ونهى عن اليمين الكاذبة ، وقال : إنها تترك الديار بلاقع ، وقال : من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم لقى الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب ويرجع .
  ونهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر .
  ونهى أن يدخل الرجل حليلته إلى الحمام .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لايدخلن أحدكم الحمام إلا بمئزر.
  ونهى عن المحادثة التي تدعو إلى غير الله عزوجل .
  ونهى عن تصفيق الوجه .
  ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة .
  ونهى عن لبس الحرير والديباج والقز للرجال ، فأما للنساء فلا بأس.
  ونهى أن تباع الثمار حتى تزهو يعني تصفر أو تحمر .
  ونهى عن المحاقلة يعني بيع التمر بالرطب والزبيب بالعنب وما أشبه ذلك .
  ونهى عن بيع النرد وأن تشترى الخمر وأن تسقى الخمر ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه ، وقال : من شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما ، فإن مات وفي بطنه شيء من ذلك كان حقا على الله عزوجل أن يسقيه من طينة الخبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجمع ذلك في قدور جنهم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود .
  ونهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا ، وقال : إن الله عزوجل لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه .
  ونهى عن بيع وسلف .
  ونهى عن بيعتين في بيع .
  ونهى عن بيع ما ليس عندك .
  ونهى عن بيع ما لم يضمن .
  ونهى عن مصافحة الذمي .
  ونهى أن ينشد الشعر وتنشد الضالة في المسجد .

مكارم الأخلاق _ 427 _

  ونهى أن يسل السيف في المسجد .
  ونهى عن ضرب وجوه البهائم .
  ونهى أن ينظر الرجل إلى عورة أخيه المسلم ، وقال : من تأمل عورة أخيه لعنه سبعون ألف ملك .
  ونهى المرأة أن تنظر إلى عورة المرأة.
  ونهى أن ينفخ في طعام أو شراب أو ينفخ في موضع السجود.
  ونهى أن يصلي الرجل في المقابر والطرق والارحبة والاودية ومرابط الابل وعلى ظهر الكعبة .
  ونهى عن قتل النحل .
  ونهى عن الوسم في وجوه البهائم .
  ونهى أن يحلف الرجل بغير الله ، وقال : من حلف بغير الله فليس من الله في شيء .
  ونهى أن يحلف الرجل بسورة من كتاب الله عزوجل ، وقال : من حلف بسورة من كتاب الله فعليه بكل آية منها كفارة يمين ، فمن شاء بر ومن شاء فجر .
  ونهى أن يقول الرجل للرجل : لا ، وحياتك وحياة فلان .
  ونهى أن يقعد الرجل في المسجد وهو جنب .
  ونهى عن التعري بالليل والنهار .
  ونهى عن الحجامة يوم الاربعاء والجمعة .
  ونهى عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب ، فمن فعل ذلك لغا ومن لغا فلا جمعة له .
  ونهى عن التختم بخاتم صفر او حديد .
  ونهى أن ينقش [ صورة ] شيء من الحيوان على الخاتم .
  ونهى عن الصلاة عند طلوع الشمس حتى ترتفع قدر رمح وعند غروبها وعند استوائها .
  ونهى عن صوم ستة أيام : يوم الفطر ويوم الشك ويوم النحر وأيام التشريق .
  ونهى أن يشرب الماء كرعا كما تشرب البهائم ، وقال : اشربوا بأيديكم فإنها أفضل أوانيكم .
  ونهى عن التزاق في البئر التي يشرب منها .
  ونهى أن يستعمل أجير حتى يعلم ما أجرته .

مكارم الأخلاق _ 428 _

  ونهى عن الهجران ، فمن كان لابد فاعلا فلا يهجر أخاه أكثر من ثلاثة أيام ، فمن كان مهاجرا لاخيه أكثر من ذلك كانت النار أولى به .
  ونهى عن بيع الذهب بالذهب وزيادة إلا وزنا بوزن .
  ونهى عن المدح ، وقال : احثوا في وجوه المداحين التراب .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من تولى خصومة ظالم أو أعان عليها ثم نزل به ملك الموت قال له : أبشر بلعنة الله ونار جهنم وبئس المصير .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من مدح سلطانا جائرا واحتف به وتضعضع له طمعا فيه كان قرينه في النار ، وقال : قال الله عزوجل : ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من ولى جائرا على جوره كان قرين هامان في جهنم ، ومن بني بنيانا رياء وسمعة حمله يوم القيامة من الارض السابعة وهو نار تشتعل ثم يطوق به في عنقه ويلقى في النار فلا يحبسه شيء منها دون قعرها إلا أن يتوب ، قيل : يا رسول الله كيف يبني رياء وسمعة ؟ قال : يبني فضلا على ما يكفيه استطالة منه على جيرانه ومباهاة لاخوانه .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من ظلم أجيرا أجره أحبط الله عمله وحرم عليه ريح الجنة ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ، ومن خان جاره في شبر من الارض جعله الله طوقا في عنقه من تخوم الارضين السبع حتى يلقى الله يوم القيامة مطوقا به إلا أن يتوب ويرجع .
  ألا ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة مغلولا ويسلط الله عزوجل عليه بكل آية حية تكون قرينته في النار إلا أن يغفر له .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من قرأ القرآن ثم شرب عليه حراما أو آثر عليه حب الدنيا وزينتها استوجب عليه سخط الله إلا أن يتوب ، ألا إنه وإن مات على غير توبة حاجة القرآن يوم القيامة فلا يزائله إلا مدحوضا .
  ألا ومن زنى بإمرأة مسلمة أو يهودية أو نصرانية أو مجوسية حرة أو أمة ثم لم يتب منه ومات مصرا عليه فتح الله له في قبره ثلاثمائة باب تخرج منه حيات وعقارب وثعبان النار يعذب بها إلى يوم القيامة ، فإذا بعث من قبره تأذى الناس من نتن ريحه فيعرف بذلك وبما كان يعمل في دار الدنيا حتى يؤمر به إلى النار .

مكارم الأخلاق _ 429 _

  ألا وإن الله حرم الحرام وحد الحدود فما أحد أغير من الله عزوجل ، ومن غيرته حرم الفواحش.
  ونهى أن يطلع الرجل في بيت جاره ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله الله مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس ولم يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله إلا أن يتوب .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من لم يرض بما قسم الله له من الرزق وبث شكواه ولم يصبر ولم يحتسب لم ترفع له حسنة ويلقى الله عزوجل وهو عليه غضبان إلا أن يتوب .
  ونهى أن يختال الرجل في مشيته ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من لبس ثوبا فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنم وكان قرين قارون لانه أول من اختال فخسف الله به وبداره الارض ، ومن اختال فقد نازع الله في جبروته .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من ظلم امرأة مهرها فهو عندالله زان ، يقول الله عزوجل يوم القيامة : عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم توف بعهدي وظلمت امتي ، فيؤخذ من حسناته فدفع إليها بقدر حقها ، فإذا لم يبق له حسنة أمر به إلى النار بنكثة العهد قال : تعالى : واوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا .
  ونهى عن كتمان الشهادة ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كتمها أطعمه الله لحمه على رؤوس الخلائق وهو قول الله عزوجل : ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من آذى جاره حرم الله عليه ريح الجنة ومأواه جنهم وبئس المصير ، ومن ضيع حق جاره فليس منا ، وما زال جبريل ( عليه السلام ) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، وما زال يوصيني بالمماليك حتى ظننت أنه سيجعل لهم وقتا إذا بلغوا ذلك الوقت عتقوا ، وما زال يوصيني بالسواك حتى ظننت أنه سيجعله فريضة وما زال يوصيني بقيام الليل حتى ظننت أن خيار أمتي لن يناموا .
  ألا ومن استخف بفقير مسلم فقد استخف بحق الله والله يستخف به يوم القيامة إلا أن يتوب ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من أكرم فقيرا مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عنه راض .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عزوجل حرم الله عليه النار وآمنه من الفزع الاكبر وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله تبارك وتعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان .

مكارم الأخلاق _ 430 _

( لوجع العين )
  ألا ومن عرضت له دنيا وآخرة فاختار الدنيا على الاخرة لقي الله يوم القيامة وليست له حسنة يتقي بها النار ، ومن اختار الاخرة وترك الدنيا رضي الله عنه وغفر له مساوئ عمله ، ومن ملا عينه من حرام ملا الله عينه يوم القيامة من النار إلا أن يتوب ويرجع .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بسخط الله عزوجل ، ومن التزم امرأة حراما قرن في سلسلة من نار مع شيطان فيقذفان في النار .
  ومن غش مسلما في شراء أو بيع فليس منا ويحشر يوم القيامة مع اليهود لانهم أغش الخلق للمسلمين .
  ونهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يمنع أخد الماعون جاره ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من منع الماعون جاره منعه الله خيره يوم القيامة ووكله إلى نفسه فما أسوأ حاله .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أيما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل الله عزوجل منها صرفا ولا عدلا ولاحسنة من عملها حتى ترضيه وإن صامت نهارها وقامت ليلها وأعتقت الرقاب وحملت على جياد الخيل في سبيل الله وكانت في أول من يرد النار. وكذلك الرجل إذا كان لها ظالما .
  ألا ومن لطم خد مسلم أو وجهه بدد الله عظامه يوم القيامة وحشر مغلولا حتى يدخل جهنم إلا أن يتوب .
  ألا ومن بات وفي قلبه غش لاخيه المسلم بات في سخط الله وأصبح كذلك حتى يتوب .
  ونهى عن الغيبة ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من اغتاب امرء مسلما بطل صومه ونقض وضؤوه وجاء يوم القيامة تفوح من فيه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى به أهل الموقف ، فإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله.
  قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه وحلم عنه أعطاه الله أجر شهيد .
  ألا ومن تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والاخرة ، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من أغتابه سبعين مرة .
  ونهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الخيانة ، وقال : من خان أمانة في الدنيا ولم يردها إلى أهلها ثم أدركه الموت مات على غير ملتي ويلق الله وهو عليه غضبان .

مكارم الأخلاق _ 431 _

  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من شهد شهادة زور على أحد من الناس علق بلسانه مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار .
  ألا ومن اشترى ما أخذ خيانة وهو يعلم فهو كالذي خان ، ومن حبس عن أخيه المسلم شيئا من حقه حرم الله عليه بركة الرزق إلا أن يتوب .
  ألا ومن سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتى بها .
  ومن احتاج إليه أخوة المسلم في قرض وهو يقدر عليه فلم يفعل حرم الله عليه ريح الجنة .
  ألا ومن صبر على خلق امرأة سيئة الخلق واحتسب ذلك عند الله أعطاه الله ثواب الشاكرين .
  ألا وأيما امرأة لم ترفق بزوجها وحملته على ما لا يقدر عليه وما لا يطيق لم يقبل الله منها حسنة وتلقى الله وهو عليها غضبان .
  ألا ومن أكرم أخاه المسلم فإنما يكرم الله عزوجل .
  ونهى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يؤم الرجل قوما إلا بإذنهم ، وقال : من أم قوما بإذنهم وهم به راضون فاقتصد بهم في حضوره وأحسن صلاته بقيامه وقراءته وركوعه وسجوده فله مثل أجر القوم ولا ينقص من أجورهم شيئا .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من مشى إلى ذي قرابة بنفسه وماله ليصل رحمه أعطاه الله عز وجل أجر مائة شهيد وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة ومحا عنه أربعون ألف سيئة ورفع له من الدرجات مثل ذلك وكان كأنما عبد الله عزوجل مائة سنة صابرا محتسبا .
  ومن كفى ضريرا حاجة من حوائج الدنيا ومشى له فيها حتى يقضي الله له حاجته أعطاه الله براءة من النفاق وبراءة من النار وقضى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا ولا يزال يخوض في رحمة الله عزوجل حتى يرجع .
  ومن مرض يوما وليلة فلم يشك إلى عواده بعثه الله عزوجل يوم القيامة مع خليله إبراهيم ( عليه السلام ) حتى يجوز الصراط كالبرق اللامع .
  ومن سعى لمريض في حاجة قضاها أو لم يقضها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فقال رجل من الانصار : بأبي أنت وأمي يا رسول الله فإن كان المريض من أهل بيته أفلا يكون ذلك أعظم أجرا إذا سعى في حاجة أهل بيته ؟ قال : نعم .

مكارم الأخلاق _ 432 _

  ألا ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه اثنتين وسبعين كربة من كرب الاخرة واثنتين وسبعين كربة من كرب الدنيا أهونها المغص .
  ومن يبطل على ذي حق حقه له وهو يقدر على أداء حقه فعليه خطيئة عشار .
  ألا ومن علق سوطا بين يدي سلطان جائر جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من النار طوله سبعون ذراعا يسلطه الله عليه في نار جهنم ومأواه النار وبئس المصير .
  ومن اصطنع إلى أخيه معروفا فامتن به عليه أحبط الله عمله وثبت وزره ولم يشكر له سعيه ، ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يقول الله عزوجل : حرمت الجنة على المنان والبخيل والقتات وهو النمام .
  ألا ومن تصدق بصدقة فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة ، ومن مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء .
  ومن صلى على ميت صلى عليه سبعون ألف ملك وغفر الله له ما تقدم من ذنبه ، فإن أقام حتى يدفن ويحثو عليه التراب كان له بكل قدم نقلها قيراط من الاجر.
  والقيراط مثل جبل أحد .
  ألا ومن ذرفت عيناه من خشية الله عزوجل كان له بكل قطرة قطرت من دموعه قصر في الجنة مكلل بالدر والجوهر ، فيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
  ألا ومن مشى إلى مسجد يطلب فيه الجماعة كان له بكل خطوة سبعون ألف حسنة ومحا عنه سبعين ألف سيئة ويرفع له من الدرجات مثل ذلك ، وإن مات وهو على ذلك وكل الله عزوجل به سبعين ألف ملك يعودونه في قبره ويؤنسونه في وحدته ويستغفرون له حتى يبعث .
  ألا ومن أذن محتسبا يريد بذلك وجه الله عز وجل أعطاه الله ثواب أربعين ألف شهيد وأربعين ألف صديق ويدخل في شفاعته أربعين ألف مسئ من أمتي إلى الجنة .
  ألا وإن المؤذن إذا قال : أشهد ألا لا إله إلا الله صلى عليه سبعين ألف ملك واستغفروا له وكان يوم القيامة في ظل العرش حتى يفرغ الله من حساب الخلائق .
  وعند قوله : أشهد أن محمدا رسول الله يستغفر له أربعون ألف ملك .
  ومن حافظ على الصف الاول والتكبيرة الاولى لا يؤذي مسلما أعطاه الله من الاجر ما يعطي المؤذنين في الدنيا والاخرة .

مكارم الأخلاق _ 433 _

  ألا من وتولى عرافة قوم أتي يوم القيامة ويداه مغلولتان إلى عنقه ، فإن قام فيهم بأمر الله عزوجل أطلقه الله وإن كان ظالما هوى به في نار جهنم وبئس المصير .
  وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا تحقروا شيئا من الشر وإن صغر في أعينكم ولا تستكثروا شيئا من الذنوب وإن كبر في أعينكم ، فإنه لا كبير مع الاستغفار ولا صغير مع الاصرار .
  قال شعيب بن واقد : [ وقد ] سألت الحسين بن زيد عن طول هذا الحديث ؟
  فقال : حدثني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أنه جمع هذا الحديث من الكتاب الذي هو إملاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خط علي ابن أبي طالب ( عليه السلام ) .

الفصل الثالث : ( في وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي ( عليه السلام ) )
  عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : يا علي اوصيك بوصية فاحفظها فلن تزال بخير ما حفظت وصيتي .
  يا علي : من كظم غيظا وهو يقدر على إمضائه أعقبه الله يوم القيامة آمنا وإيمانا يجد طعمه .
  يا علي : من لم يحسن وصيته عند موته كان نقصا في مروته ولم تملك الشفاعة .
  يا علي : أفضل الجهاد من أصبح لا يهم بظلم أحد .
  يا علي : من خاف الناس لسانه فهو من أهل النار .
  يا علي : شر الناس من أكرمه الناس اتقاء شره .
  يا علي : شر الناس من باع آخرته بدنياه ، وشر من ذلك من باع آخرته بدنياه غيره .
  يا علي : من لم يقبل العذر من متنصل صادقا كان أو كاذبا لم ينل شفاعتي .
  يا علي : إن الله عزوجل أحب الكذب في الصلاح وأبغض الصدق في الفساد.
  يا علي : من ترك الخمر لغير الله سقاه الله من الرحيق المختوم ، فقال علي ( عليه السلام ) : لغير الله ؟! قال : نعم ، والله من تركها صيانة لنفسه يشكره الله على ذلك .
  يا علي : شارب الخمر كعابد وثن ، ياعلي شارب الخمر لا يقبل الله عزوجل صلاته أربعين يوما ، فإن مات في الاربعين مات كافرا ، ( مكارم الاخلاق ـ 28 )

مكارم الأخلاق _ 434 _

  يا علي : كل مسكر حرام وما أسكر كثيرة فالجرعة منه حرام .
  يا علي : جعلت الذنوب كلها في بيت وجعل مفتاحها شرب الخمر .
  يا علي : يأتي على شارب الخمر ساعة لا يعرف فيها ربه عزوجل .
  يا علي : إن إزالة الجبال الرواسي أهون من إزالة ملك مؤجل لم تنقص أيامه .
  يا علي : من لم تنتفع بدينه ودنياه فلا خير لك في مجالسته ، ومن لم يوجب لك فلا توجب له ولا كرامة .
  يا علي : ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال : وقار عند الهزاهز ، وصبر عند البلاء وشكر عند الرخاء ، وقنوع بما رزقه الله عزوجل ، ولا يظلم الاعداء ، ولا يتحامل على الاصدقاء ، بدنه منه في تعب ، والناس منه في راحة .
  يا علي : أربعة لا ترد لهم دعوة : إمام عادل ، ووالد لولده ، والرجل يدعو لاخيه بظهر الغيب ، والمظلوم ، يقول الله عزوجل : وعزتي وجلالي لانتصرن لك ولو بعد حين .
  يا علي : ثمانية إن اهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم : الذاهب إلى مائدة لم يدع إليها والمتأمر على رب البيت ، وطالب الخير من أعدائه ، وطالب الفضل من اللئام ، والداخل بين إثنين في سر لم يدخلاه فيه ، والمستخف بالسلطان ، والجالس في مجلس ليس له بأهل ، والمقبل بالحديث على من لا يسمع منه .
  يا علي : حرم الله الجنة على كل فاحش بذي لا يبالي ما قال ولا ما قيل له .
  يا علي : طوبى لمن طال عمره وحسن عمله .
  يا علي : لا تمزح فيذهب بهاؤك ، ولا تكذب فيذهب نورك ، وإياك وخصلتين : الضجر والكسل ، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق وإن كسلت لم تؤد حقا.
  يا علي : لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق ، فإن صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب .
  يا علي : أربعة أسرع شيء عقوبة : رجل أحسنت إليه فكافأك بالاحسان إساءة ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي عليك ، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك ، ورجل وصل قرابته فقطعوه .
  يا علي : من استولى عليه الضجر رحلت عنه الراحة .
  يا علي : إثنتا عشرة خصلة ينبغي للرجل المسلم أن يتعلمها على المائدة : أربع منها

مكارم الأخلاق _ 435 _

  فريضة وأربع منها سنة وأربع منها أدب ، فأما الفريضة فالمعرفة بما يأكل والتسمية والشكر والرضا ، وأما السنة فالجلوس على الرجل اليسرى والاكل بثلاث أصابع وأن يأكل مما يليه ومص الاصابع ، وأما الادب فتصغير اللقمة والمضغ الشديد وقلة النظر في وجوه الناس وغسل اليدين .
  يا علي : خلق الله الجنة من لبنتين : لبنة من ذهب ولبنة من فضة وجعل حيطانها الياقوت وسقفها الزبرجد وحصاءها اللؤلؤ وترابها الزعفران والمسك الاذفر ، ثم قال لها : تكلمي ، فقالت : لا إله إلا الله الحي القيوم قد سعد من يدخلني ، فقال الله جل جلاله : وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ولا نمام ولا ديوث ولا شرطي ولا مخنث ولا نباش ولا عشار ولا قاطع رحم ولا قدري .
  يا علي : كفر بالله العظيم من هذه الامة عشرة : القتال والساحر والديوث وناكح المرأة حراما في دبرها وناكح البهيمة ومن نكح ذات محرم والساعي في الفتنة وبائع السلاح من أهل الحرب ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج .
  يا علي : لا وليمة إلا في خمس : في عرس أو خرس أو عذار أو وكار أو زكار فالعرس التزويج ، والخرس النفاس بالولد ، والعذار الختان ، والوكار في شراء الدار.
  والزكار الرجل يقدم من مكة .
  يا علي : لا ينبغي للعاقل أن يكون ظاعنا إلا في ثلاث : مرمة لمعاش ، أو تزود لمعاد ، أو لذة في غير محرم .
  يا علي : ثلاثة من مكارم الاخلاق في الدنيا والاخرة : أن تعفو عمن ظلمك ، وتصل من قطعك ، وتحلم عمن جهل عليك .
  يا علي : بادر بأربع قبل أربع : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك .
  يا علي : كره الله عزوجل لامتي العبث في الصلاة ، والمن في الصدقة ، وإتيان المساجد جنبا ، والضحك بين القبور ، والتطلع في الدور ، والنظر إلى فرج النساء ، لانه يورث العمى ، وكره الكلام عند الجماع ، لانه يورث الخرس ، وكره النوم بين العشاءين ، لانه يحرم الرزق ، وكره الغسل تحت السماء إلا بمئزر ، وكره دخول الانهار إلا بمئزر ، فإن فيها سكانا من الملائكة ، وكره دخول الحمام إلا بمئزر ، وكره الكلام

مكارم الأخلاق _ 436 _

  بين الاذان والاقامة في صلاة الغداة ، وكره ركوب البحر في وقت هيجانه ، وكره النوم فوق سطح ليس بمحجر ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة ، وكره أن ينام الرجل في بيت وحده ، وكره أن يغشي الرجل امرأته وهي حائض ، فإن فعل وخرج الولد مجذوما أو به برص فلا يلومن إلا نفسه ، وكره أن يكلم الرجل مجذوما إلا أن يكون بينه وبينه قدر ذراع ، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فر من المجذوم فرارك من الاسد ، وكره أن يأتي الرجل أهله وقد إحتلم حتى يغتسل من الاحتلام ، فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه ، وكره البول على شط نهر جار .
  وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة أو نخلة قد أثمرت ، وكره أن ينتعل الرجل وهو قائم ، وكره أن يدخل الرجل بيتا مظلما إلا مع السراج .
  يا علي : آفة الحسب الافتخار .
  يا علي : ما خاف الله عزوجل أخاف منه كل شيء ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء .
  يا علي : ثمانية لا تقبل منهم الصلاة : العبد الابق حتى يرجع إلى مولاه ، والناشزة وزوجها عليها ساخط ، ومانع الزكاة ، وتارك الوضوء ، والجارية المدركة تصلي بغير خمار ، وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون ، والسكران ، والزبين وهو الذي يدافع البول والغائط .
  يا علي : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة : من آوى اليتيم ، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه .
  يا علي : ثلاث من لقي الله عزوجل بهن فهو من أفضل الناس : من أوفى الله بما افترض عليه فهو من أعبد الناس ، ومن ورع عن محارم الله فهو من أورع الناس ، ومن قنع بما رزقه الله فهو من أغنى الناس .
  يا علي : ثلاث لا يطيقها أحد من هذه الامة : الواساة للاخ بماله ، وإنصاف الناس من نفسه ، وذكره الله على كل حال ، وليس هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزوجل عنده وتركه .
  يا علي : ثلاثة إن أنصفتهم ظلموك : السفلة ، وأهلك ، وخادمك ، وثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة : حر من عبد ، وعالم من جاهل ، وقوي من ضعيف .
  يا علي : سبعة من كن فيه فقد استكمل حقيقة الايمان وأبواب الجنة مفتحة

مكارم الأخلاق _ 437 _

  له : من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، وأدى زكاة ماله ، وكف غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر لذنبه ، وأدى النصيحة لاهل بيته .
  يا علي : لعن الله ثلاثة : آكل زاده وحده ، وراكب الفلاة وحده ، والنائم في بيت وحده .
  يا علي : ثلاثة يتخوف منهن الجنون : التغوط بين القبور ، والمشي في خف واحد ، والرجل ينام وحده .
  يا على : ثلاث يحسن فيهن الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والاصلاح بين الناس ، وثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الانذال ، ومجالسة الاغنياء ، والحديث مع النساء .
  يا علي : ثلاث من حقائق الايمان : الانفاق مع الاعسار ، وإنصافك الناس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلم .
  يا علي : ثلاث من لم تكن فيه لم يتم عمله : ورع يحجزه عن معاصي الله عزوجل ، وخلق يداري به الناس ، وحلم يرد به جهل الجاهل .
  يا علي : ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا : لقاء الاخوان ، وتفطير الصائم ، والتهجد من آخر الليل .
  يا علي : أنهاك عن ثلاث خصال : الحسد والحرص والكبر .
  يا علي : أربع خصال من الشقاء : جمود العين ، وقسوة القلب ، وبعد الامل ، وحب البقاء.
  يا علي : ثلاث درجات وثلاث كفارات وثلاث مهلكات وثلاث منجيات ، فأما الدرجات فإسباغ الوضوء في السبرات ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات ، وأما الكفارات فإفشاء السلام وإطعام الطعام والتهجد بالليل والناس نيام ، وأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه ، وأما المنجيات فخوف الله في السر ، والعلانية والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرضا والسخط .
  يا علي : لا رضاع بعد فطام ولا يتم بعد إحتلام .
  يا علي : سر سنتين بر والديك ، سر سنة صل رحمك ، سر ميلا عد مريضا

مكارم الأخلاق _ 438 _

  سر ميلين شيع جنازة ، سر ثلاثة أميال أجب دعوة ، سر أربعة أميال زر أخا في الله.
  سر خمسة أميال أغث الملهوف ، سر ستة أميال انصر المظلوم ، وعليك بالاستغفار .
  يا علي : للمؤمن ثلاث علامات : الصلاة والزكاة والصيام ، وللمتكلف ثلاث علامات : يتملق إذا حضر ، ويغتاب إذا غاب ، ويشمت بالمصيبة ، وللظالم ثلاث علامات : يقهر من دونه بالغلبة ، ومن فوقه بالمعصية ، ويظاهر الظلمة ، وللمرائي ثلاث علامات : ينشط إذا كان عند الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحب أن يحمد في جميع أموره ، وللمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب ، وإذا وعد خلف ، وإذا ائتمن خان .
  يا علي : تسعة أشياء تورث النسيان : أكل التفاح الحامض ، وأكل الكزبرة ، والجبن ، وسؤر الفار ، وقراءة كتابة القبور ، والمشي بين امرأتين ، وطرح القملة ، والحجامة في النقرة ، والبول في الماء الراكد .
  يا علي : العيش في ثلاثة : دار قوراء ، وجارية حسناء ، وفرس قباء .
  يا علي : والله لو أن المتواضع في قعر بئر لبعث الله عزوجل إليه ريحا ترفعه فوق الاخيار في دولة الاشرار .
  يا علي : من انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله ، ومن منع أجيرا أجره فعليه لعنة الله ، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعلمه لعنة الله ، فقيل : يا رسول الله وما ذلك الحدث ؟ قال : القتل .
  يا علي : المؤمن من آمنه المسلمون على أموالهم ودمائهم. والمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، والمهاجر من هجر السيئات.
  يا علي : أوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله.
  يا علي : من أطاع امرأته أكبه الله على وجهه في النار ، فقال علي ( عليه السلام ) : وما تلك الطاعة ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : يأذن لها في الذهاب إلى الحمامات والعرسات والنائحات ولبس الثياب الرقاق .
  يا علي : إن الله تبارك وتعالى قد أذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرهم بآبائهم ألا إن الناس من آدم وآدم من تراب ، وأكرمهم عند الله أتقاهم.
  يا علي : من السحت ثمن الميتة ، وثمن الكلب ، وثمن الخمر ، ومهر الزانية ،

مكارم الأخلاق _ 439 _

  والرشوة في الحكم ، وأجر الكاهن .
  يا علي : من تعلم علما ليماري به السفهاء أو يجادل به العلماء أو ليدعو الناس إلى نفسه فهو من أهل النار .
  يا علي : إذا مات العبد قال الناس : ما خلف ، وقالت الملائكة : ما قدم .
  يا علي : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر .
  يا علي : موت الفجأة راحد للمؤمن وحسرة للكافر .
  يا علي : أوحى الله تبارك وتعالى إلى الدنيا أخدمي من خدمني ، وأتعبي من خدمك .
  يا علي : إن الدنيا لو عدلت عندالله عزوجل جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء .
  يا علي : ما أحد من الاولين والاخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوته .
  يا علي : شر الناس من اتهم الله في قضائه .
  يا علي : أنين المؤمن المريض تسبيح ، وصياحه تهليل ، ونومه على الفراش عبادة ، وتقلبه من جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله ، فإن عوفي يمشي في الناس وما عليه ذنب .
  يا علي : لو أهدي إلي كراع لقبلت ، ولو دعيت إلى ذراع لاحببت.
  يا علي : ليس على النساء جمعة ولا جماعة ، ولا أذان ولا إقامة ، ولا عيادة مريض ولا اتباع جنازة ، ولا هرولة بين الصفا والمرة ، ولا استلام الحجر ، ولا حلق ، ولا تولي القضاء ، ولا أن تستشار ، ولا تذبح إلا عند الضرورة ، ولا تجهر بالتلبية ، ولا تقيم عند قبر ، ولا تسمع الخطبة ، ولا تتوالى التزويج ، ولا تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه فإن خرجت بغير إذنه لعنها الله وجبريل وميكائيل ، ولا تعطي من بيت زوجها شيئا إلا بإذنه ، ولا تبيت وزوجها عليها ساخط وإن كان ظالما لها .
  يا علي : الاسلام عريان ولباسه الحياء ، وزينته الوفاء ، ومروته العمل الصالح ، وعماده الورع ، ولكل شيء أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت .
  يا علي : سوء الخلق شؤم ، وطاعة المرأة ندامة .

مكارم الأخلاق ـ 440 ـ

  يا علي : إن كان الشؤم في شيء ففي لسان المرأة .
  يا علي : نجا المخففون ، وهلك المثقلون .
  يا علي : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار .
  يا علي : ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم : اللبان والسواك وقراءة القرآن .
  يا علي : السواك من السنة ومطهر للفم ويجلو البصر ، ويرضي الرحمن ، ويبيض الاسنان ، ويذهب بالبخر ، ويشد اللثة ، ويشهي الطعام ويذهب بالبلغم ، ويزيد في الحفظ ، ويضاعف الحسنات ، ويفرح به الملائكة .
  يا علي : النوم أربعة : نوم الانبياء على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم الكفار والمنافقين على أيسارهم ، ونوم الشياطين على وجوههم.
  يا علي : ما بعث الله عزوجل نبيا إلا وجعل ذريته من صلبه وجعل ذريتي من صلبك ، ولولاك ما كانت لي ذرية .
  يا علي : أربعة من قواصم الظهر : إمام يعصي الله عزوجل ويطاع أمره ، وزوجة يحفظها زوجها وهي تخونه ، وفقر لا يجد صاحبه مداويا ، وجار سوء في دار المقام.
  يا علي : إن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله عزوجل له في الاسلام : حرم نساء الاباء على الابناء ، فأنزل الله عز وجل : ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتصدق به ، فأنزل الله عزوجل : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه الاية ، ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج ، فأنزل الله تبارك وتعالى : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الاخر الاية ، وسن في القتل مائة من الابل ، فأجرى الله عزوجل ذلك في الاسلام ، ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسن لهم عبد المطلب سبعة أشواط ، فأجرى الله عزوجل ذلك في الاسلام .
  يا علي : إن عبد المطلب كان لا يستقسم بالازلام ، ولا يعبد الاصنام ، ولا يأكل ما ذبح على النصب ويقول : أنا على دين أبي إبراهيم ( عليه السلام ) .
  يا علي : أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبي وحجب عنهم الحجة فآمنوا بسواد على بياض .
  يا علي : ثلاث يقسين القلب : استماع اللهو ، وطلب الصيد ، وإتيان باب السلطان.

مكارم الأخلاق _ 441 _

  يا علي : لا تصل في جلد ما لا تشرب لبنه ، ولا تأكل لحمه ، ولا تصل في ذات الجيش ولا في ذات الصلاصل ولا في ضجنان .
  يا علي : كل من البيض ما اختلف طرفاه. ومن السمك ما كان له قشور . ومن الطير ما دف ، واترك منه ما صف ، وكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية .
  يا علي : كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير فحرام أكله .
  يا علي : لا تقطع في تمر ولا كنز .
  يا علي : ليس على زان عقر ، ولا حد في التعرض ، ولا شفاعة في حد ، ولا يمين في قطعية رحم ، ولا يمين لولد مع والده ، ولا لامرأة مع زوجها ، ولا للعبد مع مولاه ، ولا صمت يوم إلى الليل ، ولا وصال في صيام ولا تعرب بعد هجرة .
  يا علي : لا يقتل والد بولده .
  يا علي : لا يقبل الله عزوجل دعاء قلب ساه .
  يا علي : نوم العالم أفضل من عبادة العابد الجاهل .
  يا علي : ركعتان يصليهما العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد .
  يا علي : لا تصوم المرأة تطوعا إلا بإذن زوجها ، ولا يصوم العبد تطوعا إلا بإذن مولاه. ولا يصوم الضيف تطوعا إلا بإذن صاحبه .
  يا علي : صوم يوم الفطر وصوم يوم الاضحى حرام ، وصوم الوصال حرام .
  وصوم الصمت حرام ، وصوم نذر المعصية حرام ، وصوم الدهر حرام .
  يا علي : في الزنا ست خصال : ثلاث منها في الدنيا وثلاث منها في الاخرة ، فأما التي في الدنيا فيذهب بالبهاء ، ويعجل الفناء ، ويقطع الرزق ، وأما التي في الاخرة فسوء الحساب وسخط الرحمن والخلود في النار .
  يا علي : الربا سبعون جزءا أيسره مثل أن ينكح الرجل أمه في بيت الله الحرام .
  يا علي : درهم ربا أعظم عندالله من سبعين زنية كلها بذات محرم في بيت الله الحرام .
  يا علي : من منع قيراطا من زكاة ماله فليس بمؤمن ولا مسلم ولا كرامة له .
  يا علي : تارك الزكاة يسأل الرجعة إلى الدنيا ، وذلك قول الله عزوجل : ( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون ) الاية .
  يا علي : تارك الحج وهو يستطيع كافر ، قال الله تبارك وتعالى : ولله على

مكارم الأخلاق _ 442 _

  الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين .
  يا علي : من سوف بالحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا .
  يا علي : الصدقة ترد القضاء الذي قد أبرم إبراما .
  يا علي : صلة الرحم تزيد في العمر .
  يا علي : افتتح الطعام بالملح واختتمه بالملح ، فإن فيه شفاء من اثنين وسبعين داء .
  يا علي : لو قدمت المقام المحمود لشفعت في أبي وامي وعمي ، وأخ كان لي في الجاهلية .
  يا علي : أنا ابن الذبيحين ، أنا دعوة أبي إبراهيم ( عليه السلام ) .
  يا علي : أحسن العقل ما اكتسب به الجنة وطلب به رضا الرحمن .
  يا علي : إن أول خلق خلقه الله عزوجل العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، فقال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ، بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب .
  يا علي : لا صدقة وذو رحم محتاج .
  يا علي : درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله تعالى ، وفيه أربع عشر خصلة : يطرد الريح من الاذنين ويجلو البصر ويلين الخياشم ويطيب النكهة ويشد اللثة ويذهب بالصنان ويقل وسوسة الشيطان ويفرح به الملائكة ويستبشر به المؤمن ويغيظ به الكافر ، وهو زينة وطيب ، ويستحيى منه منكر ونكير ، وهو براءة له في قبره .
  يا علي : لا خير في قول إلا مع الفعل ولا في نظر إلا مع الخبرة ولا في المال إلا مع الجود ولا في الصدق إلا مع الوفاء ولا في العفة إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية ولا في الحياة إلا مع الصحة ولا في الوطن إلا مع الامن والسرور .
  يا علي : حرم الله من الشاة سبعة أشياء : الدم والمذاكير والمثانة والنخاع والغدد والطحال والمرارة .
  يا علي : لا تماكس في أربعة أشياء : في شراء الاضحية والكفن والنسمة والكراء إلى مكة .
  يا علي : ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقا ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : أحسنكم .
  خلقا وأعظمكم حلما وأبركم لقرابته وأشدكم من نفسه إنصافا .

مكارم الأخلاق _ 443 _

  يا علي : أمان لامتي من الغرق إذا هم ركبوا السفن يقرؤا : بسم الله الرحمن الرحيم وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون ، باسم الله مجريها ومرسيها إن ربي لغفور رحيم .
  يا علي : أمان لامتي من السرق : قل ادعوا الله وأدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى إلى آخر السورة .
  يا علي : أمان لامتي من الهدم : إن الله يمسك السموات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا .
  يا علي : أمان لامتي من الهم : لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه .
  يا علي : أمان لامتي من الحرق : إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ، وما قدروا الله حق قدره الاية .
  يا علي : من خاف السباع فليقرأ : لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة.
  يا علي : من استصعب عليه دابته فليقرأ في أذنها اليمنى : وله أسلم من في السموات والارض طوعا وكرها وإليه ترجعون .
  يا علي : من خاف ساحرا أو شيطانا فليقرأ : إن ربكم الله الذي خلق السموات والارض الاية .
  يا علي : من كان في بطنه ماء أصفر فليكتب على بطنه آية الكرسي ويشربه ، فإنه يبرأ بإذن الله تعالى .
  يا علي : حق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعا صالحا .
  وحق الوالد على ولده أن لا يسميه بإسمه ، ولا يمشي بين يديه ، ولا يجلس أمامه ، ولا يدخل معه الحمام .
  يا علي : ثلاثة من الوسواس : أكل الطين ، وتقليم الاظفار بالاسنان ، وأكل اللحية .
  يا علي : لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما .
  يا علي : لعن الله الوالدين من ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما .
  يا علي : رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما .

مكارم الأخلاق _ 444 _

  يا علي : من أحزن والديه فقد عقهما .
  يا علي : من اغتيب عنده أخوه المسلم واستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والاخرة .
  يا علي : من كفى يتيما في نفقته بماله حتى يستغني وجبت له الجنة البتة .
  يا علي : من مسح يده على رأس يتيم ترحما له أعطاه الله عزوجل بكل شعرة نورا يوم القيامة .
  يا علي : لا فقر أشد من الجهل ، ولا مال أعون من العقل ، ولا وحدة أوحش من العجب ، ولا عقل كالتدبير ، ولا ورع كالكف عن محارم الله وعما لا يليق ، ولا حسب كحسن الخلق ، ولا عبادة مثل التفكر .
  يا علي : آفة الحديث الكذب ، وآفة العلم النسيان ، وآفة العبادة الفترة ، وآفة الجمال الخيلاء. وآفة الحلم الحسد .
  يا علي : أربعة يذهبن ضياعا : الاكل على الشبع والسراج في القمر والزرع في السبخة والصنيعة عند غير أهلها .
  يا علي : من نسي الصلاة علي فقد أخطأ طريق الجنة .
  يا علي : إياك ونقرة الغراب وفريسة الاسد .
  يا علي : لئن ادخل يدي في فم التنين إلى المرفق أحب إلي من أن أسأل من لم يكن ثم كان .
  يا علي : إن أعتى الناس على الله القاتل غير قاتله والضارب غير ضاربه .
  يا علي : من تولى غير مواليه فقد كفر بما أنزل الله عزوجل .
  يا علي : تختمك باليمين ، فإنها فضيلة من الله عزوجل للمقربين ، فقال ( عليه السلام ) : بم أتختم يا رسول الله ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بالعقيق الاحمر ، فإنه أول جبل أقر لله عزوجل بالوحدانية ولي بالنبوة ولك بالوصية ولولدك بالامامة ولشيعتك بالجنة ولاعدائك بالنار .
  يا علي : إن الله تعالى أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ، ثم اطلع ثانية فاختارك على رجال العالمين ، ثم اطلع ثالثة فاختار الائمة من ولدك على رجال العالمين ، ثم اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين .
  يا علي : إني رأيت اسمك مقرونا باسمي في أربعة مواطن فأنست بالنظر إليه .

مكارم الأخلاق _ 445 _

  إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها لاإله إلا الله ، محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبريل : من وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فلما انتهيت إلى سدرة المنتهى وجدت مكتوبا عليها : إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، محمد صفوتي من خلقي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره ، فقلت لجبريل : من وزيري ؟ فقال : علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فلما جاوزت السدرة انتهيت إلى عرش رب العالمين فوجدت مكتوبا على قوائمه : أنا الله لا إله إلا أنا وحدي ، محمد حبيبي أيدته بوزيره ونصرته بوزيره .
  يا علي : إن الله تعالى أعطاني فيك سبع خصال : أنت أول من ينشق عنه القبر معي ، وأنت أول من يقف على الصراط معي ، وأنت أول من يكسى إذا كسيت ويحيي إذا حييت ، وأنت أول من يسكن معي في العليين ، وأنت أول من يشرب معي من الرحيق المختوم الذي ختامه مسك .
  ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لسلمان الفارسي رضي الله عنه .
  يا سلمان : إن لك في علتك إذا اعتللت ثلاث خصال : أنت من الله تعالى بذكر ودعاؤك فيها مستجاب ، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته عنك ، متعك الله بالعافية إلى إنقضاء أجلك .
 ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لابي ذر رضي الله عنه : يا أباذر : إياك والسؤال ، فإنه ذل حاضر وفقر تتعجله وفيه حساب طويل يوم القيامة .
  يا أباذر : تعيش وحدك ، وتموت وحدك ، وتدخل الجنة وحدك ، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وكفنك ودفنك .
  يا أباذر : لا تسأل بكفك شيئا وإن أتاك شيء فاقبله .
  ثم قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لاصحابه : ألا أخبركم بشراركم ؟ قالوا بلى يا رسول الله ، قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرقون بين الاحبة ، الباغون للبراء العيب .

مكارم الأخلاق _ 446 _

الفصل الرابع : ( في موعظة رسول الله صلى الله عليه وآله لابن مسعود )
  عن عبد الله بن مسعود قال : دخلت أنا وخمسة رهط من أصحابنا يوما على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقد أصابتنا مجاعة شديدة ولم يكن رزقنا منذ أربعة أشهر إلا الماء واللبن وورق الشجر ، فقلنا : يا رسول الله إلى متى نحن على هذه المجاعة الشديدة ؟
  فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لا تزالون فيها ما عشتم فاحدثوا لله شكرا ، فإني قرأت كتاب الله الذي أنزل علي وعلى من كان قبلي فما وجدت من يدخلون الجنة إلا الصابرون .
  ياابن مسعود : قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) .
  اولئك يجزون الغرقة بما صبروا. إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون .
  يا ابن معسود : قال الله تعالى : ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) ، اولئك يجزون الغرقة بما صبروا ، إني جزيتهم اليوم بما صبروا وأنهم هم الفائزون .
  يا ابن مسعود : قول الله تعالى : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) ، اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ، يقول الله تعالى : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء ، ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين ، قلنا : يا رسول الله فمن الصابرون ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الذين يصبرون على طاعة الله واجتنبوا معصيته الذين كسبوا طيبا وأنفقوا قصدا وقدموا فضلا فأفلحوا وأصلحوا .
  يا ابن مسعود : عليهم الخشوع والوقار والسكينة والتفكر واللين والعدل والتعليم والاعتبار والتدبير والتقوى والاحسان والتحرج والحب في الله والبغض في الله وأداء الامانة والعدل في الحكمة ، وإقامة الشهادة ومعاونة أهل الحق [ على المسئ ] والعفو عمن ظلم .
  يا ابن مسعود : إذا ابتلوا صبروا ، وإذا أعطوا شكروا ، وإذا حكموا عدلوا ، وإذا قالوا صدقوا ، وإذا عاهدوا وفوا ، وإذا أساؤوا استغفروا ، وإذا أحسنوا استبشروا و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، و إذا مروا باللغو مروا كراما ، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ، ويقولون للناس حسنا .
  يا ابن مسعود : والذي بعثني بالحق إن هؤلاء هم الفائزون .

مكارم الأخلاق _ 447 _

  يا ابن مسعود : فمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه ، فإن النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح ، فقيل : يا رسول الله فهل لذلك من علامة ؟ فقال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والانابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله فمن زهد في الدنيا قصر أمله فيها وتركها لاهلها .
  يا ابن مسعود : قول الله تعالى : ( ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) يعني أيكم أزهد في الدنيا إنها دار الغرور ودار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له ، إن أحمق الناس من طلب الدنيا ، قال الله تعالى : ( إعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الاخرة عذاب شديد ) ، وقال تعالى : وآتيناه الحكم صبيا يعني الزهد في الدنيا ، وقال تعالى لموسى ( عليه السلام ) : يا موسى لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني من الزهد ، يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين .
  وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته .
  يا ابن مسعود : انظر قول الله تعالى : ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ، ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون ، وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والاخرة عند ربك للمتقين ، وقوله : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا ، ومن أراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا .
  ياابن مسعود : من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ، ومن خاف النار ترك الشهوات ، ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات .
  ياابن مسعود : إقرأ قول الله تعالى : زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة الاية .
  ياابن مسعود : إن الله اصطفى موسى بالكلام والمناجاة حتى كان يرى خضرة البقل في بطنه من هزاله وما سأل موسى ( عليه السلام ) حين تولى إلى الظل إلا طعاما يأكله من الجوع .
  ياابن مسعود : إن شئت نبأتك بأمر نوح [ نبي الله ] ( عليه السلام ) إنه عاش ألف سنة

مكارم الأخلاق _ 448 _

  إلا خمسين عاما يدعو إلى الله ، فكان إذا أصبح قال : لا امسي ، وإذا أمسى قال : لا اصبح ، وكان لباسه الشعر وطعامه الشعير ، وإن شئت نبأتك بأمر داود ( عليه السلام ) خليفة الله في الارض ، كان لباسه الشعر وطعامه الشعير ، وإن شئت نبأتك بأمر سليمان ( عليه السلام ) مع ما كان فيه من الملك ، كان يأكل الشعير ويطعم الناس الحواري (1) ، وكان لباسه الشعر ، وكان إذا جنه الليل شد يده إلى عنقه فلا يزال قائما يصلي حتى يصبح ، وإن شئت نبأتك بأمر إبراهيم خليل الرحمن ( عليه السلام ) ، كان لباسه الصوف وطعامه الشعير ، وإن شئت نبأتك بأمر يحيى ( عليه السلام ) ، كان لباسه الليف وكان يأكل ورق الشجر ، وإن شئت نبأتك بأمر عيسى بن مريم ( عليه السلام ) فهو العجب ، كان يقول : إدامي الجوع وشعاري الخوف ولباسي الصوف ودابتي رجلاي وسراجي بالليل القمر واصطلائي في الشتاء مشارق الشمس وفاكهتي وريحانتي بقول الارض مما يأكل الوحوش والانعام ، أبيت وليس لي شيء وأصبح وليس لي شيء وليس على وجه الارض أحد أغنى مني .
  ياابن مسعود : كل هذا منهم يبغضون ما أبغض الله ويصغرون ما صغر الله ويزهدون ما أزهد الله وقد أثنى الله عليهم في محكم كتابه ، فقال لنوح ( عليه السلام ) : إنه كان عبدا شكورا ، وقال لابراهيم ( عليه السلام ) : واتخذ الله إبراهيم خليلا. وقال لداود ( عليه السلام ) : إنا جعلناك خليفة في الارض وقال لموسى ( عليه السلام ) : وكلم الله موسى تكليما .
  وقال أيضا لموسى ( عليه السلام ) : وقربناه نجيا ، وقال ليحيى ( عليه السلام ) : وآتيناه الحكم صبيا ، وقال لعيسى ( عليه السلام ) : يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا إلى قوله وإذا تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني ، وقال : انهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين .
  ياابن مسعود : كل ذلك لما خوفهم الله في كتابه من قوله : وإن جهنم لموعدهم أجمعين ، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ، وقال تعالى : وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون .
  ياابن مسعود : النار لمن ركب محرما والجنة لمن ترك الحلال ، فعليك بالزهد فإن ذلك مما يباهي الله به الملائكة وبه يقبل الله عليك بوجهه ويصلي عليك الجبار .

---------------------------
(1) الحواري ـ بالضم فالتشديد ـ : الدقيق الابيض .

مكارم الأخلاق _ 449 _

  ياابن مسعود : سيأتي من بعدي أقوام يأكلون طيبات الطعام وألوانها ويركبون الدواب ويتزينون بزينة المرأة لزوجها ويتبرجون تبرج النساء ، وزيهم مثل زي الملوك الجبابرة ، هم منافقو هذه الامة في آخر الزمان ، شاربوا القهوات ، لاعبون بالكعاب ، راكبون الشهوات ، تاركون الجماعات ، راقدون عن العتمات ، مفرطون في الغدوات ، يقول الله تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ) .
  ياابن مسعود : مثلهم مثل الدفلي زهرتها حسنة و طعمها مر ، كلامهم الحكمة وأعمالهم داء لا تقبل الدواء ، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها .
  ياابن مسعود : ما ينفع من يتنعم في الدنيا إذا أخلد في النار ، يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة هم غافلون ، يبنون الدور ويشيدون القصور ويزخرفون المساجد ، ليست همتهم إلا الدنيا عاكفون عليها معتمدون فيها ، آلهتهم بطونهم ، قال الله تعالى : ( وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون ، وإذا بطشتم بطشتم جبارين ، فاتقوا الله وأطيعون ) ، وقال الله تعالى : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه إلى قوله : أفلا تذكرون وما هو إلا منافق ، جعل دينه هواه وإلهه بطنه ، كل ما اشتهى من الحلال والحرام لم يمتنع منه ، قال الله تعالى : ( وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الاخرة إلا متاع ) .
  ياابن مسعود : محاريبهم نساؤهم وشرفهم الدراهم والدنانير ، وهمتهم بطونهم ، اولئك هم شر الاشرار ، الفتنة منهم وإليهم تعود .
  ياابن مسعود : إقرأ قول الله تعالى : أفرأيت إن متعناهم سنين ، ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ، ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون .
  ياابن مسعود : أجسادهم لا تشبع وقلوبهم لا تخشع .
  ياابن مسعود : الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء ، فمن أدرك ذلك الزمان [ ممن يظهر ] من أعقابكم فلا يسلم عليهم في ناديهم ولا يشيع جنائزهم ولا يعود مرضاهم ، فإنهم يستنون بسنتكم ويظهرون بدعواكم ويخالفون أفعالكم فيموتون على غير ملتكم ، اولئك ليسوا مني ولست منهم ( مكارم الاخلاق ـ 29 )

مكارم الأخلاق _ 450 _

  يا ابن مسعود : لا تخافن أحدا غير الله ، فإن الله تعالى يقول : أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ، ويقول : يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظروا نقتبس من نوركم ـ إلى قوله ـ وبئس المصير .
  ياابن مسعود : عليهم لعنة مني ومن جميع المرسلين والملائكة المقربين وعليهم غضب الله وسوء الحساب في الدنيا والاخرة ، وقال الله : لعن الذين كفروا من بني إسرائيل ـ إلى قوله ـ ولكن كثيرا منهم فاسقون .
  ياابن مسعود : اولئك يظهرون الحرص الفاحش والحسد الظاهر ويقطعون الارحام ويزهدون في الخير ، وقد قال الله تعالى : والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الارض اولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ، وقال تعالى : مثل الذين حملوا التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفار .
  ياابن مسعود : يأتي على الناس زمان الصابر فيه على دينه مثل القابض على الجمر بكفه ، فإن كان في ذلك الزمان ذئبا ، وإلا أكلته الذئاب .
  ياابن مسعود : علماؤهم وفقهاؤهم خونة فجرة ، ألا إنهم أشرار خلق الله ، وكذلك أتباعهم ومن يأتيهم ويأخذ منهم ويحبهم ويجالسهم ويشاورهم أشرار خلق الله يدخلهم نار جهنم صم بكم عمي فهم لا يرجعون ، ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ، كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ، إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور ، تكاد تميز من الغيظ ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب الحريق ، لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون .
  ياابن مسعود : يدعون أنهم على ديني وسنتي ومنهاجي وشرائعي إنهم مني برآء وأنا منهم برئ .
  ياابن مسعود : لا تجالسوهم في الملا ولا تبايعوهم في الاسواق ، ولا تهدوهم إلى الطريق ، ولا تسقوهم الماء ، قال الله تعالى : من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون ، يقول الله تعالى : ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الاخرة من نصيب ، ياابن مسعود : ما بلوى أمتي منهم العداوة والبغضاء والجدال اولئك أذلاء هذه الامة في دنياهم ، والذي بعثني بالحق ليخسفن الله