البطاقات

المواقع الاسلامية

ركن الطفل

بحوث ومقالات

مؤمنة

المكتبة الصوتية

المكتبة الاسلامية

الــرئيسيــــة      

بسم الله الرحمن الرحيم

   لا يعد المرء مغالياً قطعاً إذا سلّم دون تردد أن البصرة التي يمتد تأريخ بنائها الى صدر الدعوة الاسلامية الأول تعد بلا شك واحدة من غرر العالم الاسلامي ومنارة سامقة قلَّ ان تسموا اليها الأبصار وإن رنت وطال لها في استقرائها تحديق، فهي بلا ريب تكتنز في مطاويها تأريخاً وإن تنوعت ألوانه، وتشابكت أطيافه إلا انه يشهد لها بأنها مدينة أبت إلا ان تترك في صفحات التأريخ بصمات لا تمحى ولا تنسى ولا يعفو عليها الزمن وإن تقادمت سنواته وترادفت قرونه...
   فمنذ مطلع القرن الاول الهجري حيث اسسها القائد المسلم عتبة بن غزوان ـ كأول مدينة تؤسس في الاسلام ـ وحتى يومنا هذا ازدان سفر تلك المدينة الساحلية في جنوب العراق بما لا عد له ولا حصر من الشواهد والوقائع والاحداث، سواء كان منها المعتم أو المشرق، بل وشهدت سماؤها كثيراً من الفجائع والمآثر تردد صداها في أرجاء المعمورة وأطرافها المتباعدة، فكان لكل ذلك أثره في أن يلد ذلك المخاض عطاءً جماً من علوم شتى، ورجالات أفذاذ تقاسمتهم سبل المعرفة، فبزُوا الكثير من أقرانهم حتى أحنت لهم ظهورها عرفاناً واقراراً.
   البصرة احدى العراقين كما ألف تسميتها الاقدمون بتقاسمها الشرف مع الكوفة الشامخة عاصمة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام، هي أيضاً خزانة العرب، وقبة الاسلام التي لم تنل منها سني القحط المتلاحقة التي توالت عليها منذ ثورة الزنج (257 هـ) وطغيان القرامطة وفسادهم (311 هـ) وغزو المغول ووحشيتهم (656 هـ) وما تلاها من فتن واضطرابات، بل يسع المرء أن يطالع فيها رغم كل ذلك ألواناً مشرقة من الصفحات الخالدة، بل وأن يصمت لتحكي له حيطانها وبساتينها، ومساجدها ومكتباتها، ومراقد علمائها وتراث ابنائها، حكايات لا تنتهي من الصراع المتواصل من أجل العطاء الذي لا ينضب ولا ينتهي.
    تلك المدينة التي رغم ما عرف عنها اول تأسيسها من طابع عسكري تجاري إلا انها لم تلبث أن تحولت مع الأيام الى مركز ثقافي وحضاري متنوع فرضه موقعها الجغرافي الذي جعل منها مدينة مفتوحة للكثير من القوميات والاعراق والاديان، فلا غرو أن تنبعث منها الكثير من التيارات الفكرية والمذاهب العقائدية المتعددة أمثال أخوان الصفا وغيرهم، ويظهر فيها الكثير من رجالات وأصحاب تلك المدارس المختلفة كالحسن البصري (ت 110 هـ)، والجاحظ صاحب الحيوان (ت 225 هـ) وأبي الحسن الاشعري (ت 324 هـ)، بل وأن تنجب جملة من رجالات الادب واللغة والفلسفة والعلوم الاخرى، مثل أبي الأسود الدؤلي (ت 69 هـ) واضع علم النحو ومنقّط حروف القرآن بتوجيه من الامام علي عليه السلام، والخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب كتاب العين (ت 160 هـ)، وغيرهم.
   واذا عرف عن البصرة أول عهدها متابعة الكثير من أهلها وساداتها لما يخالف مذهب أهل البيت عليهم السلام، وحيث دارت على أطراف تربتها معركة الجمل الشهيرة، فان الزمن بعد ذلك أرّخ وشهد بان أكثر أهلها أمسوا من الموالين لبيت النبوة، ومن الشيعة الامامية الذين تكاثرت أعدادهم حتى زمننا الحاضر لتمسي هذه المدينة الكبيرة بتأريخها وعلمائها حصناً منيعاً للشيعة والتشيع، وأهلها من أكثر المتمسّكين بعرى فقهاء ومراجع الطائفة العظماء، ومن الذائدين عن حوض منزلتهم وعلو شأنهم...
    ولا غرابة في أن تنال البصرة من الرعاية والاهتمام ما تستحقه وفق المناهج والسبل المختلفة، والذي قد يُترجم بعضه في ما نحن نقدمه من هذا المشروع الثقافي الكبير الذي يعنى بالبصرة وتأريخها وعلمائها ومكتباتها ليكون مرجعاً مهماً يسع الدارسين والباحثين أن يجدوا فيه مظانهم بسهولة ويسر، بل واردناه أن يكون انجازاً ثقافياً يضاف الى المشاريع الثقافية المتعددة التي أولتها المرجعية الدينية الكثير من الاهتمام والرعاية.
   كما اننا تركنا الباب مشرعاً على مصراعيه لكل المساهمات الجادة التي بامكانها أن تضيف لهذا المشروع عطاءً متخصصاً مفيداً، بل ولكل الآراء التي ترفد عملنا وتساهم في نجاحه، سائلين البارئ جل اسمه ان يتقبل منّا هذا الجهد وأن يكون لوجهه تعالى محضاً لا تشوبه شائبة، وله الحمد أولاً وأخيراً، وصلى الله على محمّد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين...

شبكة البصرة الثقافية

اتصل بنا                                                                                                                      basrahcity.net