ثق بولدك
  إن أول خطوات بناء الذات لطفلك هو أن يثق بنفسه ، ولا يمكن لطفل لا يتجاوز سنيه الأولى أن يحصل على الثقة بالنفس من تلقاء نفسه وذاته ، وعليه على الوالدين أن يسقياه الثقة ويمداه بها عبر نظراتهما ، وقد تحس بتفوق ابنك على أقرانه وزملائه فتجد عند بوادر التفوق أو النبوغ من خلال ملاحظاتك إلى اسئلته ، أو تصرفاته التي توحي أنها أكبر من عمره ، من هنا يجب أن يبادر الوالدان إلى المحافظة على هذا المستوى ورفعه ، وربما يفقد الولد نبوغه الظاهري بسبب استخفافه في دراسته ، أو العمل الذي يوكل إليه وهنا تتزعزع ثقة الوالدين بابنهما لا سيما إذا تكرر الفشل أو الإحباط للولد : فينصرف الوالدان عن تشجيعه إلى تحبيطهن وهما لا يعلمان .
  ولكن في الحقيقة يجب أن لا تضعف ثقتك بولدك مها تكرر فشله : فقد يكون فشله راجعاً إلى عوامل غير المستوى الذهني أو الذكاء ، بل قد أثبتت التجارب التي قام بها ( ليموف ) أن أكثر من ثلاثين بالمائة من التلاميذ الذين لم يكملوا دراستهم الثانوية تزيد نسبة ذكائهم على 135 درجة من نسبة الذكاء ( وعلى حسب تقرير ( كرونباخ ) أي شخص بنسبة ذكاء تزيد على 130 قادر على النجاح في أي عمل يسند إليه ) ، وقد أظهرت دراسات أخرى أن كثيراً من الأطفال المتفوقين كانوا من المتأخرين دراسياً .
  فعليه يلزم المحافظة على الثقة بالولد أو إيجادها في الواقع الخارجي ، لا مجرد تلفظ أجوف لا ينبئ عن حقيقة ، ولا يكفي أن تثق بابنك فقط بل لا بد أن يشعر هو بهذه الثقة ويحس بها .
  أما كيف يحس الولد بأنك تثق به ؟ فبعدة خطوات تلتزم بها وهي كالتالي :

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 178 ـ

  الخطوة الأولى : التشجيع والدعم الدائم من الوالدين وكل المحيطين به بمختلف مراتب التشجيع والتشويق سواء كان بالثناء والمدح لكل عمل يقوم به حسن وجيد ، أو بالفعل ، كأن يحصل على الهدايا التي يحبها حتى تكون حافزاً قوياً له للتقدم أكثر فأكثر .
  فقد نصح علماء التربية الآباء الذين يشكون في تفوق أطفالهم أن يعاملوهم على أنهم متفوقون فعلاً على الأقل إلى أن يصلوا للسنة الثانية أو الثالثة الابتدائية ، ويجعلوا أي صفة إيجابية حتى يساعدوا الطفل لكي يثبت نفسه .
  الخطوة الثانية : الاستماع إلى الطفل ومشاركته في الحديث .
  إن الإصغاء إلى الطفل وهو يتحدث يعود على الوالدين بالفوائد الجمة : فعندما تستمع لابنك وهو يتكلم فإنك تعرف ما يجول في خاطره ، وما يؤثر عليه ، ما يحب ، ما يكره ، وما يطمئن إليه وما يخاف منه بل دع ابنك يتحدث عن كل شيء عنده حتى لو سمعته يقول شيئاً لا تحبه منه : فإن ذلك سيكشف لك ما الذي أثر فيه سلباً أو إيجاباً ، فتقيه من الشر وتحثه على الخير ، وخير لك أن تعرف ذلك قبل أن يتوغل هذا الاعتقاد أو ذاك في ابنك ويصعب بعدها علاج الأمر ولا يمكن أن تحصل على كل شيء منه ما لم يطمئن لك أنك لن توبخه أو تعنفه .
  وأما الذي يعود على الطفل بالفائدة فهو إشعارك إياه أن كلامه وأفكاره لها قيمة بحيث تجذبك إلى الاستماع إليه ومشاركتك إياه في الحديث ، وتبادل الآراء يؤثر في تفكيره ويقفز به إلى مراحل كبيرة جداً ، فمن ذلك تعلمه الاستماع وكيف يتحدث مع الآخرين ومتى .
  وللأسف أن بعض الأطفال يحسون بالاستصغار ، وعدم الاعتراف بهم ، خصوصاً إذا كان المجلس مجلس كبار وحديثهم ، فتجد بعض الأطفال

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 179 ـ

  يحب أن يشارك في الأحاديث ولكن يجد التوبيخ والزجر قبل أن يتكلم ، هذا إذا لم يطرد من المكان! فعامل ابنك على أنه كبير يكون كبيراً .
  الخطوة الثالثة : اعتمد على طفلك في بعض الأمور .
  إن من أبرز مظاهر الثقة بولدك أن تعتمد عليه في بعض الأمور التي تناسب شأنه ولا تضر به ، كأن توكل إليه شراء بعض الحاجيات للبيت من المحل المجاور ، أو تطلب منه إدخال الضيوف والجلوس معهم حتى تأتي من الخارج وهكذا .
  وليكن هذا الاعتماد مصحوباً بالقول كأن تقول له : إني أعتمد عليك في هذا الأمر ، وإنك قادر على أدائه على أكمل وجه : فإن من شأن ذلك كله أن يولد في نفسه الاعتزاز والثقة .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 181 ـ

الباب الثاني
الفصل الخامس

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 183 ـ

الطريقة المثلى للتفكير
  إن سيرة حياة الإنسان متوقفة على طريقة تفكيره ، وطريقة التفكير تختلف بحسب الأشخاص ، ومنشأ ذلك هو كيفية استخدام المعلومات التي يحصل عليها الإنسان ، ولكي يكون ولدك في ركاب المفكرين والعباقرة يلزمه أن يتعامل مع المعطيات التي يحصل عليها بطريقة تثير دفائن العقول وتحثها على الحركة نحو المجهول ، أما ما هي هذه الطريقة ؟
  فنقول :
  أولاً : يجب أن لا يكون همه حفظ المعلومات من غير وعي وإدراك لما يحفظ ، وعليه لابد أن يحفظ الشيء الذي يؤمن به حتى يستطيع أن يتعامل مع محفوظاته بالصورة المناسبة ، ولا يجب أن يفهم حقائق الأمور بل لابد أن يفهم شيئاً منها على الأقل : فإن من المؤسف أن البرامج التعلمية عندنا تعتمد على حشو المعلومات والتعامل معها بطريقة جامدة !
  ثانياً : تشجيعه على التفكير بإلقاء الأسئلة المتكررة والمناسبة التي تحثه على تفسير الظواهر التي يراها ويعيشها ، ومساعدته عند حيرته على معرفة الجواب المناسب ، كأن تسأله مثلاً لماذا تأكل الطعام ؟ وعند جوابه لنشبع مثلاً ، نسأله سؤالاً آخر ولماذا نشبع؟ يأتي الجواب حتى نكبر ، وتسأله مرة ثالثة ، ولماذا نكبر ؟ يأتي الجواب حتى نعيش وهكذا ... وأنت بهذه الطريقة تحثه على التفكير في الأمور التي يعايشها .
  ثالثاً : تعليمه كيفية تحليل الأمور ولو بشكل بسيط فإذا استطاع ذلك تعلم كيف يربط الأمور بعضها مع بعض ، ويتجنب كثيراً من القضايا التي ستواجهه في المستقبل : فمثلاً :

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 184 ـ

  عندما تكون أمه غضبى عليه نأتي ونقول له : لأنك رميت القاذورات في الصالون ، ولم ترم بها في سلة المهملات ، وهذا من شأنه أن يجعل البيت غير نظيف ، وهذا يتعب ( الماما ) في تنظيف البيت لذلك ( الماما ) غضبى عليك ، وهكذا .
  رابعاً : تعليمه قاعدة ( أنه لكل معلول علة ) والترابط الذي بينهما ، وهذه القاعدة لو أتقنها حق إتقان سيتفتق فكره ويكون حاد الذكاء ، إذ من خلال تعلمه أنه لكل شيء سبب سيحاول أن يفهم الأمور كما تجب ، ولا يأخذه بشكل ساذج ومجرد ، ويمكن تعليمه هذه القاعدة بالأمثلة التي تضرب له في الميدان العملي لا النظري ، كأن يقال له : إن النار تحرق وتقدم يده إلى النار ويحس بحرارتها سيعرف الترابط بين النار والإحراق ، وهكذا مع أمثلة مختلفة حتى يفهم وجه الترابط بينها ، وليس من المهم أن يفهم القاعدة كما يفهمها الكبار مع حفظ المصطلحات ، بل إن الانتقال الذهني الذي يحدث له من جراء الأمور هو المطلوب في مرحلته الأولى، وشيئاً فشيئاً تترقى مداركه حتى يعي الأمر كما يجب .
  خامساً : تعليمه تجزئة المعلومة إلى معلومات صغيرة وأوليات ، ويفيده في معرفة كيف تركب الأمور بأي شكل إذا جمعت مع بعضها تعطي شيئاً آخر، ومن خلال هذا ينمو عنده الحس الإبداعي ، كأن تجزئ له العشرة إلى واحد وواحد ، وهكذا حتى يصبح العدد عشرة أو تجزئ له السيارة الصغيرة التي يلعب بها وأنها مكونة من عجلات ومقود وحديد ... الخ وعند اجتماعها تظهر بصورة مغايرة عما هي عليه .
  سادساً : تجنب إلقاء النتائج من غير توضيح المقدمات والأسباب التي تؤدي إلى النتيجة المطلوبة ، وذلك حتى يتعلم كيف يستدل ويربط بين المقدمات والنتيجة ، وأنت بهذا الطريقة تأخذ بيده نحو الطريق الصحيح

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 185 ـ

  للاستدلال والتفكير المطلوب ، كأن تقول له : ولد الجيران رجله مجروحة ( هذه النتيجة ).
  أما أسبابها ، لأنه خرج إلى الشارع حافي القدمين ، ولأنه لعب في أماكن قذرة فأصابت رجله زجاجة فجرحتها وهكذا .
  ( تنبيه )
  ومع استخدام هذه الأساليب بشكل متكرر ودائم حتى يألف الطفل هذه الأساليب تكون عنده سجية وملكة راسخة ، مع ملاحظة أن هذا الأمر يحتاج من الوالدين والمربين وقتاً طويلاً مع المثابرة .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 187 ـ

الباب الثاني
الفصل السادس

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 189 ـ

تحديد الهدف للطفل
  الهدف هو النقطة التي ينظر إليها الإنسان ، ويسعى في حركته للوصول إليها ، مع سعي ومثابرة وصبر لرفع كل العوائق التي تقف في وجهه ، وهذا يحتاج إلى إيمان بالهدف ومعرفته بشكل واضح لا ابهام فيه حتى تتشوق نفس الإنسان إلى طلبه ، ولا يختلف هذا بين الصغير والكبير ، ولكن في الصغير يحتاج إلى بذل جهد أكبر ، إذ السؤال الذي يطرح نفسه من الذي يحدد الهدف للصغير ؟ وعلى أي أساس ؟
  إن الذي يحدد الهدف للصغير ، هو لا غير ، أما دور المربين والوالدين هو في توجيه الهدف وتقييمه ، أما على أي أساس يختار الطفل الصغير هدفاً معيناً ؟ فهو على عدة أمور منها : نظره إلى شخصية كبيرة يحبها ويقدرها فيحاول أن يقلدها أو يحتذي حذوها ، لميول خاصة كرسم أو غيرها ، هنا يأتي دور الأب والأم فتنمية هذه الرغبة عنده وخلقها بصورة جيدة أمام ناظريه ، مع تهيئة السبل له في هذا الهدف ، كأن يشجعونه على اختياره وينادونه بها دائماً ويذكرونه ، كأن يحب الطب ينادونه دكتور أو يا مهندس أو يا ضابط ... الخ.
  ويربطون هداياهم ومشترياتهم له بالهدف الذي اختار لنفسه كأن يشتروا له اللباس الخاص بالأطباء مع الأدوات التي تحكي أدوات الأطباء وهكذا ، نعم ، يلزم كما ذكر علماء التربية أن يجزأ الهدف إلى مراحل حتى يقطعها شيئاً فشيئاً ويحس بقرب وصوله إلى الهدف ، كأن يقال له : ذاكر جيداً حتى

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 190 ـ

  تنجح وتكون طبيباً ويذكرونه بأن كل مرحلة يقطعها يقترب نحو الهدف وهكذا .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 191 ـ

الباب الثاني
الفصل السابع

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 193 ـ

وقاية مبكرة من الشذوذ الجنسي
  من أهم النقاط التي تصب في تربية الأطفال تربية سليمة وتنشؤهم نشأة حسنة هي حمايتهم من كل شيء يحرف فطرتهم وتكوين شخصيتهم ، والمتتبع لكثير من الأمراض السلوكية يجد أن من أهمها الشذوذ الجنسي سواء كانت بين الرجال والتي تسمى بعملية اللواط ، أو بين النساء والتي تسمى بعملية المساحقة والعياذ بالله .
  وقد يظهر في هذه الحالة من الشذوذ الجنسي المماثل على شكل صورتين فاعل ومنفعل أي في كل صورة يكون فيها شذوذ لابد من فاعل يمثل دور الرجل ومنفعل يمثل دور المرأة ، وقد تكون عند شخص واحد الصورتان معاً أي يتبادل الأدوار وهذا الأمر قد لا يبدو ظاهراً في الواقع الخارجي إلا أنه في طيات الشخص موجود ، وقد يعاني من الضغوطات الاجتماعية مما يحدوه إلى الزواج ، ويكون عند الناس أنه إنسان عادي ولكنه حقيقة مريض مبتلى بشذوذ .
  وبغض النظر عن التوجهات في منشأ هذه الظاهرة هل هو إفرازات ، أو خلل فيها فإن كثيراً من المحللين يرجعون الظاهرة إلى أسس التربية في الصغر .
  وأكثر الأطباء النفسانيين عندما يلاحظ هذه الظاهرة ( الشذوذ الجنسي ) يحاولون أن يتناولوها ويلاحظوا تطورها : فمثلاً قبل أن تصل النوبة إلى قبول الشخص بفكرة الشذوذ الجنسي قد يبدأ لديه في صغره مرض ممهد له ، وهو الانحراف في الملبـس ( transvestism ) وهو عبارة عن شذوذ جنسي يتوق

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 194 ـ

  فيه المصاب لارتداء ملابس الجنس الآخر ، والتظاهر بمظهره ، ومنشأ هذا المرض هو خلل في الانتماء إلى جنسه والإحساس بالانتماء إلى الجنس الآخر .
  أما كيفية معالجة هذا الشذوذ فبإزالة الرواسب الذهنية ، وتثقيفه من جديد بما يوافق جنسه وشخصيته عبر جلسات الإيحاء الذاتي عن طريق التنويم ، أو بعض الادوية المساعدة لزيادة الهرمونات الذكورية ، أو الأنثوية حسب الحاجة وحسب الشخص ، وهذه مرتبة متأخرة .
  وهناك مرتبة متقدمة وهي العملية الوقائية قبل حدوثها وتتلخص في عدة نقاط :
  النقطة الأولى : أن يفرق بين الأطفال في المضاجع وذلك عند بلوغهم ست سنوات ، أو عشر سنوات بين الذكور والأناث ، وذلك حتى لا يحدث عنده ميل إلى النزو على المحارم والعياذ بالله ، لذلك جاء عن جعفر بن محمد عن آبائه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ( الصبي والصبي والصبي والصبية والصبية والصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين ) ، وفي رواية أخرى قال : ( وروي أنه يفرق بين الصبيان في المضاجع لست سنين ) (1).
  وهذا الذي نادى به الأطباء النفسانيون حيث قالوا بوجوب توخي إنشاء العلاقة الجنسية ، يقول الدكتور منير شحود في كتابه تحت عنوان ( الوقاية النفسية للاضطرابات الجنسية ) : ( والأهم من ذلك هو منع العلاقات الجنسية بين الأطفال والمراهقين من جهة والكبار من جهة أخرى ، وعمل كل شيء للحيلولة دون ذلك ، وبهذا الخصوص ينصح بعدم النوم في فراش واحد للكبار والصغار من الجنس نفسه ، وينبغي تحذير الفتيات من الصديقات اللواتي يظهرن نحوهن مزيداً من اللطف والحنان ) (2).

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 231.
(2) الجنس عند المرأة : 233.

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 195 ـ

  لذلك نجد التشديد في الشريعة الإسلامية لرد مثل هذه المسائل ومقدمتها ، حتى إنها أوجبت الجلد على الشخصين الذين يوجدان تحت لحاف واحد مجردين مائة جلدة حد الزنا وذلك لأن فعلهما هو في حقيقة إرادة الزنا ، وإلا فالعقوبة الحقيقة للواط والمساحقة القتل .
  عن ابي جعفر ( عليه السلام ) قال : ( كان علي ( عليه السلام ) إذا وجد رجلين في لحاف واحد مجردين جلدهما حد الزاني مائة جلدة كل واحد منهما ) (1) .
  وفي رواية أخرى عن أبي عبدالله ( عليه السلام) قال : ( لا ينام الرجلان في لحاف واحد إلا أن يضطرا فينام كل واحد منهما في إزاره ويكن اللحاف بعده واحداً والمرأتان جميعاً ، وكذلك ولا تنام ابنة الرجل معه في لحافه ولا أمه ) .
  كل ذلك توخياً من حدوث شذوذ جنسي أو اعتداء على المحارم .
  أما التساهل في هذا الأمر والقول بأن الأطفال لا يفهمون شيئاً ، أو دعوا عنكم هذا التعقيد والتشدد ، فجواب هؤلاء : أن بداية النار الكبيرة هي الشرار الصغير ، وبداية الحرب الكلام ، وإذا كنت تعتقد بأن طفلك ساذج لم يصل إلى حد الإدراك الواعي لهذه المسائل لا تضمن الطفل الآخر ، أو الشخص الآخر ، وعلى كل حال إن الشيطان لم يمت بعد والشر لم ينته .
  النقطة الثانية : إعطاء كل فرد شخصيته وهويته المستقلة عن الجنس الآخر بحيث تبرز فيه معالم الرجولة عند الذكر ، ومعالم الأنوثة عند البنت ومن أهم الأمور في هذه النقطة هو الالتزام بالشكل الخارجي ، وعدم السماح للبنت بلبس الألبسة الرجالية وبالعكس ، أو تقليد قصة الشعر والذي انتشر في أيامنا هذه ـ وللاسف ـ جهلاً بحقائق الأمور ، بحيث أصبح الرجل يطيل

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 341.

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 196 ـ

  شعره ويلبس ( التنورة ) ويضع على رقبته قلادة وكأنه أنثى لا تميزه إلا إذا اقتربت منه ، وأصبحت المرأة تقلد الرجل في كل شيء ، ومن الشيء المضحك أني رأيت في بريطانيا عند زيارة لها أكثر من امرأة قد صلعت وأصبح رأسها خالياً من الشعر بحيث فاق الربع الخالي في بلدنا !
  لذلك استحق هؤلاء وأمثالهم اللعن! فقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ): ( لعن الله المتشبهات بالرجال من النساء ولعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء ) (1).
  وهذا التشبه يجب أن يلاحظ منذ الصغر وأن يزال قبل أن يستفحل ويكون وبالاً عضالاً لا يمكن استئصاله إلا بالأمر الشديد ، بحيث إن هذه أصبحت دعوى من تربى في الإباحية المطلقة فهذا ( فاسيلكتشنكو 1983 ) عندما يتحدث عن التربية الجنسية السليمة ، فيقول : ( يجب أن يعرف الأطفال بالفروق الجنسية ، وبالمناسبة عادة ما تجري الألعاب الأساسية قبل سن المدرسة ( رجال الفضاء والأدوات الميكانيكية وادوات النساء وغيرها ) بدون اعتبار لجنس الطفل ، بينما يفضلون في سن المدرسة للصبيان الألعاب المذكرة وللبنات الألعاب المؤنثة ، وإن أية تجليات للأنوثة عند الصبيان تقمع بشدة ).
  النقطة الثالثة : عدم إيقاظ الحس الجنسي المبكر عند الاطفال وذلك بمنعهم من المشاهد التي لا يصح الاطلاع عليها سواء كان ذلك عبر التلفاز ، أو أن يشاهد والديه بحالة خاصة ، أو أن يستمع إلى القصص الجنسية إذا حضر في مجلس عام ، أو غير ذلك ، فإن الطفل يدرك كل شيء ويحفظ كل ما يسمع وإن تظاهر بعدم المعرفة بما يقال أو ما يقصد .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 2 ، ص 346 .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 197 ـ

  ( سأل أحمد بن النعمان ابا عبدالله ( عليه السلام) عن جارية ليس بيني وبينها محرم تغشاني فأحملها وأقبلها ؟ فقال : إذا أتى عليها ست سنين فلا تضعها على حجـرك ) (1) .
  وفي رواية أخرى قال أبوعبدالله ( عليه السلام ) : ( إذا بلغت الجارية ست سنين فلا يقبلها الغلام والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين ) (2).
  ولا بأس بأن نذكر ما أوردته مؤسسة أمريكية مهتمة بحماية الاطفال والمراهقين عن الأعراض التي تلاحظ على الطفل عند تعرضه للاغتصاب أو غيره وهي :
  1 ـ معرفة الولد بالأمور الجنسية الغريبة والحديث عن الامور الجنسية حديث العارف الضليع بها .
  أقول : وهذا الأمر قد لا يكون جلياً في مناطقنا التي ما زلت سلطة الأب واحترام الكبير ، والأعراف موجودة فيكون شأنها أن يخبئ العارف بها عن الآخرين لا سيما مع وجود الطبقات ، وقد يكون منشأ معرفة الولد أو المراهق هذه الأمور بسبب مشاهدته للأفلام الجنسية أو القراءة عنها .
  2 ـ التقيؤ بدون سبب مرضي واضح .
  3 ـ حب العزلة والابتعاد عن معاشرة الأصدقاء والناس .
  4 ـ الخجل أمام الآخرين بشكل واضح .
  5 ـ الشعور بألم في الرأس والمعدة .

**************************************************************
(1) الوسائل : ج 20 ، ص 229 .
(2) الطفل حتى ثلاث سنوات : ص 170 .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 198 ـ

  6 ـ إظهار الميل إلى الانتحار .
  7 ـ فقدان الشهية .
  8 ـ وجود بقع من الدم أو مواد غريبة على ثيابه الداخلية.
  9 ـ حصول كوابيس متكررة له .
  10 ـ ظهور التهابات على فمه أو لثته .
  11 ـ حصوله على هدايا لا مبرر لها .
  12 ـ توفر نقود كثيرة لديه .
  13 ـ مطالعة المجلات الجنسية الخليعة .
وتنصح المؤسسة بمراقبة الأولاد عن كثب ومن غير توجيه إحراج إلى الطفل بعده أمور :
  1 ـ معرفة أصدقاء الولد .
  2 ـ عدم ترك الطفل بدون مراقبة .
  3 ـ الاشتراك في نشاطات الولد .
  4 ـ الاستماع إلى ما يقوله الولد عما يرغب في أن يكون عليه في المستقبل .
  5 ـ الانتباه وأخذ الحذر عندما يظهر شخص غريب اهتماماً خاصاً بالولد أو البنت .
  6 ـ الانتباه إلى أي تغير يحصل في سلوك أو تفكير الولد .
  7 ـ إخبار المدرسة التي يرتادها الولد بأن تخبر الأهل عندما يغيب الولد عن المدرسة وذلك في نفس يوم غيابه .

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 199 ـ

الباب الثاني
الفصل الثامن

عبقـرية مبكـرة لأطفالنا   ـ 201 ـ

مقاومة الاحباط لدى الطفل
  إن مسيرة الحياة مليئة بالمتضادات والمصالح المتناقضة بين أفراد البشرية ، ومن شأن ذلك إيجاد فئة من الناس تحاول أن تهبط عزائم الآخرين وتولد لديها حالة العجز واليأس والفشل حتى لا تتقدم عليها في حياتها ، فأي إنسان لا توجد لديه القدرة الذاتية للثبات والوقوف ضد التيار المعادي أو المخالف ، فإنه يسقط صريعاً أو ينزوي بعيداً عن التيار مما يؤدي إلى فشله في الحياة .
  أما كيفية إيجاد هذه القدرة الذاتية لدى الطفل فبعدة نقاط يلزم إيجادها في برنامج التربية للطفل وهي كالتالي :
  النقطة الأولى : خلق منافسة بين الأطفال مع بعضهم البعض.
  إن إيجاد منافسة أو مسابقة بين الأطفال على أمر معين أو الحصول على شيء ما يولد في الطفل رغبة التفوق على أقرانه ومن في سنه ، وهذه الحالة تنمي فيه أن هناك أناساً يريدون الحصول على ما يريده هو ، فلابد أن يجد من أجل ذلك ، وهذه المثابرة هي المطلوبة في هذه المرحلة فيتعلم أنه لا يمكن أن يحصل على شيء من غير سعي ومثابرة وجهد بكل الوسائل .
  النقطة الثانية : دعه يتغلب عليك في بعض الأمور.
  لكي يثق الطفل بقدرته وأنه قادر على تحقيق الأمور التي لا يقدر عليها كل من هو في سنه يجب على الوالدين في أثناء اللعب مع طفلهم التظاهر بالغلبة أو الانهزام أمامه حتى يشعر الطفل بالسعادة والقوة ، فهذا الشيء العظيم الذي يراه ( الوالدين ) وقوتهما الجبارة قد انتصر وحقق فوزاً عظيماً عليهما ، وأثر ذلك أن الطفل إذا أراد أن يفعل شيئاً كبيراً بالنسبة لمستوى سنه