اتصل بنا مؤمنــــة البطاقات انتصار الدم مساجد البصرة واحة الصائم المرجعية الدينية الرئيسية

الدوائر الأربعة للأنا

رجوع

  وكما ينشئ الإنسان العلاقة مع الآخرين تتصف بالحبّ والبغض والإنسجام والتناقض والتعاون والتواكل، كذلك للإنسان دوائر أُخر من العلاقات على نفس الترتيب مع الله تعالى ومع نفسه ومع الدنيا .
  وهذه أربعة داوئر للعلاقات يدخل فيها الأنا بالصورة التالية:
  1 ـ علاقة الأنا بالله تعالى .
  2 ـ علاقة الأنا بالآخرين.
  3 ـ علاقة الأنا بالدنيا (الأشياء).
  4 ـ علاقة الأنا بنفسه.
  ونمط علاقة الأنا في كل من هذه الدوائر الأربعة يختلف اختلافاً جوهرياً وعميقاً في الحالة الأولى (محورية الأنا) عن الحالة الثانية (محورية الله تعالى).
  وطائفة واسعة من مصائب الإنسان وابتلاءاته ومشاكله هي من إفرازات "الأنا" عندما يتحوّل "الأنا" في حياة الإنسان إلى محور من دون الله تعالى. فيكون من إفراز "الإنا" في هذه الحالة في علاقة الإنسان بالله تعالى التكبر على الله، والتمرّد على الله والشرك والكفر .
  ومن إفراز الأنا في علاقة الإنسان بالآخرين نظام الإستكبار والإستضعاف في العلاقات الاجتماعية، والحسد، والعدوان، والبغضاء، والكراهية فيما بين الناس .
  ومن إفراز الأنا في هذه الحالة في علاقات الإنسان بالدنيا الحرص والطمع والجشع .
  ومن إفراز الأنا في علاقته بنفسه العجب، الغرور والاعتداد بالنفس وتزكية النفس وتبرئتها عن الخطأ والتقصير .
  بينما نجد أن إفراز الأنا ونتائجه عندما يجعل الإنسان مرضاة الله تعالى في حياته هي المحور ويجعل الأنا تابعاً لهذا المحور أمر يختلف تماماً في النقاط التي ذكرناها في هذه الشبكة الواسعة من العلاقات.
  وهذا إجمال لابد له من تفصيل، وهذا التفصيل يرتبط بموضوع بحثنا ارتباطاً وثيقاً، لابد من الدخول فيه .
  وإليك هذا التفصيل:
  عندما يتحوّل "الأنا" في حياة الإنسان إلى محور يستقطب كل مشاعره واهتماماته يصدق على هذا الإنسان أنه أتخذ "الأنا" إلهاً. ويتحول "الأنا" إلى صنم في حياته يعبده الإنسان من دون الله.
  وبقدر ما يبرز " الأنا" إلهاً في حياة الإنسان يضمر إحساس الإنسان بألوهية الله تعالى في حياته .
  وبين هذا وذاك نسبة عكسية دائماً، فكلما تبرز ألوهية الأنا أو الهوى في حياة الإنسان أكثر يختفي التوحيد أكثر .
  فإن التوحيد يقع في النقطة المقابلة لمحورية الأنا تماماً. وكلما تتكرس حالة محورية الأنا في حياة الإنسان تختفي حالة التوحيد .
  المرحلة الأولى لهذا البروز والإختفاء "الشرك" حيث يشرك الإنسان بالله تعالى، والشريك الذي يشركه الإنسان في الألوهية هو "الأنا". والمرحلة الأخيرة لهذا البروز والإختفاء "الكفر" حيث يغطي الأنا ذكر الله في قلب الإنسان بشكل كامل، والكفر بمعنى التغطية، فتبرز محورية الأنا في حياة الإنسان بصورة طاغية ويختفي التوحيد تماماً من نفسه وهذه هي التي ينتهي إليها الإنسان غالباً عندما يستدرجه حبّ الذات.
  وهذا "الكفر" من الكفر في مقام العمل، وليس من الكفر في "العقيدة"، وقد يختلفان فيبقى الإنسان في العقيدة مؤمناً بالله تعالى خالقاً ورازقاً ورباً، ولكنه في مرحلة العمل ينسى الله تعالى ويُنكره تماماً في اهتماماته وجهده وحركته ومشاعره ويتحرك حول نفسه ، ويتحول من محور "الله" إلى محور "الأنا" وينفك تماماً عن المحور الأول، ويرتبط تماماً بالمحور الثاني .
  وهذا الكفر في التعامل قد يستتبع الكفر في العقيدة، وقد يفارق الكفر في العقيدة ولكن القرآن يحكم عليه بالكفر ، كما يحكم على الحالة الأولى منها بالشرك .

Copyright © 2018 bascity Network, All rights reserved
                   BASRAHCITY.NET