فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والأئمة العادلة ، وترك نصرتهم على الأعداء ، والعقوبة لهم على ترك ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية ، واظهار العدل .
  وترك الجور ، وإماتة الفساد ، لما في ذلك من جراءة العدو على المسلمين ، وما يكون في ذلك من السبي والقتل ، وابطال دين الله عزوجل وغيره من الفساد (1) .
  32 ـ قوله تعالى : ( فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ . . . ) (2) .
  عرض ( عليه السلام ) في حديث له إلى قصة يونس لما رفع الله عنهم العذاب ، قال ( عليه السلام ) : ان يونس أمره الله بما أمره ، فأعلم قومه فأظلهم العذاب ففرقوا بينهم وبين أولادهم وبين البهائم وأولادها ثم عجوا إلى الله ، وضحوا فكف الله العذاب عنهم (3) .
  33 ـ قوله تعالى : ( وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ . . . ) (4) .
  إن نوح ( عليه السلام ) قال لقومه مضمون هذه الآية الكريمة ، وقد علق الإمام الرضا ( عليه السلام ) على ذلك بقوله : الامر إلى الله يهدي ويضل (5) .
  34 ـ قوله تعالى : ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ . . . ) (6) .
  روى الحسن بن علي الوشاء عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، قال : سمعته يقول : قال أبي : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ان الله عزوجل قال لنوح : إنه ليس من أهلك لأنه كان مخالفا له ، وجعل من اتبعه من أهله ، قال ـ أي الحسن ـ وسألني كيف يقرؤن هذه الآية في ابن نوح ؟

---------------------------
(1) من لا يحضره الفقيه .
(2) سورة يونس / آية 98 .
(3) تفسير العياشي .
(4) سورة هود / آية 34 .
(5) تفسير العياشي .
(6) سورة هود / آية 45 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _311 _

  فقلت : يقرؤها الناس على وجهين : إنه عمل ـ جعلوه مصدرا ـ وانه عمل ـ جعلوه فعلا ماضيا ـ فقال : كذبوا هو ابنه ولكن الله نفاه حين خالفه في دينه ، قال السيد الطباطبائي : وكأن المراد من قراءة الآية تفسيرها والراوي يشير بايراد القراءتين إلى تفسير من فسر الآية بأن المراد أن امرأة نوح حملت الابن من غيره فألحقه بفراشه (1) .
  35 ـ قوله تعالى : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ . . . ) (2) .
  سأل علي بن محمد بن الجهم الإمام الرضا ( عليه السلام ) في مجتمع حاشد فقال له : يا بن رسول الله أتقول : بمهمة الأنبياء ؟ .
  نعم . . .
  ما تقول : في قوله عزوجل في يوسف ولقد همت به ، وهم بها ؟   فأجابه ( عليه السلام ) بتفسير الآية وانه ليس كما توهم من الاخذ بظاهره قائلا : إنها أي زليخا ـ همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها ان أجبرته لعظيم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها ، وهو قوله عزوجل : ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء ) والسوء القتل والفحشاء الزنا (3) .
  36 ـ قوله تعالى : ( قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ) (4) .
  فسر الإمام الرضا ( عليه السلام ) الآية وما قبلها بالحديث التالي : روى الحسن بن علي بن الياس قال : سمعت الرضا ( عليه السلام ) يقول : واقبل يوسف على جمع الطعام في السبع سنين المخصبة يكسبه في الخزائن ، فلما مضت تلك السنون ، وأقبلت السنون المجد به أقبل يوسف على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم والدنانير ، حتى لم يبق بمصر وما حولها دينار ولا درهم إلا صار في ملك يوسف .

---------------------------
(1) الميزان 11 / 245 .
(2) سورة يوسف / آية 24 .
(3) الميزان 11 / 166 .
(4) سورة يوسف / آية 47 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _312 _

  وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجوهر حتى لم يبق بمصر وما حولها حلي ولا جوهر إلا صار في ملكه ، وباعهم في السنة الثالثة بالدواب والمواشي حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا أمة إلا صار في ملكه .
  وباعهم في السنة الخامسة بالدور والفناء حتى لم يبق في مصر وما حولها دار ولا فناء إلا صار في ملكه وباعهم في السنة السادسة بالمزارع والأنهار حتى لم يبق بمصر وما حولها نهر ولا مزرعة إلا صار في ملكه وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر وما حولها عبد ولا حر إلا صار عبدا ليوسف ، فملك أحرارهم وعبيدهم وأموالهم .
  وقال الناس : ما سمعنا بملك أعطاه الله الملك ما اعطى هذا الملك حكما وعلما وتدبيرا ، ثم قال يوسف للملك : ما ترى فيما خولني ربي من ملك مصر وما حولها ؟
  أشر علينا برأيك ، فإنني لم أصلحهم لأفسدهم ولم أنجهم من البلاء ليكون بلاء عليهم ولكن الله أنجاهم بيدي .
  قال الملك : الرأي رأيك قال يوسف : أني اشهد الله وأشهدك أيها الملك أني قد أعتقت أهل مصر كلهم ورددت عليهم أموالهم وعبيدهم ، ورددت عليك الملك وخاتمك وسريرك وتاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي ولا تحكم إلا بحكمي. قال الملك : إن ذلك توبتي وفخري ، أن لا أسير إلا بسيرتك ، ولا احكم إلا بحكمك ، ولولاك ما توليت عليهم ولا اهتديت له ، وقد جعلت سلطاني عزيزا ما يرام ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وانك رسوله ، فأقم على ما وليتك فإنك لدينا مكين أمين (1) .
  37 ـ قوله تعالى : ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (2) .
  استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآية الكريمة في حديثه مع رجل قال له : أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون ؟ . . .
  لقد أنكر على الامام قبوله لولاية العهد من قبل المأمون فرد الامام عليه قائلا : أيما أفضل النبي أو الوصي ؟ . . .
  لا .
  النبي . . .

---------------------------
(1) البرهان .
(2) سورة يوسف / آية 55 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _313 _

  أيما أفضل مسلم أو مشرك ؟ . . .
  لابل مسلم . . .
  وأدلى الإمام ( عليه السلام ) بالحجة القاطعة قائلا : فان عزيز مصر كان مشركا ، وكان يوسف نبيا ، وان المأمون مسلم ، وأنا وصي ، ويوسف سأل العزيز أن يوليه حتى قال : استعملني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم والمأمون أجبرني على ما أنا فيه .
  وفسر الامام : قوله تعالى : حفيظ عليم بأنه ـ اي يوسف ـ حافظ على ما في يده عالم بكل لسان (1) .
  38 ـ قوله تعالى : ( قَالُواْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ) (2) .
  قال ( عليه السلام ) : في تفسير هذه الآية الكريمة كان لإسحاق النبي منطقة يتوارثها الأنبياء والأكابر ، وكانت عند عمة يوسف ، وكان يوسف عندها ، وكانت تحبه فبعث إليها أبوه ، أن ابعثيه إلي وارده إليك ، فبعثت إليه أن دعه عندي الليلة لأشمه ثم أرسله إليك غدوة فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها في حقوه وألبسته قميصا ، فبعثت به إليه ، وقالت : سرقت لمنطقة فوجدت عليه ، وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة ، فأخذته فكان عندها (3) .
  39 ـ قوله تعالى : ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ ) (4) .
  قال ( عليه السلام ) : في تفسير الآية إنه شرك لا يبلغ به الكفر (5) والمعنى انه شرك في طاعتهم للشيطان ، وليس شرك عبادة ليلحقوا بقافلة الكفار .

---------------------------
(1) الميزان 11 / 207 .
(2) سورة يوسف / آية 77 .
(3) تفسير العياشي .
(4) سورة يوسف / آية 106 .
(5) تفسير العياشي .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _314 _

  40 ـ قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا ) (1) .
  وطلب المأمون من الإمام الرضا ( عليه السلام ) تفسير الآية الكريمة فقال ( عليه السلام ) : يقول الله : ( حتى إذا استيئس من قومهم ، فظن قومهم أن الرسل قد كذبوا ، جاء الرسل نصرنا ) (2) .
  41 ـ قوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا ) (3) .
  قال ( عليه السلام ) في تفسير الخوف والطمع في الآية خوفا للمسافر وطمعا للمقيم (4) .
  42 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ . . . ) (5) .
  قال ( عليه السلام ) في تفسير الآية الكريمة : إن الامر صار إلى الله تعالى (6) .
  43 ـ قوله تعالى : ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ . . . ) (7) .
  فسر الإمام ( عليه السلام ) الصفح الجميل بالعفو من غير عتاب (8) .
  44 ـ قوله تعالى : ( قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا . . . ) (9) .
  روى محمد بن علي بن بلال عن يونس في كتاب رفعوه إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) يسألونه عن العالم الذي أتاه موسى أيهما كان أعلم ؟ وهل يجوز أن يكون على موسى حجة في وقته ، فكتب ( عليه السلام ) في الجواب : أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر ، إما جالسا وإما متكئا ،

---------------------------
(1) سورة يوسف / آية 110 .
(2) الميزان 11 / 282 .
(3) سورة الرعد / آية 12 .
(4) المعاني .
(5) سورة الرعد / آية / 11 .
(6) تفسير العياشي .
(7) سورة الحجر / آية 85 .
(8) الميزان 11 / 297 .
(9) سورة الكهف / آية 66 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _315 _

  فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذ كان الأرض ليس بها سلام .
  قال : من أنت ؟
  قال أنا موسى بن عمران :
  أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما ؟ .
  نعم . . .
  ما حاجتك ؟ . . .
  جئت لتعلمني مما علمت رشدا . . .
  إني وكلت بأمر لا تطيقه ، ووكلت بأمر لا أطيقه . . .
  وساق له الامرين (1) .
  45 ـ قوله تعالى : ( وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ ) (2) .
  استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بهذه الآية الكريمة على عصمة الملائكة قال ( عليه السلام ) : ان الملائكة معصومون ، محفوظون عن الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى قال الله تعالى فيهم : ( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) .
  وقال عزوجل : ( وله من في السماوات والأرض ومن عنده ـ يعني الملائكة ـ لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ، يسبحون الليل والنهار لا يفترون ) (3) .
  46 ـ قوله تعالى : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ) (4) .
  استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآيتين الكريمتين على طهارة الأنبياء ، وانهم صفوة خلق الله قال ( عليه السلام ) :

---------------------------
(1) الميزان .
(2) سورة الأنبياء / آية 19 .
(3) الميزان 14 / 281 .
(4) سورة الأنبياء / آية 72 ـ 73 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _316_

  ثم أكرمه الله عزوجل ـ يعني إبراهيم ـ بأن جعلها ـ يعني الإمامة ـ في ذريته وأهل الصفوة والطهارة ، فقال عزوجل : ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ) .
  فلم تزل ـ يعني الإمامة ـ في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا قرنا ، حتى ورثها النبي (ص) فقال الله جل جلاله : ( إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) .
  فكانت خاصة فقلدها عليا بأمر الله عزوجل على رسم ما فرض الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله تعالى : ( قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ) .
  فهي ـ اي الإمامة ـ في ولد علي بن أبي طالب خاصة إلى يوم القيامة إذ لا نبي بعد محمد ( صلى الله عليه وآله ) (1) .
  47 ـ قوله تعالى ، ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ . . . ) (2) .
  تحدث الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن المنافع في الحج ، والغاية من تشريعه قال ( عليه السلام ) : وعلة الحج الوفادة إلى الله عزوجل ، وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف ، وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الأموال ، وتعب الأبدان ، وخطرها عن الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عزوجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا في الحر والبرد ، والامن والخوف تائبا ؟ ؟ في ذلك دائما .
  وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع ، والرغبة ، والرهبة إلى الله تعالى ، ومنه ترك قسوة القلب ، وخساءة النفس ، ونيسان الذكر ، وانقطاع الرجاء والأمل ، وتجديد الحقوق ، وحظر النفس عن الفساد ، ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ، ممن يحج ، ومن لا يحج من تاجر وجالب وبائع ومشتر ، وكاسب ومسكين ، وقضاء حوائج أهل الأطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا

---------------------------
(1) الميزان 14 / 308 .
(2) سورة الحج / آية 28 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _317 _

  منافع لهم (1) .
  48 ـ قوله تعالى : ( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ . . . )(2) .
  فسر الإمام ( عليه السلام ) التفث بتقليم الأظفار ، وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه ـ اي عن الحاج بعد قضائه لعملية الحج ـ (3) .
  49 ـ قوله تعالى : ( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) (4) قال ( عليه السلام ) في تفسير الآية : الله هاد لأهل السماوات وهاد لأهل الأرض (5) .
  50 ـ قوله تعالى ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ * قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي ) (6) .
  وجه المأمون إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) السؤال التالي فقال له :
  يا بن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون ؟ .
  بلي . . .
  اخبرني عن قول الله فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان ؟ . . .
  فاجابه الامام عن تفسير الآية : ان موسى دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء ، فوجد فيها رجلين يقتتلان ، هذا من شيعته وهذا من عدوه ، فقضى على العدو بحكم الله تعالى ذكره فوكزه فمات ، قال هذا من عمل الشيطان ، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين ، لا ما فعله موسى من قتله ( انه ) يعني الشيطان عدو معضل مبين .
  وطفق المأمون قائلا :

---------------------------
(1) الميزان 14 / 377 ـ 378 .
(2) سورة الحج / آية 29 .
(3) من لا يحضره الفقيه .
(4) سورة النور / آية 35 .
(5) الميزان 15 / 139 .
(6)سورة القصص / آية 15 ـ 16 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _318 _

  فما معنى قول موسى : رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي .
  فاجابه الامام عن معنى الآية الكريمة : يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة فاغفر لي ، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فغفر له انه هو الغفور الرحيم ، قال موسى : رب بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فلن أكون ظهيرا للمجرمين بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .
  فأصبح موسى في المدينة خائفا يترقب ، فإذا الذي يستصرخه بالأمس يستصرخه على آخر قال موسى له : انك لغوي مبين : قاتلت رجلا بالأمس ، وتقاتل هذا اليوم لأؤدبنك وأراد أن يبطش به ، فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما وهو من شيعته قال : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ؟ ان تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ، وما تريد أن تكون من المصلحين .
  فقال المأمون : جزاك الله عن أنبيائه خيرا يا أبا الحسن(1) .
  51 ـ قوله تعالى : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) (2) .
  قال ( عليه السلام ) : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لما نزلت انك ميت وانهم ميتون قلت : يا رب أيموت الخلق كلهم ، ويبقى الأنبياء ؟
  فنزلت ( كل نفس ذائقة الموت ) (3) .
  52 ـ قوله تعالى : ( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ) (4) .
  استشهد الإمام ( عليه السلام ) بالآية الكريمة في الحديث التالي روي الحسين بن خالد قال : قلت لأبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : اخبرني عن قول الله : والسماء ذات الحبك قال : هي محبوكة إلى الأرض وشبك بين أصابعه ، فقلت : كيف تكون محبوكة إلى الأرض. والله تعالى : ( رفع السماوات بغير عمد ترونها ) فقال ( عليه السلام ) : سبحان الله !! أليس الله يقول ( بغير عمد ترونها ) فقلت بلى :

---------------------------
(1) الميزان 16 / 22 ـ 23 .
(2) سورة العنكبوت / آية 57 .
(3) الميزان 16 / 146 .
(4) سورة لقمان / آية 10 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _319_

  فقال : فثم عمد ولكن لا ترونها (1) .
  52 ـ قوله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ) (2) .
  روى أحمد بن عمر قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن قول الله عزوجل : ( ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ) الآية فقال ( عليه السلام ) : ولد فاطمة ( عليها السلام ) ، والسابق بالخيرات لا يعرف الامام (3) .
  53 ـ قوله تعالى : ( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) (4) .
  روى الأشعث بن حاتم قال : كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا والفضل بن سهل ، لمأمون في الايوان : ب‍ ( مرو ) ، فوضعت المائدة .
  فقال الرضا ( عليه السلام ) : إن رجلا من بني إسرائيل سألني بالمدينة .
  فقال : النهار خلق قبل أم الليل ؟ فما عندكم ؟ قال : وأداروا الكلام ، فلم يكن عندهم في ذلك شئ .
  فقال الفضل للرضا : أخبرنا بها أصلحك الله.
  قال نعم : من القرآن أم من الحساب .
  قال له الفضل : من جهة الحساب
  فقال : قد علمت يا فضل إن طالع الدنيا السرطان ، والكواكب في مواضع شرفها ، فزحل في لميزان ، والمشتري في السرطان والمريخ في الجدي ، والشمس في الحمل ، والزهرة في الحوت وعطارد في السنبلة ، والقمر في الثور فتكون الشمس في العاشر في وسط السماء فالنهار قبل الليل .
  ومن القرآن قوله تعالى : ( ولا الليل سابق النهار ) أي الليل قد سبقه النهار .
  ونقل الآلوسي في تفسيره روح المعاني هذا الحديث ، وعقبه بقوله : وفي الاستدلال بالآية بحث ظاهر ، وأما بالحساب فله وجه في الجملة ، ورأى المنجمين ان .

---------------------------
(1) تفسير القمي .
(2) سورة فاطر / آية 32 .
(3) الميزان 17 / 49 .
(4) سورة يس / آية 40 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _320_

  ابتداء الدورة دائرة نصف النهار ، وله موافقة لما ذكره ، والذي يغلب على الظن عدم صحة الخبر من مبتدئه فالرضا أجل من أن يستدل بالآية على ما سمعت من دعواه .
  وعلق السيد الطباطبائي على مقال الآلوسي بقوله : وقد اختلط عليه الامر في تحصيل حقيقة معنى الليل والنهار توضيحه : ان الليل والنهار متقابلان نقابل العدم والملكة كالعمى والبصر ، فكما ان العمى ليس مطلق عدم البصر حتى يكون الجدار مثلا أعمى لعدم البصر فيه ، بل هو عدم البصر مما من شأنه أن يتصف بالبصر كالانسان كذلك الليل ليس هو مطلق عدم النور ، بل هو زمان عدم استضاءة ناحية من نواحي الأرض بنور الشمس ، ومن المعلوم أن عدم الملكة يتوقف في تحققه على تحقق الملكة المقابلة له قبله حتى يتعين بالإضافة إليه ، فلولا البصر لم يتحقق عمى ، ولولا النهار لم يتحقق الليل ، فمطلق الليل بمعناه الذي هو به ليل مسبوق الوجود بالنهار .
  وقوله : ( ولا الليل سابق النهار ) وإن كان ناظرا إلى الترتيب المفروض بين النهار والليل ، وان هناك نهارا وليلا ، ونهارا وليلا ، وان واحدا من هذه الليالي لا يسبق النهار الذي بجنبه .
  لكنه تعالى أخذ في قوله : ( ولا الليل سابق النهار ) مطلق الليل ، ونفى تقدمه على مطلق النهار ، ولم يقل : ان واحدا من الليالي الواقعة في هذا الترتيب لا يسبق النهار الواقع في الترتيب قبله. فالحكم في الآية مبني على ما يقتضيه طبيعة الليل والنهار بحسب التقابل الذي أودعه الله بينهما .
  وقد استفيد منه الحكم بانخفاض الترتيب في تعاقب الليل والنهار فان في كل ليل هو افتقاد النهار الذي يتلوه ، فلا يتقدم عليه ، والى هذا يشير ( عليه السلام ) بعد أن ذكر الآية بقوله : أي الليل قد سبقه النهار ، يعني ان سبق النهار الليل هو خلقه قبله وليس كما يتوهم أن هناك نهرا أو ليالي موجودة ، ثم يتعين لكل منها محله .
  وقول المعترض : وأما الحساب فله وجه في الجملة لا يدري وجه قوله : في الجملة ، وهو وجه تام مبني على تسليم أصول التنجيم صحيح بالجملة على ذلك التقدير لا في الجملة .
  وكذا قوله : ( ورأى المنجمين ان ابتداء الدورة دائرة نصف النهار وله موافقة لما ذكره ) ، لا يحصل لان له دائرة نصف النهار وهي الدائرة المارة على القطبين ، ونقطة ثالثة بينهما غير متناهية في العدد لا تتعين لها نقطة معينة في السماء دون نقطة أخرى فيكون

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _321 _

  كون الشمس في إحداهما نهارا للأرض دون الأخرى (1) .
  54 ـ قوله تعالى : ( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ . . . ) (2) .
  استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآيتين وما بعدهما على بطلان ما ذهب إليه ابن الجهم وقومه في شأن نبي الله داود ( عليه السلام ) قال الإمام ( عليه السلام ) لابن الجهم : وأما داود فما يقول : من قبلكم فيه ؟ .
  قال ابن الجهم : إنهم يقولون : إن داود كان يصلي في محرابه إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام يأخذ الطير إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حيان ، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها ، وكان قد اخرج أوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام التابوت ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا ، وتزوج داود بامرأته .
  ولما سمع الامام هذا الأباطيل التي ألصقت بنبي من أنبياء الله تعالى ضرب جبهته ، وقال : انا لله وانا إليه راجعون لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في اثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل .
  يا بن رسول الله ما كانت خطيئته ؟ .
  وشرح الامام قصة داود قائلا : إن داود انما ظن أنه ما خلق الله خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله عزوجل إليه الملكين فتسورا المحراب ، فقال : خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ،

---------------------------
(1) الميزان 17 / 95 ـ 96 .
(2) سورة ص / آية 21 ـ 22 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _322 _

  ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ، ولي نعجة واحدة ، فقال اكفلني ها وعزني في الخطاب فعجل داود على المدعى عليه ، فقال : لقد ظلمت بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه ، فيقول له : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عزوجل يقول : ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) إلى آخر الآية ، فقال يا بن رسول الله : فما قصته مع أوريا ؟ . . .
  فقال ( عليه السلام ) : إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا ، فأول من أباح الله عزوجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود ، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل ، وانقضت عدتها فذلك الذي شق على الناس من قتل أوريا (1) .
  55 ـ قوله تعالى : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) (2) .
  سأل محمد بن عبيدة الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير قوله تعالى لما خلقت بيدي قال ( عليه السلام ) : يعني بقدرتي وقوتي (3) .
  56 ـ قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ ) (4) .
  استشهد الإمام الرضا ( عليه السلام ) بالآية الكريمة في الحديث التالي : روى عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سألت علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث : أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة ؟ فقال ( عليه السلام ) : يا أبا الصلب ان الله تعالى فضل نبيه محمدا على جميع خلقه من النبيين والملائكة ، وجعل طاعته طاعته ، ومبايعته مبايعته ، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته ، فقال عزوجل : ( مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ ) .
  وقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) وقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : من زارني في حياتي أو بعد موتي ، فقد زار الله.

---------------------------
(1) الميزان 17 / 200 .
(2) سورة ص / آية 57 .
(3) الميزان 17 / 229 .
(4) سورة الفتح / آية 10 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _323_

  ودرجته في الجنة أعلى الدرجات ، ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى (1) .
  57 ـ قوله تعالى : ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) (2) .
  قال ( عليه السلام ) : ادبار السجود أربع ركعات بعد المغرب ، وادبار النجوم ركعتان قبل صلاة الصبح (3) .
  58 ـ قوله تعالى : ( قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ . . . ) : (4) .
  سئل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن الذكر في الآية الكريمة فقال ( عليه السلام ) : الذكر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ونحن أهله (5) .
  59 ـ قوله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ) (6) .
  التقى الامام بابن هداب .
  فقال ( عليه السلام ) له : إن أنا أخبرك أنك ستبتلى في هذه الأيام بدم ذي رحم لك لكنت مصدقا لي ؟ قال : لا فان الغيب لا يعلمه إلا الله تعالى .
  قال الامام : أو ليس انه يقول : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ) فرسول الله (ص) عند الله مرتضى ، ونحن ورثة ذلك الرسول الذي اطلعه الله على ما يشاء من غيبه ، فعلمنا ما كان وما يكون إلى يوم القيامة (7) .

---------------------------
(1) الميزان 18 / 225 ـ 226 .
(2) سورة الطور ـ آية 49 .
(3) تفسير القمي .
(4) سورة الطلاق / آية 10 ـ 11 .
(5) البرهان .
(6) سورة الجن / آية 26 ـ 27 .
(7) الخرائج والجرائح .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _324_

  60 ـ قوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (1) .
  قال ( عليه السلام ) في تفسير الآيتين : يعني مشرقة تنتظر ثواب ربها (2) .
  61 ـ قوله تعالى : ( وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ) (3) .
  سأل أحمد بن محمد الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن التسبيح في الآية فقال : صلاة الليل (4) .
  62 ـ قوله تعالى : ( وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا . . . ) (5) .
  سأل علي بن فضال الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير هذه الآية فقال : ان الله سبحانه لا يوصف بالمجئ والذهاب تعالى عن الانتقال انما يعني بذلك ، وجاء أمر ربك (6) .
  63 ـ قوله تعالى : ( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ) (7) .
  استشهد الإمام ( عليه السلام ) بهذه الآية في الحديث التالي : روى جعفر بن خلاد قال : كان أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) إذا أكل أتى بصحيفة فتوضع قرب مائدته فيعمد إلى أطيب الطعام مما يؤثر به فيأخذ من كل شئ شيئا فيضع في تلك الصفحة ثم يأمر بها للمساكين ثم يتلو هذه الآية ( فلا اقتحم العقبة ) ثم يقول : علم الله عزوجل أنه ليس كل انسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنة (8) .
  64 ـ قوله تعالى : ( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى ) (9) .
  سأل المأمون الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن تفسير هذه الآيات فقال : قال

---------------------------
(1) سورة القيامة / آية 22 ـ 23 .
(2) الميزان 20 / 116 .
(3) سورة الدهر / آية 26 .
(4) مجمع البيان .
(5) سورة الفجر / آية 22 .
(6) الميزان 20 / 287 .
(7) سورة البلد / آية / 11 .
(8) الميزان 20 / 295 .
(9) سورة الضحى / آية 6 ـ 8 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _325_

  الله تعالى : لنبيه محمد ( ألم يجدك يتيما فآوى ) ، يقول : ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس ؟ ووجدك ضالا يعني عند قومك فهدى أي هداهم إلى معرفتك ؟ ووجدك عائلا فأغنى يقول : أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا ؟ . . . فقال المأمون : بارك الله فيك يا بن رسول الله (1) .
  65 ـ قوله تعالى : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )(2) .
  قال الإمام ( عليه السلام ) : في تفسير أحد ، انه أحد لا بتأويل عدد (3) .
  وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض الآيات التي أدلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) بتفسيرها ، والتي استشهد بها في معرض أحاديثه وهي تدلل على أنه كان حليف القرآن الكريم ، وانه أولاه المزيد من العناية في محاضراته وبحوثه .

---------------------------
(1) البرهان .
(2) سورة التوحيد / آية / 1 .
(3) الميزان 20 / 391 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _327_

  علم الفقه وليس من نافلة القول ، ولا من الغلو في شئ القول بأن فقه أهل البيت ( عليهم السلام ) هو من أفضل ما قنن في عالم التشريع ، فهو يساير الفطرة ، ويساير العقل ولا يشذ عن سنن الكون ، وليس في بنوده عسر ولا حرج ، ولا جمود ، وانما هو متوازن ، ومتطور ، ومتكامل ، قد عالج قضايا الانسان ووضع لها الحلول الحاسمة على ضوء الفكر والمنطق .
  وثمة ميزة أخرى بالغة الأهمية لهذا الفقه ، وهو انه قد أخذ عن أئمة الهدى الذين هم من ركائز الوعي والهدى في دنيا الاسلام ، وقد أعلن كل واحد منهم أنه لم يفت في واقعة أو نازلة عن رأيه واجتهاده الخاص ، وانما هو مستمد ومأخوذ عن جدهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقد آثرهم بعلمه ، وخصهم بحكمته ، وجعلهم سفن النجاة وأمن العباد ، والزم الأمة باتباع منهجهم ، والاقتداء بسلوكهم ، كما دلت على ذلك أحاديث كثيرة أثرت عنه رواها ثقات الرواة في صحاحهم .
  ومن الجدير بالذكر أن جميع ما أثر عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) من الاحكام يعتبر ـ عند الشيعة ـ من السنة التي هي من مصادر الفتوى ، ومن مدارك التشريع ، والتي يجب فيها العمل على طبقها ، والتعبد بها إن صح طريق السند إليهم ، وكان صدوره منهم لبيان الحكم الواقعي لا للتقية ، ونحو ذلك من الشروط التي نص عليها علماء الأصول في اعتبار الحديث ، وكسبه درجة الصحة .
  وعلى أي حال فان الإمام الرضا ( عليه السلام ) من أعلام أئمة الهدى ( عليهم السلام ) فقوله وفعله من السنة ، وقد أثرت عنه كوكبة من احكام التشريع نعرض لنماذج منها في بعض بحوث هذا الكتاب ، ونتحدث الآن عن فقهه .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _328_

نماذج من فقهه :
  عرضنا في البحوث السابقة لإحدى رسائل الإمام ( عليه السلام ) وقد دون فيها غرر الأحكام الشرعية ، وقد أثرت عنه كوكبة أخرى من المسائل الفقهية .
  وهذه بعضها .
  1 ـ طهارة ماء البئر :
  كتب محمد بن إسماعيل إلى رجل يسأله أن يسأل الإمام الرضا ( عليه السلام ) عن ماء البئر ، فقال ( عليه السلام ) : ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه ، أو طعمه ، فينزح منه حتى يذهب الريح ، ويطيب طعمه لان له مادة (1) .
  أما ماء البئر فهو بمنزلة الماء الجاري لا ينجس إلا إذا تغير ، وقد أفتى فقهاء الامامية بذلك استنادا إلى هذه الرواية وغيرها.   2 ـ نواقض الوضوء :
  اما نواقض الوضوء فقد ذكر الامام ما يخرج من السبيلين البول والغائط والريح ، والنوم قال ( عليه السلام ) : انما وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ، ومن النوم دون سائر الأشياء ، لان الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للانسان طريق تصيبه النجاسة إلا منهما فأمروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة (2) .
  كما أعلن الإمام ( عليه السلام ) أنه ليس من نواقض القئ والرعاف والمدة (3) .
  وأفتى بعض أئمة المذاهب الاسلامية إلى أن هذه الأمور من نواقض الوضوء ، كما أعلن الإمام ( عليه السلام ) أنه ليس من نواقض الوضوء القئ والرعاف والمدة (4) .
  وأفتى بعض أئمة المذاهب الاسلامية إلى أن هذه الأمور من نواقض الوضوء .
  3 ـ حد الوجه في الوضوء :
  روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) أسأله عن حد الوجه ـ وهو الذي يغسل في الوضوء ـ فكتب ( عليه السلام ) من أول الشعر إلى آخر الوجه وكذلك الجبينان (5) .
  وقد حده الفقهاء بأنه من قصاص الشعر إلى الذقن طويلا ، وما اشتمل عليه الابهام والوسطى عرضا .

---------------------------
(1) وسائل الشيعة 1 / 127 .
(2) التهذيب 1 / 5 .
(3) وسائل الشيعة : أبواب الوضوء .
(4) وسائل الشيعة .
(5) العروة الوثقى كتاب الوضوء .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _329_

  4 ـ وضوء الجبيرة :
  روى عبد الرحمن بن الحجاج قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الكسير تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء ، وعند غسل الجنابة ، وغسل الجمعة ؟
  فقال ( عليه السلام ) : يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ، ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجبائر ويعبث بجراحته (1) .
  الجبائر هي اللفافات ـ في اصطلاح العصر ـ أو غيرها مما يوضع على الكسور والجروح والقروح والدماميل ، وهي إما أن تكون على موضع يجب غسله في الوضوء أو الغسل أو في موضع يجب فيه المسح ، فإذا أمكن غسل المحل فيما يغسل أو مسحه فيما يمسح ، بلا مشقة وجب ذلك وإن لم يكن ذلك لضرر الماء ونحوه فيغسل إلى الموضع الذي فيه الجبيرة ، ثم يمسح عليها ، وان كانت الجبيرة في موضع المسح ، ولم يمكن رفعها ، والمسح على البشرة ، فيمسح على الجبيرة .
  وذكر فقهاء الامامية في هذه المواضع بحوثا مهمة .
  5 ـ وضوء الرجل والمرأة :
  روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : فرض الله على النساء في الوضوء للصلاة أن يبتدئن بباطن أذرعهن ، وفي الرجل بظاهر الذراع (2) .
  وروى محمد بن علي بن الحسين ، قال : قال الرضا ( عليه السلام ) : فرض الله عزوجل على الناس في الوضوء أن تبدأ المرأة بباطن ذراعيها والرجل بظاهر الذراع (3) .
  من مستحبات الوضوء أن يبدأ الرجل بغسل ظاهر ذراعيه ، واما المرأة فيستحب لها أن تغسل باطن ذراعيها ، ومعنى الفرض في الحديثين بمعنى قدر وبين لا

---------------------------
(1) فروع الكافي 1 / 11 .
(2) فروع الكافي 1 / 10 .
(3) من لا يحضر الفقيه 1 / 16 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _330_

  بمعنى أوجب والزم (1) .
  6 ـ كراهة الاستعانة في الوضوء :
  روى الحسن بن علي الوشا قال : دخلت على الرضا ( عليه السلام ) وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك ، فقال : مه يا حسن ، فقلت له : لم تنهاني أن أصب على يديك ؟ تكره أن أوجر ، قال : توجر أنت وأوزر أنا ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : أما سمعت الله عزوجل يقول : ( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة ، فأكره ان يشركني فيها أحد (2) .
  وعلى ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى فقد أفتى فقهاء الامامية بكراهة الاستعانة في مقدمات الوضوء (3) .
  7 ـ كيفية التيمم :
  روى إسماعيل بن همام الكندي عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : التيمم ضربة للوجه ، وضربة للكفين (4) .
  ذهب مشهور الفقهاء إلى أن التيمم إذا كان بدلا عن الوضوء يكفي فيه ضربة واحدة للوجه واليدين ، وإذا كان بدلا عن الغسل فيجب فيه التعدد (5) والرواية دلت على اعتبار التعدد مطلقا ولعلها حملت على الاستحباب .
  8 ـ التيمم بالطين :
  روى علي بن مطر عن بعض أصحابنا قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن الرجل لا يصيب الماء ولا التراب أيتيمم بالطين ؟ قال : نعم صعيد طيب ، وماء طهور ، والرواية صريحة في جواز التيمم بالطين ، بعد فقد الماء والتراب .

---------------------------
(1) وسائل الشيعة 1 / 328 .
(2) فروع الكافي 1 / 21 .
(3) العروة الوثقى مكروهات الوضوء .
(4) وسائل الشيعة 2 / 978 التهذيب 1 / 59 .
(5) التهذيب 1 / 59 وسائل الشيعة 2 / 973 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _331_

  9 ـ عدم التمكن من غسل الجنابة :
  روى أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) في الرجل تصيبه الجنابة ، وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه من البرد ، فقال : لا يغتسل ويتيمم (1) .
  والرواية صريحة في جواز التيمم بعد تعذر الغسل لان في الغسل حرجا وهو منفي ، ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .
  10 ـ الجلود غير المذكاة :
  روى قاسم الصيقل ، قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) إني اعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي ، فأصلي فيها فكتب ( عليه السلام )
  إلي : اتخذ ثوبا لصلاتك (2) .
  أما جلود الميتة فهي نجسة ، فإذا أصابت الثوب وكانت فيه رطوبة فإنه ينتقل بالنجاسة ، ولا يجوز الصلاة إلا في الثياب الطاهرة .
  11 ـ أواني الذهب والفضة :
  روى محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن آنية الذهب والفضة فكرههما ، فقلت : روى بعض أصحابنا أنه كان لأبي الحسن ( عليه السلام ) ـ وهو الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ـ مرآة ملبسة فضة ، فقال ( عليه السلام ) : لا والحمد لله انما كانت لها حلقة فضة وهي عندي ، ثم قال ، إن العباس حين عذر عمل له قضيب ملبس من فضة من نحو ما يعمله للصبيان تكون فضة نحوا من عشرة دراهم فأمر به أبو الحسن فكسر (3) .
  أما آواني الذهب والفضة فقد ذهب معظم الفقهاء إلى حرمة استعمالها ، وتحمل الكراهة في الرواية اما على الحرمة أو على التقية لان جماعة من العامة بنوا على عدم التحريم .

---------------------------
(1) التهذيب 1 / 55 وسائل الشيعة 2 / 968 .
(2) فروع الكافي 1 / 113 وسائل الشيعة 2 / 1070 .
(3) فروع الكافي 2 / 156 وسائل الشيعة 2 / 1083 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _332_

  12 ـ الغسل يوم الجمعة :
  روى عبد الله بن المغيرة عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن الغسل يوم الجمعة ؟ فقال : واجب على كل ذكر أو أنثى عبد أو حر (1) .
  أما الغسل يوم الجمعة فهو من المستحبات المؤكدة ، وحمل الوجوب في الرواية على تأكد الاستحباب .
  13 ـ مس ميتة غير الآدمي :
  أما مس ميتة غير الآدمي فلا غسل فيه ، فقد روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما لم يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات غير الانسان كالطيور والبهائم والسباع وغير ذلك لان هذه الأشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعرا ووبرا ، وهذا كله ذكي لا يموت ، وانما يماس منه الشئ الذي هو ذكي من الحي والميت (2) .
  قال الشيخ الحر العاملي : التعليل غير حقيقي ، ومثله كثير جدا ويحتمل كونه تعليلا للفرد الأغلب خاصة (3) .
  14 ـ الصلاة على الميت بلا وضوء :
  روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) قال : إنما جوزنا الصلاة على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود ، وانما هي دعاء ومسألة ، وقد يجوز أن تدعو الله وتسأله على أي حال كنت ، وانما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود (4) .
  لقد ذهب معظم فقهاء الامامية إلى أن الصلاة على الميت انما هي دعاء وليست صلاة حقيقية ، ولذا لا يشترط فيها الطهارة ، ولا إباحة اللباس ولا غير ذلك من شروط الصلاة .
  15 ـ رفع اليدين في التكبير لصلاة الميت :
  روى يونس قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) ، قلت : جعلت فداك ان
---------------------------
(1) وسائل الشيعة 2 / 946 ، فروع الكافي 1 / 14 .
(2) وسائل الشيعة 2 / 935 ، العلل ( ص 36 ) .
(3) وسائل الشيعة 2 / 936 .
(4) وسائل الشيعة 2 / 799 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _333_

  الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ، ولا يرفعون فيما بعد ذلك ، فاقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون ، أو ارفع يدي في كل تكبيرة ؟ فقال :
ارفع يدك في كل تكبيرة (1) .
  16 ـ الصلاة أفضل عبادة :
  روى يحيى بن حبيب قال : سألت الرضا ( عليه السلام ) عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله من الصلاة ؟
  قال : ستة وأربعون ركعة فرائضه ونوافله ، قلت : هذه رواية زرارة ، قال : أو ترى أحدا كان أصدع بالحق منه (2) .
  17 ـ الصلاة قربان كل تقي :
  روى محمد بن الفضل عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : الصلاة قربان كل تقي (3) .
  18 ـ الصلاة في وقتها :
  روى سعد بن سعد عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : إذا دخل الوقت عليك فصل ، فإنك لا تدري ما يكون (4) ان الصلاة في أول وقتها قد تواترت الاخبار باستحبابها وكراهة تأخيرها ، وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) في حديث آخر له : الصلاة في أول وقتها أفضل(5) .
  19 ـ وقت صلاة المغرب :
  روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ـ أسأله عن أوقات الصلاة خصوصا صلاة المغرب ـ فكتب ( عليه السلام ) : غير أن وقت المغرب ضيق ، وآخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب (6) .
  وقد نظر الإمام ( عليه السلام ) إلى وقت الأفضلية ، لا وقت الوجوب فإنه يمتد

---------------------------
(1) فروع الكافي 1 / 50 وسائل الشيعة 2 / 786 .
(2) التهذيب 1 / 135 وسائل الشيعة 3 / 43 .
(3) فروع الكافي 1 / 73 وسائل الشيعة 3 / 30 .
(4) التهذيب 1 / 213 .
(5) وسائل الشيعة 3 / 90 .
(6) فروع الكافي 1 / 77 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _334_

  وقتها ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل (1) .
  20 ـ وقت صلاة الظهرين :
  روى إسماعيل بن مهران قال : كتبت إلى الرضا ( عليه السلام ) : ذكر أصحابنا أنه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء إلا ان هذه قبل هذه في السر والحضر ، وان وقت المغرب إلى ربع الليل ، فكتب : كذلك الوقت غير أن وقت المغرب ضيق (2) .
  21 ـ قضاء النوافل :
  روى محمد بن يحيى قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) : تكون علي الصلوات النافلة متى أقضيها ؟ فكتب ( عليه السلام ) في أي ساعة شئت من ليل أو نهار (3) .
  وأفتى فقهاء الامامية على ضوء هذه الرواية وغيرها مما أثر عن أئمة الهدى ( عليهم السلام ) في استحباب قضاء الرواتب ، وإذا عجز عن القضاء استحب له الصدقة عن كل ركعتين بمد (4) .
  22 ـ صلاة الليل لذوي الاعذار :   يجوز تقديم صلاة الليل في أول الليل لذوي الاعذار ، فقد روى الفضل بن شاذان عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) أنه قال : انما جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل لاشتغاله وضعفه .
  وليحرز صلاته فيستريح المريض في وقت راحته ، وليشتغل المسافر بأشغاله وارتحاله وسفره (5) .
  23 ـ عدم جواز الصلاة في جلود السباع :
  ولا تجوز الصلاة في جلود السباع ، فقد روى إسماعيل بن سعد الأحوص قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة في جلود السباع ، فقال :
  لا تصل فيها (6) .

---------------------------
(1) منهاج الصالحين .
(2) وسائل الشيعة .
(3) وسائل الشيعة 3 / 68 .
(4) منهاج الصالحين .
(5) من لا يحضره الفقيه 1 / 147 .
(6) فروع الكافي 1 / 111 وسائل الشيعة 3 / 257 .

حياة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام _335_

  24 ـ الصلاة في الخز :
  وجوز الإمام ( عليه السلام ) الصلاة في الخز ، فقد روى معمر بن خلاد قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) عن الصلاة في الخز ؟ فقال : صل فيه (1) .
  وروى سعد بن سعد عن الرضا ( عليه السلام ) قال : سألته عن جلود الخز ، فقال : هوذا نحن نلبس ، فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك قال : إذا حل وبره حل جلده (2) .
  25 ـ كراهة الصلاة في الطرق :
  وأفتى فقهاء الامامية بكراهة الصلاة في الطرق ، ومن أدلتهم على ذلك ما رواه الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) .
  قال : كل طريق يوطأ فلا تصل عليه ، قلت له : انه قد روي عن جدك ان الصلاة في الظواهر لا بأس بها ، قال : ذاك ربما سايرني عليه الرجل ، قال : قلت : فإن خاف الرجل على متاعه ؟ قال : فان خاف فليصل (3) .
  26 ـ الصلاة إلى جانب قبر النبي :
  وتجوز الصلاة إلى خلف قبر المعصوم ، أو إلى أحد جانبيه ، فقد روى الحسن بن علي بن فضال ، قال : رأيت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) وهو يريد أن يودع للخروج إلى العمرة فأتى القبر من موضع رأس النبي (ص) ولزق بالقبر ثم انصرف حتى أتى القبر فقام إلى جانبه يصلي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريبا من الأسطوانة المخلقة التي عند رأس النبي ( صلى الله عليه وآله ) فصلى ست ركعات أو ثمان ركعات (4) .
  27 ـ الصلاة في المسجد الحرام :
  وحث الامام على الصلاة في المسجد الحرام فقد روى موسى بن سلام قال : اعتمر أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ، فلما ودع البيت وصار إلى باب الحناطين

---------------------------
(1) التهذيب 1 / 96 وسائل الشيعة 3 / 261 .
(2) التهذيب 1 / 242 وسائل الشيعة 3 / 266 .
(3) وسائل الشيعة 3 / 445 .
(4) وسائل الشيعة 3 / 455 .