، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : ما من عبد مسلم يقول : لا إله إلا الله إلا صعدت وتخرق كل سقف ، لا تمر بشيء من سيئاته إلا طمستها حتى ينتهي إلى مثلها من الحسنات فيقف.
قال الصادق ( عليه السلام ) : قول لا إله إلا الله ثمن الجنة.
من ثواب الاعمال ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنها تهدم الذنوب ، فقالوا : يا رسول الله فمن قالها في صحته [ فمه ] ؟ قال : فذاك أهدم وأهدم إن لا إله إلا الله أمن للمؤمن في حياته وعند موته وحين يبعث.
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال : لا إله إلا الله مائة مرة كان أفضل الناس ذلك اليوم عملا إلا من زاد .
عن زيد بن أرقم ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال : من قال : لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة وإخلاصه بها أن يحجزه عما حرم الله عزوجل.
عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما قلت ولا قال القائلون قبلي [ كلمة أفضل من ] مثل لا إله إلا الله.
أبو عمران العجلي رفعه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما من مؤمن يقول : لا إله إلا الله إلا محت ما في صحيفته من السيئات حتى ينتهي إلى مثلها حسنات .
( في التكبير وغير ذلك )
عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : من كبر الله عند المساء مائة تكبيرة كان كمن أعتق مائة نسمة.
قال الرضا ( عليه السلام ) : كان أبي يقول : من قال : لا حول ولا قوة إلا بالله صرف الله عنه تسعة وتسعين نوعا من بلاء الدنيا أيسرها الخنق.
وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من قال إذا خرج من بيته بكرة : بسم الله لا حول ولا
قوة إلا بالله توكلت على الله قال الملكان : كفيت ووقيت وهديت ، فيقول الشيطان : كيف لي بعيد كفي ووقي وهدي .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال : يا الله يا الله عشر مرات قيل له : لبيك ما حاجتك ؟ ومن قال : يا رب عشر مرات ، قيل له : لبيك ما حاجتك ؟
ومن قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله سبعين مرة صرف الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء أيسرها الخنق ، قلت : جعلت فداك ما الخنق ؟ قال : لا يقتل بالجنون فيخنق .
عنه ، عن آبائه عليهم السلام قال : من قال في كل يوم ثلاثين مرة : لا إله إلا الله الملك الحق المبين استقبل الغنى واستدبر الفقر وقرع باب الجنة .
وقال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : مثل البيت الذي يذكر فيه الله والبيت الذي لا يذكر الله فيه كمثل الحي والميت .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده .
وسأله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) رجل : بأي سنن الاسلام وشرائعه تأمرني ؟ فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله.
من أمالي الشيخ ابن بابويه ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : بادروا إلى رياض الجنة ، قالوا : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر
(1) .
من الفردوس قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون .
ومن الامالي أيضا : إن الصاعقة لا تصيب ذاكر الله عزوجل.
من المحاسن ، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال : قال لقمان لابنه : يا بني : إحذر المجالس على عينك ، فإن رأيت قوما يذكرون الله عزوجل فاجلس معهم فإنك إن تكن عالما ينفعك علمك ويزيدوك ، وإن تكن جاهلا علموك ولعل الله أن يظلهم برحمة فيعمك معهم ، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تكن عالما لا ينفعك علمك ، وإن تكن جاهلا يزيدوك جهلا ولعل الله يظلهم بعقوبة فتعمك معهم .
---------------------------
(1) الحلق ـ بكسر ففتح أو بفتحتين ـ : جمع حلقة ، كقصعة ، وحلقة القوم : دائرهم .
مكارم الأخلاق
_ 312 _
من الروضة ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما جلس قوم يذكرون الله إلا ناداهم مناد من السماء : قوموا فقد بدلت سيئاتكم حسنات وغفر لكم جميعا ، وما قعد عدة من أهل الارض يذكرون الله إلا قعد معهم عدة من الملائكة ، وقال : ما جلس قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده.
سئل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أين رياض الجنة ؟ فقال : مجالس الذكر ، فاغدوا وروحوا في ذكر الله.
( في الصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام )
عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأكثروا الصلاة عليه ، فإنه من صلى على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة واحدة صلى الله عليه في ألف صف من الملائكة ولم يبق شيء مما خلق الله عزوجل إلا صلى على ذلك العبد لصلاة الله عليه وصلوات ملائكته ، فمن لا يرغب في هذا فهو جاهل مغرور قد برئ الله منه ورسوله [ وأهل بيته ].
عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أنا عند الميزان يوم القيامة ، فمن ثقلت سيئاته على حسناته جئت بالصلاة علي حتى اثقل بها حسناته .
عن الحارث الاعور ، عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : كل دعاء محجوب من السماء حتى يصلى على محمد وآله .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : وجدت في بعض الكتب من صلى على محمد نبيه كتب الله له مائة حسنة. ومن قال : صلى الله على محمد وأهل بيته كتب الله له ألف حسنة .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي .
وروي عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : من صلى علي من أمتي صلاة مخلصا من قلبه صلى الله عليه بها عشر صلوات ورفعه بها عشر درجات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات .
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : إرفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق .
مكارم الأخلاق
_ 313 _
( في الاستغفار والبكاء )
عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار .
عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : العجب ممن يقنط ومعه النجاة ، قيل : وما هي ؟ قال : الاستغفار .
من الفردوس ، قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ثلاثة أصوات يحبها الله عزوجل : صوت الديك وصوت الذي يقرأ القرآن وصوت المستغفرين بالاسحار .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال : أستغفر الله مائة مرة حين ينام بات وقد تحاتت الذنوب عنه [ كلها ] كما يتحات الورق عن الشجر ويصبح وليس عليه ذنب
(1) .
وعنه ( عليه السلام ) قال : من إستغفر الله عزوجل بعد العصر سبعين مرة غفر الله له ذلك اليوم سبعمائة ذنب ، فإن لم يكن له فلابيه ، فإن لم يكن لابيه فلامه ، فإن لم يكن لامه فلاخيه ، فإن لم يكن لاخيه فلاخته ، فإن لم يكن لاخته فللاقرب .
عن إسماعيل بن سهل قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني ( عليه السلام ) : علمني شيئا إذا أنا قلته كنت معكم في الدنيا والاخرة ؟ قال : فكتب بخطه ، أعرفه : أكثر من قراءة إنا أنزلناه ورطب شفتيك بالاستغفار .
عن جعفر ين محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : طوبى لمن وجد في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كل ذنب أستغفر الله .
قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا أكثر العبد من الاستغفار رفعت صحيفته وهي تتلالا .
وعنه ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يقوم من مجلس وإن خف حتى يستغفر الله خمسا وعشرين مرة وكان من أيمانه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا وأستغفر الله.
قال الصادق ( عليه السلام ) : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، والمقيم على الذنب وهو يستغفر كالمستهزئ .
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : إذا أحدث العبد ذنبا جدد له نعمة فيدع الاستغفار
---------------------------
(1) يقال : حت الورق عن الشجر : سقط ، وتحات الورق عنه : تناثر .
مكارم الأخلاق
_ 314 _
فهو الاستدراج ، وكان من أيمانه لا وأستغفر الله
(1) .
وقال ( عليه السلام ) : من أذنب من المؤمنين ذنبا أجل من غدوة إلى الليل فإن إستغفر لم يكتب عليه .
وقال ( عليه السلام ) : إن المؤمن ليذكره الله الذنب بعد بضع وعشرين سنة حتى يستغفر الله منه فيغفر له .
وعنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الاستغفار ) وقول ( لا إله إلا الله ) خير العبادة ، قال الله تعالى ( فاعلم أنه لا إله إلا الله وأستغفر لذنبك )
(2) .
عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لقائل بحضرته أستغفر الله : ثكلتك أمك أتدري ما الاستغفار ؟ إن الاستغفار درجة العليين وهو اسم واقع على ستة معان : أولها : الندم على مضى ، والثاني : العزم على ترك العود إليه أبدا ، والثالث : أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة ، والرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها ، والخامس : أن تعمد إلى اللحم الذي نبت من السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد ، والسادس : أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول : أستغفر الله.
من كتاب روضة الواعظين ، قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : في الارض أمانان من عذاب الله سبحانه وقد رفع أحدهما فدونكم الاخر فتمسكوا به ، أما الامان الذي رفع فهو رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وأما الامان الباقي فهو الاستغفار ، قال الله عزوجل ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون )
(3) ، ولا خير في الدنيا إلا لرجلين : رجل أذنب ذنبا فهو يتداركها بالتوبة ورجل يسارع إلى الخيرات ، ومن أعطى التوبة لم يحرم القبول ومن أعطى الاستغفار لم يحرم المغفرة ، وتصديق ذلك في كتاب الله عزوجل ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله
---------------------------
(1) الاستدارج : الارتقاء من درجة إلى درجة والمراد هنا أن العبد كلما جدد خطيئة جدد الله له نعمة فأنساه الاستغفار فيأخذه قليلا قليلا .
(2) سورة محمد : آية 21 .
(3) سورة الانفال : آية 33 .
مكارم الأخلاق ـ 315 ـ
يجد الله غفورا رحيما )
(1) ، وقال تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما )
(2) .
وعن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستغفر كل يوم سبعين مرة ، قيل : وكيف كان يقول ؟ قال ( عليه السلام ) : كان يقول : أستغفر الله سبعين مرة ويقول : أتوب إليه سبعين مرة .
عن الحسن بن حماد ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثنى رجليه
(3) : أستغفر الله [ العظيم ] الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ذا الجلال والاكرام وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر .
وفي خبر آخر من قاله في كل يوم غفر الله له أربعين كبيرة .
( في البكاء )
من الروضة : قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين : عين بكت من خشية الله ، وعين غضت عن محارم الله ، وعين باتت ساهرة في سبيل الله من عيون الاخبار : عن الرضا عليه السلام قال : من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون .
من كتاب روضة الواعظين ، قال الصادق ( عليه السلام ) : البكاؤون خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وعلي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) ، فأما آدم ( عليه السلام ) فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاودية ، وأما يعقوب ( عليه السلام ) فبكى على يوسف ( عليه السلام ) حتى ذهب بصره وحتى قيل له : تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ، وأما يوسف ( عليه السلام ) فبكى على يعقوب ( عليه السلام ) حتى تأذى منه أهل السجن فقالوا : إما أن تبكي بالنهار وتسكت بالليل وإما أن تبكي بالليل وتسكت بالنهار فصالحهم على واحد منهما .
وأما فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فبكت على أبيها حتى تأذى منها أهل المدينة وقالوا لها : قد أذيتنا بكثرة
---------------------------
(1) سورة النساء : آية 110 .
(2) سورة النساء : آية 21 .
(3) ثنى الشيء ـ كرما ودعا ـ : عطفه وطواه ورد بعضه على بعض .
مكارم الأخلاق _ 316 _
بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف .
وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين ( عليه السلام ) عشرين سنة أو أربعين وما وضع طعام بين يديه إلا بكى حتى قال مولى له : جعلت فداك ياابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين ، قال : إنما أشكو بثي
(1) وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة .
قال موسى ( عليه السلام ) : يا إلهي ما جزاء من دمعت عيناه من خشيتك ؟ قال : يا موسى أقي وجهه من حر النار وأؤمنه من الفزع الاكبر .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : لما حضرت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام الوفاة بكى ، فقيل : يا ابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي أنت به وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فيك ما قال ، وقد حججت عشرين حجة ماشيا وقد قاسمت ربك ما لك ثلاث مرات حتى النعل والنعل ، فقال ( عليه السلام ) : إنما أبكي لخصلتين : لهول المطلع وفراق الاحبة .
قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من بكى على ذنبه حتى تسيل دموعه على لحيته حرم الله ديباجة وجهه على النار .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : من خرج من عينيه مثل الذباب من الدمع من خشية الله آمنه الله به يوم الفزع الاكبر .
من كتاب زهد الصادق ( عليه السلام ) قال : أوحى الله إلى موسى ( عليه السلام ) : إن عبادي لم يتقربوا إلي بشيء أحب إلي من ثلاث خصال ، قال موسى ( عليه السلام ) : وما هي ؟ قال : يا موسى ، الزهد في الدنيا والورع عن المعاصي والبكاء من خشيتي ، فقال موسى ( عليه السلام ) : يا رب فما لمن صنع ذلك ؟ فأوحى الله إليه : يا موسى أما الزاهدون فاحكمهم في الجنة ، وأما البكاؤون من خشيتي ففي الرفيق الاعلى ، وأما الورعون عن المعاصي فإني أناقش الناس ولا أناقشهم .
عنه ( عليه السلام ) قال : بكى يحيى بن زكريا عليهما السلام حتى ذهب لحم خديه من
---------------------------
(1) البث : أشد الحزن الذي لا يصبر عليه صاحبه حتى يبثه .
مكارم الأخلاق _ 317 _
الدموع فوضع على العظام لبودا تجري عليها الدموع
(1) ، فقال له أبوه : يا بني إني سألت الله تعالى أن يهبك لي لتقر عيني بك ، فقال : يا أبت إن على نيران ربنا معاثر
(2) لا يجوزها إلا البكاؤون من خشية الله وأتخوف أن آتيه فيها فأزل ، فبكى زكريا عليه السلام حتى غشي عليه .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء ، ولو أن عبدا بكى في أمة لرحم الله تعالى تلك الامة لبكاء ذلك العبد .
وقال ( عليه السلام ) : إذا لم يجئك البكاء فباك ، فإن خرج من عينك مثل رأس الذباب فبخ بخ .
عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : ما من شيء إلا وله كيل ووزن إلا الدموع فإن العين إذا اغر ورقت بمائها حرمها الله على النار ، فإن سالت على الخد لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة أبدا ، وإن القطرة من الدموع تطفئ أمثال البحار من النار ، ولو أن رجلا بكى في أمة لرحموا .
وقال إبراهيم ( عليه السلام ) : إلهي ما لمن بل وجهه بالدمع من مخافتك ؟ قال : جزاؤه مغفرتي ورضواني .
عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : اطلب الاجابة عند اقشعرار الجلد وعند إفاضة العبرة وعند قطر المطر وإذا كانت الشمس في كبد السماء أو قد زاغت فإنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء ويرجى فيها العون من الملائكة والاجابة من الله تبارك وتعالى. وقال : إن التضرع والصلاة من الله تعالى بمكان إذا كان العبد ساجدا لله فإن سالت دموعه فهنالك تنزل الرحمة فاغتنموا في تلك الساعة المسألة وطلب الحاجة ، ولا تستكثروا شيئا مما تطلبون فما عند الله أكثر مما تقدرون ، ولا تحقروا صغيرا من حوائجكم فإن أحب المؤمنين إلى الله تعالى أسألهم .
---------------------------
(1) اللبد ـ بالكسر ـ : كل شعر أو صوف متلبد ، والجمع : لبود ـ كفلوس ـ واللبد ـ بالتحريك ـ : مصدر .
(2) لمعاثر ، جمع معثر : مواضع العثرة أي السقطة والزلة .
مكارم الأخلاق _ 318 _
ولقد دخل أبوجعفر ( عليه السلام ) على أبيه زين العابدين ( عليه السلام ) فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه قد اصفر لونه من السهر ورمصت عيناه من البكاء
(1) ودبرت جبهته وورمت ساقاه وقدماه من القيام في الصلاة ، فقال أبوجعفر ( عليه السلام ) : فلم أملك حين رأيته بتلك الحالة من البكاء فبكيت رحمة له ، وكان يفكر فالتفت إلي بعد هنيئة من دخولي فقال : يا بني : أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي ( عليه السلام ) ، فأعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
وكان علي بن الحسين عليهما السلام إذا توضأ اصفر لونه ، فقيل له : ما هذا الذي يغشاك ؟ فقال : أتدرون من أتأهب للقيام بين يديه ؟! .
وروي أن الكاظم ( عليه السلام ) كان يبكي من خشية الله حتى تخضل لحيته بالدموع
(2) .
الفصل الرابع :
( في نوادر من الصلوات )
( في الاستخارة )
قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا أردت أمرا فلا تشاور فيه أحدا حتى تشاور ربك ، قال : قلت له : وكيف أشاور ربي ؟ قال : تقول أسخير الله مائة مرة ثم تشاور الناس ، فإن الله يجري لك الخيرة
(3) على لسان من أحب .
من كتاب المحاسن ، عن الحلبي
(4) ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن المشورة لا تكون إلا بحدودها الاربعة فمن عرفها بحدودها وإلا كانت مضرتها على المستشير أكثر من منفعتها ، فأولها أن يكون الذي تشاوره عاقلا ، والثاني أن يكون حرا متدينا ،
---------------------------
(1) رمصت عينه : سال منها الرمص. والرمص ـ بالتحريك ـ : وسخ أبيض يجتمع في موق العين .
(2) خضل ـ كعلم ـ : ندى وابتل. وخضل : نداه وبله .
(3) الخيرة ـ بكسر فسكون أو فتح ـ : الخيار أي الاختيار ، وخيرة الشيء أو القوم : أفضله .
(4) هو يحيى بن عمران الاتي ذكره ، والرواية قد تكرر ولذا لم يذكر في بعض النسخ هذه الرواية هنا .
مكارم الأخلاق _ 319 _
والثالث أن يكون صديقا مواخيا ، والرابع أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك ثم يسر ذلك ويكتمه ، فإنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته ، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة ، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك إذا إطلعته عليه ، فإذا اطلعته على سرك فكان علمه كعلمك تمت المشورة وكملت النصيحة .
وعنه ( عليه السلام ) قال : استشيروا العاقل من الرجال الورع فإنه لا يأمر إلا بخير .
وإياك والخلاف فإن خلاف الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا .
عنه ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : مشاورة العاقل الناصح يمن ورشد وتوفيق من الله عزوجل ، فإذا أشار عليك الناصح العاقل فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب
(1) .
عن الحسن بن الجهم قال : كنا عند الرضا ( عليه السلام ) فذكرناه أباه ، فقال كان عقله لا توازي به العقول وربما شاور الاسود من سودانه
(2) ، فقيل له : تشاور مثل هذا ؟ فقال : إن الله تبارك وتعالى ربما فتح على لسانه ، قال : فكانوا ربما أشاروا عليه بالشيء فيعمل به في الضيعة والبستان .
عن الصادق ( عليه السلام ) قال : قيل لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ما الحزم ؟ قال : مشاورة ذوي الرأي واتباعهم .
عنه ( عليه السلام ) ومما أوصى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) به عليا ( عليه السلام ) قال : لا مظاهرة أوثق من المشاورة ولا عقل كالتدبير. وقال : إظهار الشيء قبل أن يستحكم مفسدة له .
عن يحيى بن عمران الحلبي قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن المشورة محدودة فمن لم يعرفها بحدودها كان ضررها أكثر من نفعها : فأول ذلك أن يكون الذي تستشيره عاقلا ، والثاني أن يكون حرا متدينا ، والثالث أن يكون صديقا مواخيا ، والرابع أن تطلعه على سرك فيكون علمه به كعلمك ، قال : ثم فسر ذلك فقال : إنه إذا كان عاقلا انتفعت بمشورته ، وإذا كان حرا متدينا أجهد نفسه في النصيحة لك ، وإذا كان صديقا مواخيا كتم سرك ، وإذا اطلعته على سرك فكان علمه كعلمك به أجهد في النصيحة وكملت المشورة .
---------------------------
(1) عطب ـ كعلم ـ عطبا بالتحريك : هلك .
(2) السودان والسود : جمع أسود ، والسودان أيضا : جيل من الناس ، أسود .
مكارم الأخلاق _ 320 _
عن عثمان بن عيسى ، عن بعض من حدثه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : من أحب الخلق إلى الله ؟ قال : أطوعهم لله ، قال : قلت : فمن أبغض الخلق إلى الله ؟
قال : من اتهم الله ، قلت : أو أحد يتهم الله ؟ قال : نعم ، من استخار الله فجاءته الخيرة بما يكره فيسخط ذلك فهو المتهم لله ( تمام الخبر ) .
وروى حماد بن عثمان عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال في الاستخارة : أن يستخير الله الرجل في آخر سجدة من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة يحمد الله ويصلي على النبي وآله صلى الله عليه وعليهم ، ثم يستخير الله خمسين مرة ، ثم يحمد الله تعالى ويصلي على النبي وآله صلى الله عليه وعليهم ويتم المائة والواحدة أيضا .
وسأله ( عليه السلام ) محمد بن خالد القسري عن الاستخارة ؟ فقال ( عليه السلام ) : استخر الله في آخر ركعة من صلاة الليل وأنت ساجدمائة مرة ومرة ، وقال : كيف أقول ؟
قال : تقول : أستخير الله برحمته ثلاث مرات .
وكان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يصلي ركعتين ويقول في دبرهما : أستخير الله مائة مرة ، ثم يقول : اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخري فيسره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني ، كرهت نفسي ذلك أم أحبت ، فإنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ثم يعزم .
وروي أن رجلا جاء إلى أبي عبد الله ( عليه السلام ) فقال له : جعلت فداك إني ربما ركبت الحاجة ثم أندم عليها ، فقال له : أين أنت من الاستخارة ؟ فقال الرجل : جعلت فداك فكيف الاستخارة ؟ فقال : إذا صليت صلاة الفجر بعد أن ترفع يديك حذاء وجهك : اللهم إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب فصل على محمد وآل محمد وخر لي في جميع ما عزمت به من أموري خيار بركة وعافية ثم يسجد سجدة يقول فيها مائة مرة : أستخير الله برحمته أستقدر الله في عافية بقدرته ثم ائت حاجتك فإنها خير لك على كل حال ولا تتهم ربك فيما تتصرف فيه .
من كتاب تهذيب الاحكام ، عن معاوية بن ميسرة ، عنه ( عليه السلام ) أنه قال : ما استخار الله عبد سبعين مرة بهذه الاستخارة إلا رماه الله بالخيرة ، يقول : يا أبصر الناظرين ويا أسمع السامعين ويا أسرع الحاسبين ويا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين صل على محمد وأهل بيته وخر لي في كذا وكذا .
مكارم الأخلاق _ 321 _
( في صلاة الاستخارة )
سأل الحسين بن الجهم أبا الحسن ( عليه السلام ) لابن أسباط
(1) فقال له : ما ترى [ له ] وابن أسباط حاضر ونحن جميعا نذكر البحر والبر إلى مصر وأخبره بخير طريق البر ، فقال له : فائت المسجد في غير وقت صلاة الفريضة فصل ركعتين واستخر الله مائة مرة ، ثم انظر إلى أي شيء يقع في قلبك فاعمل به ، فقال له الحسن : البر أحب إلي له ، قال : وإلي.
من كتاب المحاسن ، عن جابر ، عن الباقر ( عليه السلام ) قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام : إذا هم بأمر حج أو عمرة أو بيع أو شراء أو عتق تطهر ثم صلى ركعتي الاستخارة ، يقرأ فيهما سورة ( الحشر ) و ( الرحمن ) و ( المعوذتين ) و ( قل هو الله أحد ) ثم قال : اللهم إن كان كذا وكذا خيرا لي في دنياي وآخرتي وعاجل أمري وآجله فيسره لي رب أعزم لي على يسري وإن كرهت ذلك وأبته نفسي .
عن ناجية
(2) ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه كان إذا أراد شراء شيء من العبيد أو الدواب أو الحاجة الخفيفة والشيء اليسير استخار الله وقال فيه سبع مرات ، وإن كان أمرا جسيما استخار الله فيه مائة مرة .
( صلاة اخرى )
روي مرازم
(3) قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين وليحمد الله وليثن عليه ، ثم ليصل على محمد وآل محمد وليقل : اللهم إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره ، وإن كان هذا الامر على غير ذلك فاصرفه عني ، قال : فسألته : أي شيء أقرأ فيهما ؟ فقال : اقرأ [ فيهما ] ما شئت وإن شئت قرأت قل هو الله أحد و قل يا أيها الكافرون.
---------------------------
(1) لعل هو علي بن أسباط بن سالم الكندي بياع الزطي كوفي من أصحاب الرضا والجواد ( عليهما السلام )
(2) هو أبوحبيب ناجية بن أبي عمارة الصيداوي الاسدي من أصحاب الباقر والصادق ( عليهما السلام ) .
(3) هو مرازم بن حكيم المدائني مولى الازد ، من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام ثقة له أصل ، ( مكارم الاخلاق ـ 21 )
مكارم الأخلاق _ 322 _
( صلاة اخرى )
روى إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قلت له : ربما أردت الامر فتفرق مني فريقان : أحدهما يامرني والاخر ينهاني ، فقال ( عليه السلام ) لي : إذا كنت كذلك فصل ركعتين واستخر الله مائة مرة ومرة ، ثم انظر أحزم الامرين لك فافعله ، فإن الخيرة فيه إن شاء الله تعالى ، وليكن استخارتك في عافية فإنه ربما خير للرجل في قطع يده وموته وموت ولده وذهاب ماله .
( صلاة اخرى )
روى هارون بن خارجة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا أردت أمرا فخذ ست رقاع فاكتب في ثلاث رقاع منها بسم الله الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة افعل ، وفي ثلاث اخرى خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان ابن فلانة لا تفعل ، ثم ضعها تحت مصلاك ثم صل ركعتين ، فإذا فرغت فاسجد سجدة فقل فيها مائة مرة : أستخير الله برحمته خيرة في عافية ، ثم استو جالسا وقل : اللهم خر لي في جميع أموري في يسر منك وعافية ، ثم اضرب بيدك على الرقاع فشوشها واخرج واحدة واحدة فإن خرج ثلاث متواليات افعل فافعل الامر الذي تريده ، وإن خرج ثلاث متواليات لا تفعل فلا تفعله ، وإن خرجت واحدة افعل والاخرى لا تفعل فاخرج من الرقاع إلى خمس فانظر أكثرها فاعمل به ودع السادسة لا تحتاج إليها .
( برواية اخرى )
عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال : كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا عزم بحج أو عمرة أو عتق أو شراء عبد أو بيع تطهر وصلى ركعتي الاستخارة وقرأ فيهما سورة الرحمن وسورة الحشر ، فإذا فرغ من الركعتين استخار الله مائتي مرة ، ثم قرأ قل هو الله أحد و المعوذتين ثم قال : اللهم إني قد هممت بأمر قد علمته فإن كنت تعلم أنه خير لي في ديني ودنياي وآخرتي فاقدره لي وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ودنياي وآخرتي فاصرفه عني ، رب اعزم لي على رشدي وإن كرهت
مكارم الأخلاق _ 323 _
نفسي ذلك أو أحبت ببسم الله الرحمن الرحيم ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله حسبي الله ونعم الوكيل ثم يمضي ويعزم .
( صلاة اخرى )
روى محمد بن يعقوب ، عن علي بن محمد رفعه ، عن بعضهم عليهم السلام أنه قال لبعض أصحابه وقد سأله عن الامر يمضي فيه من لا يجد أحدا يشاوره فكيف يصنع ؟
فقال : شاور ربك ، قال : فقال له : كيف ؟ قال : إنو الحاجة في نفسك واكتب رقعتين ، في واحدة لا وفي واحدة نعم ، واجعلهما في بندقتين من طين
(1) ، ثم صل ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل : يا الله إني أشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير فأشر علي بما فيه خير وصلاح وحسن عافية ، ثم ادخل يدك واخرج واحدة فإن كان فيها نعم فافعل وإن كان فيها لا فلا تفعل ، هكذا تشاور ربك .
( صلاة اخرى )
عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يعلمنا الاستخارة كما يعلمنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الامر ( وتسميه ) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره وبارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث ما كان ثم رضني به .
من كتاب المحاسن ، عن مسعدة بن صدقة قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : ليجعل أحدكم مكان قوله : ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ) اللهم إني أستخيرك برحمتك وأستقدرك الخير بقدرتك عليه ، وذلك لانه في قوله : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك للخير والشر فإذا شرطت في قولك كان ذلك شرطك إن إستجيب لك ولكن قل : اللهم إن أستخيرك برحمتك وأستقدرك
---------------------------
(1) البندق ـ كقنفذ ـ واحدته بندقة : جسم صغير كروي من طين أو رصاص يرمي به .
مكارم الأخلاق _ 324 _
الخير بقدرتك عليه إنك عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ، فأسألك أن تصلي على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم إن كان هذا الامر الذي أريده خيرا لي في ديني ودنياي وآخرتي فيسره لي وإن كان غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه .
عن مسعدة ، عن جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : كان بعض آبائي يقول : اللهم لك الحمد كله وبيدك الخير كله ، اللهم إني أستخيرك برحمتك وأستقدرك الخير بقدرتك عليه إنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ، اللهم فما كان من أمر هو أقرب من طاعتك وأبعد من معصيتك وأرضى نفسك وأقضى لحقك فيسره لي وما كان من غير ذلك فاصرفه عني واصرفني عنه فإنك لطيف لذلك والقادر عليه .
عن عمرو بن حريث قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : صل ركعتين واستخر الله ، فوالله ما استخار الله تعالى مسلم إلا خار الله له البتة.
( صلاة القرعة في المصحف )
يصلي صلاة جعفر رضي الله عنه ، فإذا فرغ دعا بدعائها ، ثم يأخذ المصحف ثم ينوي فرج آل محمد بدءا وعودا ، ثم يقول : اللهم إن كان في قضائك وقدرك أن تفرج عن وليك وحجتك في خلقك في عامنا هذا وشهرنا هذا فأخرج لنا رأس آية من كتابك نستدل بها على ذلك ، ثم يعد سبع ورقات ويعد عشر أسطر من ظهر الورقة السابعة وينظر ما يأتيه في الحادي عشر من السطور ثم يعيد الفعل ثانيا لنفسه ، فإنه يتبين حاجته إن شاء الله.
ومن كتاب تهذيب الاحكام عن اليسع القمي
(1) قال : قلت لابي عبد الله ( عليه السلام ) : أريد الشيء فأستخير الله تعالى فيه فلا يوفق الرأي ، أفعله أو أدعه ؟ فقال : انظر إذا قمت إلى الصلاة فإن الشيطان أبعد ما يكون من الانسان إذا قام إلى الصلاة فأي شيء يقع في قلبك فخذ به ، وافتح المصحف فانظر إلى أول ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله تعالى .
---------------------------
(1) الظاهر أن اليسع بن اليسع الاشعري القمي ، ويحتمل أن يكون هو أبوعلي اليسع بن عبد الله القمي ، كلاهما من أصحاب الصادق ( عليه السلام ) ورويا عنه .
مكارم الأخلاق _ 325 _
( في طلب الحاجة )
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : من خرج من بيته وقلب خاتمه إلى بطن كفه وقرأ : إنا أنزلناه في ليلة القدر ثم قال : آمنت بالله وحده لا شريك له ، آمنت بسر آل محمد وعلانيتهم لم ير في يومه ذلك شيئا يكرهه .
( في صلاة الحاجة )
عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال : إن أحدكم إذا مرض دعا الطبيب وأعطاه ، وإذا كانت له حاجة إلى سلطان رشا البواب وأعطاه ، ولو أن أحدكم إذا فدحه أمر فزع إلى الله تعالى وتطهر وتصدق بصدقة قلت أو كثرت ثم دخل المسجد فصلى ركعتين فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وأهل بيته ، ثم قال : اللهم إن عافيتني من مرضي أو رددتني من سفري أو عافيتني مما أخاف من كذا وكذا لاتاه الله ذلك وهي اليمين الواجبة وما جعل الله تعالى عليه في الشكر .
( صلاة اخرى )
إذا إنتصف الليل فاغتسل وصل ركعتين تقرأ في الاولى ( فاتحة الكتاب ) وسورة الاخلاص خمسمائة مرة وفي الثانية مثلها وحين تفرغ من القراءة في الثانية تقرأ آخر الحشر وست آيات من أول الحديد وقل بعد ذلك وأنت قائم : إياك نعبد وإياك نستعين ألف مرة ثم تركع وتسجد وتتشهد وتثني على الله تعالى ، فإن قضيت الحاجة وإلا ففي الثانية وإلا ففي الثالثة .
( صلاة اخرى )
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إذا حضرت لك حاجة مهمة إلى الله عزوجل فصم ثلاثة أيام متوالية : الاربعاء والخميس والجمعة ، فإذا كان يوم الجمعة إن شاء الله فاغتسل والبس ثوبا جديدا ثم اصعد إلى أعلى بيت في دارك فصل فيه ركعتين وارفع يديك إلى السماء ثم قل : اللهم إني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيتك وصمدانيتك وأنه لا قادر على حاجتي غيرك فقد علمت يا رب أنه كلما تظاهرت نعمك علي اشتدت فاقتي إليك وقد طرقني هم كذا وكذا وأنت بكشفه عالم غير معلم ، واسع غير متكلف