--------------------------- (1) البحار : 89 | 365 ح 59 ، البلد الامين : 523 ، الجنة الواقية : 179 . الاسرار الفاطمية _ 352 _
* وروي أن عليا عليها السلام أستقرض من يهودي شعيرا ، فاسترهنه شيئا فدفع إليه ملاءة (2) فاطمة ، رهنا ، وكانت من الصوف فأدخلها اليهودي إلى داره ووضعها في البيت . فلما كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة بشغل ، فرأت نوراً ساطعاً في البيت أضاء به كله فانصرفت إلى زوجها ، فأخبرته بأنها رأت في ذلك البيت ضوءاً عظيماً فتعجب اليهودي من ذلك وقد نسي ان في بيته ملاءة فاطمة . فنهض مسرعاً ودخل البيت فاذا ضياء الملاءة ينشر شعاعها كأنه يشتعل من بدر منير ، يلمع من قريب فتعجب من ذلك ، فأنعم النظر في موضع الملاءة ، فعلم ان ذلك النور من ملاءة فاطمة عليها السلام ، فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه وزوجته تعدوا إلى أقربائها --------------------------- (1) ينابيع المودة : 367 . (2) الملاءة ـ بالضم والمد ـ : الازار والريطة . الاسرار الفاطمية _ 353 _
فاجتمع ثمانون من اليهود فرأوا ذلك فأسلموا كلهم (1) . * وعن سلمان الفارسي : انه لما استخرج امير المؤمنين من منزله ، خرجت فاطمة حتى انتهت إلى القبر ، فقالت خلوا عن ابن عمي فوالذي بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه لا نشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على رأسي ، ولأصرخن إلى الله ، فما ناقة صالح بأكرم على الله من ولدي ، قال سلمان : فرأيت والله اساس حيطان المسجد تقلعت من اسفلها ، حتى لو اراد الرجل ان ينفذ من تحتها نفذ فدنوت منها وقلت : يا سيدتي ومولاتي : ان الله تبارك وتعالى بعث اباك رحمة فلاتكوني نقمة ، فرجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في غياشيمنا (2) . اخلاقها عليها السلام تجدست في شخصية فاطمة عليها السلام مختلف ابعاد الاخلاق الاسلامية التي دعت واكدت عليها التعاليم القرآنية ، ولقد ضربت المثل الاعلى للمرأة المؤمنة الكاملة ، وهذا مانراه واضحا ، وجليا من خلال استقراء سيرتها عليها السلام وفي مختلف الابعاد الانسانية ، فقد ورد عن علي عليه السلام قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : اخبروني أي شيء خير للنساء ؟ فعيينا بذلك حتى تفرقنا ، فرجعت إلى فاطمة ، فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس أحد منا علمه ، ولاعرفه . قالت : ولكني أعرفه : خير للنساء ان لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت يا رسول الله ، سألتنا : أي شيء خير للنساء ؟ وخيرهن ان لايرين الرجال ولايراهن الرجال ، قال : من اخبرك ، فلم تعلمه وأنت عندي ؟ قلت فاطمة فأعجب ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال ان فاطمة بضعة مني (3) . --------------------------- (1) المناقب : 3 | 117 ، والخرائج والجرائح : 357 ح 13 . (2) المناقب : 3 | 118 . (3) كشف الغمة : 1 | 466 ، مقتل الخوارزمي : 1 | 62 ، حلية الأولياء : 2 | 40 أرجح المطالب : 244 ، اسعاف الراغبين : 187 . الاسرار الفاطمية _ 354 _
أقول : والذي يظهر من هذه الاحاديث ان فاطمة حددت الضابطة الكلية التي فيها خير المرأة والصلاح لها في الحياة الدنيا والاخرة ذلك هو ان لا يرى المراة رجل ولاترى رجل ، وفي أمر ورد ايضا عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام استأذن
أعمى على فاطمة عليها السلام فحجبته . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لها : لم حجبته وهو لا يراك ؟ فقالت عليها السلام : ان لم يكن يراني فأني أراه ، وهو يشم الريح ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أشهد انك بضعة مني (1) . وسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عن المرأة ، ماهي ؟ قالوا : عورة : قال فمتى تكون أدنى من ربها ؟ فلم يدروا ، فلما سمعت فاطمة عليها السلام ذلك قالت : أدنى ما تكون من ربها أن تلزم قعر بيتها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن فاطمة بضعة مني (2) . أقول : يظهر من هذا الحديث ان الرسول سأل اصحابه ولم يكن فيهم علي عليه السلام ، وهذا معارض للحديث الأوّل من حيثية وجود علي عليه السلام ، فالحديث الأوّل بين ان الإمام علي يعرف جواب السؤال الذي سأله الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا مخالف لكثير من الاحاديث التي تبين مقام علي عليه السلام العلمية ولذا سيكون من حيث الدلالة الحديث الاخير الذي قدمناه وهو الاصح ، وإلاّ لو كان علي عليه السلام حاضرا لأجاب على سؤال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وخاصة نحن نعلم ان علي عليه السلام وفاطمة احدهما كفوا للاخر في كل الأمور التي أقرأتها الاحاديث التي وردت عن السان المعصومين عليهم السلام . وأعطي لك شاهداً واحداً من خلال استقراء احاديث العلماء والصالحين في قضية اخلاق فاطمة الزهراء عليها السلام تاركا لك مراجعة أقوال الاخرين فضلا عن احاديث أهل البيت الذي هي بحر عميق لمن اراد الغوص فيه واستخراج الدرر المتناثرة فيه ، ومن هذه الاقوال (3) . لم تكن الزهراء امراة عادية كانت امرأة روحانية امرأة ملكوتية ... كانت انسانا بتمام معنى الكلمة نسخة انسانية متكاملة ... امرأة حقيقية كاملة ... حقيقة الإنسان الكامل ، لم امراة عادية ، بل هي كائن ملكوتي تحلى في الوجود بصورة --------------------------- (1) نوادر الراوندي : 13 . (2) البحار : 43 | 92 . (3) المرأة في فكر الإمام الخميني : 23 ـ 24 . الاسرار الفاطمية _ 355 _
انسان ... بل كائن الهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة ... فقد اجتمعت في هذه المرأة جميع الخصال الكمالية المتصورة للانسان وللمرأة . انها المرأة التي تتحلى بجميع خصال الانبياء ... المرأة التي لو كانت رجلا لكانت نبيا ... لو كانت رجلا لكانت بمقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . غدا يوم المرأة حيث ولدت جميع ابعاد منزلتها وشخصيتها ، غدا ذكرى مولد كائن الذي اجتمعت فيه المعنويات ، والمظاهر الملكوتية ، والالهية والجبروتية والملكية والانسية ، غدا ميلاد الإنسان لجميع الانسانية من معنى ، غدا ميلاد امرأة بكل ما تحمله كلمة ( المرأة ) من معنى ايجابي . ان المرأة تتسم بأبعاد مختلفة كما هو الرجل ، وان هذا المظهر الصوروي الصبيعي يمثل ادنى مراتب المرأة ، وادنى مراتب الرجل ، بيد ان الإنسان يسمو في مدارج الكمال انطلاقا من هذه المرتبة المتدنية ، فهو في حركة دؤوبة من مرتبة الطبيعة إلى مرتبة الغيب ، إلى الفناء في الالهية وان هذا المعنى متحقق في الصديقة الزهراء ، التي انطلقت في حركتها من مرتبة الطبيعة وطوت مسيرتها التكاملية بالقدرة الالهية ، بالمدد الغيبي وبتربية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتصل إلى مرتبة دونها الجميع . امرأة هي مغفرة بيت النبوة وتسطع كما تسطع الشمس في جبين الاسلام العزيز ، امرأة تماثل فضائلها الرسول الاكرم والعترة الطاهرة غير متناهية ... امراة لا يفي حقها من الثناء كل من يعرفها مهما كانت نظرته ، ومهما ذكر لأن الاحاديث التي وصلتنا عن بيت النبوة هي على قدر أفهام المخاطبين ، واستيعابهم فمن غير الممكن صب البحر في جرة ، ومهما تحدث عنها الاخرون فهو على قدر فهمهم ولا يضاهي منزلتها . اذن فمن الاولى ان نمر سريعا من هذا الوادي العجيب . وكانت الصديقة فاطمة عليها السلام عادية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ، فمتى ما كانت تقوم في محرابها بين يدي الله تعالى ، زهر عند ذلك نورها لملائكة السماوات والأرض كما نير هو نور الكواكب لأهل الأرض (1) ، وروت هي سلام الله عليها انها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ان في الجمعة لساعة لا يراقبها رجل مسلم يسأل الله عزوجل فيها خيرا إلاّ اعطاه اياه ، فقلت : يا رسول الله أي ساعة هي ؟ قال اذا تدلى --------------------------- (1) امالي الصدوق : 394 ح 18 بشارة المصطفى : 218 . الاسرار الفاطمية _ 356 _
نصف عين الشمس للغروب . لذا نجدها سلام الله عليها كانت تقول لغلامها اصعد على الظراب فاذا رأيت نصف عين الشمس قد تدلى للغروب فاعلمني حتى ادعوا ولذلك نجد في كتب الادعية والزيارة استحباب قراءة دعاء السمات اخر ساعة من يوم الجمعة تأسيا بما ورد عن لسان فاطمة عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وورد عن الإمام الحسن عليها السلام انه قال : رأيت أمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى انصع عمود الصبح وسمعتها تدعو للمؤمنين وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولاتدعو لنفسها بشيء فقلت لم لهذا يا اماه ، لم لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بني الجار ثم الدار (1) ، واخيرا قول الحسن البصري الذي قال في حقها عليها السلام : ( ما كان في هذه الأمة اعبد من فاطمة عليها السلام كانت تقوم حتى تتورم قدماها ) (2) . --------------------------- (1) علل الشرايع : 1 | 181 ح 1 ، دلائل الإمامة (56) . (2) المناقب : 3 | 119 ، ربيع الابرار : 2 | 104 . الاسرار الفاطمية _ 357 _
المستوى الثالث : المعرفة العلمية والفكرية لها عليها السلام
--------------------------- (1) البحار : ج 43 | ص 216 ، عن الديوان المنسوب لأمير المؤمنين انشدها بعد وفاة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام ولم يذكر الجامع للديوان المنسوب لامير المؤمنين عليه السلام من هذه القصيدة سوى ثلاثة ابيات فقط . الاسرار الفاطمية _ 358 _
على فلتات لسانه وصفحات وجهه ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام ذلك في نهج البلاغة ( تكملوا تعرفوا فان المرء مخبوء تحت طيات لسانه ) فالكلمة تعرف حقيقة الإنسان وطبيعة شخصية يكون عبر توجيه بعض الاسئلة إليه ومن خلال الجواب عليها يظهر طبع شخصيتها وحقيقتها ومدى سعتها واستيعابها ، وهل هي شخصية عالية ذا همة كبيرة ام لا ؟ وغير ذلك من الامور المعمة ، ذلك ان الكلمة التي تخرج من الفم تحمل معها صورة قائلها ونبضات قلبه ، وخلجات نفسه ودخائل شخصيته ، وهذه حقيقة معروفة لدى علماء النفس والتربية والاجتماع ، كل ذلك نقوله لكي نهتدي إلى سواء السبيل . وعلى هذا الاساس اننا نهتدي إلى معرفة الشخصية العلمية والفكرية بها سلام الله عليها من خلال عدة امور مهمة ومن خلالها نعبر إلى شخصيتها وندخل في فهم حقيقتها وهذه الامور هي : الأمر الأوّل : يمكن معرفة شخصيتها من خلال سيرتها الذاتية التي يرويها لنا أهل البيت عليهم السلام والاقربون من ذويها ، ذلك لأنّ أهل البيت ادرى بما فيه وأه مكة ادرى بشعابها كما يقول المثل . إذ ان هناك امور في الحياة صحيحة وثابته وفق مقاييس العقل والبرهان ولا تحتاج إلى اثبات اثبات احقيتها واصحيتها إلى دليل من الخارج ولا تحتاج إلى اثبات صحة دعواها ايضا إلى شاهد فدليلها مستمد منها ، ومن هذهالامور الثابتة في حيات الإنسان الكامل ( فاطمة الزهراء ) هي سيرتها الذاتية التي تثبت من خلالها معرفتها الحقيقية فهذه السيرة هي السبيل الصحيح للوقوف على حياتها عليها السلام ، فهي الضابط والمعاير الصحيح للحكم عليها من خلالها . فالإنسان لايعرف المعرفة الصحيحة إلاّ من خلال هذه السيرة على وجه الدقة اما بقية المسائل الاخرى في حياة المسائل الاخرى في حياة الإنسان من الشعارات والاطروحات والادلة والشواهد وغير ذلك لاتمثل سوى الجانب النظري من حياة الإنسان الشخصية ، ومدى صدق هذه الدعوى الاسرار الفاطمية _ 359 _
فهي متروكة للجانب التطبيقي في حياته ، اذن السيرة الذاتية الصديقة الطهرة تمثل جانب تطبيقي من حياتها الشخصية على كافة المستويات ، ولا نريد الوقوف مع السيرة الذاتية لفاطمة عليها السلام في هذا الكتاب بصورة تفصيلية حيث قد اعطينا بعض النماذج للسيرة الذاتية له في نفس هذا الكتاب هذه النماذج ، على شكل امور متناثرة في طيات البحوث فلانقف تفصيليا معها هنا . *الأمر الثاني : يمكن ان نعرف شخصيتها من خلال مواقفها لأنّ الموقف عمل والعمل ماهو إلاّ انعكاس لطبيعة شخصية الفرد وهذا ما اثبته التاريخ الاسلامي لفاطمة عليها السلام حيث اخبرنا بمواقفها الفذة في جميع الحالات التي مرت بها . فعندما كانت قريش تؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتتعرض له بأنواع المواجهة كانت الزهراء عليها السلام تقف إلى جانبه صابرة محتسبة ، فيدخل إلى البيت وقد حثى الكافرون التراب على رأسه الشريف ، فتستقبله الزهراء عليها السلام وتغسل التراب عن رأسه وهي باكية ، فيقول لها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : لا تبكي فان الله نصار أباك ، وعندما رمى أبو لهب رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم بروث البقر اندفعت فاطمة عليها السلام لتذب عن أبيها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وتسمع ابا لهب من الكلام ما يتوقف خلاله من الاندفاع بالسخرية برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . كما انها عليها السلام التحقت بأبيها صلى الله عليه وآله وسلم بعد هجرته إلى المدينة مجازفة بحياته ومضحية ، بروحها في سبيل نصر الاسلام واعزاز مبادئه المثلى ، ولا يمكن ان يغفل دورها في الوقوف إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام دعوته المباركة ، تؤنسه وتزيح عنه الهموم والآلام ، وتعيد البسمة إلى وجهه المبارك اذا اشتدت عليه الخطوب . اضف إلى مواقفها الرسالية ايام الحروب وهي صغيرة السن بعد ، ففي معركة أحد تكسر رباعية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويشج جبينه ، فتقبل الزهراء عليها السلام لتغسل وجهه ، وتزيل الدماء عن محياه ، وتعالج نزيف جراحاته ، فقد جاء في صحيح مسلم : ( قال سهل بن سعد : جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة عن رأسه ، فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تغسل الدم ، وكان علي بن أبي طالب الاسرار الفاطمية _ 360 _
يسكب عليها بالمحن ، فلما رأت فاطمة ان الماء لايزيد الدم إلاّ كثرة ، اخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم الصقته بالجرح فاستمسك الدم ) .
ونقل ابي نعيم في ( حلية الأولياء ) عن أبي ثعلبة انه قال : ( قدم رسول الله من غزاة له ، فدخل المسجد فصلى فيه ركعتين ، ثم خرج فأتى فاطمة عليها السلام فبدأ به قبل بيوت ازواجه ، فاستقبلته فاطمة عليها السلام وجعلت تقبل عينيه ووجهه وتبكي ) والاعجب من ذلك ان فاطمة عليها السلام كانت تهيء لابيها صلى الله عليه وآله وسلم السلاح في المعركة التي جرت في اليوم القادم . وفي معركة الخندق تقبل على ابيها بأقراص من الخبز معدودة بعد ان بقى اياما بلا طعام ، فجاء في ذخائر العقبى : ( روي عن علي عليه السلام في حفر الخندق عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان فاطمة عليها السلام جاءت إليه بكسرة من خبزٍ فرفعتها إليه فقال : ما هذه يا فاطمة ؟ قالت : من قرص اختبزته لابنتي جئتك منه بهذه الكسرة . فقال : يابنية اما انها لاول طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث ) . وفي الفتح المبين نرى الزهراء عليها السلام تضرب لا بيها صلى الله عليه وآله وسلم خيمة وتهيء له طعاما ليستحم ويغتسل حتى يزول عن جسده المبارك غبار الطريق ، ويرتدي ثيابا نظيفة يخرج بها لإلى المسجد الحرام ، ومن موقع الامومة وكونها زوجة وفية مخلصة لعلي عليه السلام نرى انها عليها السلام زهدت في الدنيا وترفعت عن الدنيا ، ولم يكن لها من هم إلاّ تحمل المسؤولية الالهية بجدارة واستحقاق وتجسيد الصفات الالهية كأمثل ما يكون . فيروى ان علياً عليه السلام قد اشترى لها عقدا عليها السلام من اموال الفيء ، وتقلدته الزهراء عليها السلام وتقبلت هذه الهدية من زوجها بسرور ، وبينما هي متقلدة ذلك واذا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتي لزيارتها ، فسلمت عليه وسلم عليها ، إلاّ انها وعلى غير المعتاد رأت مسحة من الحزن يقولون ابنة محمد تلبس لباس الجبابرة ، ويوصيها ا تذخر ذلك لاخرتها لتكون اسوة في الزهد ومثالا للايثار والقناعة ، فتنزع الزهراء عليها السلام ذلك العقد وتتصدق بثمنه في سبيل الله وهي مليئة بالرضا والقناعة . ويروى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدخل يوما على فاطمة عليها السلام فيراها قد علقت سترا على احد الأبواب لتزين الدار ، فيتألم رسول الله عليها السلام لذلك ويقول لابنته : ( اني لا احب ان يأكل أهل بيتي طيباتهم في حياتهم الدنيا ) . فتبادر الزهراء عليها السلام من حينها للقيام ونزع الستر ممتثلة اوامر أبيها ، ومن اورع امثلة الاسرار الفاطمية _ 361 _
للايثار ماطفحت به كتب الحديث والتفسير من تقديم الزهراء عليها السلام وزوجها وولديها لطعامهم لثلاثة ايام متوالية لمسكين ويتيم واسير وبقائهم جياعا طيلة هذه المدة قربة لوجه الله الكريم ، فنزل بشأنهم : ( ان الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ، عينا يشرب بها عباد الله ويفجرونها تفجيرا ، يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيرا ، ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا ، انم نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاءا ولا شكورا ) . ومن المواقف التي خلدت من خلالها الزهراء عليها السلام الزهد والايثار والقناعة انها عليها السلام قد طلبت من ابيها صلى الله عليه وآله وسلم ان يكون مهرها الشفاعة للمذنبين من امته يوم القيامة ، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخبرا اياه بتلبية الله تعالى لطلب فاطمة عليها السلام وبما ان درع علي عليه السلام كان المهر التقليدي لفاطمة عليها السلام فان اغلى قيمة ذكرت لذلك الدرع هي خمسمائة درهم (1) . * الأمر الثالث : وتستطيع معرفة فاطمة وشخصيتها الربانية من خلال نور كلامها الشريف الذي هو عبارة عن صورة حقيقية والنعكاس صادق لشخصيتها الالهية ، فمن خلال اقوالها وكلماتها نستطيع ان نستدل عليها ، ونكتشف حقيقتها في سهولة ويسر وبساطة ، ولقد تجلت انوار كلماتها المضيئة في مختلف أبواب العلوم والفنون كعلم الفقه والاخلاق وسائر العلوم الاخرى التي تكلمت فيها ، او عه عنها على اختلاف انواعها من علوم رتيبة او غريبة ظاهرة او باطنة ، نقلية او عقلية ، علمية او ادبية انسانية او طبيعية الهية او دنيوية فانها سلام الله عليها قد كشف القناع عن الكثير من الأسرار التي تخص هذا الوجود وبينت الكثير من عجائبه وفي كل ذلك نستطيع ان نلتمس منه وفيه شيئا يسيرا من معرفتها سلام الله عليها اما انوار كلامها فهذا ما بينته الكثير من الكتب الروائية التي نقلت لنا بين طياتها احاديثها وعد ذاتها احرازها وادعيتها وولايتها وغير ذلك فراجع المطويات للاطلاع والوقوف على هذه الأنوار الفاطمية . --------------------------- (1) السفينة : 5 ( الشيخ جعفر الباقري ) . الاسرار الفاطمية _ 362 _قصيدة للشيخ المنصوري
الاسرار الفاطمية _ 363 _
المستوى الرابع : المعرفة النورانية لها عليها السلام وذلك بالاطلاع على حقيقة نورها سلام الله عليها والمبدأ الذي منه انحدر وفيه علا ذلك النور ، ويمكن مراجعة الكثير من الروايات الواردة في المقام لكي تعرف هذه المعرفة النورانية لها والتي هي كفوا لعلي عليه السلام والذي يقول هو نفسه عليه السلام عندما سأله أبوذر الغفاري وسلمان رضوان الله عليهما عن معرفته بالنورانية فقال عليه السلام . ( انه لا يستكمل احد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فاذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان وشرح صدره اللاسلام وصار عرافا مستبصرا ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك مرتاب ). يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك يأ أمير المؤمنين ، قال عليه السلام : معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل ، معرفة الله عزوجل ، ومعرفة الله عزوجل ومعرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى : ( وما امروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له حنفاء ويقيمون الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) . إلى ان يقول عليه السلام : ( يا سلمان ويا جندب ، قالا : لبيك صلوات الله عليك ، قال عليه السلام : أنا أمير كل مؤمنن ومؤمنة ممن مضى وممن بقي ، وايدت بروح العظمة ، وانما انا عبد من عبيد الله لا تسمونا اربابا وقولوا في فضلنا ماشئتم فانكم لن تبلغوا من فضلنا كنه ما جعله الله لنا ، ولا معشار العشر ) . وهذا يؤيده على ما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة ( من عرفكم فقد عرف الله ) اى ان معرفتكم من شأنها ان تؤدي إلى معرفة الله تعالى لانهم هم الدالين عليه تعالى لذا ورد في الحديث عن جابر عن عبدالله الأنصاري يقول : ( سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول : انما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف وعرف امامه منا أهل البيت وعن لا يعرف الله عزوجل ولا يعرف الإمام منا أهل البيت فانما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا ) (1) . اذن معرفة فاطمة بالنورانية --------------------------- (1) الكافي : 1 | 181 ح 4 . الاسرار الفاطمية _ 364 _
كمعرفة علي عليه السلام بالنورانية ( نحن أهل البيت عجنت طينتنا بيد العناية بعد رش علينا فيض الهداية ثم خمرت بخميرة النبوة وسقيت بماء والوحي ونفخ فيها روح الأمر فلا أقدامنا تنزل ، ولا أبصارنا تضل ، ولا أنوارنا تفل ، واذا ضللنا فمن
بالقوم يدل ) . الناس من شجرة شتى وشجرة النبوة واحدة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اصلها وانا فرعها وفاطمة الزهراء ثمرها ، والحسن والحسين اغصانها ، أصلها نور وفرعها نور وثمرها نور ، وغصنها نور ، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار ، نور على نور ) (1) . على ان هناك مراتب عديدة للمعرفة فهي كلي مشكك له مراتب طولية وعرضية وقد قسموها إلى : 1 ـ المعرفة البرهانية : والتي تكون بالدليل العقلي 2 ـ المعرفة الإيمانية : والتي تكون بالدليل النقلي من الكتاب والسنة . 3 ـ المعرفة الشهودية : والتي تكون بالاشراف والكشف والشهود بالقلب . ولقد أضاف اليها سيدمنا الاستاذ آية الله السيد عادل العلوي ( دام ظله ) تقسيماً آخر كما يلي : 1 ـ المعرفة الجلالية : وهي تعني معرفة الشيء في حدوده وشكله الهندسي كمعرفة الجبل من بعيد . 2 ـ المعرفة الجمالية : وهي تعني معرفة الشيء من باطنه وجوهره . 3 ـ المعرفة الكمالية : وهي تعني الوقف على هدف الشيء وغايته . --------------------------- (1) عن الإمام علي ع من حبه عنوان الصحيفة 38 نقلها عن عبقات الانوار . الاسرار الفاطمية _ 365 _
البحث الثالث عشر : فاطمة عليها السلام وليلة القدر
الاسرار الفاطمية _ 367 _للشيخ محمد علي اليعقوبي
--------------------------- (1) القصيدة للمرحوم الشيخ محمد علي اليعقوبي | الذخائر : ص 12 . الاسرار الفاطمية _ 369 _
البحث الثالث عشر : فاطمة عليها السلام وليلة القدر
( من عرف فاطمة حق معرفتها فقد ادرك ليلة القدر وانما سميت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها ... ) . في فاطمة الزهراء عليها السلام سر مستودع كما تقدم ذلك في حديثنا حول هذا الموضوع ـ أي السر الستودع ـ وايضا في ليلة القدر سر عظيم لا يعرفه إلاّ المقربون الذين امتحن الله قلوبهم للايمان والتقوى ، فليلة القدر رفعها الباري عزوجل وجعلها خيراً من الف شهر وفيها تشويق لذيذ لمعرفة ذلكم السر المكنون في اعماقها ، ( وما ادراك ماليلة القدر ) حيث خاطب الله تعالى المؤمنين في ضمائرهم لكي يحرك فيهم أمواج المعرفة عبر وسائل العلم والوعي ولتنفتح لهم اسرار ليلة القدر بالتمعن والتدقيق فيها ، على ان معرفة ليلة القدر تفوق الادراك البشري العادي أي انها تفوق ادراك سائر الناس من السواد الاعظم فانه لابد ان يكون فيها سر عظيم ، والسر تقتضي معرفته استيعابا كاملا لمعنى ليلة القدر والغاية التي نزلت ليلة القدر من اجلها ولا جل تحقيقها في الأرض . وعلى هذا الاساس لابد من معرفة الاساس الذي بنى عليه الحديث الذي ذكرناه في أول بحثنا حول علاقة معرفة فاطمة عليها السلام بليلة القدر فانه لابد من وجود الترابط في هذا الموضوع المهم ، ففاطمة فيها سر مستودع وكذلك ليلة القدر فيها سر مكنون ، فمن عرف فاطمة والسر المستودع فيها عرف سر ليلة وعظمتها ، فليلة القدر عظيمة كعظمة فاطمة عليها السلام لذا كانت مجهولة في اثباتها ودقتها من حيث الزمان لمختص بليالي شهر رمضان . على ان عرف فاطمة فقد ادرك ليلة القدر هذا كونه ناتج عن معرفة فاطمة التي الاسرار الفاطمية _ 370 _تجعلنا ندرك الاسلام ونستوعب اهمية ليلة القدر من خلال هذه المعرفة ، ولقد طرح الكثير من العلماء أوجه للشبه بين ليلة القدر وفاطمة عليها السلام (1) ومنها :* ليلة القدر وعاء وظرف زماني لنزول كل القرآن الكريم ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ) ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ، وفيه كل شيء ، وتبيان كل شيء ، وسعادة الدراين . وكذلك الحوراء الانسية فاطمة الزكية ، فان قلبها ظرف مكاني وروحاني ، وصدرها وعاء الهي للقرآن الكريم والمصحف الشريف ، وانها كانت محدثة تحدثها الملائكة ، فهي وعاء للامامة وللمصحف الشريف . * وفي ليلة القدر يفرق كل أمرٍ أحكمه الله خلال السنة ، فيفرق ما يحدث فيها من الامور الحتمية وغيرها ، وينزل بها روح القدس على ولي العصر والزمان وحجة الله على الخلق الذي بيمنه رزق الورى وبوجوده ثبتت الأرض والسماء ، وان الإيمان بليلة القدر فارق بين المؤمن والكافر . كذلك بفاطمة الزهراء الطيبة الطاهرة المطهرة يفرق بين الحق والباطل ، والخير والشر ، والمؤمن والكافر ، وقد ارتد الناس في العمل وفي الولاية بعد رحلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ثلاث . أو خمس أو سبع ، وفيهم سيدة النساء فهم على حق ، وغيرهم استحوذ عليهم الشيطان فاغرهم وأضلهم فكانوا أئمة الضلال . * وفي ليلة القدر معراج الأنبياء والأولياء إلى الله سبحانه فيزاد في علمهم اللدني والرباني ويكسبوا من الفيض الاقدس الالهي . كذلك ولاية فاطمة المعصومة النقية التقية ، فهي مرقاة لوصولهم إلى النبوة ومقام الرسالة والعظمة الشموخ الانساني والروحاني ، فما تكاملت النبوة لنبي حتى أقر بفضلها ومحبتها وذلك في عالم ( ألست بربكم ) أو في عالم الذر أو عالم الانوار أو الارواح أو النشأة الإنسانية التي وراء نشأتنا هذه ، وهذه انما هي صورة لتلك كما عند بعض الاعلام . ففاطمة ، الزهراء قطب الأولياء والعرفاء ومعراج الأنبياء والأوصياء ، صدرها خزانة --------------------------- (1) راجع فاطمة الزهراء ليلة القدر ـ لآية الله السيد عادل العلوي حفظه الله . الاسرار الفاطمية _ 371 _
الأسرار ، ووجودها ملتقى الانوار ، فهي حلقة الوصل بين أنوار النبوة وأنوار الإمامة ، فأبوها محمد رسول الله ، وبعلها علي وصيه وخليفته امام المتقين وامير المؤمنين ، ومنها أئمة الحق والرشاد وأركان التوحيد وساسة العباد .
* وليلة القدر خير من الف شهر فيضاعف فيها العمل والثواب كل واحدٍ بألف ، فالتسبح والتمجيد والتهليل والتكبير والصلاة وكل عمل كل واحد بالف ، فكذلك محبة الزهراء وولايتها يوجب مضاعفة الاعلمال فان تسبيحها ( 34 مرة الله اكبر و 33 مرة الحمد الله و 33 مرة سبحان الله ) بعد كل صلاة واجبة او نافلة يجعل كل ركعة بألف ركعة كما ورد في الخبر الشريف . فمودتها هي الاكسير الاعظم ، يجعل من كان معدنه الحديد ذهباً ، وان الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، فمن والادها واحبها وأطاعها واطاع ابنائها الاطهار ، وعادى عدوها واعداء ذريتها ، فانه يكون كالذهب المصفى وباقي الناس كلهم التراب ، وان الله يضاعف الاعمال بحبها كما تضاعف في ليلة القدر ، وامتازت ليلة القدر عن كل ليالي السنة بالخير والبركة والشرافة والعظمة وعلو الشأن والرفعة ، كذلك خير نساء الاولين والاخرين فاطمة الزهراء عليها السلام فهي خير أهل الأرض والسماء عنصرا وشرفا وكرامة بعد ابيها الرسول المصطفى وبعلها الوصي المرتضى . * وليلة القدر ليلة مباركة ( انا انزلناه في ليلة مباركةٍ ) ، والبركة بمعنى النماء والزيادة والخير المستمر والمستقر الدائم والثابت وما يأتي من قبله الخير الكثير ، ومن ألقاب فاطمة الزهراء انها ( المباركة ) ففيها كل بركات السماوات والأرض ، فهي الكوثر في الدنيا والاخرة ، وهي المنهل العذب والمعين الصافي لكل في اراد البركة ، فما ادراك ما فاطمة ، خير من الوجود بعد أبيها وبعها .
فهي الكوثر ، والكوثر ، الخير الكثير ( انا اعطيناك الكوثر ) ، ومنها ذرية الرسول الاسرار الفاطمية _ 372 _
الاكرم ، وعدم انقطاع نسله إلى يوم القيامة ، وفي وصف النبي ، انما نسله من مباركة لها بيت في الجنة لا صخب فيه ولا نصب ، والعبادة في ليلة القدر تكون منشأ للفيوضات الالهية ، والكمالات الربانية والفيوضات القدسية ، والبركات السماوية ، كذلك التوسل بفاطمة الزهراء فهي منشأ البركات والخيرات ، ونزل القرآن الكريم وهو النور والفرقان والبيان والتبيان في ليلة القدر ، فليلة القدر نزول النور الالهي ، وفاطمة الزهراء عليها السلام هي نور الله ، وهي الكوكب الدري ، كما جاء ذلك في تفسير آية النور في قوله تعالى : ( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كانها كوكب دري يوقد شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور الله يهدي لنوره من يشاء ) (1) . عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر قال : سألت ابا الحسن ـ الإمام الكاظم عليه السلام ـ عن قول الله عزوجل ( كمشكاة فيها مصباح ) ، قال : المشكاة فاطمة والمصباح الحسن والحسين . ( كانها كوكب دري ) قال : كانت فاطمة كوكباً دريا من نساء العالمين . ( يوقد من شجرة مباركة ) ، الشجرة المباركة ابراهيم ( لا شرقية ولا غربية ) ، لا يهودية ولا نصرانية ( يكاد زيتها يضيء ) قال : يكاد العلم ان ينطق ( ولو لم تمسسه نار نور على نور ) ، قال : يهدي الله عزوجل لولايتنا من يشاء (2) . عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها : اعلم يا أبا الحسن ان الله تعالى خلق نوري وكان يسبح الله جل جلاله ، ثم ادعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت ، فلما فلما دخل ابي الجنة اوحى الله إليه الهاما ان اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وادرها في لهواتك ، ففعل ، فأوعني الله سبحانه صلب ابي صلى الله عليه وآله وسلم ثم اودعني خديجة بنت خويلد فوضعتني ، وانا من ذلك النور اعلم ما كان وما يكون وما لم يكن ، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى (3) . وما أروع ما يقوله الشاعر : --------------------------- (1) سورة النور : آية 66 . (2) المناقب لابن المغازلي : ( من علماء العامة ) : 317 . (3) عوالم العلوم والمعارف 6 : 7 . |