الانصار
          الهاشميون
          الخصـــوم
          المعاصرون لزمن النهضة
          نساء خالدات

« ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي»


  من هي ليلى ؟
  هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي (1)، وهي زوجة الإمام الحسين عليه السلام وأم علي الأكبر (عليه السلام) من النساء الفاضلات في عصرها. لم يرد اسمها ـ خلافا للمشهور ـ في الكتب المعتبرة والمقاتل لا في واقعة كربلاء ولا في الكوفة الشام. (2).
  ذكر سماحة الشيح عبد الرزاق القمي في كتابه المسمى بـ (علي الأكبر) ترجمة موجزة لشخصية ليلى رضوان الله تعالى عليها وهي كما يلي :
  كانت ليلى (3) من بيت شرف ومنعة فان جدها عروة أحد العظيمين الذين قالت قريش فيهما:« لولا أنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم» (4) والقريتان مكة والطائف،...

  عروة بن مسعود جد ليلى:
  ولشرف عروة في قومه أرسلته قريش يوم الحديبية لعقد الصلح مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكان كافراً وأسلم سنة تسع من الهجرة ورجع إلى قومه يهديهم إلى الإسلام فصعد إلى علية له وأشرف منها عليهم وأظهر الإسلام ودعاهم إليه فرموه بالنبل وأصابه سهم فمات فقيل له ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي ليس في إلا مافي الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله فادفنوني معهم ، فلما مات دفنوه مع الشهداء وقال رسول الله ليس مثله في قومه إلا كمثل صاحب ياسين في قومه (5).
  وكان عند عروة يوم اسلم عشر نسوة فعرفه النبي بأن الإسلام لا يبيح أكثر من أربع ، فاختار اربعاً منهن زينب بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية (6).

  أبو مرة والد ليلى:
  ولد أبو مرة والد ليلى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فكانت له صحبة ولما قتل أبوه عروة خرج هو وأخوه أبو المليح إلى النبي وأعلماه بقتل أبيهما وأسلما ورجعا إلى الطائف مسلمين...

  قرابة المختار لليلى:
  وفي مسعود الثقفي تجتمع ليلى مع المختار بن أبي عبيد الثقفي فإنها بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود ، والمختار بن أبي عبيد بن مسعود فـأبو مرة والد ليلى والمختار ولدا عم (7).
  وفي ليلى يقول الحارث بن خالد المخزومي (8).
أطـافت بنا شمس النهار ومن iiرأى        من الناس شمساً في المساء تطوف
أبـو أمـها أوفـى قـريش بـذمة        وأعـمـامها إمـا سـألت iiثـقيف
  ولم يظهر لنا سنة وفاتها ولا مقدار عمرها ولا حضورها في مشهد الطف وإن نسبه « الدربندي » في أسرار الشهادة إلى بعض المؤلفات المجهول صاحبها مع أن المؤرخين أجمع أهملوا ذكرها ولعلها كانت متوفاة قبل الطف.

  التفاصيل وتساؤلات في شأن ليلى والأكبر ؟
  وورد في موقع حوزة الهدى بعض التساؤلات حول بعض التفاصيل التي تذكر من قبل الخطباء تتعلق بشأن ليلى رضوان الله تعالى عليها وفي شأن ولدها الأكبر وقد أجاب عليها سماحة الشيخ محمد صنقور كالتالي:

  السؤال الأول: هل كانت ليلى في كربلاء ؟
  الجواب الأول: أفاد المحقق التستري في كتابه قاموس الرجال ج 7/422 (أنه لم يذكر أحد في السيَر المعتبرة حياة أم (علي الأكبر) يوم الطف فضلاً عن شهودها وإنما ذكروا شهود الرباب أم الرضيع وسكينة).
  وأفاد المحقق الشيخ عباس القمي في كتابه نفس المهموم 176 أنه (لم يظفر بشيء يدلُّ على مجيء ليلى إلى كربلاء)... وهذا ما يظهر أيضاً من كلمات العلامة المجلسي في البحار.
  وفي مقابل ذلك أفاد المحقق ابن شهراشوب في كتابه مناقب آل أبي طالب ج 4/118 أن علي الأكبر ((طعنه مرة بن منقذ العبدي على ظهره غدراً فضربوه بالسيف فقال الحسين(ع): (على الدنيا بعدك العفا)، وضمَّه إلى صدره وأتى به إلى باب الفسطاط فصارت أمه شهربانويه ولْهى تنظر ولا تتكلم .
  أقول: هذا النص هو ما يمكن أن يتمسك به القائلون بحضور أم الأكبر في كربلاء إلا إن الإشكال هو أن ابن شهراشوب أفاد إن اسمها شهربانويه و ليست ليلى بنت أبي مرة.
  وكيف كان فإن هذا النص ينفي الجزم بعدم حضور أم الأكبر في كربلاء يوم الطف، إلا أنّه لا يصلح لإثبات حضور ليلى، فالنص المذكور لا ينافي ما أفاده المحقق القمي وإن كان ينافي ما أفاده المحقق التستري حيث نفى وجود نصٍ تاريخي يذكر أنَّ أم الأكبر موجودة فضلاً عن حضورها يوم الطف.
  السؤال الثاني: هل صحيح ما يردده الخطباء بأنّ السيدة ليلى لما أرادت أن تدعو الله لرد ولدها الأكبر سالما نشرت شعرها؟! وحللت أزرارها ؟! ورفعت ثدييها ؟!.
  الجواب الثاني: لم نجد هذا الخبر في كتب الاخبار والمقاتل المعتبرة حتى يقع البحث عن صحته أو ضعفه، بل أفاد الشيخ عباس القمي في كتابه منتهى الآمال: أن ما هو مشهور من أنَّ الأكبر بعد خروجه إلى الميدان توجه الإمام الحسين (ع) إلى أمه ليلى وطلب منها أن تخلو بنفسها فتدعو له... باطل كله، نقل ذلك عن شيخه المحدث النوري.
  هذا وقد وقع البحث في أصل وجود السيدة ليلى يوم الطف، وقد أفاد المحقَّق التستري في كتابه قاموس الرجال. ج 7/422 " أنه لم يذكر أحد في السير المعتبرة حياة أم علي الأكبر يوم الطف فضلاً عن شهودها وإنما ذكروا شهود الرباب اُم الرضيع وسكينه".
  إلا أن المحقَّق ابن شهرا شوب في كتابه مناقب آل أبي طالب ج 4/115 أفاد "أن عليَّ الأكبر طعنه مرة بن منقذ العبدي على ظهره غدرًا فضربوه بالسيف، فقال الحسين (ع) "على الدنيا بعدك العفا"، وضمه إلى صدره وأتى به إلى باب الفسطاط فصارت أمه شهربانويه ولهى تنظر إليه ولا تتكلم".
  هذا هو النص الوحيد الذي عثرنا عليه في الكتب المعتبرة فيما يتصل بشأن وجود أم الأكبر إلا أنّه لم يسمِّ والدة الأكبر بليلى .
  فالسيدة ليلى رضوان الله عليها حتى لو سلَّمنا بحضورها كربلاء إلا أن التفاصيل التي يذكرها الخطباء عند خروج الأكبر للمعركة لم نجد لها عيناً ولا أثراً في كتب الأخبار والمقاتل المعتبرة فلا ينبغي التعويل على ما يذكره القصَّاصون، ففي التفاصيل المذكورة في الكتب المعتبرة غنىً وكفاية، وهي كثيرة ومعبِّرة عن فظاعة الظلم الذي وقع على الحسين وآل الحسين (ع) يوم الطف.
  السؤال الثالث: هل الرواية التي تُنقل عن الإمام الحسين (ع) صحيحة حين ردّ على أمّ الأكبر: "إنّي سمعت جدّي رسول الله (ص) يقول: إنّ دعاء الأمّهات لأولادهنّ مُستجاب".
  الجواب الثالث: لم نجد هذا الخبر رغم البحث عنه في مظانَّه، لذلك فهو لا يرقى حتى إلى مستوى الخبر المرسل، وقد أفاد الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال أن شيخه المحِّدث النوري عبَّر عنه "بأنَّه باطل كله" أي أن الخبر وسياقه والتفاصيل المذكورة معه باطل كله .

**************************************************************
1 ـ وما ذكرناه من اسمها نص عليه الشيخ المفيد في الإرشاد والطبرسي في أعلام الورى واختاره ابن جرير في التاريخ وابن الأثير في الكامل واليعقوبي في تاريخه والسهيلي في الروض الآنف .
2 ـ (منتهى الآمال 335:1)
3 ـ قال الشيخ عبد الرزاق القمي: هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وأمها ميمونة بنت أبي سفيان صخـر بن حرب بن أمية، وجدتها بنت أبي العاص وعمة أبيها برزة بنت مسعود زوجة صفوان بن أمية أم ولده عبدالله الأكبر أخرجها صفوان معه يوم أحداً.
4 ـ سورة الزخرف : الآية 31 .
5 ـ الاصابة ج 2 ص 478.
6 ـ الاصابة ج 4 ص 316.
7 ـ الإصابة ج 4 ص 130.
8 ـ الإصابة ج 4 ص 178.





«شاه زنان بنت كسرى يزدجرد»

  جاء في كتاب أعيان الشيعة لآية الله سماحة السيد محسن الأمين (قدس الله نفسه الزكية) ما يلي:
  علي الأصغر زين العابدين أمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد ملك الفرس ومعنى شاه زنان بالعربية ملكة النساء. (1)
  قال الشيخ المفيد: اسمها شاهزنان. وقيل اسمها (شهربانو) أو شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن ابرويز بن أنوشروان، وكان يزدجرد آخر ملوك الفرس. (2)
  وقال المبرد: اسمها سُلافة، وقيل خولة، وقيل غزالة.
  والظاهر أن اسمها الأصلي كان كما ذكره الشيخ المفيد، ثم غُيّر كما ذكره المبرّد، حين أُخذت سبيّة وتزوجها الإمام الحسين (عليه السلام).
  قيل: ولم يكن أهل المدينة يرغبون في نكاح الجواري، حتى ولد علي بن الحسين (عليه السلام) فرغبوا فيهن.
  روى الزمخشري في (ربيع الأبرار) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لله من عباده خيرتان: فخيرته من العرب قريش، ومن العجم فارس ، وكان علي بن الحسين (عليه السلام) يقول: أنا ابن الخيرتين؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمه بنت يزدجرد ملك الفرس.
  وجاء في موسوعة كربلاء للدكتور الفاضل لبيب بيضون ما يلي:
  وفي (المفيد في ذكرى السبط الشهيد) (3) قال: إن أم زين العابدين (عليه السلام) أخذت في وقعة القادسية بين العرب والفرس. فحين انهزم الملك يزدجرد، أخذت بناته الثلاث أسرى؛ فتزوج إحداهن الحسين (عليه السلام) وهي شاه زنان، فولدت له زين العابدين (عليه السلام) وفاطمة الصغرى. ...
  وفي مناقب ابن شهراشوب (4) قال:
  خيّروا شهربانويه بمن تتزوج ؟. فقالت: لست ممن تعدل النور الساطع والشهاب اللامع: الحسين بن علي (عليه السلام).
  (أقول): ويمكن التوفيق بين من قال إن أم زين العابدين (عليه السلام) هي شاهزنان نبت يزدجرد، فلما توفيت في نفاسه بزين العابدين (عليه السلام) (5) تزوج أختها شهربانويه، فربّت زين العابدين خالته، وكان يدعوها أمي ، وهي التي أُثر أنه لم يؤاكلها في قصعة واحدة، بل كان يضع لها صحنًا وله صحنًا. (6)
  وجاء في مجموعة من الكتب والمصادر التاريخية ما يلي:

  خبر تزويجها للإمام الحسين (ع): (7)
  جاء في الدر النضيم: أن المفيد (رضي الله عنه) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) ولى حريث بن جابر جانبا من المشرق، فبعث إليه ببنتي يزدجرد بن شهريار، فنحل ابنه الحسين بن علي (عليهما السلام) شاه زنان منهما، فأولدها زين العابدين، ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر فولدت له القاسم بن محمد بن أبي بكر، فهما ابنا خالة.
  وأما أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري - ليس التاريخي - فإنه قال: لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر بن الخطاب بيع النساء وأن يجعل الرجال عبيدا.
  فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قال: " أكرموا كريم كل قوم ".
  فقال عمر: قد سمعته يقول: " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وإن خالفكم ".
  فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء قوم قد ألقوا إليكم السلم ورغبوا في الإسلام، ولا بد من أن يكون لي منهم ذرية، وأنا اشهد الله وأشهدكم إني قد عتقت نصيبي منهم لوجه الله تعالى .
  فقال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضا لك .
  فقال: اللهم اشهد إني قد عتقت ما وهبوني لوجه الله.
  فقال المهاجرون والأنصار: وقد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله.
  فقال: اشهد أنهم قد وهبوا لي حقهم وقبلته، وأشهدك أني قد عتقتهم لوجهك .
  فقال عمر: لم نقضت علي عزمي في الأعاجم ؟ وما الذي رغبك عن رأيي فيهم ؟ فأعاد عليه ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في إكرام الكرماء.
  فقال عمر: فقد وهبت لله ولك يا با الحسن ما يخصني وسائر ما لم يوهب لك .
  فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): اللهم اشهد على ما قالوه وعلى عتقي إياهم.
  فرغب جماعة من قريش في أن يستنكحوا النساء، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هؤلاء لا يكرهن على ذلك ولكن يخيرن فما اخترنه عمل به .
  فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى، فخيرت وخوطبت من وراء حجاب والجمع حضور، فقيل لها: من تختارين من خطابك ؟ وهل أنت ممن تريدين بعلا ؟ فسكتت .
  فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قد أرادت وبقي الاختيار.
  فقال عمر: وما علمك بإرادتها البعل ؟
  فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان إذا أتته كريمة قوم لأولي لها وقد خطبت يأمر أن يقال لها: أنت راضية بالبعل، فإن استحيت وسكتت جعل إذنها صماتها وأمر بتزويجها، فإن قالت " لا " لم تكره على ما تختاره .
  وإن شهربانويه أريت الخطاب فأومت بيدها فاختارت الحسين بن علي (عليهما السلام)، فأعيد القول عليها في التخيير فأشارت بيدها وقالت بلغتها: هذا إن كنت مخيرة، وجعلت أمير المؤمنين وليها. وتكلم حذيفة بالخطبة.
  فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): ما اسمك ؟
  قالت: شاه زنان بنت كسرى .
  قال أمير المؤمنين (عليه السلام): نه شاه زنان نيست مگر دختر محمد (صلى الله عليه وآله) (8)، وهي سيدة النساء، أنت شهربانويه، وأختك مرواريد بنت كسرى .
  قالت: أريه (9).
  وقال المبرد في الكامل: كان اسم أم علي بن الحسين سلافة من ولد يزدجرد، معروفة النسب، وكانت من خيرات النساء (10).
  خروجها مع الحسين (ع) إلى كربلاء: (11)
  محمد مهدي الحائري: روى عبد الله بن سنان الكوفي، عن أبيه، عن جده، أنه قال: خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام)، وهو يومئذ بالمدينة، فأتيته فقرأه فعرف معناه فقال: أنظرني إلى ثلاثة أيام فبقيت في المدينة ثم تبعته إلى أن صار عزمه بالتوجه إلى العراق، فقلت في نفسي أمضي وأنظر إلى ملك الحجاز كيف يركب وكيف جلالة شأنه، فأتيت إلى باب داره فرأيت الخيل مسرجة، والرجال واقفين، والحسين (عليه السلام) جالس على كرسي، وبنو هاشم حافون به، وهو بينهم كأنه البدر ليلة تمامه وكماله، ورأيت نحوا من أربعين محملا، وقد زينت المحامل بملابس الحرير والديباج .
  قال: فعند ذلك أمر الحسين (عليه السلام) بني هاشم بأن يركبوا محارمهن على المحامل، ...، إلى أن قال ...
  ثم خرج شاب آخر وهو يقول: تنحوا عني يا بني هاشم! تنحوا عن حرم أبي عبد الله، فتنحى عنه بنو هاشم، وإذا قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك، وهي تمشي على سكينة ووقار، وقد حفت بها إماؤها، فسألت عنها ؟ فقيل لي: أما الشاب فهو زين العابدين ابن الإمام، وأما المرأة فهي أمه شاه زنان بنت الملك كسرى زوجة الإمام، فأتى بها وأركبها على المحمل، ثم اركبوا بقية الحرم والأطفال على المحامل. ... (12)

**************************************************************
1 ـ (أعيان الشيعة، ج 1 - ص 579)
2 ـ (أعيان الشيعة، ج 4 - ص 309)
3 ـ ((المفيد في ذكرى السبط الشهيد ) لعبد الحسين إبراهيم العاملي، ص 171)
4 ـ ( ج 3 ص 208 ط نجف)
5 ـ (وهي رواية شاذة – كما يعبر عنها الدكتور لبيب نفسه في موسوعته في الجزء الأول / ص 116).
6 ـ (راجع مجموعة نفيسة عن تاريخ الأئمة، ص 24)
7 ـ (الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - ص 579 – 581)
8 ـ في الأصل: نه شاه زنان بنت بر امر محمد (صلى الله عليه وآله).
9 ـ دلائل الإمامة: ص 82.
10 ـ الكامل للمبرد: ج 2 ص 93 ط مصر .
11 ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) - لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع) - ص 361 – 362
12 ـ معالي السبطين 1: 220، أسرار الشهادة: 367، والاعتماد على هذه الرواية مشكل .




«أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام)»

  ورد في كتاب أعيان الشيعة لآية الله سماحة السيد محسن الأمين (قدس الله نفسه الزكية) ما يلي: (1)
  أم كلثوم بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)
  زوجة مسلم بن عقيل بن أبي طالب ...
  في عمدة الطالب: محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب أمه حميدة بنت مسلم بن عقيل، أمها أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، انتهى. هذا يدل على أن مسلما كان متزوجا بأم كلثوم بنت عمه علي بن أبي طالب ...
  وولده له منها: بنت اسمها حميدة ... وحميدة هذه تزوجها ابن عمها عبد الله بن محمد بن عقيل وولدت له محمد بن عبد الله بن محمد عقيل .
  وأم كلثوم هذه التي هي زوجة مسلم بن عقيل غير أم كلثوم الصغرى التي كانت متزوجة بأحد أعقابه فلا يمكن أن تكون زوجته، وغير الكبرى أيضا لأنه لم يقل أحد أنها كانت متزوجة بمسلم .
  ثم أن بنات أمير المؤمنين علي (ع) اللواتي اسمهن أو كنيتهن أم كلثوم هن ثلاث أو أربع:
  1 ـ أم كلثوم هذه زوجة مسلم ولعلها الوسطى...
  2 ـ وأم كلثوم الصغرى ...
  3 ـ وأم كلثوم الكبرى ... زوجة عمر بن الخطاب التي تزوجها بعده عون بن جعفر ثم أخوه محمد ثم أخوهما عبد الله بن جعفر كما ستعرف .
  4 ـ وهناك زينب الصغرى المكناة أم كلثوم المنسوب إليها القبر الذي في قرية راوية شرقي دمشق كما نذكره في ترجمتها انشاء الله ...
  فيمكن أن تكون هي زينب الصغرى وتكون هي وأم كلثوم الصغرى واحدة ويكون المكنيات بأم كلثوم ثلاثا ويمكن أن تكون غيرها فيكن أربعا فيكون لنا زينب الكبرى وزينب الصغرى المكناة بأم كلثوم وأم كلثوم الكبرى وأم كلثوم الصغرى والأخيرة اسمها كنيتها أم كلثوم زوجة مسلم بن عقيل والله أعلم.
  ثم أن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (ع) التي كانت مع أخيها الحسين (ع) بكربلا لا يدري أيهن هي فيمكن أن تكون هي زوجة مسلم بن عقيل فتكون قد خرجت مع أخيها الحسين، كما خرجت معه أختها زينب، وزوجها عبد الله بن جعفر حي بالمدينة، فخرجت معه هي وولداها عون وجعفر .
  وهذه كان قد خرج زوجها مسلم إلى الكوفة وخرج أولاده مع الحسين ويمكن أن يكون فيهم من هو من أولادها فهي أحق بالخروج مع أخيها الحسين من كل امرأة ويمكن أن تكون هي الصغرى ويمكن على بعد أن تكون الكبرى جاءت مع أخيها مع وجود زوجها.

  خطبتها في الكوفة:
  خطبت أم كلثوم بنت علي (ع) في ذلك اليوم من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت:
  يا أهل الكوفة! سوءة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه فتبا لكم وسحقا، ويلكم أ تدرون أي دواه دهتكم وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها وأي كريمة أصبتموها وأي صبية أسلمتموها وأي أموال انتهبتموها قتلتم خير رجالات بعد النبي ص ونزعت الرحمة من قلوبكم الا إن حزب الله هم المفلحون وحزب الشيطان هم الخاسرون...
  ثم قالت:
قـتلتم أخـي صبرا فويل iiلأمكم        سـتجزون نـارا حـرها يتوقد
سـفكتم  دماء حرم الله iiسفكها        وحـرمها  الـقرآن ثـم محمد
ألا  فـأبشروا بـالنار إنكم iiغدا        لـفي سـقر حـقا يقينا iiتخلدوا
واني لأبكي في حياتي على أخي        على  خير من بعد النبي iiسيولد
بـدمع غـزير مستهل iiمكفكف        على الخد مني دائما ليس iiيجمد
  قال الراوي فضج الناس بالبكاء والنوح ونشر النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن ولطمن خدودهن ودعون بالويل والثبور وبكى الرجال فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم.

  من أخبارها يوم الطف
  وصية الحسين (ع) لها:
  أنه لما أوصى الحسين (ع) النساء يوم كربلاء بدأ بأم كلثوم فقال: يا أختاه يا أم كلثوم وأنت يا زينب وأنت يا فاطمة وأنت يا رباب انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا ، الحديث.
  وروى ابن طاوس في كتاب الملهوف وغيره أنه لما جلس الحسين (ع) يوم الطف وجون مولى أبي ذر يصلح سيفه والحسين يقول:
  يا دهر أف لك من خليل ...الأبيات ...

  خطابها لشمر (لعنه الله) في الشام:
  جعلت أم كلثوم تنادي: وا محمداه وا علياه وا أماه وا أخاه وا حسيناه وا ضيعتنا بعدك يا أبا عبد الله فعزاها الحسين (ع) وقال لها: يا أختاه تعزي بعزاء الله فان سكان السماوات يفنون وأهل الأرض كلهم يموتون وجميع البرية يهلكون .
  وروى ابن طاوس أيضا: انه لما قرب الذين معهم السبايا والرؤوس من دمشق دنت أم كلثوم من شمر وكان في جملتهم ...
  فقالت له: لي إليك حاجة.
  فقال: وما حاجتك.
  قالت: إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل النظارة وتقدم إليهم ان يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها فقد خزينا من كثرة النظر الينا ونحن في هذه الحال.
  فأمر في جواب سؤالها أن يجعلوا الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة حتى أتى بهم باب دمشق فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي انتهى.

  خبرها عند وفاة أمها الزهراء (ع):
  استدرك المؤلف على الطبعة الأولى بما يلي: إن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (ع) لها ذكر في خبر وفاة أمها الزهراء (ع) ولا يدري أيهن هي من بناته (ع) اللواتي تكنى كل منهن بأم كلثوم كما مر .
  فقد روي أن الزهراء (ع) لما توفيت خرجت أم كلثوم وعليها برقعها تجر ذيلها متجللة برداء وهي تقول: يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا.
  وإن أمير المؤمنين (ع) لما غسل الزهراء لم يحضرها غيره وغير الحسنين وزينب وأم كلثوم وفضة جاريتها وأسماء بنت عميس، والظاهر أن التي حضرت وفاة أمها الزهراء هي التي حضرت وفاة أبيها أمير المؤمنين (ع).

  خبرها عند وفاة أبيها أمير المؤمنين (ع):
  روى الشيخ الطوسي في الأمالي: انه لما ضرب أمير المؤمنين (ع) احتمل فادخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال: الرفيق الأعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا .
  وقال المفيد: فنادت أم كلثوم عبد الرحمن بن ملجم يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين قال: إنما قتلت أباك. قالت يا عدو الله إني لأرجو أن لا يكون عليه باس، قال لها: فأراك إنما تبكين علي والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين أهل الأرض لأهلكتهم ... الخبر.
  جاء في كتاب اللهوف على قتلى الطفوف للمحدث الثقة أبن طاووس (قدس الله نفسه الزكية) ترجمة بسيطة جاء فيها:
  أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وأمها فاطمة عليها السلام، وهي أخت الحسن والحسين وزينب عقيلة بني هاشم، ومسألة زواجها من عمر من أشد المسائل اختلافاً بين المسلمين، وكثيراً ما يقع الخلط عند المؤرخين بينهما وبين أختها زينب الكبرى، لاتحادهما في الكنية. (2)
  وجاء في موسوعة عاشوراء لسماحة الشيخ المحدثي ما يلي:
  أم كلثوم بنت أمير المؤمنين
  بنت أمير المؤمنين، وأخت زينب والحسين. ولدت في السنوات الأخيرة من عمر النبي صلى الله عليه وآله كانت امرأة فاضلة وفصيحة ومتكلمة وعالمة. ذكروا أنها تسمى أيضا بزينب الصغرى، شهدت طوال حياتها استشهاد عترة الرسول وفي عام 61 للهجرة سارت في ركب الحسين إلى كربلاء وبعد استشهادهم في كربلاء أخذت مع السبايا فكانت تثني في خطبها وأحاديثها على عترة الرسول وتفضح ظلم الحكام.
  ومن جملة ذلك أن قافلة السبايا حينما دخلت الكوفة أمرت أم كلثوم الناس بالإصغاء ولما هدأت الأصوات بدأت حديثها بتوبيخ أهل الكوفة لتخاذلهم عن نصرة الحسين وتلطيخ أيديهم بدمه وبدأت خطبتها بالقول: (يا أهل الكوفة سوأة لكم، ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتباً لكم وسحقاً! ويلكم أتدرون أي دواهٍ دهتكم..) (3)، فارتفع صوت البكاء وخمشت النساء الوجوه ونتفت الشعور.
  وفي الشام أيضا دعت شمرا وطلبت منه إدخالهن المدينة من الباب الأقل ازدحاما بالناس، وأن يجعل رؤوس الشهداء بعيدا عن السبايا حتى ينشغل الناس بالنظر إليهن ولا ينظرون إلى وجوه بنات الرسالة، إلاّ أن الشمر عمل خلافا لطلبها وأدخل السبايا إلى مدينة دمشق من باب الساعات (4).
  وعند وجودها في الشام لم تتوان عن كشف الحقائق وإزاحة الستار عن جرائم الأمويين وبعد الرجوع إلى المدينة كانت أمّ كلثوم ممن يصف للناس وقائع ذلك السفر المروّع والشعر المعروف:
مـديـنة جـدّنـا لا iiتـقبلينا
فبالحسرات والأحزان جئنا (5)
**************************************************************
1 ـ ( ج 3 - ص 484 – 485)
2 ـ راجع من مصادر ترجمتها: أجوبة المسائل السروية: 226، الاستغاثة: 90، الاستيعاب 4/490، أسد الغابة 5/614، أعلام النساء المؤمنات: 181 ـ 220، وذكر فيه الكثير من مصادر ترجمتها .
3 ـ (بحار الأنوار 112:45، أعيان الشيعة 485:3)
4 ـ (أعيان الشيعة 485:3)
5 ـ (وردت القصيدة بأكملها والتي تتألف من 38 بيتا في كتاب عوالم (الإمام الحسين) :423)




«أم كلثوم بنت الحسين (عليه السلام)»

  ورد في كتب التاريخ والمقاتل أنَّ السيدة أم كلثوم بنت الإمام الحسين (عليه السلام قد حضرت واقعة كربلاء مع أبيها الحسين (ع)، وشهدته مرملاً على بوغاء كربلاء هو وأهل بيته وأصحابه، ثم سيقت مع عماتها وأخواتها إلى الكوفة والشام، وننقل لكم بعض ما ورد من ذكر لها في بعض مصادرنا:
  جاء في الأمالي للشيخ الصدوق (أعلى الله مقامه): (1)
  أم كلثوم عند قتل الحسين (ع):
  وأقبل فرس الحسين (عليه السلام) حتى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين (عليه السلام)، وجعل يركض ويصهل، فسمع بنات النبي (صلى الله عليه وآله) صهيله، فخرجن فإذا الفرس بلا راكب، فعرفن أن حسينا (صلى الله عليه) قد قتل، وخرجت أم كلثوم بنت الحسين (عليه السلام) واضعة يدها على رأسها، تندب وتقول: وا محمداه، هذا الحسين بالعراء، قد سلب العمامة والرداء.

  ردها (ع) على ابن زياد:
  أقبل سنان (لعنه الله) حتى أدخل رأس الحسين بن علي (عليهما السلام) على عبيد الله ابن زياد (لعنه الله) وهو يقول:
امـلأ  ركـابي فضة iiوذهبا        إني (2) قتلت الملك المحجبا
قـتلت  خيرا الناس أما iiوأبا        وخـيرهم إذ يـنسبون نسبا
  فقال له عبيد الله بن زياد: ويحك! فإن علمت أنه خير الناس أبا وأما، لم قتلته إذن ؟!
  فأمر به فضربت عنقه، وعجل الله بروحه إلى النار، ...
  وأرسل ابن زياد (لعنه الله) قاصدا إلى أم كلثوم بنت الحسين (عليه السلام) فقال لها: الحمد لله الذي قتل رجالكم، فكيف ترون ما فعل بكم ؟
  فقالت: يا بن زياد، لئن قرت عينك بقتل الحسين (عليه السلام) فطالما قرت عين جده (صلى الله عليه وآله) به، وكان يقبله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه. يا ابن زياد، أعد لجده جوابا، فإنه خصمك غدا (3)، وصلى الله على رسوله محمد وآله.
  وجاء في مستدركات علم رجال الحديث لسماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي نفس الرواية وقال فيها: (4)

  أم كلثوم بنت الحسين (عليه السلام):
  أرسل إليها ابن زياد أن يقال لها: الحمد لله الذي قتل رجالكم. فكيف ترون ما فعل بكم ؟!
  فقالت: يا بن زياد ؟ لئن قرت عينك بقتل الحسين (عليه السلام)، فطال ما قرت به عين جده وكان يقبله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه، يا بن زياد! أعد لجده جوابا فإنه خصمك غدا. (5)
**************************************************************
1 ـ ( ص 226 – 227)
2 ـ في نسخة: أنا.
3 ـ بحار الأنوار 44: 310 / 1.
4 ـ ( ج 8 - ص 558)
5 ـ كمبا ج 10 / 173، وجد ج 44 / 322.




«فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام)»

  وجاء في كتاب أعيان الشيعة لآية الله سماحة السيد محسن الأمين (قدس الله نفسه الزكية) (1):
  أم عبد الله فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام)، زوجة الإمام السجاد، وأم الإمام الباقر (عليه السلام).
  كان الإمام الباقر (عليه السلام) هاشميا بين الهاشميين، وعلويا بين علويين، وفاطميا بين فاطميين، وهو أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين (عليهما السلام)، مثل جده الإمام علي (عليه السلام) أولده هاشم مرتين .
  وقال الحافظ عبد العزيز الأخضر الجنابذي: أمها أم فروة بنت القاسم ابن محمد بن أبي بكر، حكاه عنه في كشف الغمة، وقال أبو الصباح: وذكر أبو عبد الله جدته أم أبيه يوما فقال: كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن مثلها .
  وجاء في مستدرك سفينة البحار لسماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي (أعلى الله مقامه): (2)
  فاطمة بنت مولانا الحسن المجتبى صلوات الله عليه تكنى أم عبد الله.
  تزوجت مع مولانا الإمام السجاد صلوات الله عليه فولدت منه مولانا أبو جعفر الباقر (عليه السلام) و عبد الله الباهر.
  دعوات الراوندي: روى عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كانت أمي قاعدة عند جدار، فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقا حتى جازته فتصدق عنها أبي بمائة دينار .
  وذكرها مولانا الصادق (عليه السلام) يوما فقال: كانت صديقة لم يدرك في آل الحسن مثلها .
  وورد في كتاب العقيلة والفواطم للأستاذ الحاج حسين الشاكري (أيده الله) ما يلي: (3)

  فاطمة بنت الإمام الحسن (عليه السلام)
  من هي فاطمة ؟
  زوجة الإمام السجاد وأم الإمام الباقر (عليهم السلام) العلوية الطاهرة، والصديقة المخدرة، ذات علم وفقه وكمال وفضل وشرف، وحياء وعفة، العابدة الزاهدة.
  فهي غصن من الدوحة الهاشمية، والشجرة المحمدية السيدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) حفيدة الإمام علي، وفاطمة الزهراء صلوات الله عليهم أجمعين.
  أضف إلى ذلك المجد الشامخ أنها قرينة الإمام السجاد ووالدة الإمام الباقر (عليه السلام)، فقد جمعت المجد من أطرافه والفخر من أعلى سنامه إلى أن تصل إلى هاشم بن عبد مناف بن قصي .

  مناقب وكرامات السيدة فاطمة بنت الحسن (ع):
  فقد سجل التاريخ لها مناقب وكرامات كثيرة، منها ما رواه الشيخ الكليني في الكافي، عن محمد بن يحيى... معنعنا إلى أن يصل إلى الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: " كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هده فقالت بلسانها وأومأت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك بالسقوط، فبقي معلقا في الجو حتى جازته، فتصدق أبي عنها بمائة دينار " (4).

  شهادة الصادق (ع) بفضلها:
  ومما يدل على مكانتها العالية، ومنزلتها السامية قول الإمام الصادق (عليه السلام) في حقها، ففي الكافي أيضا قال الشيخ الكليني: قال أبو الصباح: وذكر أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) جدته أم أبيه فاطمة يوما فقال: " كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها " (5).

  زوجة الإمام السجاد:
  وقد حضرت هذه السيدة العلوية مع زوجها الإمام السجاد وابنها الإمام الباقر (عليه السلام) واقعة الطف يوم عاشوراء، وبذلك تكون قد شاهدت الفجائع المروعة وما جرى على آل الرسول (صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم من مصائب ومحن، فقد شاهدت مصرع عمها الإمام الحسين (عليه السلام) وقتل أخوها القاسم ومصارع بقية الأبطال من آل البيت وأصحابهم الكرام، وشاهدت أيضا زوجها العليل مكبل بالأغلال، وولدها الإمام الباقر (عليه السلام) البالغ من العمر أربع سنوات، يشكون العطش ومرارة الأسر وذله، محتسبة كل ذلك في سبيل الله (6).
**************************************************************
1 ـ أعيان الشيعة: (ج 8 - ص 390)
2 ـ مستدرك سفينة البحار: ( ج 8 - ص 259)
3 ـ (ص 247 – 250)
4 ـ الكافي 1: 390، حديث 1، باب مولد أبي جعفر الباقر (عليه السلام).
5 ـ نفس المصدر السابق.
6 ـ أعيان الشيعة 1: 650، و 8: 390، أعيان النساء: 498، رياحين الشريعة 3: 15.




«فاطمة الكبرى بنت فاطمة الكبرى بنت الامام الحسين (ع)»

  جاء في مستدركات علم رجال الحديث للعالم الورع سماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي (أعلى الله مقامه): (1)

  فاطمة الكبرى بنت مولانا الحسين صلوات الله عليه
  تزوجها الحسن المثنى بن الحسن المجتبى عليه السلام.
  زوجه إياها عمه الحسين عليه السلام فولد له منها إبراهيم الغمر والحسن المثلث وعبد الله المحض وزينب أم كلثوم. وله منها ذرية طيبة خرجوا وقتلوا.
  قال له مولانا الحسين صلوات الله عليه: إني اخترت لك ابنتي فاطمة فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله - الخ ... (2)
  وعن الصادق عليه السلام قال: حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) قالت: سمعت أبي صلوات الله عليه يقول: يقتل منك أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون. (3)
  وروت عن أبيها الحسين وعمها الحسن عليهما السلام وصف شجرة طوبى. (4)
  وروى عنها ابنها عبد الله فضل آية الكرسي وغيره.
  ذكر ما كانت عندها من آثار رسول الله صلى الله عليه وآله. (5)
  وهي أكبر من سكينة .
  وبالجملة لا نظير لها في التقوى والكمال والفضائل و الجمال ولذلك تسمى الحور العين.
  توفيت في المدينة سنة 117. (6)
  لها خطبة في الكوفة. (7) ومواقفها في مجلس يزيد. (8) معروفة ...
  جاء في معجم رجال الحديث لآية الله العظمى السيد أبو القاسم السيد الخوئي (قدس سره) (9): فاطمة بنت الحسين: روت عن أسماء بنت عميس، وروى عنها إبراهيم بن الحسن. مشيخة الفقيه: في طريقه إلى أسماء بنت عميس.
  جاء في موسوعة عاشوراء لسماحة الشيخ المحدثي (أيده الله) ما يلي:

  من هي فاطمة بنت الإمام الحسين (ع) ؟
  كانت فاطمة بنت الحسين عليه السلام جليلة القدر، وكان لها المكانة العالية في الدين، كانت تقوم الليل كله وتصوم النهار ولها جمال ظاهري وباطني، وكانت ممّن يروي الحديث.
  أخذت بعد واقعة كربلاء مع السبايا وتحدثت في الكوفة بكلام فصيح عمّا اقترفه ابن زياد أبكت به الحاضرين، وفي الشام وقعت عليها عين رجل شامي من اتباع يزيد فطلب من يزيد أن يهبها له ، فأنكرت عليهم زينب ذلك وقالت مَن يفعل هذا بنا فهو خارج عن ملّتنا. كان زوجها هو ابن عمها الحسن بن الحسن عليه السلام ولما توفّي نصبت خيمة وأقامت عليه المأتم سنة كاملة .
  أدركت عهد الصادق عليه السلام، وتوفيت عام 117هـ. عن سبعين عاماً في المدينة ودفنت في البقيع.
  وجاء في كتاب مقتل الحسين لسماحة السيد عبد الرزاق المقرم: (10)
  كانت فاطمة بنت الحسين (ع) جليلة القدر عظيمة المنزلة وكانت لها المكانة العالية من الدين وقد شهد بذلك أبوها سيد الشهداء لما جاء إليه الحسن المثنى يخطب إحدى ابنتيه فقال (ع) كما في اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص 202: إني اختار لك فاطمة فهي أكثر شبهاً بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص) أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار وفي الجمال تشبه الحور العين. (11)

  لمحات عامة من سيرتها (ع)
  وصية الحسين (ع) لها وإيداعها الأمانة: (12)
  جاء في قاموس الرجال: روى مولد السجاد عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) أن الحسين لما حضره الذي حضره دعا ابنته الكبرى " فاطمة " فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة، وكان علي بن الحسين (عليه السلام) مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين (عليه السلام) ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا (إلى أن قال) فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا.
  أقول: الروايات في كتاب الإمامة مختلفة في من استودع عنده، ففي بعضها " أم سلمة " كما مر فيها، وفي بعضها " زينب " كما مر أيضا، وفي هذا الخبر " فاطمة " هذه.

  خطبة فاطمة بنت الحسين (ع) في الكوفة: (13)
  وخطبت فاطمة بنت الحسين (ع) فقالت:
  الحمد لله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش إلى الثرى، أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله. وأن أولاده ذبحوا بشط الفرات، منه غير ذحل ولا ترات .
  اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود والوصية لعلي بن أبي طالب المغلوب حقه المقتول من غير ذنب (كما قتل ولده بالأمس) في بيت من بيوت الله تعالى، فيه معشر مسلمة بألسنتهم، تعسًا لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيمًا في حياته ولا عند مماته، حتى قبضه الله تعالى إليه محمود النقيبة، طيب العريكة، معروف المناقب، مشهور المذاهب، لم تأخذه في الله سبحانه لومة لائم، ولا عذل عاذل، هديته اللهم للإسلام صغيرًا، وحمدت مناقبه كبيرًا، ولم يزل ناصحًا لك ولرسولك، زاهدًا في الدنيا غير حريص عليها، راغبًا في الآخرة، مجاهدًا لك في سبيلك، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط مستقيم .
  أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، فإنّا أهل البيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا. فجعل بلاءنا حسنًا، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه محمد (ص) على كثير ممن خلق الله تفضيلاً .
  فكذبتمونا وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً، وأموالنا نهبًا، كأننا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم، قرت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم افتراء على الله ومكرًا مكرتم، والله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا، ونالت أيديكم من أموالنا، فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكبلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور .
  تبًا لكم فانظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم، يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله على الظالمين.
  ويلكم ، أتدرون أية يد طاعنتنا منكم. وأية نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأية رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا، قست قلوبكم وغلظت أكبادكم، وطبع الله على أفئدتكم، وختم على سمعكم وبصركم وسوّل لكم الشيطان وأملى وأملى لكم، وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون .
  تبًا لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول الله قبلكم. وذحول له لديكم. بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي وبنيه وعترته الطيبين الأخيار، وافتخر بذلك مفخرتكم .
نحن قتلنا عليًا وبني iiعلي        بـسيوف هـندية iiورماح
وسبينا نساءهم سبي ترك        ونـطحناهم  فـأي iiنطاح
  بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب (14) افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم وأذهب عنهم الرجس فأكضم وأقع كما أقعى أبوك فإنما لكل امرئ ما اكتسب.
  حسدتمونا ويلاً لكم على ما فضلنا الله تعالى، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور .
  فارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب وقالوا حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا وأنضحت نحورنا وأضرمت أجوافنا فسكتت .

  وصيتها لأبنائها بملازمة الإمام: (15)
  جاء في الإرشاد : حدثنا عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده قال: كانت أمي فاطمة بنت الحسين عليه السلام تأمرني أن أجلس إلى خالي علي بن الحسين عليهما السلام، فما جلست إليه قط إلا قمت بخير قد أفدته: إما خشية لله تحدث في قلبي لما أرى من خشيته لله تعالى، أو علم، قد استفدته منه (16).

  نصبها العزاء على أبيها: (17)
  جاء في كتاب مثير الأحزان: وقيل الأبيات لأبي الرمح الخزاعي حدث المرزباني قال دخل أبو الرمح إلى فاطمة بنت الحسين بن علي عليهم السلام فأنشدها مرثية في الحسين (ع) وقال:
أجالت على عيني سحائب iiعبرة        فـلم تـصح الدمع حتى iiأدمعت
تـبكى عـلى آل الـنبي iiمحمد        وما أكثرت في الدمع لا بل أقلت
أولـئك قوم لم يشيموا iiسيوفهم        وقـد نكأت أعداؤهم حين iiسلت
وان قـتيل الطف من آل iiهاشم        أذل رقـابا مـن قـريش iiفذلت
  فقالت فاطمة: يا أبا رمح أهكذا تقول قال فكيف أقول جعلني فداك قالت قل (أذل رقاب المسلمين فذلت) فقال لا انشدها بعد اليوم إلا هكذا.

  من كرامات فاطمة بنت الحسين: (18)
  أن الوليد بن عبد الملك لما أمر بإدخال الحجرات في المسجد خرجت فاطمة بنت الحسين (ع) إلى الحرة وبنت داراً لها وأمرت بحفر بئر، فظهر فيه جبل فقيل لها فتوضأت ورشت بفاضل وضوئها عليه فلم يتصعب عليهم فكانوا يتبركون بمائة ويسمونه (زمزم).

**************************************************************
1 ـ (ج 8 - ص 592 – 593)
2 ـ كما في رواية أبي الفرج والإرشاد. حكاهما القاموس.
3 ـ كمبا ج 11 / 196 ، وجد ج 47 / 302.
4 ـ كمبا ج 7 / 383 ، وجد ج 27 / 120.
5 ـ كمبا ج 7 / 326 ، وجد ج 26 / 214.
6 ـ وسائر رواياتها في كمبا ج 9 / 441 ، وكتاب الإيمان ص 79 ، وكتاب الأخلاق ص 21 و 202 ، وجد ج 40 / 59 ، وج 67 / 300 ، وج 69 / 404 ، و ج 71 / 358.
7 ـ كمبا ج 10 / 218.
8 ـ ص 226 ، وجد ج 45 / 110 و 136.
9 ـ (ج 24 - ص 226)
10 ـ ص 329 – 330. في الهامش...
11 ـ جاء في كتاب مقتل الحسين لسماحة السيد عبد الرزاق المقرم/ ص 329 – 330 ما يلي:
  وفي تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 ص 442: روت الحديث عن أبيها وأخيها زين العابدين وعمتها زينب وابن عباس وأسماء بنت عميس وروى عنها أولادها عبد الله وإبراهيم وحسين وأم جعفر بنو الحسن المثنى وروى عنها أبو المقدام بوساطة أمه وروى عنها زهير بن معاوية بوساطة أمه.
  وفي خلاصة تذهيب الكمال ص 425: خرج أصحاب السنن أحاديثها منهم: الترمذي وأبو داود والنسائي في مسند علي وابن ماجة القزويني وقال ابن حجر العسقلاني وقع ذكرها في كتاب الجنائز من صحيح البخاري ووثقها ابن العماد في شذرات الذهب ج 1 ص 13.
  وبناء على ما يقوله ابن حجر في تهذيب التهذيب أنها قاربت التسعين تكون ولادتها سنة 30 تقريباً ولها يوم الطف ما يقرب من ذلك وتوفيت قبل أختها (سكنية) بسبع سنين.
  وفي كامل ابن الأثير ج 4 ص 35 وتاريخ الطبري ج 6 ص 267: كانت فاطمة أكبر من أختها سكينة.
  وفي طبقات ابن سعد ج 8 ص 484: كانت فاطمة (ع) تسبح بخيوط معقودة .
  وفي كتابنا (نقد التاريخ المخطوط) ناقشنا المؤرخين في تزويجها من العثماني، وأن محمد اليباج خلقته أقلام الزبيريين.
12 ـ جاء في قاموس الرجال لسماحة الشيخ محمد تقي التستري (أعلى الله مقامه): ( ج 12 - ص 313 – 314)
13 ـ مقتل الحسين / سماحة السيد عبد الرزاق المقرم / ص 329-332
14 ـ في تاج العروس: الأثلب بكسر الهمزة واللام وفتحهما والفتح أكثر الحجر وقيل دقاق الحجارة وقال شمر الاثلب بلغة الحجاز الحجارة وبلغة تميم التراب وهو دعاء! وفي الحديث الولد للفراش وللعاهر الاثلب وفيه ص 640 الكثكث كجعفر وزبرج دقاق التراب ويقال التراب عامة يقال بفيه الكثكث أي التراب.
15 ـ الإرشاد ـ الشيخ المفيد ـ ج 2 ـ ص 140
16 ـ نقله العلامة المجلسي في البحار 46: 73 / 59.
17 ـ مثير الأحزان - ابن نما الحلي ـ ص 89
18 ـ في كتاب (تحقيق النصرة إلى معالم دار الهجرة) ص 18 تأليف أبي بكر بن الحسين بن عمر المراغي المتوفى سنة 816.




« فاطمة بنت مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)»

  جاء قي كتاب مستدرك سفينة البحار لسماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي (أعلى الله مقامه): (1)

  من هي فاطمة ؟
  تزوجها أبو سعيد بن عقيل، فولدت له حميدة (2).
  ومد في عمرها حتى رآها مولانا الإمام الصادق (عليه السلام)، كما في قرب الإسناد (3). في أن أم موسى خادمة علي (عليه السلام) كانت حاضنة فاطمة بنته (4).
  ويظهر من جملة من الأخبار أنها كانت مع أختها زينب الكبرى في وقائع عاشوراء، وكانت حيث نقلت ظلم يزيد على أهل بيت الحسين (عليه السلام) في الشام، كما في البحار (5).
  ولما وردوا في المدينة قالت لأختها زينب: قد وجب علينا حق هذا (تعني الرسول الذي كان معهن من الشام) لحسن صحبته لنا، فهل لك أن تصله ؟ قالت: فقالت: والله مالنا ما نصله به إلا أن نعطيه حلينا .
  فأخذت سواري ودملجي وسوار أختي ودملجها، فبعثنا بها إليه واعتذرنا من قلتها - الخ (6).
  وروي عنها أنها قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا أول شئ وألطفنا، ثم نقلت كلام الشامي الذي قال ليزيد: هب لي هذه الجارية، قالت: يعنيني - إلى آخر ما جرى بينهن (7).
  وهي التي لما رأت عبادة ابن أخيها مولانا الإمام السجاد (عليه السلام) شكت إلى جابر لكي يأتيه ويدعوه إلى إبقاء نفسه - الخ (8).
  ويروي الكليني في الكافي عن أبي بصير عنها، كما في البحار (9) والمحاسن (10) روى أبو بصير عنها، عن أمامة. وسائر رواياتها في أمالي الشيخ (11) والبحار (12)، وأمالي المفيد (13) عنها حديث رد الشمس.

  لمحات عامة من حياتها (ع)
  نقلها لحديث منزلة علي (ع): (14)
  جاء في كتاب أعيان الشيعة عن ما جاء في خصائص النسائي: أخبرنا عمر بن علي حدثنا يحيى يعني ابن سعيد حدثنا موسى الجهني قال:
  دخلت على فاطمة بنت علي،...
  فقال لها رفيقي: هل عندك شئ من والدك يوهب ؟
  قالت: حدثتني أسماء بنت عميس أن رسول الله (ص) قال لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .
  أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا جعفر بن عون عن موسى الجهني قال:
  أدركت فاطمة بنت علي وهي بنت ثمانين سنة فقلت لها تحفظين عن أبيك شيئا ؟
  قالت: لا ولكني سمعت أسماء بنت عميس أنها سمعت من رسول الله (ص) يقول: يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس من بعدي نبي .
  حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا أبو نعيم حدثنا حسن وهو ابن صالح عن موسى الجهني عن فاطمة بنت علي عن أسماء بنت عميس أن رسول الله (ص) قال: يا علي انك مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .

  فاطمة في مجلس الطاغية يزيد: (15)
  جاء في كتاب الأمالي: روي عن فاطمة بنت على (عليه السلام)، أنها قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية رق لنا أول شئ وألطفنا، ثم إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إليه، ...
  فقال: يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية. يعنيني، وكنت جارية وضيئة، فأرعبت وفرقت (16)، وظننت أنه يفعل ذلك، فأخذت بثياب أختي، وهي أكبر مني وأعقل،...
  فقالت: كذبت والله ولعنت، ما ذاك لك ولا له.
  فغضب يزيد (لعنه الله) فقال: بل كذبت والله، لو شئت لفعلته .
  قالت: لا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا.
  فغضب يزيد (لعنه الله)، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا ؟! إنما خرج من الدين أبوك وأخوك.
  فقالت: بدين الله ودين أخي وأبي وجدي اهتديت أنت وجدك وأبوك.
  قال: كذبت يا عدوة الله.
  قالت: أمير يشتم ظالما ويقهر بسلطانه .
  قالت: فكأنه (لعنه الله) استحيى فسكت، فأعاد الشامي (لعنه الله) فقال يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية.
  فقال له: اغرب (17)، وهب الله لك حتفا قاضيا (18).

  خبر نساء الحسين (ع) في الخربة:
  حدثني بذلك محمد بن علي ماجيلويه (رحمه الله)، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي (صلوات الله عليهما): ثم إن يزيد (لعنه الله) أمر بنساء الحسين (عليه السلام) فحبسن مع علي بن الحسين (عليهما السلام) في محبس لا يكنهم من حر ولا قر حتى تقشرت وجوههم، ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط، وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة، إلى أن خرج علي بن الحسين (عليهما السلام) بالنسوة، ورد رأس الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء (19).

  فاطمة وإكرام حادي ظعن قافلة السبايا: (20)
  ولما قربوا من المدينة قالت فاطمة بنت أمير المؤمنين عليه السلام لأختها زينب: قد وجب علينا حق هذا لحسن صحبته لنا، فهل لك أن تصليه ؟ قالت: والله ما لنا ما نصله به إلا أن نعطيه حلينا، قالت فاطمة: فأخذت سواري ودملجي و سوار أختي ودملجها، فبعثنا به إليه واعتذرنا من قلتها .

  حال بنات الرسالة بعد واقعة الطف المريرة:
  وقالت فاطمة بنت أمير المؤمنين (ع) ما تحنأت امرأة منا ولا أجالت في عينها مرودا ولا امتشطت حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد، ومن أحق من الهاشميات بالاعمال التي تناسب طيب أصلهن وكرم عنصرهن. (21)
  وعن عبد الله بن محمد بن أبي سعيد، عن أبي العيناء، عن يحيى ابن راشد (22)، قال: قالت فاطمة بنت علي: ما تحنأت امرأة منا، ولا أجالت في عينها مرودا (23)، ولا امتشطت حتى بعث المختار رأس عبيد الله بن زياد. (24)
  جاء في كتاب الأمالي للشيخ الطوسي (قدس الله نفسه): (25)
  خبر فاطمة وعبادة السجاد (ع):
  عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن العلوي الحسني، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن عبد المنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدثنا حسين بن شداد الجعفي، عن أبيه شداد ابن رشيد، عن عمرو بن عبد الله بن هند الجملي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام): أن فاطمة بنت علي بن أبي طالب لما نظرت إلى ما يفعل ابن أخيها علي بن الحسين بنفسه من الدأب في العبادة، أتت جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري، فقالت له: يا صاحب رسول الله، إن لنا عليكم حقوقا، ومن حقنا عليكم أن إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين، قد انخرم أنفه، وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه دأبا منه لنفسه في العبادة.
  فأتى جابر بن عبد الله باب علي بن الحسين (عليهما السلام)، وبالباب أبو جعفر محمد بن علي (عليهما السلام) في أغيلمة من بني هاشم قد اجتمعوا هناك، فنظر جابر إليه مقبلا، فقال: هذه مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسجيته، فمن أنت يا غلام ؟
  قال: فقال: أنا محمد بن علي بن الحسين، فبكى جابر بن عبد الله (رضي الله عنه).
  ثم قال: أنت والله الباقر عن العلم حقا، ادن مني بأبي أنت وأمي، فدنا منه فحل جابر أزراره ووضع يده في صدره فقبله، وجعل عليه خده ووجهه، وقال له: أقرئك عن جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله) السلام، وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال لي: يوشك أن تعيش وتبقى حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد يبقر العلم بقرا .
  وقال لي: إنك تبقى حتى تعمى ثم يكشف لك عن بصرك .
  ثم قال لي: ائذن لي على أبيك، فدخل أبو جعفر على أبيه فأخبره الخبر، وقال: إن شيخا بالباب، وقد فعل بي كيت وكيت، فقال: يا بني ذلك جابر بن عبد الله.
  ثم قال: أمن بين ولدان أهلك قال لك ما قال وفعل بك ما فعل ؟
  قال: نعم إنا لله، إنه لم يقصدك فيه بسوء، ولقد أشاط بدمك .
  ثم أذن لجابر، فدخل عليه فوجده في محرابه، قد أنضته العبادة، فنهض علي (عليه السلام) فسأله عن حاله سؤالا حفيا (26)، ثم أجلسه بجنبه، فأقبل جابر عليه يقول: يا بن رسول الله، أما علمت أن الله (تعالى) إنما خلق الجنة لكم ولمن أحبكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم، فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك ؟
  قال له علي بن الحسين (عليهما السلام): يا صاحب رسول الله، أما علمت أن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فلم يدع الاجتهاد له، وتعبد - بأبي هو وأمي - حتى انتفخ الساق وورم القدم، وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر!
  قال: أفلا أكون عبدا شكورا.
  فلما نظر جابر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) وليس يغني فيه من قول يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يا بن رسول الله، البقيا على نفسك، فإنك لمن أسرة بهم يستدفع البلاء، وتستكشف اللاواء (27)، وبهم تستمطر السماء.
  فقال: يا جابر، لا أزال على منهاج أبوي مؤتسيا بهما (صلوات الله عليهما) حتى ألقاهما ؟
  فأقبل جابر على من حضر فقال لهم: والله ما أرى في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين إلا يوسف بن يعقوب (عليهما السلام)، والله لذرية علي بن الحسين (عليهما السلام) أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب، إن منهم لمن يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا .

**************************************************************
1 ـ ( ج 8 - ص 257 – 259)
2 ـ ط كمباني ج 9 / 620 و 621، وجديد ج 42 / 74 و 92 و 94.
3 ـ قرب الإسناد ص 76. ونقله في كمباني ج 9 / 624، وجديد ج 42 / 106.
4 ـ جديد ج 42 / 225.
5 ـ ط كمباني ج 10 / 227، وجديد ج 45 / 156.
6 ـ ط كمباني ج 10 / 229. (5) ط كمباني ج 10 / 232.
7 ـ ط كمباني ج 11 / 11. وتمام الخبر فيه ص 19 و 24، وجديد ج 46 / 32 و 60 و 78.
8 ـ ط كمباني ج 9 / 546، وجديد ج 41 / 158.
9 ـ المحاسن ج 2 / 527.
10 ـ أمالي الشيخ ج 2 / 249.
11 ـ ط كمباني ج 15 كتاب الأخلاق ص 166، وجديد ج 71 / 185.
12 ـ أمالي المفيد مجلس 11.
13 ـ ط كمباني ج 11 / 61، وص 105، وجديد ج 46 / 215، وص 366.
14 ـ جاء في كتاب أعيان الشيعة لآية الله سماحة السيد محسن الأمين (أعلى الله مقامه) ( ج 8 - ص 390 )
15 ـ كتاب الأمالي للشيخ الصدوق (قدس الله نفسه الزكية): (ص 231 – 232)
16 ـ فرق: اشتد خوفه.
17 ـ أي تنح وابعد، وفي نسخة: أعزب، وهي بمعناها.
18 ـ بحار الأنوار 45: 154 / 3.
19 ـ بحار الأنوار 45: 140.
20 ـ رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ / السيد لطيف القزويني / ص 168 – 169.
21 ـ كتاب أعيان الشيعة / السيد محسن الأمين / ج 7 / ص 36.
22 ـ في (ع): أبي راشد.
23 ـ المرود: الميل الذي يكتحل به. (نهاية ابن الأثير: 4 / 3212 - رود -).
24 ـ ذوب النضار - ابن نما الحلي - ص 144 - 145
25 ـ ( ص 636 – 637)
26 ـ أي كثيرا.
27 ـ اللاواء: المشقة والشدة.




« الرباب بنت امرئ القيس »

  جاء في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف لؤلفه العلامة المحدث ابن طاووس (قدس) ترجمة مبسطة للرباب بنت امرئ القيس، وهو كما يلي: (1)
  الرباب بنت امرئ القيس بن عدي، زوجة الحسين السبط الشهيد، كانت معه في وقعة كربلاء، وبعد استشهاده جيء بها مع السبايا إلى الشام، ثم عادت إلى المدينة، فخطبها الأشراف، فأبت، وبقيت بعد الحسين سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً، وكانت شاعرة لها رثاء في الحسين عليه السلام. (2)
  ونقل الدكتور لبيب بيضون في موسوعته موسوعة كربلاء ترجمة مصغرة للرباب زوجة الحسين جاء في ضمنها ما يلي:

  من هي الرباب ؟
  جاء في كتاب الأغاني: الرباب بنت امرئ القيسبن عدي الكلبية: كانت من خيار النساء وأفضلهن... أسلم أبوها وكان نصرانيًا فولي في زمن عمر على من أسلم بالشام من قضاعة .
  وخطب منه الإمام علي بن أبي طالب (ع) ابنته الرباب لابنه الحسين (ع)، فولدت له سكينة عقيلة قريش، وعبد الله بن الحسين (ع)، قتل يوم الطف وأمه تنظر إليه.
  وقد بقيت الرباب سنة بعد شهادة الحسين (ع) لم يظلها سقف بيت حزنا على الحسين (ع) حتى بليت وماتت كمدًا عليه، وذلك بعد شهادة الحسين (ع) بسنة، ودفنت بالمدينة. (3)
  وجاء في مستدركات علم رجال الحديث لسماحة الشيخ علي النمازي الشاهرودي: (4)

  رباب بنت امرئ القيس:
  هي زوجة الحسين صلوات الله عليه.
  ولد له منها عبد الله الرضيع وسكينة.
  لم تتزوج بعده مع أنه خطبها الأشراف.
  وبقيت بعد الحسين (عليه السلام) لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمدا .
  وإليه (عليه السلام) تنسب هذه الأشعار:
لـعمرك  إنـني لأحـب iiدارا        تـكون  بـها سكينة والرباب
أحـبهما  وأبـذل جـل iiمالي        وليس لعاتب عندي عتاب (5)
  خبر الرباب في واقعة الطف:
  ورد في موسوعة كلمات الإمام الحسين (ع) الصادرة عن لجنة الحديث في معهد باقر العلوم (ع): (6)

  وصية الحسين (ع) للنساء وفيهن الرباب:
  نقل السيد ابن طاووس: فعزى الحسين أم كلثوم، وقال لها: يا أختاه! تعزي بعزاء الله فإن سكان السموات يفنون وأهل الأرض كلهم يموتون وجميع البرية يهلكون. ثم قال: يا أختاه، يا أم كلثوم! وأنت يا زينب! وأنت يا فاطمة! وأنت يا رباب! إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا. (7)
  وجاء في كتاب أنصار الحسين (ع) لسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قدس سره) ما يلي:

  قتل طفلها الرضيع في كربلاء:
  عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب: (8) أمه: الرباب بنت امرئ القيس الكلبي. كان طفلا رضيعا حين قتل في حجر أبيه الحسين. رماه عقبة بن بشر بسهم فذبحه، (في الطبري إن الذي رماه: هاني بن ثبيت الحضرمي) وفي الزيارة أن الذي رماه (حرملة بن كاهل الأسدي).
  جاء في موسوعة كربلاء للدكتور لبيب بيضون ما يلي:

  وفاء الرباب لزوجها الحسين (ع):
  ذكر أن الرباب لمَّا وضع رأس الحسين (ع) في مجلس عبيد الله بن زياد، لم تتمالك نفسها أن هجمت على الرأس واحتضنته وأخذت تقبِّله وتنعيه، ومن معالم إخلاصها هنا أن السبايا لما انصرفن من كربلاء إلى المدينة، أبت هذه الحرَّة الذهاب معهم، بل آثرت أن تظل عند قبر زوجها الحسين (ع) هائمة تبكي عليه وترثيه، حتى مضت عليها سنة كاملة، وأبت أن تستظل بظل، فضربت بذلك لذوات الحجال مثالاً من الوفاء والإخلاص أي مثال .
  جاء في كتاب (نصوص في نوابغ الشيعة وشخصيات بارزة منهم في العصور المختلفة) (9) ما يلي:

  ندبها لسيد الشهداء (ع):


ورد في كامل التواريخ: أن رباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين (ع)... خطبها الاشراف (بعد شهادة الحسين) فقالت لا والله ما كنت لاتخذ حموا بعد رسول الله... وبقيت... تجلس في حرارة الشمس حتى ماتت كدا وكانت ترثي الحسين:
إن الذي كان نورا يُستضاء به
فـي كربلاء قتيل غير iiمدفون
سـبط النبي جزاك الله صالحة
عَنّا  وجنّبت خسران iiالموازين
  ونقل سماحة الشيخ المحدثي نفس المضمون في موسوعة عاشوراء جاء فيه:
  خطبها الكثير من أشراف قريش فرفضتهم وأبت الزواج من أحد بعد الحسين. كانت دائمة البكاء على أبي عبد الله عليه السلام ولا تجلس في ظل، وتوفيت من أثر شدة حزنها وجزعها على الحسين وذلك بعد سنة من استشهاده (أي في عام 62) (10).

**************************************************************
1 ـ (http://www.alhodacenter.com/ashora/bookindex.php?cat=72)
2 ـ المحبر 3/13، أعلام النساء 1/378، الأعلام النساء 1/378، الأعلام 1/378.
3 ـ (الأغاني / لأبي الفرج الأصفهاني / ج 8 / ص 158)
4 ـ (ج 8 - ص 574)
5 ـ (الأبيات في جد ج 45 / 47، وكمبا ج 10 / 203.)
6 ـ (ص 491 - 492)
7 ـ (اللهوف: 35، مقتل الحسين (عليه السلام) للخوارزمي 1: 238 مع تفاوت، الدمعة الساكبة 4: 276، نور العين في مشهد الحسين (عليه السلام): 39.)
8 ـ (ورد ذكره في (الزيارة، الارشاد، الطبري، الأصفهاني، الخوارزمي).
9 ـ (مركز المصطفى (ص) - ص معالي السبطين - للحائري ج 2 ص 198)
10 ـ (أعيان الشيعة 499:6)




« رقية بنت الإمام الحسين (ع) »

  نقل سماحة الشيخ جواد المحدثي في موسوعته عن السيدة رقية ما يلي:

  رقية بنت الإمام الحسين (ع)
  بنت الإمام الحسين عليها السلام، وكان لها من العمر أربع سنوات، وكانت برفقة القافلة التي سارت نحو كربلاء، وأخذت مع السبايا.
  وفي الشام رأت أباها ليلة في المنام، وبعد اليقظة أخذت تبكي وتطلب أباها، فبلغ الخبر يزيد، فأمر أن يأتوها برأس أبيها، ولما جاؤها به تألمت أكثر لذلك الموقف، وماتت في تلك الأيام في خربة الشام (التي وضع فيها أهل البيت حينذاك) (1). ولا يوجد رأي متفق عليه بين المؤرخين بشأن هذه الطفلة وكيفية استشهادها.
  إن صغر سن هذه الطفلة، ورقة عواطفها وكيفية وفاتها ودفنها تثير الحيرة والألم في النفوس، فلا غرو لو كانت لها مكانة خاصة في قلوب الشيعة. ويقع موضع دفنها عند سوق قديم يبعد قليلا عن المسجد الأموي في دمشق، وقد بني عدة مرات. كان آخرها سنة 1985 من قبل إيران حيث تم منه توسيع الضريح وترميمه (2).
  ولضريح هذه الطفلة الآن بناء ضخم يزوره الموالين لأهل البيت. (3)
  وجاء في كتاب أعيان الشيعة لسماحة السيد محسن الأمين أنه قال: (4)

  رقية بنت الحسين (ع)
  نسب إليها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق الله أعلم بصحته جدده الميرزا علي أصغر خان وزير الصدارة في إيران عام 1323 وقد أرخت ذلك بتاريخ منقوش فوق الباب أقول فيه من أبيات:
لـه  ذو الرتبة العليا علي        وزير الصدر في إيران جدد
وقـد  أرختها تزهو iiسناء        بـقبر رقـية من آل احمد
  جاء في بحث (بعض شخصيات بني هاشم.. وبعض الممدوحين والمذمومين من ذرياتهم ): (5)
  قال الشعراني... إن رقية بنت الحسين (مدفونة) في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أمير المؤمنين يزيد ومعها جماعة من أهل البيت... للسيدة رقية بنت الحسين (ع) ضريحا بدمشق الشام وان جدران قبرها تعيبت فأرادوا إخراجها منه لتجديده... فحضر شخص يدعى السيد بن مرتضى فنزل في قبرها.. وأخرجها فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ...

**************************************************************
1 ـ (الكامل للبهائي :179، منتهى الآمال :437)
2 ـ (الشام أرض الخواطر "فارسي" :111)
3 ـ (للاطلاع على مزيد من المعلومات عن بلاد الشام وعن الأضرحة الشريفة والمدفونين فيها، راجع كتاب "شام أرض الخواطر"، مهدي بيشوائي)
4 ـ (ج 7 ـ ص 34)
5 ـ مركز المصطفى (ص) - ص معالي السبطين للحائري ج 2 ص 171




« السيدة زينب بنت الإمام علي (ع) »

  جاء في (معجم رجال الحديث) لآية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره) ما يلي: (1)

  زينب بنت علي (عليه السلام)
  روت عن أمها سلام الله عليها، وروى عنها جابر. (2) وروى عنها عباد العامري، ذكره في المشيخة: في طريقه إلى إسماعيل بن مهران.
  أقول: إنها شريكة أخيها الحسين (عليه السلام) في الذب عن الإسلام والجهاد في سبيل الله، والدفاع عن شريعة جدها سيد المرسلين، فتراها في الفصاحة كأنها تفرغ عن لسان أبيها، وتراها في الثبات تنئ عن ثبات أبيها، لا تخضع عند الجبارة، ولا تخشى غير الله سبحانه تقول حقا وصدقا، لا تحركها العواصف، ولا تزيلها القواصف، فحقا هي أخت الحسين (عليه السلام) وشريكته في سبيل عقيدته وجهاده .
  وكتب آية الله سماحة السيد محسن الأمين (أعلى الله مقامه) في كتابه (أعيان الشيعة) عن بعض أهم المواقف التي مرَّت بها سيدتنا زينب الكبرى (ع) وبعضا من خطبها نوردها لكم كالتالي: (3)

  زينب الكبرى
  من هي زينب الكبرى ؟
  بنت مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).
  وتعرف بالعقيلة .
  أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله (ص).

  فضلها (ع):
  كانت زينب (ع) من فضليات النساء. وفضلها أشهر من أن يذكر وأبين من أن يسطر. وتعلم جلالة شانها وعلو مكانها وقوة حجتها ورجاحة عقلها وثبات جنانها وفصاحة لسانها وبلاغة مقالها حتى كأنها تفرع عن لسان أبيها أمير المؤمنين (ع) من خطبها بالكوفة والشام واحتجاجها على يزيد وابن زياد بما فحمهما حتى لجا إلى سوء القول والشتم وإظهار الشماتة والسباب الذي هو سلاح العاجز عن إقامة الحجة...
  وليس عجيبا من زينب أن تكون كذلك وهي فرع من فروع الشجرة الطيبة النبوية والأرومة الهاشمية جدها الرسول وأبوها الوصي وأمها البتول وأخواها لأبيها وأمها الحسنان ولا بدع أن جاء الفرع على منهاج أصله.

  زواجها وأبنائها (عليها سلام الله):
  وكانت زينب الكبرى متزوجة بابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وولد له منها علي الزينبي وعون ومحمد وعباس وأم كلثوم لسبط بن الجوزي يوسف قزاوغلي وعون ومحمد قتلا مع خالهما الحسين (ع) بطف كربلا .
  وأم كلثوم هي التي خطبها معاوية لابنه يزيد فزوجها خالها الحسين (ع) من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب .

  السيدة زينب (ع) أم المصائب:
  وسميت أم المصائب وحق لها أن تسمى بذلك فقد شاهدت مصيبة وفاة جدها الرسول (ص) ومصيبة وفاة أمها الزهراء (ع) ومحنتها ومصيبة قتل أبيها أمير المؤمنين (ع) ومحنة ومصيبة شهادة أخيها الحسن بالسم ومحنته والمصيبة العظمى بقتل أخيها الحسين (ع) من مبتداها إلى منتهاها...
  وقتل ولداها عون ومحمد مع خالهما أمام عينها وحملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة وأدخلت على ابن زياد إلى مجلس الرجال وقابلها بما اقتضاه لؤم عنصره وخسة أصله من الكلام الخشن الموجع وإظهار الشماتة الممضة وحملت أسيرة من الكوفة إلى ابن آكلة الأكباد بالشام ورأس أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها أمامها على رؤوس الرماح طول الطريق حتى دخلوا دمشق على هذه الحال وادخلوا على يزيد في مجلس الرجال وهم مقرنون بالحبال .
  قال المفيد فرأى هيئة قبيحة وأظهر السخط على ابن زياد ثم أفرد لهن ولعلي بن الحسين دارا وأمر بسكوتهم وقال لزين العابدين كاتبني من المدينة وانه إلى كل حاجة تكون ولما عادوا أرسل معهم النعمان بن بشير وأمره أن يرفق بهم في الطريق ولما غزا جيشه المدينة أوصى مسرف بن عقبة بعلي بن الحسين (ع).
  وذلك لما رأى من نقمة الناس عليه فأراد أن يتلافى ما فرط منه وهيهات كما قال الشريف الرضي:
وود  أن يتلافى ما جنت iiيده        وكان ذلك كسرا غير مجبور
  السيدة زينب (ع) ووقعة الطف المريرة:
  وكان لزينب في وقعة الطف المكان البارز في جميع الحالات وفي المواطن كلها فهي التي كانت تمرض العليل وتراقب أحوال أخيها الحسين (ع) ساعة فساعة وتخاطبه وتسأله عند كل حادث وهي التي كانت تدبر أمر العيال والأطفال وتقوم في ذلك مقام الرجال وهي التي دافعت عن زين العابدين لما أراد ابن زياد قتله وخاطبت ابن زياد بما ألقمه حجرا حتى لجا إلى ما لا يلجأ إليه ذو نفس كريمة وبها لاذت فاطمة الصغرى وأخذت بثيابها لما قال الشامي ليزيد هب لي هذه الجارية فخاطبت يزيد بما فضحه وألقمته حجرا حتى لجا إلى ما لجا إليه ابن زياد .

  دور زوجها عبد الله بن جعفر في نصرة الحسين (ع):
  والذي يلفت النظر أنها في ذلك الوقت كانت متزوجة بعبد الله بن جعفر فاختارت صحبة أخيها على البقاء عند زوجها وزوجها راض بذلك مبتهج به وقد أمر ولديه بلزوم خالهما والجهاد بين يديه ففعلا حتى قتلا وحق لها ذلك فمن كان لها أخ مثل الحسين وهي بهذا الكمال الفائق لا يستغرب منها تقديم أخيها على بعلها .

  أخبارها المتعلقة بوقعة الطف حتى رجوعها للمدينة:
  روى ابن طاوس أن الحسين (ع) لما نزل الخزيمية أقام بها يوما وليلة فلما أصبح أقبلت إليه أخته زينب فقالت يا أخي ألا أخبرك بشئ سمعته البارحة فقال الحسين (ع) وما ذاك فقالت خرجت في بعض الليل لقضاء حاجة فسمعت هاتفا يهتف ويقول:
ألا  يـا عـين فاحتفلي iiبجهد        ومن يبكي على الشهداء بعدي
عـلى  قـوم تسوقهم iiالمنايا        بـمقدار إلـى انـجاز iiوعـد
  فقال لها الحسين (ع) يا أختاه كل الذي قضي فهو كائن.

  زينب (ع) يوم التاسع من محرم:
  وقال المفيد: لما كان اليوم التاسع من المحرم زحف عمر بن سعد إلى الحسين (ع) بعد العصر والحسين (ع) جالس أمام بيته محتب بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه فسمعت أخته الضجة الصيحة فدنت من أخيها...
  فقالت: يا أخي أما تسمع هذه الأصوات قد اقتربت فرفع الحسين رأسه ...
  فقال: إني رأيت رسول الله (ص) الساعة في المنام فقال لي: انك تروح إلينا فلطمت أخته وجهها ونادت بالويل...
  فقال لها الحسين: ليس لك الويل يا أختاه اسكتي رحمك الله...
  والمراد بأخته في هذه الرواية هي زينب بلا ريب لأنها هي التي كانت تراقب أحوال أخيها في كل وقت ساعة فساعة وتتبادل معه الكلام فيما يحدث من الأمور والأحوال...
  وقد روى ابن طاوس هذه الرواية مع بعض الزيادة وصرح بان اسمها زينب فقال فسمعت أخته زينب الضجة إلى أن قال فلطمت زينب وجهها وصاحت ونادت بالويل فقال لها الحسين (ع) ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله لا تشمتي القوم بنا .
  وقال ابن الأثير: (4) نهض عمر بن سعد إلى الحسين عشية الخميس لتسع مضين من المحرم بعد العصر والحسين جالس أمام بيته محتبيا بسيفه إذ خفق برأسه على ركبته وسمعت أخته زينب الضجة فدنت منه فأيقظته فرفع رأسه فقال إني رأيت رسول الله (ص) في المنام فقال إنك تروح إلينا فلطمت أخته وجهها وقالت يا ويلتاه قال ليس لك الويل يا أخية اسكتي رحمك الله ...
  وقال المفيد: قال علي بن الحسين: إني لجالس في صبيحتها وعندي عمتي زينب تمرضني إذ اعتزل أبي في خباء له وعنده جوين مولى أبي ذر الغفاري وهو أي جوين يعالج سيفه ويصلحه وأبي يقول:
يا  دهر أف لك من iiخليل        كم لك بالإشراق والأصيل
من صاحب أو طالب iiقتيل        والـدهر  لا يقنع iiبالبديل
وإنـما  الأمر إلى iiالجليل        وكـل  حي سالك iiسبيلي
  السبيل فأعادها مرتين أو ثلاثا حتى فهمتها وعرفت ما أراد فخنقتني العبرة فرددتها ولزمت السكوت وعلمت أن البلاء قد نزل وأما عمتي فإنها لما سمعت وهي امرأة ومن شان النساء الرقة والجزع فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها وإنها لحاسرة حتى انتهت إليه...
  فقالت: وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة اليوم ماتت أمي فاطمة وأبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضي وثمال الباقي...
  فنظر إليها الحسين (ع) فقال لها: يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان وترقرقت عيناه بالدموع وقال: لو ترك القطا ليلا لنام ...
  فقالت: يا ويلتاه أفتغتصب نفسك اغتصابا فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي ثم لطمت وجهها وهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشيا عليها ...
  فقام إليها الحسين وصب على وجهها الماء وقال: لها أيها يا أختاه اتقي الله وتعزي بعزاء الله واعلمي أن أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون وان كل شئ هالك إلا وجهه إلى أن قال فعزاها بهذا ونحوه ...
  وقال لها: يا أخية إني أقسمت عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت ثم جاء بها حتى أجلسها عندي.
  وروى ابن طاوس في الملهوف هذا الخبر بنحو ما رواه المفيد وصرح باسم أخته زينب وزاد في الأبيات ما أقرب الوعد من الرحيل...
  قال: ... فسمعت أخته زينب بنت فاطمة (ع) ذلك فقالت يا أخي هذا كلام من أيقن بالقتل ...
  فقال: نعم يا أختاه ...
  فقالت زينب: وا ثكلاه ينعى الحسين إلي نفسه. الحديث.
  وقال ابن الأثير في الكامل سمعته أخته زينب تلك العشية وهو في خباء له يقول وعنده حوي مولى أبي ذر الغفاري يعالج سيفه: يا دهر أف لك من خليل الأبيات الثلاثة المتقدمة ثم ذكر تمام الخبر بنحو مما ذكره المفيد وابن طاوس...

  وصية الحسين (ع) للنساء:
  ثم ذكر ابن طاوس انه خاطب النساء وفيهن زينب وأم كلثوم فقال انظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا ولا تخمشن علي وجها ولا تقلن هجرا .

  زينب (ع) عند مقتل علي الأكبر:
  وقال المفيد: لما قتل علي بن الحسين الأكبر خرجت زينب أخت الحسين مسرعة تنادي يا حبيباه ويا ابن أخياه وجاءت حتى أكبت عليه فاخذ الحسين برأسها فردها إلى الفسطاط.

  عند بروز الحسين (ع) للقتال:
  قال ابن الأثير: حمل الناس على الحسين عن يمينه وشماله فحمل على الذين عن يمينه فتفرقوا ثم حمل على الذين عن يساره فتفرقوا فما رئي مكثور قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا ولا أجرأ مقدما منه...إن كانت الرجالة لتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب ...
  فبينما هو كذلك إذ خرجت زينب وهي تقول ليت السماء أطبقت على الأرض وقد دنا عمر بن سعد فقالت يا عمر أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر فدمعت عيناه حتى سالت دموعه على خديه ولحيته وصرف وجهه عنها.

  يوم الحادي عشر من محرم:
  قال ابن طاوس: لما كان اليوم الحادي عشر بعد قتل الحسين (ع) حمل ابن سعد معه نساء الحسين وبناته وأخواته فقال النسوة بحق الله ألا ما مررتم بنا على مصرع الحسين فمروا بهن على المصرع فلما نظر النسوة إلى القتلى فوالله لا أنسى زينب بنت علي وهي تندب الحسين وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب:
  يا محمداه صلى عليك مليك السما هذا حسينك مرمل بالدما مقطع الأعضاء وبناتك سبايا إلى الله المشتكى والى محمد المصطفى والى علي المرتضى والى فاطمة الزهراء والى حمزة سيد الشهداء يا محمداه هذا حسين بالعرا تسفي عليه ريح الصبا قتيل أولاد البغايا وا حزناه وا كرباه عليك يا أبا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله يا أصحاب محمد هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا...
  وفي بعض الروايات: وا محمداه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصبا وهذا حسين محزوز الرأس من القفا مسلوب والردا بأبي من أضحى عسكره يوم الاثنين نهبا بأبي من فسطاطه مقطع العرى بأبي من لا غائب فيرتجى ولا جريح فيداوى بأبي من نفسي له الفدا بأبي المهموم حتى قضى بأبي العطشان حتى مضى بأبي من شيبته تقطر بالدما بأبي من جده رسول إله السماء بأبي من هو سبط نبي الهدى بأبي محمد المصطفى بأبي خديجة الكبرى بأبي علي المرتضى بأبي فاطمة الزهراء بأبي من ردت له الشمس حتى صلى ... فأبكت والله كل عدو وصديق.
  ولما دخلوا الكوفة جعل أهلها يناولون الأطفال الخبز والجبن والتمر والجوز فكانت زينب تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وترمي به وتقول يا أهل الكوفة ان الصدقة علينا حرام .

  خطبة زينب (ع) بالكوفة:
  روى ابن طاوس: انه لما جئ بسبايا أهل البيت إلى الكوفة جعل أهل الكوفة ينوحون ويبكون قال بشر بن خزيم الأسدي ونظرت إلى زينب بنت علي (ع) يومئذ فلم أر خفرة انطق منها كأنها تفرع عن لسان أمير المؤمنين (ع) وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا... فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس ثم قالت:
  الحمد لله والصلاة على محمد وآله الطاهرين...
  أما بعد يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقات الدمعة ولا قطعت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمر الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة الا ساء ما قدمت لكم أنفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون...
  أتبكون وتنتحبون إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا وانى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدرة ألسنتكم ألا ساء ما تزرون وبعدا لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة...
  ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله (ص) فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم سفكتم وأي حرمة له انتهكتم لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء نأناء خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو ملء السما أفعجبتم أن مطرت السماء دما فلعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار وان ربكم بالمرصاد ...
  قال فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونساؤكم خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزي ولا يبزي .

  دخول سبايا أهل بيت النبوة (ع) على بن زياد:
  قال المفيد: ادخل عيال الحسين (ع) على ابن زياد فدخلت زينب أخت الحسين (ع) في جملتهم متنكرة وعليها أرذل ثيابها فمضت حتى جلست ناحية من القصر وحفت بها إماؤها ...
  فقال ابن زياد: من هذه التي انحازت فجلست ناحية ومعها نساؤها ؟
  فلم تجبه زينب...
  فأعاد ثانية وثالثة يسأل عنها فقال له بعض إمائها: هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) ...
  وكان هذه الأمة أرادت لفت نظره إلى لزوم تعظيمها واحترامها بكونها بنت فاطمة بنت رسول الله (ص) وكفى ذلك في لزوم تعظيمها واحترامها ولكن أبى له كفره وخبثه ولؤم عنصره إلا أن يتجهم لها في جوابه ويجيبها بأقبح جواب وهو الذي صرح بالكفر لما وضع رأس الحسين (ع) بين يديه بقوله يوم بيوم بدر...
  فاقبل عليها ابن زياد فقال لها: الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم ...
  فأجابته جواب الركين الرصين العارف بمواقع الكلام فقالت زينب: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله...
  فقال ابن زياد: كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك...
  فقالت: كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتتحاجون إليه وتختصمون عنده وفي رواية غير المفيد أنها قالت: ما رأيت إلا جميلا هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ هبلتك أمك يا ابن مرجانة...
  قال المفيد: فغضب ابن زياد واستشاط لما أفحمه جوابها فقال له عمر بن حريث: أيها الأمير إنها امرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها ولا تذم على خطائها...
  فعاد حينئذ إلى ما جبل عليه من سوء القول فقال لها ابن زياد: قد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك...
  فرقت زينب وبكت وقالت له: لعمري لقد قتلت كهلي وأبرزت أهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت...
  فقال ابن زياد: هذه سجاعة ولعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا ...
  فقالت: ما للمرأة والسجاعة إن لي عن السجاعة لشغلا ولكن صدري نفث بما قلت.

  دفاع السيدة زينب (ع) عن الإمام السجاد (ع):
  وسأل علي بن الحسين من أنت ؟
  فأخبره ...
  فقال: أليس قد قتل الله علي ابن الحسين ...
  فقال: كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس...
  قال: بل الله قتله...
  قال: الله يتوفى الأنفس حين موتها...
  فغضب ابن زياد وقال: وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للرد علي اذهبوا به فاضربوا عنقه...
  وهكذا يكون حال من يعجز عن الجواب الحق من الظلمة أن يلجأ إلى السيف فتعلقت به زينب عمته...
  وقالت: يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته، وقالت: لا والله لا أفارقه فان قتلته فاقتلني معه...
  فنظر ابن زياد إليها واليه ساعة ثم قال: عجبا للرحم والله إني لأظنها ودت أني قتلتها معه دعوه فاني أراه لما به.
  وفي رواية أن عليا (ع) قال لعمته: اسكتي يا عمة حتى أكلمه ثم اقبل عليه فقال: أبالقتل تهددني أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة ...

  زينب (ع) في خربة الكوفة:
  ثم أمر ابن زياد بهم فحملوا إلى دار بجنب المسجد الأعظم فقالت زينب بنت علي (ع) لا تدخلن علينا عربية إلا أم ولد أو مملوكة فإنهن سبين كما سبينا ...
  وهذا غاية ما في وسع زينب من إظهار الحزن والتألم لما أصابهم وإظهار فضائح الظالمين...
  ثم إن ابن زياد بعث بهم إلى الشام إجابة لطلب يزيد بن معاوية ومعهم الرؤوس وفيها رأس الحسين (ع) ...

  زينب في مجلس يزيد:
  فدعا بالرأس الشريف فوضع بين يديه ...
  قال المفيد: ثم دعا يزيد بالنساء والصبيان فاجلسوا بين يديه ... قالت فاطمة بنت الحسين (ع): فقام إليه رجل من أهل الشام احمر ...
  فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية،...
  فأرعدت وظنت أن ذلك جائز عندهم فأخذت بثياب عمتي زينب وكانت تعلم أن ذلك لا يكون وكانت أكبر منها...
  فقالت عمتي للشامي: كذبت والله ولؤمت ما ذاك لك ولا له...
  فغضب يزيد وقال: كذبت إن ذلك لي ولو شئت أن افعل لفعلت...
  قالت: كلا والله ما جعل الله لك ذلك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغيرها...
  فاستطار يزيد غضبا وقال إياي تستقبلين بهذا إنما خرج من الدين أبوك وأخوك ...
  قالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدك وأبوك إن كنت مسلما...
  قال: كذبت يا عدوة الله...
  قالت له: أنت أمير تشتم ظالما وتقهر بسلطانك...
  فكأنه استحيا وسكت...
  وقال ابن طاوس: أن زينب بنت علي (ع) لما رأت رأس أخيها بين يدي يزيد أهوت إلى جيبها فشقته ثم نادت بصوت حزين: يقرح القلوب يا حسيناه يا حبيب رسول الله يا ابن مكة ومنى يا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء يا ابن بنت المصطفى...
  قال الراوي: فأبكت والله كل من كان حاضرا في المجلس ويزيد ساكت.

  خطبة السيدة زينب (ع) بالشام:
  روى ابن طاوس في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف: انه لما جئ برأس الحسين (ع) إلى يزيد بالشام دعا بقضيب خيزران وجعل ينكت به ثنايا الحسين (ع) ويقول من جملة أبيات:
لـيت أشـياخي ببدر iiشهدوا        جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهـلوا  واسـتهلوا iiفـرحا        ثـم قـالوا يـا يزيد لا iiتشل
  فقامت زينب بنت علي (ع) فقالت:
  الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله كذلك حيث يقول ثم كان عاقبة الذين أساؤوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء أن بنا هوانا على الله وبك عليه كرامة وان ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا مهلا لا تطش جهلا أنسيت قول الله تعالى ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ...
  أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ويتصفح وجوههن القريب والبعيد والدنئ والشريف ليس معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي وكيف ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه بدماء الشهداء وكيف يستبطئ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنان والإحن والأضغان ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم .
لأهلوا  واستهلوا iiفرحا        ثم قالوا يا يزيد لا تشل
  منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك وقد نكات القرحة واستأصلت الشافة بإراقتك دماء ذرية محمد (ص) ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلترون وشيكا موردهم ولتودن انك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا واحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا ...
  فوالله ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (ص) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ لهم بحقهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون وحسبك بالله حاكما وبمحمد (ص) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وأيكم شر مكانا واضعف جندا ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لأستصغر قدرك واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك...
  لكن العيون عبرى والصدور حرى ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء فهذه الأيدي تنطف من دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعقرها أمهات الفراعل ولئن اتخذتنا مغنما لنجدننا وشيكا مغرما حيث لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد فإلى الله المشتكى وعليه المعول ...
  فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة انه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل...
  فقال يزيد:
يا  صيحة تحمد من iiصوائح        ما أهون النوح على النوائح
  رحلة العودة من الشام إلى المدينة المنورة: (5)
  قال ابن الأثير: أمر يزيد النعمان بن بشير أن يجهزهم بما يصلحهم ويسير معهم رجلا أمينا من أهل الشام ومعه خيل يسير بهم إلى المدينة فخرج بهم فكان يسايرهم ليلا فيكونون أمامه بحيث لا يفوتون طرفه فإذا نزلوا تنحى عنهم هو وأصحابه فكانوا حولهم كهيئة الحرس وكان يسألهم عن حاجتهم ويلطف بهم حتى دخلوا المدينة ...
  فقالت فاطمة بنت علي لأختها زينب: لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك أن نصله بشئ ؟
  فقالت: والله ما معنا ما نصله به إلا حلينا فأخرجتا سوارين ودملجين لهما فبعثتا بهما إليه واعتذرتا فرد الجميع..
  وقال: لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني ولكن والله ما فعلته إلا لله ولقرابتكم من رسول الله (ص).
  هذه نبذة مما جرى على أهل بيت الرسالة من الظلم والفظائع الفادحة من أمة جدهم الرسول (ص) فكانت الأمة بين مقاتل وخاذل إلا نفرا يسيرا قاتلوا فقتلوا أو عمهم الخوف فسكتوا لا يقدرون لقلتهم على كثير ولا قليل فكان هذا جزاء رسول الله (ص) من أمة هداها إلى الإسلام وطهرها من عبادة الأوثان والأصنام وأوصاها بعترته وأهل بيته وأكد الوصية فجعلها أحد الثقلين كتاب الله والعترة وجعلها بمنزلة سفينة نوح وباب حطة وجعل المتقدم عليها هالكا والمتأخر عنها مارقا فكيف تكون بعد هذا خير أمة أخرجت للناس بجميعها لا بمجموعها وكيف يكون خير القرون قرنه ثم الذي يليه ثم الذي يليه وإنما مهدت القرون طريق ظلم أهل البيت للذي يليها .

  بعض ما نسب إليها من المواعظ والحكم: (6)
  ذكر في كتاب بلاغات النساء: حدثني أحمد بن جعفر بن سليمان الهاشمي كانت زينب بنت علي تقول:
  - من أراد أن يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده ألم تسمع إلى قولهم سمع الله لمن حمده فخف الله لقدرته عليك واستح منه لقربه منك... (7)

  تحقيق حول محل قبرها (سلام الله عليها):
  يجب أن يكون قبرها في المدينة المنورة فإنه لم يثبت أنها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها وان كان تاريخ وفاتها ومحل قبرها بالبقيع وكم من أهل البيت أمثالها من جهل محل قبره وتاريخ وفاته خصوصا النساء وفيما الحق برسالة نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين في النجف وكربلا المطبوعة بالهند نقلا عن رسالة تحية أهل القبور بالمأثور عند ذكر قبور أولاد الأئمة (ع) ما لفظه: ومنهم زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (ع) وكنيتها أم كلثوم قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ليقوم عبد الله بن جعفر في ما كان له من القرى والمزارع خارج الشام حتى تنقضي المجاعة فماتت زينب هناك ودفنت في بعض تلك القرى هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك وغيره غلط لا أصل له فاغتنم فقدوهم في ذلك جماعة فخبطوا العشواء بحروفه .
  وفي هذا الكلام من خبط العشواء مواضع ...
  أولا: أن زينب الكبرى لم يقل أحد من المؤرخين أنها تكنى بأم كلثوم فقد ذكرها المسعودي والمفيد وابن طلحة وغيرهم ولم يقل أحد منهم أنها تكنى أم كلثوم بل كلهم سموها زينب الكبرى وجعلوها مقابل أم كلثوم الكبرى وما استظهرناه من أنها تكنى أم كلثوم ظهر لنا أخيرا فساده (8) ...
  ثانيا: قوله قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر ليس بصواب ولم يقله أحد فقبر عبد الله بن جعفر بالحجاز ففي عمدة الطالب والاستيعاب وأسد الغابة والإصابة وغيرها انه مات بالمدينة ودفن بالبقيع وزاد في عمدة الطالب القول بأنه مات بالأبواء ودفن بالأبواء ولا يوجد قرب القبر المنسوب إليها براوية قبر ينسب لعبد الله بن جعفر...
  ثالثا: مجيئها مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى الشام سنة المجاعة لم نره في كلام أحد من المؤرخين مع مزيد التفتيش والتنقيب وإن كان ذكر في كلام أحد من أهل الاعصار الأخيرة فهو حدس واستنباط كالحدس والاستنباط من صاحب التحية فان هؤلاء لما توهموا أن القبر الموجود في قرية راوية خارج دمشق منسوب إلى زينب الكبرى وإن ذلك أمر مفروع منه مع عدم ذكر أحد من المؤرخين لذلك استنبطوا لتصحيحه وجوها بالحدس والتخمين لا تستند إلى مستند فبعض قال إن يزيد (عليه اللعنة) طلبها من المدينة فعظم ذلك عليها فقال لها ابن أخيها زين العابدين (ع) انك لا تصلين دمشق فماتت قبل دخولها وكأنه هو الذي عده صاحب التحية غلطا لا أصل له ووقع في مثله وعده غنيمة وهو ليس بها وعد غيره خبط العشواء وهو منه فاغتنم فقدوهم كل من زعم أن القبر الذي في قرية راوية منسوب إلى زينب الكبرى وسبب هذا التوهم أن من سمع أن في رواية قبرا ينسب إلى السيدة زينب سبق إلى ذهنه زينب الكبرى لتبادر الذهن إلى الفرد الأكمل فلما لم يجد أثرا يدل على ذلك لجا إلى استنباط العلل العليلة.
  ونظير هذا أن في مصر قبرا ومشهدا يقال له مشهد السيدة زينب وهي زينب بنت يحيى وتأتي ترجمتها والناس يتوهمون انه قبر السيدة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (ع) ولا سبب له إلا تبادر الذهن إلى الفرد الأكمل، وإذا كان بعض الناس اختلق سببا لمجئ زينب الكبرى إلى الشام ووفاتها فيها فما ذا يختلقون لمجيئها إلى مصر وما الذي أتى بها إليها لكن بعض المؤلفين من غيرنا رأيت له كتابا مطبوعا بمصر غاب عني الآن اسمه ذكر لذلك توجيها بأنه يجوز أن تكون نقلت إلى مصر بوجه خفي على الناس، مع أن زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيى حسنية أو حسينية كما يأتي وحال زينب التي برواية حالها...
  رابعا: لم يذكر مؤرخ أن عبد الله بن جعفر كان له قرى ومزارع خارج الشام حتى يأتي إليها ويقوم بأمرها وإنما كان يفد على معاوية فيجيزه فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتى ينفقها بما عرف عنه من الجود المفرط فمن أين جاءته هذه القرى والمزارع وفي أي كتاب ذكرت من كتب التواريخ ...
  خامسا: إن كان عبد الله بن جعفر له قرى ومزارع خارج الشام كما صورته المخيلة فما الذي يدعوه للإتيان بزوجته زينب معه وهي التي أتي بها إلى الشام أسيرة بزي السبايا وبصورة فظيعة وأدخلت على يزيد مع ابن أخيها زين العابدين وباقي أهل بيتها بهيئة مشجية فهل من المتصور أن ترغب في دخول الشام ورؤيتها مرة ثانية وقد جرى عليها بالشام ما جرى وان كان الداعي للإتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز فكان يمكنه أن يحمل غلات مزارعه الموهومة إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز أو يبيعها بالشام ويأتي بثمنها إلى الحجاز ما يقوتها به فجاء بها إلى الشام لإحراز قوتها فهو مما لا يقبله عاقل فابن جعفر لم يكن معدما إلى هذا الحد مع أنه يتكلف من نفقة إحضارها وإحضار أهله أكثر من نفقة قوتها فما كان ليحضرها وحدها إلى الشام ويترك باقي عياله بالحجاز جياعى...
  سادسا: لم يتحقق أن صاحبة القبر الذي في راوية تسمى زينب لو لم يتحقق عدمه فضلا عن أن تكون زينب الكبرى وإنما هي مشهورة بأم كلثوم كما مر في ترجمة زينب الصغرى لا الكبرى على أن زينب لا تكنى بأم كلثوم وهذه مشهورة بأم كلثوم.
  وجاء في قاموس الرجال لسماحة الشيخ محمد تقي التستري (أعلى الله مقامه) ما يلي: (9)

  زينب بنت علي (عليه السلام)
  في مقاتل أبي الفرج: هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة (عليها السلام) في فدك، فقال: حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي (عليهما السلام) (10).
  وروى الإكمال (11) والغيبة (12) وإثبات الوصية خبرا عن أحمد بن إبراهيم، عن بنت الجواد (عليه السلام) في وصية العسكري (عليه السلام) إلى أمه، فقلت لها: أقتدي بمن في وصيته إلى المرأة ؟
  فقالت: بالحسين (عليه السلام) أوصى إلى أخته زينب في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين (عليهما السلام) من علم ينسب إلى زينب تسترا على علي بن الحسين (عليهما السلام) (13).
  وفي الطبري: قال أبو مخنف: عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي (عليه السلام) قالت: لما أجلسنا بين يدي يزيد رق لنا، ثم إن رجلا من أهل الشام أحمر قام إلى يزيد فقال: هب لي هذه - يعنيني - فأرعدت وفرقت وأخذت بثياب أختي زينب، وكانت تعلم أن ذلك لا يكون،...
  فقالت: كذبت والله ولؤمت! ما ذلك لك وله، ...
  فغضب يزيد فقال: كذبت، أن ذلك لي ولو شئت أن أفعله لفعلت، ...
  قالت: كلا والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا وتدين بغير ديننا،...
  فغضب واستطار ثم قال: إياي تستقبلين بهذا، إنما خرج من الدين أبوك وأخوك، ...
  فقالت: بدين الله ودين أبي ودين أخي وجدي اهتديت أنت وأبوك، ...
  قال: كذبت يا عدوة الله، فقالت: " أنت أمير مسلط تشتم ظالما وتقهر بسلطانك " فكأنه استحيى فسكت (14).
  ونقله الإرشاد (15) واللهوف (16) لكن بدلا " فاطمة بنت علي " بفاطمة بنت الحسين (عليه السلام). والظاهر أن الصواب الأول، لكونه الأصل.

  خطبتها (عليها السلام) في مجلس ابن زياد:
  وفي اللهوف، وقال بشير بن خزلم الأسدي نظرت إلى زينب بنت علي (عليهما السلام) يومئذ - ولم أر خفرة أنطق والله منها كأنها تفرغ من لسان أمير المؤمنين (عليه السلام) - وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت:
  الحمد لله والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار،...
  أما بعد...
  يا أهل الكوفة يا أهل الختل والغدر، أتبكون!
  فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم، ألا وهل فيكم إلا الصلف والنطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمز الأعداء، أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة، ...
  ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون، ...
  أتبكون وتنتحبون ؟
  إي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدرة سنتكم ألا ساء ما تزرون، وبعدا لكم وسحقا فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة، ...
  ويلكم يا أهل الكوفة! أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دم له سفكتم وأي حرمة له انتهكتم ؟
  ولقد جئتم بها صلعاء عنقاء خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو ملاء السماء ؟
  أفعجبتم أن مطرت السماء دما ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون، فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يخفره البدار ولا يخاف فوت الثأر، وأن ربكم لبالمرصاد.
  قال الراوي: فو الله! لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا واقفا إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول: بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول وشبانكم خير الشبان ونساءكم خير النساء (17).
  ورواه بلاغات نساء " أحمد بن أبي طاهر البغدادي " مع اختلاف بإسنادين، لكن ناسبا لها إلى أم كلثوم (18).

  خطبتها (عليها السلام) في مجلس يزيد بن معاوية:
  وفي اللهوف: لما دعا يزيد بقضيب وجعل ينكت به ثنايا الحسين (عليه السلام) ويتمثل بأبيات ابن الزبعري:
لـيت أشـياخي ببدر iiشهدوا        جزع الخزرج من وقع الأسل
  إلى قوله:
لست من خندف إن لم انتقم        من  بني أحمد ما كان iiفعل
  قامت زينب فقالت:
  الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله وآله أجمعين صدق الله سبحانه إذ يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون)...
  أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء أن بنا هوانا عليه وبك عليه كرامة، وأن ذلك لعظم خطرك عنده فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسرورا، حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلا مهلا أنسيت قول الله تعالى: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين) (19) ...
  أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن،...
  تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد يستشرفهن أهل المناهل والمناقل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي ولا من حماتهن حمي،...
  وكيف يرتجي مراقبة من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه من دماء الشهداء، وكيف لا يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنئان والإحن والأضغان، ثم تقول غير متأثم ولا متعظم:
لأهلوا  واستهلوا iiفرحا        ثم قالوا يا يزيد لا تشل
  منتحيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك، وكيف لا تقول ذلك وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة بإراقتك دماء ذرية محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونجوم الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم، فلتردن وشيكا موردهم ولتودنَّ أنك شللت وبكمت ولم تكن فعلت ما فعلت وقلت ما قلت،...
  فو الله! ما فريت إلا جلدك ولا حززت إلا لحمك ولتردن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته حيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون، وحسبك بالله حاكما وبمحمد (صلى الله عليه وآله) خصيما وبجبرئيل ظهيرا وسيعلم من سوى لك ومكنك من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا، وأنكم شر مكانا وأضعف جندا،...
  ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك أني لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك وأستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى والصدور حرى، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء لحزب الشيطان الطلقاء فهذه الأيدي تنطف من دمائنا وتلك الأفواه تتحلب من لحومنا وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفرها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك وما ربك بظلام للعبيد فإلى الله المشتكى وعليه المعول،...
  فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فو الله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين، ...
  فالحمد لله رب العالمين الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود وحسبنا الله ونعم الوكيل.
  فقال يزيد:
يـا صـيحة تـحمد مـن iiصوائح        ما أهون الموت على النوائح (20)
  ومعنى قولها:
  " لقتل حزب الله النجباء لحزب الشيطان الطلقاء " قتل الناس حزب الله لأجل حزب الشيطان.

  خبر دخول السبايا على ابن زياد:
  وفي الطبري (21) والإرشاد (22) واللهوف، واللفظ للأخير: جلس ابن زياد في القصر للناس وأذن إذنا عاما وجئ برأس الحسين (عليه السلام) فوضع بين يديه وأدخل نساء الحسين (عليه السلام) وصبيانه إليه، فجلست زينب بنت علي (عليهما السلام) فأقبل عليها ...
  فقال: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، ...
  فقالت: إنما يفضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا، ...
  فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك ؟ ...
  فقالت: ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن يكون الفلج يومئذ هبلتك أمك يا ابن مرجانة، ...
  فغضب ابن زياد وكأنه هم بها، فقال له عمرو بن حريث: إنها مرأة والمرأة لا تؤخذ بشيء من منطقها، ...
  فقال ابن زياد: لقد شفي الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك، ...
  فقالت: لعمري! لقد قتلت كهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فإن كان هذا شفاك فقد اشتفيت، ...
  فقال ابن زياد: هذه سجاعة ولقد كان أبوك شاعرا سجاعا، ...
  فقالت: يا ابن زياد ما للمرأة والسجاعة (23).
  وزاد الطبري: إن لي عن السجاعة لشغلا ولكن نفثي ما أقول.

  أبنائها (عليها السلام):
  وعد (نسب قريش مصعب الزبيري) أولادها من زوجها عبد الله بن جعفر ثلاث بنين، وهم: جعفر الأكبر وعون الأكبر وعلي وبنتين أم كلثوم وأم عبد الله (24). هذا، وعد مقاتل أبي الفرج المقتولين بالطف من ولد عبد الله بن جعفر ثلاثة " محمد وعبيد الله " من الخوصاء بنت خصفة، و " عون الأكبر " من زينب (25). وأما الطبري والزبيري فلم يذكرا فيهم من ولدها، بل جعل المقتول " عونا الأصغر " من جمانة بنت المسيب بن نجبة و " محمدا الأصغر " من بنت خصفة وزاد الثاني أن " عونا الأكبر " من زينب انقرض وكان أبوه يجديه وجدًا شديدًا وحزن عليه حزنا وعرف فيه حتى أبصر بعد ورجع.
  هذا، والترجمة لزينب الكبرى من فاطمة (عليها السلام) وله (عليه السلام) زينب الصغرى من أم ولد، وفي نسب قريش الزبيري: " كانت زينب الصغرى عند محمد بن عقيل فولدت له عبد الله الذي يحدث عنه، وفيه: العقب من ولد عقيل " (26) وقلنا في " أم كلثوم ": أن قول الإرشاد أنها أيضا " زينب الصغرى " وهم.

**************************************************************
1 ـ ( ج 24 - ص 219)
2 ـ الفقيه: الجزء 3، باب معرفة الكبائر، الحديث 1754.
3 ـ (ج 7 - ص 137 ....)
4 ـ (ج 4 ص 29)
5 ـ أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين - ج 7 - ص 140 - 141
6 ـ في مجلة العرفان ج 1 (ص) 86
7 ـ ولم أجد هذا الكلام في كتاب بلاغات النساء تأليف أحمد بن أبي طاهر المطبوع بمصر عام 1326.
8 ـ كما مر في ترجمة زينب الصغرى
9 ـ ( ج 12 / ص 268 – 273)
10 ـ مقاتل الطالبيين: 60.
11 ـ إكمال الدين: 501.
12 ـ غيبة الطوسي: 138.
13 ـ إثبات الوصية: 231، وفيه:....
14 ـ تاريخ الطبري: 5 / 461.
15 ـ إرشاد المفيد: 246.
16 ـ اللهوف: 81.
17 ـ اللهوف: 64 - 65.
18 ـ بلاغات النساء: 23.
19 ـ آل عمران: 178.
20 ـ اللهوف: 78 - 81.
21 ـ تاريخ الطبري: 5 / 457.
22 ـ إرشاد المفيد: 244.
23 ـ اللهوف: 69.
24 ـ نسب قريش: 82.
25 ـ مقاتل الطالبيين: 60.
26 ـ نسب قريش: 85.




« السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) »

  جاء في كتاب (العقيلة والفواطم) للأستاذ الحاج حسين الشاكري (أيده الله) تفصيلاً لشخصية السيدة الطاهرة سكينة ابنة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وهو كما يلي :
السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) في سطور :
  جدها : أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).
  جدتها : السيدة فاطمة الزهراء، بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
  أبوها : الإمام الحسين الشهيد (عليه السلام) .
  عمها : الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) .
  عماتها : العقيلة زينب ، والسيدة أم كلثوم (عليهما السلام) (1).
  أمها : الرباب بنت امرئ القيس بن عدي القضاعي .
  إخوتها : الإمام السجاد زين العابدين ، علي الأكبر شهيد كربلاء ، وشقيقها الطفل عبد الله الرضيع .

أختها وشقيقتها : فاطمة بنت الحسين .
  اسمها : آمنة ، وقيل أمينة، أو أميمة، أمها لقبتها بسكينة لسكونها وهدوئها .
  ولادتها : 42 ه‍ .
  زوجها : عبد الله بن الإمام الحسن (عليه السلام) .
  وفاتها : الخميس لخمس خلون من ربيع الأول سنة 117 ه‍ = 735 م ، ولها من العمر 75 سنة .
  وكانت ولادتها وإقامتها ووفاتها بالمدينة المنورة.

السيدة سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام)
  السيدة سكينة العفيفة الطاهرة، والشريفة المطهرة ، كانت سيدة نساء عصرها، أحسنهن أخلاقا، وأكثرهن زهدا وعبادة ، ذات بيان وفصاحة ، ولها السيرة الحسنة، والكرم الوافر، والعقل الراجح، تتصف بنبل الخصال، وجميل الفعال ، وطيب الشمائل، يشهد بعبادتها وتهجدها أبوها الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله : أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله لما أراد الحسن بن الحسن بن عمها يطلبها من عمه ثم اختار له أختها السيدة فاطمة ، ولا غرو فإنها من بيت جبلوا على العبادة والتهجد يختلفون عن غيرهم من الناس ، ومن هذا النهج هيامهم بالعبادة واتصالهم بالله سبحانه وتعالى ، والانقطاع إليه ، وهو من مستلزمات حياتهم، كما ذكرهم المؤرخون بوصف عبادتهم ، وتهجدهم ، وأدعيتهم وبكائهم وتلاوتهم لكتاب الله الحكيم، وقيامهم بالأسحار ، فكل من ترجم لهم (عليهم السلام) أكد هذا الاستغراق مع الخالق الجليل والمولى القدير جل شأنه ، ولم يذكر المؤرخون، وأهل السير والتراجم لغيرهم من الاستغراق في ذات الله ما ذكروه لهم صلوات الله عليهم ، ولكثرة تهجدهم وخلوتهم بربهم ، وتفرغهم لعبادته أنشأوا كنوزا من الأدعية عجز عن مجاراتها فطاحل الأدباء وافتخرت الطائفة بهذه الثروة الضخمة إلى اليوم ، إذ لم يرد مثلها لغيرهم ولم يعرفها المسلمون لغيرهم من الصحابة والتابعين وفطاحل العلماء والأدباء ، كل هذا يدل على انقطاعهم إلى المولى سبحانه وتعالى والاستغراق في ملكوته ، والهيام بحبه ، والتزلف لديه ، وقد أخذ عنهم هذا الاستغراق والانقطاع أبناءهم ، فما في الآباء يرثه الأبناء، وقد ورثت السيدة سكينة هذه الخصال عن أبيها وجدها وهذا الاستغراق ، كما شهد لها أبوها السبط بذلك : ( أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ) .

الافتراء على أهل بيت النبوة (عليهم السلام) :
  ولكن الأقلام المسمومة ، والنفوس الخسيسة المأجورة حولت هذه المكارم إلى عكسها ، هروبا من العار الذي غرق فيه آل أمية ، وآل مروان ، وآل الزبير ، والفواحش المعشعشة في بيوتهم وبين نسائهم ، ( رمتني بدائها فانسلت ) ، إن أعداء أهل البيت الذين ورثوا البغضاء من بني أمية، وبني مروان ، الذين سخروا بيت مال المسلمين إلى التنكيل برسول المسلمين والطعن على آله وجعلوا من ذوي النفوس الوضيعة الحاقدة مخلب قط وأداة تخريب من المرتزقة الوضاعين والأقلام المسمومة المأجورة كأبي هريرة ، وأبي الدرداء ، والمغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب وغيرهم من الذين باعوا دينهم إن كان لهم دين إلى حكام بني أمية وبني مروان ، وحاك على منوالهم الزبيريين ، أمثال عبد الله بن الزبير ، ومصعب بن الزبير، وابن أخيه الزبير بن بكار ، والهيثم بن عدي الطائي الكوفي الكذاب ، وصالح بن حسان ، وأشعب الطامع وأضرابهم ، وأصروا بكل عناد ولجاجة بتشويه معالم ومقام أهل البيت الطاهر بكل ما لهم من حول وقوة وشراء الضمائر الميتة، وحيث إنهم لم يتمكنوا من نسبة المفتريات والطامات إلى الذين وجبت العصمة فيهم من الأئمة الطاهرين الهداة الميامين ، عمدوا إلى أولادهم وبناتهم فاختلقوا في حقهم كل شائنة وموبقة تخرجهم عن الدين ، لتجلب البسطاء من الناس للانضواء إليهم وإلى سلفهم ، بكل وسائل الإرهاب والإرعاب والطمع بأموال القائمين على أمور زمانهم ، وجاء من بعدهم وسار على خطاهم كالمدائني والخليع المستهتر صاحب الأغاني أبو الفرج الاصفهاني الأموي النسب والعقيدة بالضرب على طبولهم ، وإشاعة التهم والبهت والفحشاء على أعراض آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) .
  فأكثر من الافتراء على أهل هذا البيت الطاهر ، وشحنت مجامع الكذب بمروياته بحيث سادت البسطاء ومن لا تثبت له في النقل والتحقيق .
  وقد يحصل هناك من يحسب أن سعة العلم في الإكثار من الروايات الضعيفة من غير تثبت في النقل وصحة المصدر ، فاختلط الحابل بالنابل ، والصحيح بالسقيم ، وديف السم في العسل ، ثم جاء من بعدهم الكتاب والمؤرخون ، لينقلوا ما كتبه سلفهم دون أي تحقيق أو تمحيص يرددون ذلك كالببغاوات ، مما زاد في الطين بل .
  غير أن الاستضاءة بنور العلم الصحيح ، وتمحيص الحقائق كشف عن زيف وعوار تلك الأحاديث ، المملوءة بالبهت والكذب والدس ، وقد وضعوا هؤلاء الرجال على المحك وكشفوا كذبهم ولم يجعلوا لأحاديثهم قيمة في سوق الاعتبار فسدوا معرة أولئك الكذابين الدساسين وإخراجهم عن صفوف من يعتمد عليهم وعلى مروياتهم .
  وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلم بما يحدث بعده من دسائس الدجالين فحذر أمته منهم ومن مفترياتهم فقال (صلى الله عليه وآله) : ستكثر علي القالة من بعدي ، فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار (2).
  وهناك أدلة وبراهين تثبت طهارة أهل البيت (عليهم السلام) لا سيما السيدة الزكية سكينة ابنة الإمام الحسين (عليه السلام) فراجع كتاب (السيدة سكينة) للسيد عبد الرزاق المقرم ، وكتاب (سكينة بنت الإمام الحسين (عليه السلام) للأستاذ علي الدخيل، ط بيروت ، وكتاب (أعلام النساء المؤمنات) للأستاذ محمد الحسون ، وغيرها من المصادر المعتبرة ، ليتضح لك واقع الأمر والحقيقة .
  أول من وضع الحديث : إن أول من وضع الأحاديث الشائنة في ابنة الإمام الحسين (عليه السلام) السيدة الطاهرة سكينة ، مصعب الزبيري المتوفى سنة 236 ه‍ في كتابه (نسب قريش) لينصرف المغنون والشعراء عن ابنتهم ، سكينة بنت خالد بن مصعب ابن الزبير التي تجتمع مع عمر بن أبي ربيعة الشاعر الخليع والمغنيات يغنين لهم (3)، وزمر بها مرافقه في بغداد المدائني (4) المتوفى سنة 225 ، وزاد عليها الزبير بن بكار وابنه ، وتلقاها المبرد المتوفى سنة 285 عن هؤلاء الوضاعين ، وعنه أخذها تلميذه الزجاجي وغيره من دون تمحيص وتحقيق فأضلوا كثيرا من الكتاب والمؤرخين حتى رووها بلا إسناد موهمين أنها من المسلمات ، ثم جاء من بعدهم أبو علي القالي تلميذ الزجاجي الأموي الفكرة والعقيدة ، فسجل في أماليه ما تلقاه من أستاذه قصدا للحط من كرامة البيت العلوي (5) خصوصا وقد تقلب في نعمة الناصر عبد الرحمن الأموي في الأندلس الذي استدعاه من بغداد ، فأكرم مثواه ، وعزز منزلته ، فألف وكتب (6) ما يروق للأمويين الذين نكل بهم الهاشميون وبددوا ملكهم .
وحديث ولادة بنت المستكفي الخليفة الأموي في الأندلس مشهورة ، فإنها كتبت على تاجها :
أنـا  والله أصـلح iiلـلمعالي      وأمـشي  مـشيتي وأتيه تيها
وأمكن  عاشقي من لثم iiثغري      وأعطي قبلتي من يشتهيها (7)

  بالإضافة إلى ذلك نقول إن لفظ سكينة في رواية الزجاجي ، ولفظ سكين في رواية أبي علي القالي في الأمالي (8) لا إشعار فيه على إرادة سكينة بنت الحسين (عليه السلام) ، بل كان المقصود في شعر عمر بن أبي ربيعة هو (سكينة الزبيرية) فإن صاحب الأغاني يروي عن رجاله ، إن سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير ، كانت تجتمع مع عمر بن أبي ربيعة ومعها ابنتها أمة المجيد زوجة محمد ابن مصعب بن الزبير وجاريتان كانتا تغنيان عندهم يقال لإحداهن البغوم ، وللأخرى أسماء (9) ، وقد تزوج سكينة بنت خالد بن مصعب بكير بن عثمان بن عفان ، فولدت له بنتا يقال لها أم عثمان تزوجها عبد الله العرجي (10).
  ويحدث ابن كثير : إن مصعب بن الزبير أولد سكينة وأمها فاطمة بنت عبد الله بن السائب (11) . وإذا كان هذا حال سكينة بنت آل الزبير مع عمر بن أبي ربيعة والجواري المغنيات فمن القريب جدا أن يزحزح آل الزبير ومن سار على أثرهم من الرواة هذه الشائنة عن ابنتهم ويلصقوها بمن شابهتها في الاسم ، خصوصا مع العداء المحتدم بينهم وبين العلويين وقد عرفت فيما مر عليك أن روايات صاحب الأغاني في هذا الباب مروية عن الزبير بن بكار ، وعمه مصعب بن الزبير، والمدائني والهيثم بن عدي الكوفي الكذاب بنص جماعة من علماء الرجال ، وكذلك صالح بن حسان وأشعب الطامع ، إلى غيرهم ممن يفتعل الحديث أو مجهول الحال ، الذي لا يركن إليه .
  وحديث افتعال البيتين المنسوبة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) هي سقطة أخرى باء بإثمها صاحب كتاب الأغاني ، حيث لم تقنعه هاتيك السفاسف في خدش عواطف الخفرة فطفق يمس بكرامة أبيها المعصوم (عليه السلام) بما ينافي العصمة أو يصادم العظمة والحفاظ، فذكر في الرواية عن رجال مجاهيل لم يعرفهم علماء الرجال والتراجم ، أن السيدة سكينة قالت : عتب عمي الحسن على أبي في أمي الرباب ، فقال أبي الحسين رادا عليه (12) :
لـعمرك إنني لأحب iiدارا      تحل  بها سكينة iiوالرباب
أحـبهما وأبذل جل iiمالي      وليس لعاتب عندي عتاب

  وزاد ابن جرير الطبري في المنتخب من الذيل ضغثا على إبالة ، فذيلها بثالث ، وعلى فرض وقوع العتاب المزعوم ، فسيد الشهداء أبر وأتقى من أن يجابه حجة الوقت وإمام عصره على الأمة أجمع بنظم البيتين .
  ومما لا يلتئم مع حفاظ المرء ووقاره المزري بشم الرواسي وعظمته المشتقة من النبوة ، مدح حليلته وابنته بشعر يعلم بطبع الحال أنه ستسير به الركبان ثم يبث ذلك بين الناس ، فتلوكه الأشداق حتى يغني به المغنون في منتديات البطر، ومجتمعات الفجور.
  وهذا البهت لم يكن بدعا من مزاعم ذوي النفوس الخسيسة والباذلين أقلامهم لحكام الجور في زمانهم لحقد في نفوسهم أو طمعا في لعس فتات موائدهم والسحت من أموالهم .

الفواجع التي شاهدتها :
  ثم أين السيدة سكينة من مجالس الأدب ومطاردة الشعر والحكم بين الشعراء وهي التي عاشت فاجعة الطف المروعة وشاهدت محنة أبيها وأعمامها وإخوتها وأهل بيتها وأصحاب أبيها في جهاد أعدائهم الذين أحاطوا بهم من كل جانب والذين بلغوا أكثر من ثلاثين ألف رجل مدججين بالسلاح الفتاك والحقد الأسود الدفين حتى قضوا عليهم ، وشاهدتهم بأم عينها مجزرين عطاشى في ساحة الوغى ، وتركتهم مطرحين على الثرى مسلوبين عراة بلا غسل ولا كفن ولا دفن ، وهي لا تتجاوز الثانية عشر من عمرها الشريف .
  وأدهى من ذلك مشاهدتها أخيها العليل مطروحا في خيمته لا حول له ولا قوة قد أنهكه المرض والنار تشتعل في خيمته كما سرت النار في باقي خيام بيت الرسالة فصارت العلويات المروعات والأطفال يركضون من خيمة إلى خيمة حتى فروا بأرواحهم إلى البيداء والنار تلاحقهم بعد ما أحرقت كل شئ في الخيام بعد السلب ، وترى عماتها وأمها وأخواتها حائرات كما شاهدت عمتها العقيلة زينب التي شاطرت الإمام الحسين في محنته ، وتحملت من بعده في تدبير اليتامى والأرامل .

وقد أثرت مصيبة الرضيع تأثيرا عظيما :
  فكل شئ كان يدور في خلدها إلا قتل عبد الله الرضيع فقد كانت تنتظر أن تستقبله ، بعد أخذ أبيها الحسين (عليه السلام) إلى القوم ليسقيه وقد ارتوى ، فإذا هو مذبوح من الوريد إلى الوريد بسهم حرملة لعنه الله.
  أذهل سكينة قتل أخيها والمصائب التي تحملتها طيلة ذلك اليوم حتى أنها ما استطاعت أن تقوم لتوديع أبيها الحسين (عليه السلام) الوداع الأخير الذي لا لقاء بعده في الدنيا ، حيث حفت به بنات الرسالة وكرائم الوحي يتصارخن في توديعه ، فقد ظلت في مكانها واجمة ، ولحظها أبوها وهي بهذا الحال فوقف على رأسها يصبرها وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي      مـنك  البكاء إذا الحمام iiدهاني
لا تـحرقي قلبي بدمعك iiحسرة      ما  دام مني الروح في iiجثماني
فـإذا قـتلت فأنت أولى iiبالذي      تـأتينه  يا خيرة النسوان (13)

وبعد مصرع أبيها الحسين (عليه السلام):
  وبعد مصرع أبيها الحسين (عليه السلام) ومجئ جواده إلى الخيام محمحما ، وسرجه ملويا خرجت سكينة مولولة صارخة ، فنادت : واقتيلاه ، وا أبتاه ، واحسناه ، وا حسيناه ، واغربتنا بعدك ، فلما سمع باقي الحرم خرجن فنظرن الفرس ، فجعلن يلطمن الخدود ، ويصحن: وا محمداه (14).

وداع الحادي عشر من محرم :
  وحصلت السيدة سكينة على فرصة أخرى لتوديع أبيها (عليه السلام) والتزود منه ، وذلك في الحادي عشر من المحرم بعد ما حملهم القوم أسرى يريدون بهم الكوفة ، وقد جعلوا طريقهم على ساحة المعركة ، ولما شاهدت سكينة جسد أبيها على الصعيد فألقت بنفسها عليه ، تتزود من توديعه وتبثه ما اختلج في صدرها من المصائب ، ولم يستطع أحد أن ينحيها عنه حتى اجتمع عليها عدة وجروها عنه بالقهر (15).

فجيعة الأسر والسبي :
  ناهيك عن ما شاهدته وعاشته من فجائع الأسر وذل الموقف ، والسير على الجمال في الصحراء من كربلاء إلى الكوفة ومن الكوفة إلى الشام، والمواقف الرهيبة التي وقفتها مع عماتها وأخواتها في مجلس ابن زياد ، ومجلس يزيد لعنهم الله.
  هذا وصف بعض ما شاهدته السيدة سكينة من فجائع يوم عاشوراء وما بعده ، فهل ترى أيها الأريب اللبيب بعد ما شاهدت هذه الفجائع أن تركن السيدة سكينة مجالس الأدب ونظم الشعر ؟! وهي التي شهد بحقها حجة الله أنها غلب عليها الاستغراق مع الله، لا والله وألف كلا .

وجاء في كتاب (السيدة سكينة) للسيد عبد الرزاق المقرم (الصفحات 63 ـ 66) ما يلي:
  والسيدة سكينة حضنتها الحجور الزاكية وتلقت من أبيها سيد الشهداء التعاليم الراقية والآداب الإلهية ودرست القيم الإسلامية وجارت في المجاهدة والرياضة جدتها الصديقة وعمتها العقيلة حتى حازت أرقى مراتب العبادة التي يرضاها رب العالمين ومن هنا منحها الإمام الحجة الواقف على نفسيات البشر ومقادير أعمالهم أرقى صفة تليق بامرأة كاملة تفانت في الطاعة لله تعالى وهو (خيرة النساء) .
  من هذا وذاك صحبها (أبي الضيم) إلى محل شهادته في جملة من انتخبهم الباري سبحانه دعاة لدينه فشاهدت بين تلك الثنايا والعقبات الآيات المنذرة بتدابير النفوس وتخاذل القوم عن نصر الهدى واجتماعهم على إزهاق نفس ريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله) وإراقة (دمه الطاهر) وأنهم قادمون على عصبة لا ترقب فيهم إلا ولا ذمة فلم تعب ء بتلكم الأهوال التي يشيب لها فؤاد الطفل تسليما للقضاء وطاعة للرحمن عز شأنه .
  وشاهدت أولئك المناجيد مضرجين بالدماء مقطعين الأوصال وبينهم علة الكائنات ومدار الموجودات أبو عبد الله (الحسين) (عليه السلام) وقد مثلوا فيه بكل مثلة :
ووجهوا  نحو في الحرب iiأربعة      السهم والسيف والخطي والحجرا

  فقابلت تلكم الفوادح برباطة جأش وهدوء بال ولولا انخراطها في الاستغراق مع الله تعالى وتفانيها في الطاعة له كما أخبر أبوها الحجة (عليه السلام) بقوله : ( الغالب عليها الاستغراق مع الله ) لانهد قواها وساخ صبرها وتبلبل فكرها وفقدت مشاعرها ولكنها بالرغم من ذلك لم يرعها ذل الأسر ولا شماتة العدو وتراكم الرزايا وأنين الأطفال وبكاء الفواقد فلم يصدر عنها ما لا يتفق مع الخضوع للأصلح المرضي لله تعالى .
  ولو كان (أبي الضيم) يعلم بضعف عزمها وتفكك صبرها لما رافقها إلى محل تضحيته لئلا يستبب من تلكم الأهوال الوقوع في خطر عظيم .
  إن ذلك المشهد الدامي الذي لم يمر على نبي أو وصي وقابله شهيد الدين بصبر تعجبت منه ملائكة السماوات كما في نص زيارته ترك الجفون قرحى والعيون عبرى والقلوب حري إلى يوم الانقضاء على حد تعبير الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، ويقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا ، والسيدة سكينة أبصرت كل ما جرى في ذلك اليوم وسمعت صرخة أبيها المظلوم واستغاثته وشاهدت حرائر النبوة ومخدرات الإمامة يتراكضن في تلك البيداء المقفرة حين شبت النار في مضاربهم ولا محامي يلذن به إلا زين العابدين وقد أنهكته العلة .
فلو أن أيوبا رأى بعض ما رأى      لـقال  بـلى هذا العظيمة بلواه

  فلم يتضعضع صبرها ولا وهى تسليمها للقضاء الجاري ولم يتحدث المؤرخون عما ينافي ثباتها على الخطوب في الكوفة والشام مع ما لاقته من شماتة ابن مرجانة وابن ميسون ونكته بالعود رأس الحسين وأهل المجلس يشاهدون الأنوار تتصاعد من أسارير جبهته والروائح العطرة تفوح منه وهو يرمق حرمه بعينيه ولما أمر يزيد بقتل رسول ملك الروم لأنه أنكر عليه فعلته نطق الرأس المقدس بصوت جهوري ( لا حول ولا قوة إلا بالله ).

السيدة الطاهرة سكينة في مدينة جدها (ص):
  فأخذت الناس الحيرة وراح الرجل يحدث جليسه بالضلال الذي عمهم وتحدثت أندية الشام بهذا الحادث الذي لم يسمع بمثله قبل يوم الحسين ولما رجعت السيدة الطاهرة سكينة إلى المدينة أقامت في بيت أبيها أبي عبد الله مع نساء قومها لابسات السواد يبكين الحسين والبهاليل من آل عبد المطلب ليل نهار .
  ويحدثنا أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) عن حزن الفاطميات بقوله : ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ولا رؤي الدخان في بيت هاشمي خمس حجج إلى أن قتل عبيد الله بن زياد .
  عاشت السيدة سكينة في بيت أخيها السجاد (عليه السلام) الذي لم يزل ليله ونهاره باكي العين على سيد شباب أهل الجنة وكان جوابه لمن يطلب منه التخفيف لئلا تذهب عيناه : إني كلما نظرت إلى عماتي وإخواني إلا تذكرت فرارهن من خيمة إلى خيمة وكان هذا دأبه في البكاء على (قتيل العبرة) إلى أن استشهد صلوات الله عليه سنة 95 وإذا كان عميد البيت لا يفتر عن النياحة مدة حياته فما ظنك بمن حواه البيت من النساء ومن شأنهن الرقة والجزع والسيدة سكينة تأوي هذا البيت المفعم بالحزن والشجاء وفي مسامعها نشيج أخيها الحجة وتبصر تساقط دموعه على خديه فتشاركه في الزفرة وتجاوبه بالعبرة ولا تبارح فاكرتها الهياكل المضرجة بالدماء وقد شاهدتهم صرعى مقطعين الأوصال.
قد غير الطعن منهم كل جارحة      إلا الـمكارم في أمن من iiالغير

  فهل تبقى لها لفتة إلى لوازم الحياة فضلا عن عقد مجالس الأنس والفرح بلى كانت السيدة العفيفة مدة حياة أخيها الإمام وبعده باكية نادبة على أبيها المظلوم الممنوع من الورود وأبو عبد الله حياة الكون وري الوجود ، والماء يصدر عنه الوحش ريانا ...
  ولكن آل الزبير تحدثوا وافتعلوا وأكثروا ? فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ? .

خبر قولها الشعر ؟
  في هذا الفصل يكذب ما نسب للسيدة سكينة (عليها السلام) من مجالس الشعراء والتحكيم بينهم ، فلو كانت بالمستوى الشعري الذي زعموا لملأت الدنيا رثاء لأبيها الحسين (عليه السلام)، فقد ذكروا أن الخنساء تقول البيت والبيتين وبعد مقتل أخويها بلغت في رثائهما الغاية .
  وأبيات الرثاء الذي ذكرها لها الزجاج (وعليه العهدة) لم نجد غيرها مع تتبعنا ، وهو ينفي أن يكون قائلها بمستوى من يرتضيه رواة الشعر حكما فيما بينهم ، ولكن اجتمعت عداوة الزبيري ، وحقد الأموي والمرواني على الافتراء عليها ، المشتكى إلى الله سبحانه وتعالى .
  وهذه كل الأبيات التي رثت بها أبيها سيد الشهداء:
لا  تـعذليه فـهم قـاطع طـرقه      فـعـينه بـدمـوع ذرق iiغـدقه
إن الـحسين غـداة الطف iiيرشقه      ريب المنون فما أن يخطئ iiالحدقه
بـكـف  شـر عـباد الله كـلهم      نسل  البغايا وجيش المرق iiالفسقه
يـا أمة السوء هاتوا ما iiاحتجاجكم      غـدا  وجـلكم بالسيف قد iiصفقه
الـويل حـل بـكم إلا بمن iiلحقه      صـيرتموه  لأرمـاح العدا iiدرقه
يـا عين فاحتفلي طول الحياة iiدما      لا تـبك ولـدا ولا أهلا ولا iiرفقه
لكن  على ابن رسول الله iiفاسكبي      قيحا ودما وفي إثريهما العلقة (16)

خبر زواجها ؟
  من الأباطيل التي طبل لها رواة السوء ، والمرتزقة من حثالات الأمة نسبة تعدد الأزواج للسيدة سكينة ، فقد خبطوا في ذلك خبط عشواء ، وغاب عنهم مقياس العلم والأخلاق والأمانة ، فكالوا لأهل البيت الطاهرين وأتباعهم ومحبيهم شتى أنواع البهت والتهم والافتراءات ، كل ذلك بسبب ولائهم لأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا .
  لقد كان أمر هذا التناقض في الروايات والأخبار يهون لو أنه توزع بين مراجع شتى مختلفة يتفرد كل منها بإحدى الروايات، فيكون أمام المحقق أن يختار أقدمها ، أو أدعاها إلى الثقة ، على هدى القواعد المقررة للترجيح والمقابلة ، والتعديل والتجريح ، ولكن نجد كل الروايات التي أمامنا متناقضة ، تجتمع في المصدر الواحد دون محاولة من مؤلفها للفصل بينها ، أو حسم الخلاف فيها ، وحتى دون كلمة تؤذن بأنه يحس طبعا بهذا الخلاف .
  في صفحة واحدة من كتاب الأغاني مثلا نجد أربع روايات متناقضة ، متضاربة ، سردها أبو الفرج متتابعة دون تمحيص ثم لا شئ أكثر من هذا السرد، وهذا يدل على كذب الراوي الأول والرواة الذين جاؤوا بعده ، وليس له تفسير إلا الحقد الأعمى واتباع السلطان .
  أما الذي عليه الشيعة أتباع مذهب أهل البيت ، فهو أن السيدة سكينة لم تتزوج غير ابن عمها عبد الله بن الإمام الحسن (عليه السلام) فقط وفقط ، وهناك روايات تقول ثم تزوجت بمصعب بن الزبير ، ويوافق الشيعة على زواجها بعبد الله بن الحسن (عليه السلام) غيرهم من أهل السنة ، ويروى أن عبد الله بن الحسن هو الذي قطعت أصابعه لما كان على صدر عمه الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء مستجيرا به (17) .

وفاتها ومدفنها :
  في طبقات ابن سعد ، وفي تذكرة الخواص: توفيت بالمدينة وعليها خالد بن عبد الله بن الحارث بن الحكم واليا ، ودفنت بالبقيع كما في شذرات الذهب ، نقلها السيد محسن الأمين في أعيانه، كانت وفاتها بالمدينة ، الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول من سنة 117 ه‍ .
  أما القبر المنسوب إليها بدمشق في مقبرة الباب الصغير فهو غير صحيح ، لإجماع أهل التاريخ أنها دفنت بالمدينة ، ويوجد على القبر المنسوب إليها بدمشق ، صندوق من الخشب كتبت عليه آية الكرسي بخط كوفي مشجر رأيته (18) وأخبرني الثقة الشيخ عباس القمي النجفي الذي هو ماهر في قراءة الخطوط الكوفية بدمشق في رجب أو شعبان من سنة 1356 ه‍ ، أن الاسم المكتوب بآخر الكتابة التي على الصندوق هو (سكينة بنت الملك) وهذا بلا شك ولا ريب ، فالقبر إذا لإحدى بنات الملوك المسماة سكينة .
  إلى هنا أكتفي بترجمة حياة السيدة سكينة ورد العاديات عنها من بهت الكذابين وروايات الحاقدين والذين يريدون المساس بكرامة آل البيت وكذلك عن أختها المظلومة السيدة فاطمة بنت الحسين (عليه السلام). (19)
  وجاء في كتب أخرى لبعض الأعلام (أعلى الله مقامهم) ، تفصيلاً آخر لحياة هذه السيدة الطاهرة نوجزه لكم في التالي :

سكينة (آمنة) بنت الحسين (عليه السلام)
ترجمتها (عليها السلام) :
  جاء في كتاب الملهوف على قتلى الطفوف للسيد المحدث الكبير بن طاووس (رحمه الله) : سكينة بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، كريمة نبيلة ، كانت سيدة نساء عصرها ، توفيت سنة 117 هـ ، وجاء عن سماحة الشيخ جواد المحدثي في موسوعته قال : هي سكينة بنت الحسين (عليها السلام) ، كانت مشهورة بالعلم والأدب، والمعرفة والميل الروحي العميق نحو الباري ، وكان أبوها يوليها رعاية خاصة .
  ذكروا أن اسمها الأصلي آمنة أو أمينة أو أُمامة ، وأمها ( رباب ) هي التي لقّبتها بلقب ( سكينة ) ، وهي شقيقة ( علي الأصغر ) وحضرت كربلاء وهي في سم العاشرة أو الثالثة عشر ، وقيل أن الإمام الحسين (عليه السلام) لقبها يوم الطف بلقب ( خيرة النسوان ) .
  هذه الطفلة الفاضلة يصفها الشيخ عباس القمي بالقول : ( إنها امرأة تتميز بحصافة العقل ، وإصابة الرأي ، وكانت أفصح الناس وأعلمهم باللغة ، والشعر ، والفضل ، والأدب) (20).
  بعد العودة من سفر الكوفة والشام إلى المدينة صارت تحت رعاية السجاد عليه السلام ، عاصرت ثلاثة من الأئمة وهم الإمام الحسين ، والإمام السجاد ، والإمام الباقر عليهم السلام .
  عاشت سكينة في المدينة إلى أن توفيت في عهد هشام بن عبدالملك عن سبعين سنة (21) ، وقبرها في المدينة ، وجاء في كتاب أعيان الشيعة (22) لسماحة السيد محسن الأمين أن اسمها (ع): أميمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (ع). المعروفة بسكينة توفيت سنة 117 بالمدينة في أيام هشام بن عبد الملك.

اسم ابنة الحسين (ع) آمنة وليس سكينة :
  إن المتتبع لكتب الأنساب والسير ليجد شيئا أغفلته كتابات السير التي ترجمت للسيدة آمنة بنت الحسين ونسبتها إلى سكينة ، وهي غفلة متعمدة أكدتها مشاريع الزبيريين ، ومن ورائهم مشاريع الأمويين، حتى صار ذلك أحد المرتكزات لدى العوام ، واستشرى ذلك إلى كتابات الآخرين ، فجعلوها من المسلمات غفلة منهم ، وقلة تحقيق لديهم في هذا المضمار... إن الاسم الحقيقي للسيدة سكينة والتي اشتهرت على الألسن، هو آمنة بنت الحسين، وإنما سكينة لقب لقبته به أمها الرباب ، وذلك لسكينتها وهدوء في طبعها غلب عليها ، حتى كانت السكينة صفة لها . (23)
حضورها لواقعة الطف مع أبيها الحسين (ع) :
  ذكر أرباب المقاتل أنَّ السيدة سكينة سلام الله عليها حضرت واقعة الطف المريرة وشهدت مقتل والدها الحسين (ع) ، ولها مواقف عديدة في هذه الواقعة نذكر بعضا منها :

1 ـ يوم التاسع من محرم:
  حالت سرايا الجيش الكوفي الأموي بين الحسين (ع) وأهل بيته وبين ماء الفرات في اليوم السابع من محرم ، ولما كان اليوم التاسع أشتد بهم العطش في تلك الأرض الصحراوية شديدة الحرارة ، قالت سكينة بنت الحسين (ع) : عزّ ماؤنا ليلة التاسع من المحرم ، فجفت الأواني ، ويبست الشفاه ، حتى صرنا نتوقع الجرعة من الماء فلم نجدها ، (24)

2 ـ اعتنقت سكينة جسد الحسين (عليه السلام):
  جاء في كتاب أعيان الشيعة ما يلي: وشاهدت مصرعه وروى ابن طاوس في كتاب الملهوف أن سكينة اعتنقت جسد أبيها بعد قتله فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه ... وأخذت مع الأسرى والرؤوس إلى الكوفة ثم إلى الشام ثم عادت مع أخيها زين العابدين (ع) إلى المدينة. (25)

3 ـ حال وداع الحسين (ع) للطاهرات من آل الرسول (ص) :
  ثم ذهب الحسين إلى خيام الطاهرات من آل رسول الله، ونادى : يا سكينة ويا فاطمة ويا زينب ويا أم كلثوم : عليكنّ مني السلام فهذا آخر الاجتماع ، وقد قرب منكنّ الافتجاع .
  فعلتْ أصواتهن بالبكاء وصحْن : الوداع الوداع، الفراق الفراق ، فجاءته عزيزته سكينة وقالت : يا ابة استسلمت للموت؟ فإلى من اتّكل ؟ قال : يا نور عيني كيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين ، قالت : ابه ردّنا إلى حرم جدّنا ؟ فقال الحسين : هيهات ، لو ترك القطا لغفا ونام . (26)
  فبكت سكينة فأخذها وضمّها إلى صدره ومسح الدموع عن عينها وهو يقول :
سيطول بعدي يا سكينة فاعلمي      مـنك  البكاء إذا الحِمام iiدهاني
لا تـحرقي قلبي بدمعك iiحسرة      مـادام منيّ الروح في iiجثماني
فـإذا قـتلت فأنت أولى iiبالذي      تـأتينه يـا خـيرة iiالـنسوان

  ثم إن الحسين دعاهن بأجمعهن ، وقال لهن: استعدوا للبلاء واعلموا أن الله حافظكم وحاميكم ، وسينجيكم من شر الأعداء ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذب أعاديكم بأنواع العذاب ، ويعوّضكم عن هذه البليّة بأنواع النعم والكرامة ، فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم .
  ثم أمرهن بلبس أزرهن ومقانعهن ، فسألته زينب عن ذلك ، فقال : كأنّي أراكم عن قريب كالإماء والعبيد يسوقونكم أمام الركاب ، ويسومونكم سوء العذاب ، فنادت زينب : وا جدّاه وا قلّة ناصراه ، فشقّت ثوبها ونتفت شعرها ولطمت على وجهها ، فقال الحسين لها : مهلاً يا بنت المرتضى إن البكاء طويل ، فاراد الحسين أن يخرج من الخيمة فتعلّقت به زينب ، وقالت : مهلاً يا أخي توقّف حتى أتزوّ منك ومن نظري إليك وأودّعك وداع مفارق لا تلاقي بعده .
  فجعلت تقبّل يديه ورجليه ، وأحطن به سائر النسوة يقبّلن يديه ورجليه ، فسكّتهن الحسين ، وردّهن إلى الفسطاط .
  ثم دعا بأخته زينب وصبّرها وأمرّ يده على صدرها وسكّنها من الجزع ، وذكر لها ما أعدّ الله للصابرين ، فقالت له : يابن أمي طب نفساً وقرّ عيناً فإنك تجدني كما تحب وترضى .
  4 ـ السيدة سكينة يوم العاشر: أما ما يتعلق بما جرى عليها في يوم العاشر من محرم فقد جاء شرحه في كتب المقاتل ،(27) : حينما كان الإمام الحسين يودّع عياله وأطفاله يوم عاشوراء رآها قد اعتزلت النساء جانباً وهي تبكي ، فقال لها :
سيطول بعدي يا سكينة فأعلمي
مـنك  البكاء إذا الحمام iiدهاني
لا تـحرقي قلبي بدمعك iiحسرة
مادام  مني الروح في iiجسماني
فـإذا قُـتلتُ فأنت أولى iiبالذي
تـأتينه  يا خيرة النسوان (28)

  5 ـ سكينة في الوداع الأخير للحسين (ع): و في الوداع الأخير جاء أهل بيته وجراحاته تشخب دماً ، وقال : ( استعدوا للبلاء واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم ... ) (29) ، ولمّا أراد النزول إلى القتال للمرة الخيرة، خاطب عياله قائلاً : ( يا سكينة يا فاطمة يا زينب يا أم كلثوم ، عليكنَّ مِنّي السلام...) (30) وكان هذا بمثابة الوداع الأخير‎.
6 ـ شيعتي مهما شربتم عذب ماء : نقل الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنته : عن سكينة بنت الحسين (عليه السلام) ، قالت : لما قتل الحسين (عليه السلام) ، اعتنقته فأغمي علي فسمعته يقول :
شيعتي ما إن iiشربتم      ري عذب فاذكروني
أو  سـمعتم iiبغريب      أو شـهيد iiفاندبوني

  فقامت مرعوبة قد قرحت مآقيها ، وهي تلطم على خديها... الخبر . (31)
  هذا بعض ما شهدته ذاكرتها سلام الله عليها في واقعة الطف... أمَّا ما كان بعد الطف فأنكى وأمرّ...

مسيرها مع ركب السبايا :
  رافقت السيدة سكينة (آمنة) ابنة الحسين (عليه السلام) ركب السبايا مع أخوها الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) وعماتها وأخواتها وعيالات الحسين سلام الله عليهم ، وتحملت المصائب والآلام والسبي ونظرات الشامتين ، وأدخلت لمجلس عبيد الله بن زياد ومجلس يزيد بن معاوية ، وشهدت رأس الحسين يساق أمام عينيها فوق الرمح وشهدته (ع) يقرع بقضيب يزيد وصبرت محتسبة صابرة في سبيل الله، ... وإليكم بعض ما جرى عليها وعلى سبايا الحسين (ع) :

1 ـ مسير السبايا:
  (32) عن القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام ، قال : لما قدم على يزيد بذراري الحسين (عليه السلام) ادخل بهن نهارا ، مكشفات وجوههن (33) ، فقال أهل الشام الجفاة: ما رأينا سبيا أحسن من هؤلاء ، فمن أنتم ؟ فقالت سكينة بنت الحسين (عليه السلام) : نحن سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله . (34)
2 ـ سكينة في الشام :
  روّج الأمويون بين الناس أن الخليفة قد انتصر على أعدائه المتمردين وسبى ذراريهم ، حتى يذكر أن سهل بن سعد مرّ في مسيره بدمشق ، ولما شاهد مظاهر الزينة سألهم : ألكم في الشام عيد لا نعرفه ؟ فقيل له : لقد جيء برأس الحسين من العراق إلى الشام ، فتأثّر سعد لذلك الموقف ، ولبّى طلب سكينة بنت الحسين ودفع لحامل الرمح أربعمائة درهم ليسير بالرأس إلى الأمام بعيدا عن السبايا حتى ينشغل الناس بالنظر إليه ولا ينظروا إلى وجوه أهل البيت (35) لكن زينب والإمام السجاد قد أحالا ذلك الحفل إلى مأتم بخطبتهما ، وجعلا طعم ذلك النصر مرا في فم يزيد .

3 ـ ما رأته سكينة في المنام:
  قالت سكينة (ع): فلما كان في اليوم الرابع من مقامنا رأيت في المنام ، وذكرت مناماً طويلاً تقول في آخره: ورأيت امرأة راكبة في هودج ويدها موضوعة على رأسها ، فسألت عنها ، فقيل لي : فاطمة ابنت محمد أم أبيك .
  فقلت : والله لأنطلقن إليها ولأخبرنها ما صنع بنا ، فسعيت مبادرة نحوها ، حتى لحقت بها ووقفت بين يديها أبكي وأقول : يا أمتاه جحدوا والله حقنا ، يا أمتاه بددوا والله شملنا ، يا أمتاه استباحوا والله حريمنا ، يا أمتاه قتلوا والله الحسين أبانا.
  فقالت لي : كفي صوتك يا سكينة ، فقد قطعت نياط قلبي ، وأقرحت كبدي ، هذا قميص أبيك الحسين لا يفارقني حتى ألقى الله به .

ما جرى عليها بعد الرجوع إلى المدينة:
  عمدت الدعاية الأموية إلى تدنيس سمعة أهل هذا البيت الطاهر؛ لتقلل من عبء وزر جناياتها ، وتخفف من ثقل ما ارتكبه الأمويون في حق أهل هذا البيت ، ولتصرف الأذهان عن مظلوميتهم (عليهم السلام) ، وبهذا يستطيع الأمويون التقليل من شأن أهل هذا البيت، وحجم مظلوميتهم ، ولذلك عمدوا إلى ترويج الدعايات الكاذبة والملفقة على أهل البيت عليهم السلام ومنها الدعايات والأكاذي التي طالت سيدتنا سكينة ابنة الحسين (عليه السلام) ، ومنها أكذوبتان أساسيتان : ( الأكذوبة الأولى: متمثلة بإدعائهم مجالسة السيدة للشعراء واستماعها للغناء ، والأكذوبة الثانية: المتمثلة في تعدد أزواجها ، وزواجها بمصعب بن الزبير ، وقد رد بعض العلماء على هذه الإدعاءات بشيء من التفصيل وبينوا زيفها وكذبها ، حيث قال السيد المحدث الكبير بن طاووس (رحمه الله) في كتابه اللهوف : نسب إليها بعض المؤرخين أموراً نقطع بكذبها وافترائها عليها ، ... (36)، ورد سماحة السيد محمد علي الحلو مفصلا على هذه الأكاذيب في كتابه عقيلة قريش (37)، وخلص إلى نتيجة في نهاية بحثه ننقلها لكم وهي كالتالي :
  إن السيدة سكينة بنت الحسين (عليهما السلام) اسمها ( آمنة ) ، وسكينة لقب لقبت به ، وكل ما قيل من شعر في سكينة فهي ليست سكينة بنت الحسين التي هي آمنة ، بل هناك سكينة بنت خالد بن مصعب الزبيري ، التي كانت معروفة بملاقاتها واجتماعها مع عمر بن أبي ربيعة الشاعر ، الذي تغزل بها وشبب بغيرها ، أمثال عائشة بنت طلحة بن عبيد الله زوجة مصعب ابن الزبير ، وسعدى بنت عبدالرحمن بن عوف ، وبأم البنين بنت عبدالعزيز ابن مروان زوجة الوليد بن عبدالملك ، وغيرهن من النساء الأمويات والمروانيات ، وكانت سيرتهن مجالسة شعراء عصرهن وقتذاك ، ومسامرتهن لهم وتحرشهن بهم، حتى عرفت فيهن ملاحم اللهو والعبث ، وهذا لعمري إحدى الانتقاصات التي وجهتها المعارضة العلوية الشيعية ، التي كانت تنظم بين الحين والآخر ضد النظام الأموي ، وما ماثلته من حركات زبيرية وأطروحات مخالفة لأهل البيت (عليهم السلام) ، وكانت هذه المعارضة تستعرض الانتهاكات الشرعية التي كانت ترتكبها هذه الأنظمة، وما صاحبها من حياة عابثة على مستوى نساء هذه التكتلات ، التي لا تقيم وزنا للمحاذير الشرعية وهي ترفع شعار الخلافة الإسلامية، فهي لم تبق حرمة إلا انتهكتها، ولا محذور إلا مارسته .
  وبالمقابل تجد أهل البيت (عليهم السلام) لا يزالون يمثلون الخلافة الإلهية حقا ، بالرغم من إبعادهم عن ممارسة مهامهم ، وإقصائهم عن مناصبهم ، فالأمة كلما نظرت إلى هؤلاء وأولئك تجد الفرق واضحا ، فهؤلاء أهل بيت الوحي، ومعدن النبوة ، ومختلف الملائكة ، وأهل التقوى والورع ، وأولئك الأمويون وغيرهم يرتكبون كل ما حرم الله.
  أما قضية تعدد الأزواج، فهي إساءة أخرى لهذا البيت الأقدس، فضلا عما حاوله هؤلاء من التقريب بين آل علي (عليه السلام) وبين أعدائهم، وإلغاء العداء التقليدي بينهم وبين مخالفيهم، والحال أن أخبار الزواج بعد مناقشتها لم تصمد عدا ما ذكر من أن السيدة آمنة بنت الحسين تزوجت من عبدالله بن الحسن السبط الذي استشهد في واقعة الطف، ولم تتزوج بعده حتى ماتت رضوان الله عليها من عفيفة الطالبيين، وعقيلة القرشيين.
  إنها آمنة بنت الحسين بن علي (عليهم السلام)، وحسبك بذلك فخرا وشرفا وعزا ، وأحبط الله محاولات الظالمين الذين أرادوا تشويه تاريخ أهل البيت عليهم السلام : ليضيفوا إلى مظلومياتهم، مظلومية أخرى ، والله من ورائهم محيط ، وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون ، والعاقبة للمتقين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

**************************************************************
1 ـ هؤلاء إخوة أبيها من السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، ولها أعمام وعمات من غير جدتها فاطمة الزهراء (عليها السلام) .
2 ـ احتجاج الطبرسي : 247 ، في احتجاج الإمام الجواد .
3 ـ الأغاني 1 : 67 .
4 ـ الأغاني 11 : 127 .
5 ـ سكينة بنت الحسين ، للفكيكي : 15 ، حديث الشهر .
6 ـ ترجمة القالي في مقدمة الأمالي / 3 شرح رسالة ابن زيدون بهامش لامية العجم 1 : 11 ، ط مصر .
7 ـ نفس المصدر .
8 ـ ج 2 : ص 305 ، ط دار الكتب العربية ، بيروت .
9 ـ الأغاني 1 : 67 .
10 ـ الأغاني 1 : 153 .
11 ـ البداية والنهاية 8 : 322 .
12 ـ الأغاني 14 : 157 ، ونسب قريش لمصعب الزبيري : 59 .
13 ـ سكينة بنت الحسين للفكيكي : 123 .
14 ـ زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي : 109 .
15 ـ تظلم الزهراء : 224 .
16 ـ أمالي الزجاج : 169 .
17 ـ إعلام الورى : 127 ، إسعاف الراغبين : 210 ، رياض الجنان : 51 ، مقتل الحسين (عليه السلام) للمقرم : 33 ، سكينة بنت الحسين (عليه السلام) : 72 ، أدب الطف 1 : 162 ، سفينة البحار 1 : 638 .
18 ـ والقول للسيد الأمين في أعيانه 3 : 492 .
19 ـ المصادر:
1 ـ أعيان الشيعة 3 : 491 و 7 : 274 .
2 ـ أعلام النساء المؤمنات : 429 .
3 ـ احتجاج الطبرسي : 247 .
4 ـ الأغاني 1 : 67 و 153 .
5 - الأعلام للزركلي 3: 106.
6 ـ إعلام الورى : 127 .
7 ـ إسعاف الراغبين : 210 .
8 ـ سفينة البحار 1 : 638 .
9 ـ مقتل الحسين للمقرم : 33 .
10 ـ أدب الطف 1 : 162 .
11 ـ سكينة بنت الحسين ـ الفكيكي : 15 .
12 ـ البداية والنهاية 8 : 322 .
13 ـ شرح رسالة ابن زيدون .
14 ـ أمالي الزجاج : 169 .
20 ـ (منتهى الآمال 1 : 463)
21 ـ (تهذيب السماء للنووي 1 : 163)
22 ـ ( ج 3 ـ ص 491 ـ 493)
23 ـ سماحة السيد محمد علي بن يحيى الحلو / (عقيلة قريش ـ (آمنة) سكينة ابنة الحسين عليه السلام) ...
24 ـ كتاب المختصر في حياة الإمام الحسين (عليه السلام) ، لسماحة السيد زهير الأعرجي .
25 ـ كتاب أعيان الشيعة لسماحة السيد محسن الأمين في الجزء 7 .
26 ـ كتاب واقعة الطف / لسماحة السيد محمد كاظم القزويني .
27 ـ ( ومنها كتاب نفس المهموم ).
28 ـ (سكينة للمقرم : 266 ).
29 ـ ( مقتل الأمام الحسين للمقرّم : 337 )
30 ـ ( معالي السبطين 25 : 2 )
31 ـ ( مستدرك الوسائل ـ الميرزا النوري ـ ج 17 ـ ص 26 )
32 ـ ( العوالم ، الإمام الحسين (ع) ـ الشيخ عبد الله البحراني ـ ص 413 )
33 ـ في المصدر : وجوههم
34 ـ ص 14 والبحار : 45 / 169 ح 15 .
35 ـ ( حياة الإمام الحسين 3 : 369 )
36 ـ ليس هذا محل ذكرها ... للمراجعة : الطبقات 8 | 348 ، الدر المنثور : 244 ، وفيات الأعيان 1 | 211 ، الأعلام 3 | 106 .
37 ـ للتوسع يمكنك الإطلاع على الكتاب على الوصلة التالية :
http://www.alhodacenter.com/ashora/bookindex.php?cat=98




« أم البنين »

  جاء في كتاب مستدركات علم رجال الحديث لسماحة العلامة الشيخ علي النمازي الشاهرودي عن المرأة الفاضلة أم البنين ما يلي : (1)

أم البنين زوجة أمير المؤمنين صلوات الله عليه : هي بنت حزام الكلابية.
  وأولاده عليه السلام منها : العباس أبو الفضل وعبد الله و جعفر وعثمان عليهم السلام من شهداء الطف .
  واسمها فاطمة على ما قاله العلامة المامقاني ، وهي قوية الإيمان عارفة بمقام الإمامة .
  وجاء في موسوعة الإمام علي بن أبي طالب (ع) في الكتاب والسنة والتاريخ للعالم الورع سماحة الشيخ محمد الريشهري (2) ما يلي :

أم البنين بنت حزام...
  وكانت من الشخصيات المتألقة في التاريخ الإسلامي .
  وتنتسب إلى أسرة لا نظير لها في الشجاعة والشهامة والقتال .
  ولما عزم الإمام (عليه السلام) على الزواج بعد رحيل الزهراء (عليها السلام) دعا عقيلا ، وطلب منه أن يختار له امرأة من قبيلة معروفة بالشجاعة لتلد له فرسانا صناديد ، ولما كان عقيل عالما بارعا في الأنساب فقد اختار أم البنين ، وذكر أن آباءها من أشجع العرب وأثبتهم وأشدهم قتالا (3) .
  وكانت أم البنين شاعرة مفوهة ، جليلة ، أرسلت أولادها الأربعة إلى كربلاء في ركب الإمام الحسين (عليه السلام)، وكانت تمضي وقتها في البقيع : تنشد الشعر في رثاء أولادها باكية عليهم (4) ، والناس يجتمعون ويتألمون ويبكون ، ويطلعون على قبائح بني أمية وممارساتهم الدنيئة ، وهكذا استطاعت أن تبلغهم نداء أولادها وهدفهم .
  جاء في كتاب أعيان الشيعة لآية الله السيد محسن الأمين (أعلى الله مقامه) عن أم البنين ما يلي : (5)
  أم البنين (6) زوجة أمير المؤمنين (ع) وأم ولده العباس وإخوته ، وهي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة ، أخي لبيد الشاعر بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية .
  زوجة أمير المؤمنين (ع) (7) وهي من بيت عريق في العروبة والشجاعة تزوجها مولانا أمير المؤمنين (ع) بإشارة أخيه عقيل حين طلب منه أن يختار له امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب ليتزوجها فتلد له غلاما فارسا وكان عقيل نسابة عالما بأخبار العرب وأنسابهم فاختارها له وقال أنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس فتزوجها أمير المؤمنين (ع)... فولدت له العباس ثم عبد الله ثم جعفرا ثم عثمان وكلهم قتلوا مع أخيهم الحسين (ع) بكربلاء .

خبر زواجها بأمير المؤمنين (ع):
  وعن كتاب عمدة الطالب (8) أن أمير المؤمنين (ع) قال لأخيه عقيل وكان نسابة عالما باخبار العرب وأنسابهم ابغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاما فارسا فقال له أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس فتزوجها أمير المؤمنين (ع) فولدت له وأنجبت وأول ما ولدت العباس وبعده عبد الله وبعده جعفرا وبعده عثمان ، وفي آبائها يقول لبيد للنعمان بن المنذر ملك الحيرة :
نـحن  بـني أم البنين الأربعة      الضاربون الهام تحت الخيضعة
والـمطعمون  الجفنة المدعدعة      ونحن  خير عامر بن صعصعة

  فلا ينكر عليه أحد من العرب ومن قومها ملاعب الأسنة أبو براء الذي لم يعرف في العرب مثله في الشجاعة ، والطفيل فارس قرزل وابنه عامر فارس المزنوق .

خبر ندبها للحسين وأولادها الشهداء :
  وكانت شاعرة فصيحة وكانت تخرج كل يوم إلى البقيع ومعها عبيد الله ولد ولدها العباس فتندب أولادها الأربعة خصوصا العباس أشجى ندبه وأحرقها فيجتمع الناس يسمعون بكاءها وندبتها فكان مروان بن الحكم على شدة عداوته لبني هاشم يجئ فيمن يجئ فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي .
  فمن قولها في رثاء ولدها العباس ما أنشده أبو الحسن الأخفش في شرح كامل المبرد:
يا من رأى العباس كر      على جماهير النقد ii(9)
ووراه  من أبناء حيدر      كـــل لـيـث iiذي
نبئت  أن ابني أصيب      بـرأسه  مـقطوع iiيد
ويـلي على شبلي iiإما      ل برأسه ضرب iiالعمد
لو كان سيفك في يديك      لـما  دنـا مـنه iiأحد

  وقولها في رثاء أولادها الأربعة :
لا تـدعوني ويـك أم الـبنين      تـذكريني  بـليوث iiالـعرين
كـانت بـنون لـي أدعى بهم      والـيوم أصبحت ولا من iiبنين
أربـعة  مـثل نـسور iiالربى      قد واصلوا الموت بقطع الوتين
تـنازع  الـخرصان iiأشلاءهم      فـكلهم أمـسى صريعا iiطعين
يـا  لـيت شعري كما أخبروا      بـان  عـباسا قـطيع iiاليمين

  وجاء في كتاب العقيلة والفواطم للأستاذ الحاج حسين الشاكري ما يلي : (10)

فاطمة بنت حزام
  أم البنين : فاطمة بنت حزام بن خالد أخي لبيد الشاعر بن عامر ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية زوجة الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام).

خبر زواجها بأمير المؤمنين:
  في كتاب عمدة الطالب أن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما أراد أن يتزوج ندب أخاه عقيلا ، وكان عالما بأنساب العرب ، أن يخطب له امرأة قد أولدتها الفحول من العرب يتزوجها لتلد منه غلاما زكيا شجاعا حتى ينصر ولده الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم الطف بكربلاء فأشار عليه عقيل بالسيدة فاطمة بنت حزام الكلابية ـ المكناة بأم البنين ـ فإنه ليس في العرب من هو أشجع من أهلها ، ولا أفرس ، ... فندب الإمام (عليه السلام) عقيلا لخطبتها ، فانبرى عقيل إلى أبيها فعرض عليه الأمر ، فأسرع فرحا إليها يبشرها فاستجابت باعتزاز وفخر .

عندما خطبتها عقيل لأخيه أمير لمؤمنين :
  يروى : حينما كان عقيل يحدث أبيها حزام بشأن خطبة ابنته فاطمة لأخيه الإمام علي (عليه السلام) ، كانت فاطمة تحدث أمها بحلم رأته في منامها ، كأنها هي جالسة في دارها إذ وقع القمر في حجرها ، وتبعه أربع كواكب (نجوم) ولما انتهت من حديثها دخل أبيها يبشرها ويبشر أمها بقدوم عقيل بن أبي طالب لخطبة فاطمة إلى أخيه الإمام علي (عليه السلام) ولما سمع أبيها الحلم استبشر ، وقال : لقد حقق الله رؤياك يا بنيتي فأبشري بسعادة الدنيا والآخرة .
  وزفت إلى الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، وقد رأى فيها النضج والعقل الراجح ، وهي لم تزل في ريعان شبابها ولم تبلغ العشرين من عمرها ، بالإضافة إلى الإيمان العميق ، وسمو الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، والإخلاص ، فأعزها (عليه السلام) فكانت جديرة أن تكون قرينة الإيمان وسمو الذات .

ليلة زفافها :
  ويروى ليلة زفافها قالت للإمام علي (عليه السلام) لي إليك حاجة ، قال (عليه السلام): وما حاجتك ؟ قالت : أرجو أن لا تسميني فاطمة لئلا ينكسر قلب الإمامين الحسنين وأختيهما ويتذكروا أمهم ، عند ذلك سماها بكنيتها أم البنين ، وهذه واحدة من ضروب الأدب والوفاء لسيدة نساء العالمين بعد رحيلها .

رعايتها لسبطي النبي (صلى الله عليه وآله):
  تزوج الإمام علي (عليه السلام) من فاطمة ابنة حزام العامرية ، بعد شهادة الصديقة فاطمة الزهراء كما يراه بعض المؤرخين أو بعد أن تزوج بأمامة بنت زينب كما يراه البعض الآخر ، ...
  فولدت فاطمة بنت حزام أربعة بنين ، فهم : العباس ، وعبد الله، وجعفر ، وعثمان ، وكلهم استشهدوا بين يدي أخيهم الإمام الحسين بساحة الطف يوم عاشوراء بكربلاء ، ...
  وعاشت بعده مدة طويلة إلى ما بعد واقعة الطف واستشهاد أولادها الأربعة ، ولم تتزوج من غير الإمام (عليه السلام) كما أن أمامة ، وأسماء بنت عميس ، وليلى النهشلية لم يخرجن إلى أحد بعده على الرغم ممن تقدم لخطبتهن فامتنعن وروت إحداهن حديثا عن الإمام علي (عليه السلام) إن أزواج النبي والوصي لا يتزوجن بعده فلم يتزوجن الحرائر الأربعة وأمهات الأولاد اللاتي توفي عنهن الإمام علي (عليه السلام) عملا بالرواية .

العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) :
  يكنى أبا الفضل ، وأمه أم البنين فاطمة بنت حزام من بني عامر بن كلاب بن صعصعة ، وهو أكبر ولدها ، وآخر من قتل من إخوته لأمه وأبيه ، بين يدي أخيه سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي يوم عاشوراء ، وفيه يقول الشاعر :
أحـق الناس أن يبكى iiعليه      فتى  أبكى الحسين iiبكربلاء
أخـوه وابـن والـده iiعلي      أبو الفضل المضرج بالدماء
ومـن واسـاه لا يثنيه iiشئ      وجـاد له على عطش iiبماء

  وكانت أم البنين شاعرة فصيحة تخرج كل يوم إلى البقيع ومعها عبيد الله بن العباس ولدها فتندب أولادها الأربعة خصوصا أبي الفضل العباس أشجى ندبه وأحرقها فيجتمع الناس يسمعون بكاءها وندبتها ويشاركونها مصابها ، فكان مروان بن الحكم مع قساوة قلبه وشدة عداوته لبني هاشم يجئ فيمن يجئ فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي ، ...
  للمزيد يمكنك الرجوع إلى: كتاب لواعج الأشجان لآية الله سماحة السيد محسن الأمين (11) و العوالم الشيخ عبد الله البحراني (12) ...
  وجاء في المجالس الفاخرة في مصائب العترة الطاهرة ـ السيد شرف الدين (13)

خبر استشهاد الحسين (ع) عندما بلغ أم البنين :
  ولما دخل بشير بن حذلم المدينة المنورة لينعى الحسين عليه السلام التقى بأم البنين (14) (وهي أم العباس)...
  فقال لها : عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله.
  قالت له : أسألك عن سيدي ومولاي الحسين .
  قال لها : عظم الله الأجر بولدك جعفر .
  قالت له : أسألك عن سيدي ومولاي الحسين .
  قال لها : عظم الله لك الأجر بولدك عثمان .
  قالت له : أسألك عن سيدي ومولاي الحسين .
  قال لها : عظم الله لك الأجر بولدك العباس .
  قالت له : أسألك عن سيدي ومولاي الحسين .
  فقال :
يا أهل يثرب لا مقام لكم بها      قتل  الحسين فأدمعي iiمدرار
الجسم  منه بكربلاء iiمضرج      والرأس منه على القناة iiيدار

  فصاحت ولطمت خدها ، وشقت جيبها ونادت : وا حسيناه وا سيداه ، ثم أنشدت :
لا  تـدعوني ويك أم iiالبنين      تـذكريني  بـليوث iiالعرين
كـانت  بنون لي أدعى iiبهم      واليوم أصبحت ولا من بنين
أربـعة مثل نسور الربى iiقد      واصلوا الموت بقطع iiالوتين
تـنازع  الخرصان أشلاءهم      فـكلهم أمسى صريعا iiطعين
يـا ليت شعري أكما أخبروا      بأن عباسا قطيع اليمين (15)ii


**************************************************************
1 ـ ( ج 8 - ص 551)
2 ـ ( ج 1 - ص 113 – 114)
3 ـ عمدة الطالب : 357 .
4 ـ مقاتل الطالبيين : 90 .
5 ـ (أعيان الشيعة ـ السيد محسن الأمين ـ ج 3 ـ ص 475)
6 ـ (أعيان الشيعة ـ السيد محسن الأمين ـ ج 8 ـ ص 389)
7 ـ مر ذكر نسبها وبعض أحوالها في ترجمة ولدها العباس ابن أمير المؤمنين (ع) .
8 ـ أعيان الشيعة ـ السيد محسن الأمين ـ ج 7 ـ ص 429 9 ـ النقد: نوع من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه ... وزاد البيت حسنا أن العباس من أسماء الأسد .
10 ـ ( ص 115 ـ 126) 11 ـ جاء في كتاب لواعج الأشجان لآية الله سماحة السيد محسن الأمين ما يلي : (ص 180 ـ 181): ( وكانت أم البنين أم هؤلاء الإخوة الأربعة القتلى تخرج إلى البقيع فتندبهم أشجى ندبة واحرقها فيجتمع الناس إليها فكان مروان بن الحكم يجئ فيمن يجئ فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي ...
12 ـ ونقل صاحب العوالم الشيخ عبد الله البحراني نفس الخبر في كتابه فقد ورد ما يلي : (ص 283) حدثني أحمد بن عيسى ، عن حسين بن نصر ، عن أبيه ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن رقاد وحكيم بن الطفيل الطائي قتلا العباس بن علي ، وكانت أم البنين أم هؤلاء الأربعة الإخوة القتلى تخرج إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها ، فيجتمع الناس إليها يسمعون منها ، فكان مروان يجئ فيمن يجئ لذلك ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي .
13 ـ ( ص 245 ـ 247)
14 ـ هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر ، وأمها ثمامة بنت سهيل بن عامر، وتكنى ب‍ (أم البنين) قبل تزويجها بالإمام علي عليه السلام لأنها من بيت (أم البنين العامرية) التي قيل فيها : نحن بنو أم البنين الأربعة * الضاربين الهام وسط المجمعة وكانت من بيت كرم وشجاعة وفصاحة ومعرفة ، قال الإمام علي عليه السلام ـ بعد وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام ـ لأخيه عقيل ـ وكان نسابة العرب وعرافة بأحسابها وعاداتها ـ : ( أبغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلدني غلاما فارسا )، فقال له عقيل : أين أنت عن فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية ؟ أنظر : تاريخ بغداد 12 : 136 ، عمدة الطالب : 324 .
15 ـ أنظر: مقاتل الطالبيين : 85 ، إبصار العين : 36 .




« أم سلمة »

  جاء في معجم رجال الحديث لآية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) ترجمة مختصرة لأم المؤمنين أم سلمة رضوان الله تعالى عليها ، وهي كما يلي : (1)
  زوجة (النبي صلى الله عليه وآله)، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ، (2) ...
  وعدَّ البرقي أم سلمة بنت أمية زوج النبي صلى الله عليه وآله ، ممن روى من النساء عن رسول الله صلى الله عليه وآله .
  ثم إن أم سلمة هذه اسمها هند بنت الحارث، وهي أفضل نساء النبي صلى الله عليه وآله بعد خديجة بنت خويلد ، (3) .
  وروى الشيخ باسناده ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين عليهم السلام ، قال : لما أجمع الحسن بن علي على صلح معاوية خرج حتى لقيه (إلى أن قال سلام الله عليه) فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله أنا وأخي وأمي وأبي فجعلنا ونفسه في كساء لام سلمة ... ، فقالت أم سلمة (رضي الله عنها) : أدخل معهم يا رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال لها صلى الله عليه وآله : يرحمك الله أنت على خير وإلى خير ، وما أرضاني عنك ولكنها خاصة لي ولهم ، (4) .
  وهي من رواة قول النبي الأعظم صلى الله عليه وآله : من كنت مولاه فعلي مولاه ، تقدم هذا في ترجمة زيد بن صوحان .
  روت عن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وروى عنها الصدوق مرسلا . (5)
  وجاء في كتاب مستدركات علم رجال الحديث للعلامة الورع الشيخ علي النمازي الشاهرودي (أعلى الله مقامه) ما يلي : (6)

أم سلمة بنت أبي أمية :
  زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله .
  كانت قبل النبي صلى الله عليه وآله عند أبي سلمة فولدت له سلمة وعمر ودرة وزينب .
  ثم مات وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله .
  وهي أفضل أزواجه بعد خديجة الكبرى ، فاضلة عارفة جليلة كثيرة الرواية عظيمة القدر . اسمها هند بنت أبي أمية بن المغيرة .
  وأمها عاتكة بنت عبد المطلب. (7)
  وورد في موسوعة أعيان الشيعة لآية الله السيد محسن الأمين (أعلى الله مقامه) (8) ما يلي :

أم المؤمنين أم سلمة هند زوجة النبي (ص)
  كانت من أعقل النساء وكانت لها أساليب بديعة في استعطاف النبي (ص) عند غضبه وأدب بارع في مخاطباته وطلب الحوائج منه .

نموذج من خلقها وأدبها في حضرة الرسول الأكرم (ص):
  فمن ذلك لما لقيه ابن عمه واخوه من الرضاعة أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب عبد الله بن أبي أمية المخزومي أخو أم سلمة لأبيها ، وهو في طريقه إلى فتح مكة ، فاستاذنا عليه فاعرض عنهما ...
  فقالت أم سلمة : يا رسول الله، ابن عمك وابن عمتك وصهرك ، ...
  فقال : لا حاجة لي بهما ، إما ابن عمي فهتك عرضي وكان يهجو رسول الله واما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال : يعني قوله له : والله لا آمنت بك حتى تتخذ سلما إلى السماء فتعرج فيه وانا انظر ثم تأتي بصك وأربعة من الملائكة يشهدون أن الله أرسلك .
  فقالت أم سلمة : لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك .
  فقال أبو سفيان والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا .
  فرق لهما النبي فدخلا عليه وأسلما .

نموذج آخر من خلقها وأدبها في حضرة الرسول الأكرم (ص):
  وقالت له لما أراد علي (ع) أن يسال النبي (ص) في الإذن له في إدخال فاطمة عليه فدخلت أم أيمن على أم سلمة فأخبرتها وأخبرت سائر نسائه بذلك فاجتمعن عنده وقلن فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله انا قد اجتمعنا لأمر لو كانت خديجة في الأحياء لقرت عينها ، قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى وقال خديجة وأين مثل خديجة ؟ واخذ في الثناء عليها ، ...
  فقالت أم سلمة من بينهن فديناك بآبائنا وأمهاتنا انك لم تذكر من خديجة أمرا إلا وقد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك وجمع بيننا وبينها في جنته ، يا رسول الله هذا أخوك وابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته قال حبا وكرامة ، ثم التفت إلى النساء بعد ما دخلن البيت فقال من هاهنا ؟
  فقالت أم سلمة : انا أم سلمة وهذه فلانة وفلانة ، فكانت هي المبادرة بالجواب فأمرهن أن يصلحن من شأن فاطمة في حجرة أم سلمة ، وابتدأتهن أم سلمة بالرجز أمام فاطمة لما زفت .
  فانظر وقارن بين أم سلمة ما ذا قالت في حق خديجة لما أثنى عليها النبي (ص) وما ذا قالته بعض أزواجه لما اثنى على خديجة فقالت وما كانت خديجة ، وقد أبدلك الله خيرا منها .

شهادتها لعلي (ع) أنه مع الحق :
  وروى الحاكم في المستدرك بسنده عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: لما سار علي إلى البصرة دخل على أم سلمة زوج النبي (ص) يودعها فقالت سر في حفظ الله وفي كنفه فوالله انك لعلى الحق والحق معك ولولا أني أكره ان اعصي الله ورسوله فإنه أمرنا أن نقر في بيوتنا لسرت معك ولكن والله لأرسلن معك من هو أفضل عندي وأعز علي من نفسي ابني عمر . (9)

عن أم سلمة عن الرسول (ص): علي مع القرآن والقرآن مع علي:
  وبسنده عن أبي سعيد التيمي عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال : كنت مع علي يوم الجمل فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر فقاتلت مع أمير المؤمنين فلما فرع ذهبت إلى المدينة فاتيت أم سلمة فقلت إني والله ما جئت أسال طعاما ولا شرابا ولكني مولى لأبي ذر فقالت مرحبا فقصصت عليها قصتي فقالت أين كنت حين طارت القلوب مطائرها قلت إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس قالت أحسنت سمعت رسول الله (ص) يقول علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . (10)

دفاعها عن أمير المؤمنين (ع) :
  وروى النسائي في الخصائص بسنده عن أبي عبد الله الجدلي قال دخلت على أم سلمة فقالت لي أيسب رسول الله (ص) فيكم ؟ قلت سبحان الله أو معاذ الله، قالت سمعت رسول الله (ص) يقول من سب عليا فقد سبني .
  وأبو عبد الله الجدلي واسمه عتبة بن عبد كان ساكنا في الشام فلهذا قالت له أم سلمة ذلك .
علمها وفقاهتها :
  وكانت فقيهة عارفة بغوامض الأحكام الشرعية حتى أن جابر بن عبد الله الأنصاري كان يستشيرها ويرجع إلى رأيها ، فقد ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 40 انه لما أرسل معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف حتى قدم المدينة أرسل إلى بني سلمة والله ما لكم عندي أمان حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فانطلق جابر إلى أم سلمة زوج النبي (ص) فقال لها ما ذا ترين ان هذه بيعة ضلالة وقد خشيت أن اقتل ، قالت أرى أن تبايع .
  وفي رواية الكلبي ولوط بن يحيى التي حكاها ابن أبي الحديد في شرح النهج أن أم سلمة قالت لجابر : اذهب فبايع ، وقالت لابنها عمر اذهب فبايع .
  وفي رواية إبراهيم بن هلال الثقفي التي نقلها ابن أبي الحديد أيضا أن جابرا قال دخلت على أم سلمة فأخبرتها الخبر فقالت يا بني انطلق فبايع ، احقن دمك ودماء قومك ، فاني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع، واني لأعلم أنها بيعة ضلالة .
  هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية الكوفية. كانت شاعرة وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي في الطبقات الكبير كانت شيعية وقالت حين سير بحجر بن عدي الكندي إلى معاوية :
تـرفع أيـها الـقمر iiالمنير      ترفع  هل ترى حجرا iiيسير
يسير  إلى معاوية بن iiحرب      لـيقتله كـما زعـم iiالخبير
تـجبرت  الجبابر بعد حجر      وطاب لها الخورنق والسدير
وأصـبحت البلاد له iiمحولا      كـان  لم يحييها يوما iiمطير
الا  يا حجر حجر بني iiعدي      تـلقتك  الـسلامة والسرور
أخـاف عليك ما أردى iiعديا      وشـيخا في دمشق له iiزئير
فـان تـهلك فكل عميد iiقوم      إلـى  هلك من الدنيا iiيصير

  وورد في قاموس الرجال سماحة العلامة الشيخ محمد تقي التستري ما يلي: (11)
  عدها الشيخ في رجاله والثلاثة في أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله) .
  وهي بنت ( أبي أمية زاد الراكب ) .
  كانت قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند أبي سلمة فولدت له سلمة وعمر ودرة وزينب .

حافظة الأمانة :
  وفي البصائر : عن الصادق (عليه السلام) أن الكتب كانت عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فلما صار إلى العراق استودع الكتب أم سلمة، فلما مضى كانت عند الحسن (عليه السلام) فلما مضى الحسن (عليه السلام) كانت عند الحسين (عليه السلام) ـ وفي أخبار ـ أن الحسين (عليه السلام) أودع كتب الإمامة عندها فدفعتها بعده (عليه السلام) إلى السجاد (عليه السلام) (12) .

دفاعها عن أمير المؤمنين (ع): (13)
  قال أبو مخنف : جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان، ...
  فقالت عائشة لها : يا بنت أبي أمية ، أنت أول مهاجرة في أزواج النبي وأنت كبيرة أمهات المؤمنين ، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يقسم لنا من بيتك ، وكان جبرئيل أكثر ما يكون في منزلك ، فقالت أم سلمة : لأمر ما قلت هذه المقالة ؟
  فقالت عائشة : ( إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام ، وقد عزمت على الخروج إلى البصرة ومعي الزبير وطلحة فأخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا ، ...
  فقالت أم سلمة : لقد كنت بالأمس تحرضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا ( نعثلا ) وأنك لتعرفين منزلة علي (عليه السلام) عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفأذكرك ؟
  قالت : نعم ، ...
  قالت : أتذكرين يوم أقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي (عليه السلام) يناجيه فأطال فأردت أن تهجمين عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت فما لبثت أن رجعت باكية ، ... فقلت : ما شأنك ؟ فقلت : إني هجمت عليهما وهما يتناجيان ، فقلت لعلي ليس لي من النبي إلا يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي ، فأقبل النبي علي وهو غضبان محمر الوجه ، ...
  فقال : ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلا وهو خارج من الإيمان، فرجعت نادمة ساقطة ) ...
  فقالت : نعم أذكر ذلك .
  قالت : وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا وكان الحيس يعجبه ، فرفع رأسه وقال : ( يا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدأب (14) تنبحها كلاب الحوأب ، فتكون ناكبة عن الصراط ( فرفعت يدي من الحيس فقلت : أعوذ بالله ورسوله من ذلك ، ثم ضرب على ظهرك وقال : ( إياك أن تكونيها يا حميراء أما أني فقد أنذرتك )
  قالت: نعم أذكر هذا .
  قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع النبي (صلى الله عليه وآله) في سفر له ، وكان علي (عليه السلام) يتعاهد نعل النبي (صلى الله عليه وآله) فيخصفها ويتعاهد أثوابه فيغسلها ، فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وبعد في ظل سمرة ، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب ودخلا يحادثاه في ما أرادا ، ...
  ثم قالا له : ( إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا ) ...
  فقال لهما : ( أما أني أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون ) فسكتا ثم خرجا ، فلما خرجنا إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت له ـ وكنت أجرء عليه منا ـ : ( من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم ؟
  فقال : ( خاصف النعل ) فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا (عليه السلام)،...
  فقلت : يا رسول الله ما أرى أحدا إلا عليا، ...
  فقال : ( هو ذاك ) ...
  قالت عائشة : نعم أذكر ذلك ، ...
  قالت : فأي خروج تخرجين بعد هذا ؟
  فقالت : إنما أخرج للإصلاح بين الناس، ...
  فقالت : أنت ورأيك (15) .
  وروى أعثم الكوفي في تاريخه أن ابن الزبير لما كان يحث خالته عائشة على الخروج وأنكر أن يكون أحد سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ( علي بعدي ولي الناس ) قالت أم سلمة له : إن لم تكن سمعت ذلك فهذه خالتك عائشة سلها أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لعلي (عليه السلام) : أنت خليفتي في حياتي وبعد مماتي ) فصدقتها عائشة وقالت : نعم سمعت ذلك من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت أم سلمة لعائشة : لا تكوني صاحبة كلاب الحوأب ولا يغرنك الزبير وطلحة فإنما لا يغنيان عنك من الله شيئا (16) .
  وروى موسى بن قيس ـ وقد وثقه ابن معين كما في الذهبي ـ بإسناده عنها قالت : علي على الحق من تبعه فهو على الحق ومن تركه ترك الحق عهدا معهودا قبل يومه هذا (17) .
  وورد في موسوعة عاشوراء لسماحة الشيخ المحدثي ، أخبار أم المؤمنين أم سلمة وما روته عن إعلام الروس لها بمقتل الحسين وهو كما ما يلي :

إخبار الرسول الأكرم لأم سلمة بمقتل الحسين :
  عندما علم رسول الله صلى الله عليه وآله أن الحسين سيقتل بكربلاء ، أعطى لأم سلمة قارورة فيها تراب من أرض كربلاء ، وقال لها : متى ما رأيت هذه التراب امتلأ دما عبيطاً فاعلمي أن الحسين قد قتل .
  وبعد سنوات طويلة مرت على هذه الحادثة ، ولما عزم الحسين على المسير الى العراق ، أخذت مشاعر القلق تساور أم سلمة ، فكانت تنظر إلى تلك القارورة في كل يوم وتقول : سيكون اليوم التي يتحول فيه هذا التراب إلى دم يوم عظيم !

رؤيا أم سلمة :
  وفي يوم عاشوراء رأت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام وهو مغبرّ الوجه والرأس ، ولما سألته عن سبب ذلك قال : لقد شهدت مقتل الحسين، فهبّت أم سلمة من نومها وصاحت : قتل الحسين ، وقصّت رؤياها على نساء بني هاشم .

إقامتها العزاء على سيد الشهداء (ع):
  وأقامت أم سلمة منذ ذلك اليوم مجلس العزاء على سيد الشهداء (18) ، وبعد تلك الرؤيا نظرت إلى القارورة فوجدتها مليئة بالدم .

**************************************************************
1 ـ ( ج 24 ـ (ص 203 ـ 204)
2 ـ رجال الشيخ (2) .
3 ـ ذكره الصدوق فيما رواه بسنده ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام ، الخصال : أبواب التسعة ، باب قبض النبي صلى الله عليه وآله عن تسع نسوة ، الحديث (13) .
4 ـ الأمالي: الجزء (2)، مجلس يوم الجمعة الحادي عشر من صفر سنة (457) ، الحديث (1)
5 ـ الفقيه: الجزء 2 ، باب فضائل الحج ، الحديث 591 ـ ورواها في باب الأضاحي ، الحديث 1447 من الجزء .
6 ـ ( ج 8 ـ (ص 554)
7 ـ وقد شرح أحوالها مفصلة في سفينة البحار لغة (سلم) ، وكذا في مستدركها ج 5 / 135 .
8 ـ ( ج 10 ـ (ص 272)
9 ـ وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يتعقبه الذهبي في التلخيص .
10 ـ هذا حديث صحيح الاسناد وأبو سعيد هو عقيصاء ثقة مأمون ولم يخرجاه يعني مسلما والبخاري .
11 ـ ( ج 12 ـ (ص 204 ـ 208)
12 ـ بصائر الدرجات : 182 ، الجزء الرابع ب 1 ح 1 .
13 ـ في شرح النهج عند قوله (عليه السلام) : ( إن النساء نواقص الإيمان )
14 ـ في المصدر : الأذنب .
15 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 6 / 217 .
16 ـ كتاب الفتوح : 2 / 454 ـ 455 .
17 ـ ميزان الاعتدال : 4 / 217 .
18 ـ (حياة الإمام الحسين 316 :3 ، مقتل الحسين للمقرم : 369)




       BASRAHCITY.NET