفضل والسبق iiوالمكرما      ت وبيت النبوّة لا المهتضم (1)
  وقال الزاهي (المتوفّـى 352 هـ):
يـا سـادتي يـا آل ياسين iiفقط      عـليكم الـوحي مـن اللّه iiهبط
لـولاكم لـم يـقبل الفرض iiولا      رحـا  لبحر العفو من أكرم iiشط
أنـتم ولاة الـعهد في الذرِّ iiومن      هـواهم  الـلّه عـلينا قد iiشرط
مــا  أحـد قـايسكم iiبـغيركم      ومـازج  السلسل بالشرب اللمط
إلاّ كمن ضاهى الجبال iiبالحصى      أو قايس الاَبحر جهلاً بالنقط (2)

---------------------------
(1) الغدير: 3|233.
(2) الغدير: 3|391.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 66_

  قال أيضاً ضمن أبيات:
هم آل أحمد والصيد الجحاجحة الز      هـر  الـغطارفة الـعلوية iiالغرر
  وقال أيضاً:
يـا  آل أحـمد ماذا كان جرمكم      فكل أرواحكم بالسيف تنتزع (1)
  وقال الناشىَ الصغير (المتوفّـى 365 هـ):
بآل  محمّد عرف iiالصواب      وفـي  أبياتهم نزل iiالكتاب
هم الكلمات والاَسماء لاحت      لآدم  حـين عزّ له iiالمتاب
وهم حجج الاِله على البرايا      بـهم  وبحكمهم لا iiيستراب
  إلى آخر الآبيات التي يقول فيها:
يقول لقد نجوت بأهل iiبيت      بهم يصلى لظى وبهم يثاب

---------------------------
(1) الغدير: 3|396.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 67_

هـم  الـنبأ العظيم وفلك iiنوح      وباب اللّه وانقطع الخطاب (1)
  وقال البشنوي الكردي (المتوفّـى بعد 380 هـ):
ألـيّة  ربـي بالهدى iiمتمسكاً      باثني  عشر بعد النبي iiمراقباً
أبقي على البيت المطهر iiأهله      بيوت قريش للديانة طالباً (2)
  وقال أيضاً:
يـا  نـاصبي بـكل جهدك فاجهد      إنّـي عـلقت بـحب آل iiمـحمد
الـطيبين الـطاهرين ذوي iiالهدى      طـابوا  وطـاب وليهم في iiالمولد
والـيتهم  وبـرئت مـن iiأعدائهم      فـاقلل  مـلامك لا أبـاً لك iiأوزد
فـهـم  أمـان كـالنجوم iiوانّـهم      سفن النجاة من الحديث المسند (3)

---------------------------
(1) الغدير: 4|25.
(2) الغدير: 4|35.
(3) الغدير: 4|38.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 68_

  وقال الصاحب بن عبّاد (المتوفّـى 385 هـ):
أُوالـيكم  يـا آل بـيت iiمحمد      فـكلّكم لـلعلم والـدين iiفـرقد
وأتـرك  من ناواكم وهو iiهتكه      ينادى عليه مولد ليس يحمد (1)
  وقال ابن الحجاج البغدادي (المتوفّـى 391 هـ):
فـما  وجدت شفاء تستفيد iiبه      إلاّ  ابتغاءك تهجو آل iiياسين
كافاك  ربُّك إذ أجرتك iiقدرته      بسب أهل العلا الغرِّ الميامين
  إلى أن يقول:
وانّ أجر ابن سعد في iiاستباحة      آل النبوّة أَجر غير ممنون (2)
  وقال أبو الفتح كشاجم (المتوفّـى 360 هـ) من قصيدة:
له في البكاء على الطاهرين      مـندوحة عـن بكاء iiالغزل

---------------------------
(1) الغدير: 4|60.
(2) الغدير: 4|89.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 69_

فـكم فـيهم من هلال iiهوى      قـبيل الـتمام وبـدر iiأفـل
هـم حـجج الـلّه في iiخلقه      ويـوم  المعاد على من iiخذل
ومـن  أنـزل اللّه iiتفضيلهم      فـردَّ  عـلى اللّه ما قد نزل
فـجـدّهم  خـاتم iiالاَنـبياء      ويعرف ذاك جميع الملل  (1)
  وقال أيضاً:
آل الـنـبي iiفـضّلتم      فضل  النجوم الزاهرة
وبـهـرتم iiأعـداءكم      بالمأثرات السائرة (2)
  وقال أبو محمد الصوري الشاعر (المتوفّـى 419 هـ):
فهل ترك البين من أرتجيه      مـن  الاَوّلـين iiوالآخرينا

---------------------------
(1) الغدير: 4|3.
(2) الغدير: 4|17.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 70_

سـوى  حـب آل نبي iiالهدى      فـحـبهم أمــل iiالآمـلـينا
هم عدّتي لوفاتي هم نجاتي هم      الــفـوز  لـلـفائزينا (1)ii
  وقال من قصيدة في أهل البيت:
بـمـاذا تـرى تـحتجُّ يـا آل أحـمد      عـلى  أحـمد فـيكم إذا مـا iiاستعدت
وأشـهـر مـا يـروونه عـنه iiقـوله      تـركت  كـتاب الـلّه فـيكم iiوعترتي
ولـكـن دنـيـاهم سـعـت iiفـسعوا      لها فتلك التي فلّت ضميراً عن التي (2)
  وقال أيضاً من قصيدة:
فـلهذا  أبـناء أحـمد أبـناء iiعـلي      طـــرايـــد iiالآفــــــاق
فقراء الحجاز بعد الغنى الاَكبر أسرى      الــشـام  قـتـلـى iiالــعـراق

---------------------------
(1) الغدير: 4|222 و 225.
(2) الغدير: 4|227.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 71_

جانبتهم  جوانب الاَرض iiحتى      خـلت انّ السماء ذات iiانطباق
ان  أقصر يا آل أحمد أو iiأغر      ق كان التقصير كالاِغراق (1)
  وقال الشبراوي الشافعي في كتابه (الاتحاف بحب الاَشراف):
آل  طـه ومـن يـقل آل طه      مـستجيراً  بـجاهكم لا iiيـرد
حـبكم مـذهبي وعـقد iiيقيني      ليس لي مذهب سواه وعقد (2)
  وقال أيضاً في قصيدة أُخرى:
آل بـيت الـنبي ما لي iiسواكم      مـلجأ أرتـجيه للكرب في iiغد
لست  أخشى ريب الزمان وأنتم      عمدتي في الخطوب يا آل أحمد
مـن يـضاهي فخاركم آل iiطه      وعـليكم سـرادق الـعز iiممتد

---------------------------
(1) الغدير: 4|227 ـ 228.
(2) الاِتحاف بحب الاَشرف: 99.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 72_

  إلى أن يقول في قصيدته هذه:
يا إلهي ما لي سوى حب آل البيت      آل الـنـبـي طــه iiالـمـمجد
أنـا عـبد مـقصر لـست iiأرجو      عـملاً  غـير حب آل محمد (1)ii
  وقال أيضاً من قصيدة:
يـا كـرام الاَنام يا آل طه      حـبكم مذهبي وعقد iiولائي
ليس لي ملجأ سواكم iiوذخر      أرتجيه  في شدتي iiورخائي
فـاز من زار حيكم آل طه      وجنا منكم ثمار العطاء (2)
  وقال أيضاً في قصيدة:
أنا في عرض آل بيت نبي      طـهر الـلّه بيتهم iiتطهيراً
سـادة  أتقياء أعطاهم iiاللّه      مـقاماً ضخماً وملكاً iiكبيراً

---------------------------
(1) الاِتحاف بحب الاَشراف: 100 و 101.
(2) الاِتحاف بحب الاَشراف: 100 و 101.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 73_

  إلى أن يقول :
يـا  بـحور الـكمال يـا آل طه      كـم  مـننتم وكـم جبرتم iiكسيراً
هـل عـلى غـير بيتهم نزل iiالو      حـي بـجبريل خـادماً iiمـأموراً
هل سواكم قد أذهب اللّه عنه الرج      س  نـصّاً في ذكره مسطوراً (1)ii
  
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)(2)


الشيعة وآية التطهير

  استدلت الشيعة عن بكرة أبيها بآية التطهير على عصمة العترة الطاهرة، وأفاض المفسرون منهم القول حول الآية وأتوا ببيانات شافية في وجه دلالتها على عصمتهم.
  وهناك جماعة من العلماء قاموا بتأليف رسائل مفردة حول دلالتها وشأن نزولها، نشير إلى ما وقفنا عليه في ما يلي:
  1 ـ (السحاب المطير في تفسير آية التطهير)، للسيد السعيد القاضي نور اللّه المرعشي الشهيد عام 1019 هـ.

---------------------------
(1) الاِتحاف بحب الاَشرف: 106 ـ 109.
(2) الاَنعام: 90.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 74_

  2 ـ (تطهير التطهير)، تأليف الفاضل الهندي (المتوفّـى عام 1035هـ).
  3 ـ (شرح تطهير التطهير)، تأليف السيد عبد الباقي الحسيني كتبه شرحاً لكتاب الفاضل الهندي.
  4 ـ (إذهاب الرجس عن حظيرة القدس)، للعلاّمة الشيخ عبد الكريم بن محمد طاهر القمي.
  5 ـ (الصور المنطبعة)، له أيضاً في هذا المجال.
  6 ـ (أقطاب الدوائر)، للعلاّمة عبد الحسين بن مصطفى أحد علمائنا في القرن الثاني عشر فرغ منه عام 1138 هـ، وطبع عام 1403 هـ.
  7 ـ (تفسير آية التطهير)، تأليف الشيخ إسماعيل بن زين العابدين التبريزي الملقّب بمصباح (المتوفّـى عام 1300 هـ).
  8 ـ التنوير في ترجمة رسالة (آية التطهير) باللغة الاَوردية، تأليف السيد عباس الموسوي، طبع في الهند عام 1341 هـ، وهو ترجمة لرسالة السيد القاضي نور اللّه.
  9 ـ (جلاء الضمير في حل مشكلات آية التطهير)، للشيخ محمد البحراني، طبع في بُمباي عام 1325 هـ.
  10 ـ رسالة قيمة في تفسير آية التطهير، للعلاّمة المحقق الشيخ لطف اللّه الصافي، طبعت عام 1403 هـ من منشورات دار القرآن الكريم في قم المقدسة، وله رسالة أُخرى في العصمة طبعت معها ، حيّاه اللّه وبيّاه.
  11 ـ (آية التطهير) في جزءين ، للسيد الجليل علي الاَبطحي، وقد استقصى الكلام فيها حول المأثورات الواردة فيها في الجزء الاَوّل، ودلالتها على العصمة في الجزء الثاني.

أهل البيت سماتهم وحقوقهم في القرآن الكريم _ 75_

  12 ـ (آية التطهير)، للشيخ محمد مهدي الآصفي وهي دراسة حول مداليل الآية الكريمة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ... ) واختصاصها بأهل البيت (عليهم السلام) نشرتها موَسسة دار القرآن الكريم في قم المقدسة سنة 1411 هـ.
  13 ـ (آية التطهير، روَية مبتكرة)، لآية اللّه الشيخ محمد الفاضل اللنكراني، طبع في إيران 1970 م بالفارسية. و 1987م بالعربيَّة.
  14 ـ (آية التطهير في الخمسة أهل الكساء)، للسيد محيي الدين الموسوي الغريفي، طبع في النجف الاَشرف ـ 1377 هـ | 1958 م.
  15 ـ أخيرها ـ لا آخرها ـ ما قدمناه لكم في هذه الصحائف لكاتب هذه السطور، عفا اللّه عنه، ورزقه شفاعة محمد وأهل بيته يوم لا ينفع مال ولا بنون.