والرقاع واللخاف (1) ومن صدور الرجال الباقين بعد حرب اليمامة ، لكن بشرط أن يشهد شاهدان على أنّ ما يذكره قرآن ، ففي الحديث عن زيد : ( فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ) وفيه : ( وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتى يشهد شاهدان ) .
  ومن المتسالم عليه بين المسلمين عدم عصمة الأصحاب (2) ، والعادة تقضي بعدم التمكّن من الإحاطة بجميع ما هم بصدده في هذه الحالة ، بل لا أقل من احتمال عدم إمكان إقامة الشاهدين على بعض ما يدّعى سماعه من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ، بل قد وقع ذلك بالنسبة إلى بعضهم كعمر في آية الرجم ، حيث ذكروا : ( أنّ عمر أتى بآية الرجم فلم يكتبها لأنّه كان وحده ) .
  لكن العجيب من زيد ردّ عمر لكونه وحده وقبول ما جاء به أبو خزيمة الأنصاري وحده ، فلماذا ردّ عمر وقبل أبا حزيمة ؟ وهل كان لأبي خزيمة شأن فوق شأن عمر ؟ وهو من الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشّرة بالجنّة عندهم ؟!

الشبهة الرابعة : إحراق عثمان المصاحف
  وإعدام عثمان المصاحف ممّا تواترت به الأخبار بل من ضروريات التأريخ

--------------------
(1) اللخاف : حجارة بيض رقاق ، واحدتها لخفة . الصحاح ( لخف ) 4 : 1426 .
(2) بل فيهم من ثبت فسفه ونفاقه ... وسنتكلّم بعض الشيء حول عدالة الصحابة في الفصل الخامس .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 190 _

  الإسلامي (1) وهذه القضية ـ بغضّ النظر عن جزئياتها ـ تفضي إلى الشكّ في هذا القرآن ، إذ الإختلاف بينه وبينها قطعي ، فما الدليل على صحته دونها ؟ ومن أين الوثوق بحصول التواتر لجميع سوره وآياته ؟ لا سيمّا وأنّ أصحاب المصاحف تلك كانوا أفضل وأعلم من زيد بن ثابت في علم القرآن ، لا سيمّا عبدالله بن مسعود الذي أخرج البخاري عنه أنّه قال : ( والله لقد أخذت من فيّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بضعاً وسبعين سورة ، والله لقد علم أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ بضعاً وسبعين سورة ، والله لقد علم أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ أنّي أعلمهم بكتاب الله ) وروى أبو نعيم بترجمته أنّه قال : ( أخذت من فيّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ سبعين سورة وإنّ زيد بن ثابت لصبي من الصبيان ، وأنا أدع ما أخذت من فيّ رسول الله ؟!) (2) .

--------------------
(1) جاء في بعض الأخبار أنّه أمر بطبخها ، وفي بعضها : أمر بإحراقها ، وفي بعضها : أمر بمحوها .
(2) حلية الأولياء 1 : 125 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 191 _
كلمات الصحابة والتابعين في وقوع الحذف والتغيير والخطأ في القرآن المبين
  ويظهر من خلال الأخبار والآثار كثرة تكلّم الصحابة والتابعين في جمع عثمان المصاحف ، فمنهم من طعن في زيد بن ثابت الذي باشر الأمر بأمر عثمان ، ومنهم من طعن في كيفيّة الجمع ، ومنهم من كان يفضّل مصحف غيره من الصحابة تفضيلاً لأصحابها على عثمان في علم القرآن .
  لقد كثر التكلّم والقول فيه حتى انبرى أمير المؤمنين عليه السلام ـ فيما يروون ـ ليدافع عن عثمان ومصحفه . قال الحافظ ابن حجر العسقلاني : ( وقد جاء عن عثمان أنّه إنّما فعل ذلك بعد أن استشار الصحابة ، فأخرج ابن أبي داود بإسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال : قال علي : لا تقولوا في عثمان إلاّ خيراً ، فو الله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلاّ عن ملأٍ منّا ، قال : ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني أنّ بعضهم يقول : إنّ قراءتي خير من قراءتك وهذا يكاد يكون كفرأ ، فما ترى ؟ قال : أرى أن يجمع الناس على مصحف واحد ، فلا يكون فرقة ولا اختلاف ، قلنا : فنعم ما رأيت ) (1) .

--------------------
(1) فتح الباري 9 : 15 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 192_
  فعن ابن عمر أنّه قال : ( ... ما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهب منه قرآن كثير) (1) .
  وعن عبدالله بن مسعود : ( أنّه كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف) (2) .
  وعنه : ( لو ملكت كما ملكوا لصنعت بمصحفهم مثل الذي صنعوا بمصحفي) (3) .
  وعن ابن عباس في قوله تعالى : ( حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا ) (4) : ( إنّما هي خطأ من الكاتب ، حتى تستأذنوا وتسلّموا) (5) .
  وعنه في قوله تعالى : ( أفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ ... ) (6) : ( أظنّ الكاتب كتبها وهو ناعس) (7) .
  وعنه في قوله تعالى : ( وَقَضَى رَبُّكَ ... ) (8) : ( إلتزقت الواو بالصاد وأنتم تقرأونها : وقضى ربك ...) (9) .
  وعنه في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء... ) (10) : ( خذوا هذا الواو واجعلوها هاهنا : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ


--------------------
(1) الدّر المنثور ، الاتقان 2 : 41 .
(2) فتح الباري 9 : 16 .
(3) محاضرات الراغب .
(4) سورة النور : 27 .
(5) الإتقان في علوم القرآن 1 : 316 .
(6) سورة الرعد : 31 .
(7) الإتقان في علوم القرآن 1 : 316 .
(8) سورة الإسراء 18 : 23 .
(9) الإتقان في علوم القرآن .
(10) سورة الأنبياء 21 : 48 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 193 _
إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ... ) (1) .
  وعن عائشة بعد ذكر آية : ( قبل أن يغيّر عثمان المصاحف ) (2) .
  وعنها في قوله تعالى : ( إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ... وَالصَّابِئِينَ ... ) قالت : ( هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ) (3) .
  وعنها في قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا ... ) (4) : ( كذلك انزلت ولكن الهجاء حرّف ) (5) .
  وعنها وعن أبان بن عثمان في قوله تعالى : ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ ) (6) : ( هو غلط من الكاتب ) (7) .
  وعن مجاهد والربيع في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ... ) (8) : ( هي خطأ من الكاتب ) قال الحافظ السيوطي : ( أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر ، عن مجاهد في قوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ) قال : هي خطأ من الكتاب وهي قراءة ابن مسعود : ميثاق الذين اوتوا الكتاب ، وأخرج ابن جرير عن الربيع أنّه قرأ : وإذ

--------------------
(1) الإتقان في علوم القرآن .
(2) الإتقان في علوم القرآن 3 : 182 .
(3) الإتقان في علوم القرآن .
(4) سورة المؤمنون 23 : 60 .
(5) الإتقان في علوم القرآن .
(6) سورة النساء 4 : 162 .
(7) معالم التنزيل .
(8) سورة آل عمران 3 : 81 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 194 _
  أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب . قال : وكذلك كان يقرؤها اُبيّ بن كعب ) (1) .
  وعن سعيد بن جبير في قوله تعالى : ( وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ ) : ( هو لحن من الكاتب ) (2) .
  وقال الفخر الرازي في قوله تعالى : ( إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) (3) : ( القراءة المشهورة ( إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) ، ومنهم من ترك هذه القراءة وذكروا وجوهاً ، أحدها : قرأ أبو عمرو وعيسى بن عمر : إنّ هذين لساحران ، قالوا : وهي قراءة عثمان وعائشة وابن الزبير وسعيد بن جبير والحسن ، وروي عن عثمان أنّه نظر في المصحف ، فقال : أرى فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها ) (4) .
  فالعجيب جداً طعن عثمان نفسه في هذا المصحف .
  وفي رواية البغوي قال عثمان : ( إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيّره ! فقال : دعوه فإنّه لا يحلّ حراماً وال يحرّم حلالاً ) (5) .
  وفي الإتقان عن عثمان أنّه قال : ( لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد فيه هذه الحروف ) (6) .

--------------------
(1) الدر المنثور 2 : 47 .
(2) الإتقان في علوم القرآن .
(3) سورة طه : 63 .
(4) التفسير الكبير 22 : 74 .
(5) معالم التنزيل .
(6) الإتقان في علوم القرآن .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 195 _
الفصل الثاني
الرواة لأحاديث التحريف من أهل السنّة

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 197 _
  ولقد روى أحاديث التحريف من أهل السنّة أكثر علمائهم ، من محدّثين ومفسّرين وفقهاء واصوليّين ومتكلّمين ... ونحن نكتفي بذكر من أوردنا الأحاديث السابقة عنه مباشرة أو بواسطة مع موجز تراجمهم (1) :
  1 ـ مالك بن أنس ، أحد الأئمّة الأربعة ، روى عنه الشافعي وخلائق جمعهم الخطيب في مجلّد ، وهو شيخ الائمة وإمام دار الهجرة عندهم ، (179) .
  2 ـ عبد الرزاق بن همام الصنعاني : أحد الأعلام ، روى عنه أحمد وجماعة ، (211 ) .
  3 ـ الفريابي ، محمد بن يوسف بن واقد ، أحد الأئمة ، روى عنه أحمد والبخاري ، (212) .
  4 ـ أبو عبيد ، القاسم بن سلاّم ، أحد الأعلام ، وثّقه أبو داود وابن معين وأحمد وغير واحد ،(224) .
  5 ـ الطيالسي ، أبو الوليد هشام بن عبد الملك الباهلي ، أحد الأعلام ، روى عنه أحمد والبخاري وأبو داود ، قال أحمد : ( هو شيخ الإسلام اليوم ، ما أقدّم عليه أحداً من المحدّثين ) ، (227) .
  6 ـ سعيد بن منصور ، الحافظ ، أحد الأعلام ، روى عنه أحمد ومسلم وأبو

--------------------
(1) استخرجناها من كتاب ( طبقات الحفاظ ) للحافظ السيوطي ، وكتاب ( طبقات المفسّرين ) لتلميذه الداودي ، وقد أعطى محقّق الكتابين في الهامش مصادر اخرى لكل ترجمة .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 198 _
  داود ، قال أحمد : ( من أهل الفضل والصدق ) ، وقال أبو حاتم : ( من المتقنين الأثبات ، ممّن جمع وصنّف ) ، (227) .
  7 ـ ابن أبي شيبة ، أبو بكر عبدالله بن محمد ، روى عنه البخاري ومسلم وغيرهما ، (235) .
  8 ـ أحمد بن حنبل ، صاحب ( المسند ) ، أحد الأئمة الأربعة ، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم ، (238) .
  9 ـ إبن راهويه ، إسحاق بن إبراهيم ، أحد أئمة المسلمين وعلماء الدين ، إجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصّدق والورع والزّهد ، روى عنه الجماعة سوى ابن ماجة ، (238) .
  10 ـ إبن منيع ، أحمد بن منيع البغوي ، روى عنه مسلم والجماعة ، (244) . 11 ـ ابن الضريس ، الحافظ أبو عبد الله محمد بن أيوب ، وثّقه ابن أبي حاتم والخليلي ، (249) .
  12 ـ البخاري ، محمد بن إسماعيل ، صاحب الصحيح ، روى عنه مسلم والترمذي ، (256) .
  13 ـ مسلم بن الحجّاج النيسابوري ، صاحب الصحيح ، روي عنه أنّه قال : ( صنّفت هذا السند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ) ، (261) .
  14 ـ الترمذي ، محمد بن عيسى ، صاحب ( الجامع الصحيح ) ، كان أحد الأئمة الّذين يقتدى بهم ـ عندهم ـ في علم الحديث ، (279) .
  15 ـ إبن ماجة القزويني ، أبو عبدالله محمد بن يزيد ، صاحب السنن ، قال الخليلي : ( ثقة كبير ، متّفق عليه ، محتجّ به ) ، (283) .
  16 ـ عبدالله بن أحمد بن حنبل ، الحافظ ابن الحافظ ، قال الخطيب : ( كان

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 199_
  ثقة ثبتاً فهماً ) ، (290) .
  17 ـ البزّار ، أبوبكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري ، الحافظ العلاّمة الشهير ، (292) .
  18 ـ النسائي ، أحمد بن شعيب ، الإمام ، الحافظ ، شيخ الإسلام ، أحد الأئمة المبرزين والحفّاظ المتقنين والأعلام المشهورين ، قال الحاكم : ( كان النسائي أفقه مشايخ مصرفي عصره ) وقال الذهبي : ( هو أحفظ من مسلم بن الحجاج ) ، (303) .
  19 ـ أبو يعلى ، أحمد بن علي الموصلي ، الحافظ الثقة محدّث الجزيرة ، قال الحاكم : ( كنت رأى أبا علي الحافظ معجباً بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه ) ، (307) .
  20 ـ الطبري ، أبو جعفر محمد بن جرير ، قال الخطيب : ( كان أحد الأئمة يحكم بقوله ويرجع إليه ) ، (310) .
  21 ـ ابن المنذر ، أبو بكر محمد بن إبراهيم ، الحافظ العلاّمة الثقة الأوحد ، كان غاية في معرفة الإختلاف والدليل مجتهداً لا يقلّد أحداً ، (318) .
  22 ـ إبن أبي حاتم ، عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي ، الإمام الحافظ الناقد شيخ الإسلام ، قال الخليلي : ( أخذ علم أبيه وأبي زرعة ، وكان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال ، ثقة حافظاً زاهداً ، يعدّ من الأبدل ) ، (327) .
  23 ـ ابن الأنباري ، أبو بكر محمد بن القاسم المقرئ النحوي اللغوي ، وكان صدوقاً فاضلاً ديّناً من أهل السنّة ، وكان يحفظ مائة وعشرين تفسيراً بأسانيدها ، (228) .
  24 ـ ابن أشته ، محمد بن عبدالله اللوذري أبوبكر الأصبهاني ، استاذ كبير

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 200 _
  وإمام شهير ونحوي محقّق ، ثقة ، قال الدّاني : ( ضابط مشهور مأمون ثقة ، عالم بالعربية ، بصير المعاني ، حسن التصنيف ) ، (360) .
  25 ـ الطبراني : سليمان بن أحمد ، الإمام العلاّمة الحجّة ، بقيّة الحفّاظ ، مسند الدنيا ، وأحد فرسان هذا الشأن ،(360) .
  26 ـ أبو الشيخ ، عبدالله بن محمد بن جعفر بن حيان ، الإمام الحفاظ ، مسند زمانه ، وكان مع سعة علمه وغزارة حفظه صالحاً خيّراً ، قانتاً لله صدوقاً ، قال ابن مردويه : ( ثقة مأمون ) ، وقال الخطيب : ( كان حافظاً ثبتاً متقناً ) ، وقال أبو نعيم : ( أحد الأعلام ) ، (369) .
  27 ـ الدار قطني ، أبو الحسن علي بن عمر ، الإمام شيخ الإسلام ، حافظ الزمان ، حدّث عنه الحاكم وقال : ( أوحد عصره في الفهم والحفظ والورع ، إمام في القرّاء والمحدّثين ، لم يخلف على أديم الأرض مثله ) ، وقال القاضي أبو الطيّب : ( الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث ) ، (385) .
  28 ـ الراغب الأصفهاني ، أبو القاسم المفضّل بن محمد ، صاحب المصنّفات ، ذكر الفخر الرازي أنّه من أئمّة السنّة وقرنه بالغزالي ، وكان في أوائل المائة الخامسة .
  29 ـ الحاكم النيسابوري ، أبو عبدالله محمد بن عبدالله ، الحافظ الكبير ، إمام المحدّثين في عصره في الحديث والعارف به حق معرفته ، وكان صالحاً ثقة يميل إلى التشيّع ، (405) .
  30 ـ ابن مردويه ، أبوبكر أحمد بن موسى الأصبهاني ، الحافظ الكبير العلاّمة ، كان فهماً بهذا الشأن ، بصيراً بالرجال ، طويل الباع ، مليح التصانيف ، (410) .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 201 _
   31 ـ البيهقي ، أبو بكر أحمد بن الحسين ، الإمام الحافظ العلاّمة ، شيخ خراسان ، إنفرد بالإتقان والضبط والحفظ ، وعمل كتباً لم يسبق إليها وبورك له في علمه ، (458) .
  32 ـ ابن عساكر ، أبو القاسم علي بن الحسن ، الإمام الكبير حافظ الشام بل حافظ الدنيا ، الثقة الثبت الحجّة ، سمع منه الكبار ، وكان من كبار الحفّاظ المتقنين ، (571) .
  33 ـ ابن الأثير ، المبارك محمد بن محمد ، من مشاهير العلماء وأكابر النبلاء وأوحد الفضلاء (606) .
  34 ـ الضياء المقدسي ، أبو عبدالله محمّد بن عبدالواحد ، الإمام العالم الحافظ الحجّة ، محدّث الشام شيخ السنّة ، رحل وصنّف ، وصحّح وليّن ، وجرّح وعدّل ، وكان المرجوع إليه في الشأن ، جبلاً ثقة ديّناً زاهداً ورعاً ، (643) .
  35 ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري ، مصنّف التفسير المشهور الذي سارت به الركبان ، كان من عباد الله الصالحين والعلماء العارفين الورعين الزاهدين في الدنيا ، قال الذهبي : ( إمام متقن متبحّر في العلم ، له تصانيف مفيدة تدلّ على إمامته وكثيرة اطّلاعه ووفور فضله ) ، (671) .
  36 ـ إبن كثير ، عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمر ، الإمام المحدّث الحافظ ، وصفه الذهبي بالإمام المفتي المحدّث البارع ، ثقة متفنّن محدّث متقن ، (774) .
  37 ـ إبن حجر العسقلاني ، أحمد بن علي المصري ، شيخ الإسلام ، وإمام الحفّاظ في زمانه ، وحافظ الديار المصرية ، بل حافظ الدنيا مطلقاً ، قاضي القضاة ، صنّف التصانيف التي عمّ النفع بها ، (852) .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 202 _
   38 ـ السيوطي ، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر ، الحافظ الشهير صاحب المؤلفات الكثيرة في العلوم المختلفة ، أثنى عليه مترجموه كالشوكاني في ( البدر الطالع ) والسخاوي في ( الضوء اللامع ) وابن العماد في ( شذرات الذهب ) وغيرهم ، (911) .
  39 ـ المتّقي ، نور الدين علي بن حسام الهندي ، كان فقيهاً محدّثاً صاحب مؤلفات ، أشهرها : كنز العمّال ، أثنى عليه ابن العماد في ( شذرات الذهب ) والعيدروسي في ( النور السافر في أعيان القرن العاشر ) ، (975) .
  40 ـ الآلوسي ، شهاب الدين محمود بن عبدالله البغدادي ، المفسّر المحدّث الفقيه اللغوي النحوي ، صاحب ( روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني ) ، وغيره من المؤلفات (1270) .
  هؤلاء جملة ممّن روى أحاديث التحريف ...

من تجوز نسبة التحريف إليه منهم
  فهل تجوز نسبة القول بالتحريف إليهم جميعاً ؟
  لقد علم ممّا سبق في غضون الكتاب : أنّ مجرّد رواية الحديث وثقله لا يكون دليلاً على التزام الناقل والراوي بمضمونه ، وعلى هذا الأساس لا يمكننا أن ننسب إليهم هذا القول الباطل ...
  نعم ، فيهم جماعة التزموا بنقل الصحاح ، فلم يخرجوا في كتبهم إلاّ ما قطعوا بصدوره من النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وصحابته ، حسب شروطهم التي اشترطوها في الراوي والرواية ، فهم ـ وكل من تبعهم في الإعتقاد بصحّة جميع أخبار كتبهم ـ ملزمون بظواهر ما أخرجوا فيها من أحاديث التحريف ، مالم

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 203 _
  يذكروا لها محملاً وجيهاً أو تأويلاً مقبولاً ...
  وممّن التزم بنقل الصحاح من هؤلاء :

1 ـ مالك بن أنس
  لقد اشترط مالك في كتابه ( المؤطّأ ) الصحّة ، ولذلك استشكل بعض الأئمة إطلاق أصحيّة كتاب البخاري مع اشترك البخاري ومالك في اشتراط الصحّة والمبالغة في التحرّي والتثبّت (1) .
  وقال الشافعي : ( ما أعلم في الأرض كتاباً في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك ) (2) .
  وقال الحافظ مغلطاي : ( أول من صنّف الصحيح مالك ) (3) .
  وقال الحافظ ابن حجر : ( كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلّده على ما اقتضاء نظره من الإحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما ) (4) .

2 ـ أحمد بن حنبل
  قال أحمد في وصف مسنده :
  ( إنّ هذا كتاب قد جمعته من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف ، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فارجعوا إليه ، فإن كان

--------------------
(1) هدى الساري 1: 21 .
(2) مقدّمة ابن الصلاح : 14 وغيره .
(3) تنوير الحوالك : 8 .
(4) تنوير الحوالك : 8 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 204 _
  فيه وإلاّ ليس بحجّة ) (1) .
  وعنه : إنّ شرط في مسنده الصحيح (2) .
  وقال السبكي : ( ألّف مسنده وهو أصل من اصول هذه الامّة ) (3) .
  وقال الحافظ المديني : هذا الكتاب أصل الكبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث ، انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة ، فجعل إماماً ومعتمداً وعند التنازع ملجأ ومستنداً ) (4) .
  هذا ... وقد ألّف الحافظ ابن حجر كتاباً في شأن ( المسند ) سماّه ( القول المسدّد في الذبّ عن المسند ) ردّ به على قول من قال بوجود أحاديث ضعيفة في مسند أحمد .
  وقد أتمّه الحافظ السيوطي بذيل سماّه ( الذيل الممهّد ) (5) .

3 ـ محمد بن إسماعيل البخاري
  وقد شرط البخاري في كتابه : أن يخرج الحديث المتّفق على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور من غير اختلاف بين الثقات الأثبات ، ويكون إسناده متّصلاً غير مقطوع ، وإن كان للصحابي راويان فصاعداً فحسن ، وإن لم يكن إلاّ راو واحد وصحّ الطريق إليه كفى (6) .

--------------------
(1) تدريب الراوي 1 : 172 وغيره .
(2) تدريب الراوي وغيره .
(3) طبقات الشافعية ، ترجمة أحمد .
(4) طبقات الشافعية . ترجمة أحمد .
(5) تدريب الراوي 1 : 172 .
(6) هدى الساري : 2 : 261 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 205 _
   وعن البخاري أنّه قال : ( ما وضعت في كتاب الصحيح حديثاً إلاّ اغتسلت قبل ذلك وصلّيت ركعتين ) (1) .
  وعنه أيضاً : ( صنّفت كتابي الصحيح في المسجد الحرام وما أدخلت فيه حديثاً حتّى استخرت الله تعالى وصلّيت ركعتين وتيقّنت صحّته ) (2) .
  وعنه : ( صنّفت الجامع من ستمائة ألف حديث في ستّ عشرة سنة وجعلته حجّة فيما بيني وبين الله ) (3) .
  وعنه أيضاً : ( رأيت النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وكأنّني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذبّ بها عنه ، فسألت بعض المعبّرين فقال لي : أنت تذبّ عنه الكذب .
  فهذا الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح ) (4) ، وعنه أنّه قال : ( لم اخرج في هذا الكتاب إلاّ صحيحاً وما تركت من الصحيح أكثر ... ) (5) .
  وقال الحافظ ابن حجر :
  ( تقرّر أنّه التزم فيه الصحّة ، وأنّه لا يورد فيه إلاّ حديثاً صحيحاً ، هاذ أصل موضوعه ، وهو مستفاد من تسميته إيّاه الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وأيّامه ، وممّا نقلناه عنه من رواية الأئمة

--------------------
(1) هدى الساري 2 : 261 .
(2) هدى الساري 2 : 261 .
(3) هدى الساري 2 : 261 .
(4) هدى الساري 1 : 18 .
(5) هدى الساري 1 : 18 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 206 _
  عنه صريحاً ... ) (1) .
  وقال ابن الصلاح : ) أول من صنّف في الصحيح : البخاري أبو عبدالله محمد بن إسماعيل ، وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري ، ومسلم مع أنّه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنّه يشارك البخاري في كثير من شيوخه ، وكتاباهما أصحّ الكتب بعد كتاب الله العزيز ... ثمّ إنّ كتاب البخاري أصحّ الكتابين صحيحاً وأكثرهما فوائد ... ) (2) .
  وقد نقل هذا الحافظ ابن حجر وأثبت اصحيّة كتاب البخاري من كتاب مسلم ، وذكر أنّ هذا ممّا اتّفق عليه العلماء ، واستشهد بكلمات الأئمّة على ذلك (3) .
  وكذا الحافظ النووي في التقريب ، ووافقه الحافظ السيوطي في شرحه وقال : ) وعليه الجمهور ، لأنّه أشدّ اتصالاً وأتقن رجالاً ... ) (4) .

4 ـ مسلم بن الحجّاج النيسابوري
  وقال مسلم : ) ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا ، إنّما وضعت ما أجمعوا عليه ) (5) .
  وقال : ) لو أنّ أهل الحديث يكتبون مائتي سنة الحديث فمدارهم على هذا المسند ـ يعني صحيحة ـ ) (6) .

--------------------
(1) هدى الساري 1 : 19 .
(2) مقدّمة ابن الصلاح : 13 ـ 14 .
(3) هدى الساري 1 : 21 .
(4) تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي 1 : 88 ـ 91 .
(5) مقدّمة ابن الصلاح : 16 ، تدريب الراوي 1 : 98 .
(6) المنهاج في شرح مسلم 1 : 22 هامش إرشاد الساري .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 207 _
   وقال أيضاً : ( عرضت كتابي هذا على أبي زرعة الرازي فكلّ ما أشار أنّ له علّة تركته ، وكلّ قال أنّه صحيح وليس له علّة أخرجته ) (1) .
  وقال : ( صنّفت هذا السند الصحيح من ثلاثمائة ألف حديث مسموعة ) (2) .
  هذا ، وقد قالوا : إنّ أصحّ الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان ، ثمّ اختلفوا في أنّ أيّهما أفضل وأصحّ ، فذهب جمهورهم إلى أنّ البخاري أصحّ ، وقال الحافظ أبو علي النيسابوري : ما تحت أديم السماء كتاب أصحّ من كتاب مسلم ، وتبعه بعض شيوخ المغرب (3) .

5 ـ أبو عيسى الترمذي
  قال الترمذي : ( صنّفت هذا الكتاب فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به .
  ومن كان بيته هذا الكتاب فكأنّما في بيته نبي يتكلّم ) (4) .
  وقال في كتاب العلل الذي في آخر جامعه :
  ( جميع ما في هذا الكتاب ـ يعني جامعه ـ من الحديث هو معمول به ، وبه أخذ بعض أهل العلم ما خلا حديثين : حديث عن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنه : إنّ النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة ، والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر ولا سفر ، وحديث النبي صلّى الله عليه

--------------------
(1) المنهاج في شرح مسلم 1 : 22 .
(2) المنهاج في شرح مسلم 1 : 22 .
(3) تدريب الراوي 1 : 93 وغيره .
(4) تذكرة الحفّاظ ـ ترجمته .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 208 _
  [ وآله ] وسلّم أنّه قال : من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه .
  قال : وقد بيّنّا علّة الحديثين جميعاً في الكتاب ) .
  قال المباركفوري : ) قلت : قد تعقّب الملاّ معين في كتابه ( دراسات اللبيب ) على كلام الترمذي هذا ، وقد أثبت أنّ هذين الحديثين كليهما معمول به ، والحقّ مع الملاّ معين عندي والله تعالى أعلم ) (1) .
  هذا ، وقد جاء في مقدّمة تحفة الأحوذي فصل ) في بيان أنّه ليس في جامع الترمذي حديث موضوع ) (2) .
  وجامع الترمذي من الكتب الستّة الصحاح عند أهل السنّة بلا خلاف بينهم ، غير أنّهم اختلفوا في رتبته هل هو بعد الصحيحين أو بعد سنن أبي داود أبو بعد سنن النسائي ؟ (3) .

6 ـ أحمد بن شعيب النسائي
  وكتاب النسائي أحد الصحاح الستّة بلا خلاف .
  قالوا : وقد صنّف النسائي في أول أمره كتاباً يقال له : ) السنن الكبير ) ثمّ اختصره وسماّه ) المجتبى ) وسبب اختصاره : أنّ أحداً من أمراء زمانه سأله أنّ جميع أحاديث كتابك صحيح ؟
  قال : لا .
  فأمره الأمير بتجريد الصحاح وكتابة صحيح مجرّد . ت

--------------------
(1) مقدّمة تحفة الاحوذي : 367 .
(2) مقدّمة تحفة الاحوذي : 365 ـ 367 .
(3) مقدّمة تحفة الاحوذي : 364 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 209 _
   فانتخب منه ( المجتنى ) وأسقط منه كل حديث تكلّم في إسناده (1) .
  فإذا أطلق المحدّثون بقولهم : رواه النسائي ، فمرادهم هذا المختصر المسمّى بالمجتنى لا السنن الكبير (2) .
  وعن الحاكم وأبي علي الحافظ والخطيب : للنسائي شرط في الرجال أشدّ من شرط مسلم (3) .

7 ـ ابن ماجة القزويني
  قال ابن ماجة : عرضت هذه السنن على أبي زرعة فنظر فيه وقال : أظنّ إن وقع هذا في أيدي الناس تعطّلت هذا الجوامع أو أكثرها ... ) (4) .
  وقال المباركفوري : ( وأمّا سنن ابن ماجة فهو سادس الصحاح الستّة ... ) (5) .
  وفي كشف الظنون : ( إنّه سادس الصحاح الستّة عند بعض الأئمة ) (6) . قلت : وممّن بذلك الحافظان ابن طاهر وعبد الغني المقدسيان .

8 ـ الحاكم النيسابوري
وألّف أبو عبدالله الحاكم النيسابوري كتاب ( المستدرك على الصحيحين ) ،

--------------------
(1) جامع الاصول 1 : 66 وغيره .
(2) مقدّمة تحفة الاحوذي : 131 .
(3) مقدّمة تحفةالاحوذي : 131 .
(4) تذكرة الحفّاظ 2 : 636 .
(5) مقدّمة تحفة الاحوذي : 134 .
(6) كشف الظنون : 1004 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 210 _
  ذكر فيه ما فات البخاري ومسلماً ممّا على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح ... (1) .
  فالمستدرك من الكتب التي التزم فيها بالصحّة ، ولذا يعبّر عنه بالصحيح المستدرك (2) .
  ولقد أثنى على الجاكم كلّ من جاء بعده من الحفّاظ ، ونسبه بعضهم إلى التشيّع وقالوا : إنّه قد تساهل في ما استدر على شكرط الصحيح .
  قلت : لا يبعد أن يكون من أسباب رميه بالتشيّع والتساهل إخراجه أحاديث في فضل أمير المؤمنين عليه السلام ، بل قد صرّح بذلك الخطيب ... (3) .

9 ـ أبو جعفر الطبّري
  وقد التزم أبو جعفر محمد بن جرير الطبّري الصحّة في كتابه ( تهذيب الآثار ) الّذي أورد فيه بعض الأحاديث المذكورة ... كما أورد منها في ( تفسيره ) ...

10 ـ الضياء المقدسي
  وقد التزم الحافظ الضياء المقدسي الصحّة في كتابه ( المختارة ) .
  قال الحافظ العراقي : ( وممّن صحّح أيضاً من المتأخّرين الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي ، فجمع كتاباً سماّه ( المختارة ) التزم فيه

--------------------
(1) فيض القدير في شرح الجامع الصغير 1 : 26 .
(2) تدريب الراوي 1 : 108 ، مقدّمة تحفة الاحوذي : 155 .
(3) مقدّمة تحفة الاحوذي : 156 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 211 _
  الصحّة ... ) (1) .
  وقال الحافظ السيوطي : ( ومنهم الحافظ ضياء الدين محمد بن عبدالواحد المقدسي ، فجمع كتاباً سماّه ( المختارة ) التزم فيه الصحّه وذكر فيه أحاديث لم يسبق إلى تصحيحها ) (2) .
  وفي ( كشف الظنون ) بعد أن صرّح بما تقدّم : ( قال ابن كثير : وهذا الكتاب لم يتمّ ، وكان بعض الحفّاظ من مشايخنا يرجّحه على مستدرك الحاكم ) (3) .
  هذا ، وقد أثنى عليه كل من ترجم له ، قال الحافظ الذهبي ما ملخّصه : ( الإمام العالم الحافظ الحجّة ، محدّث الشام ، شيخ السنّة ، صاحب التصانيف النافعة ، نسخ وصنّف ، وصحّح وليّن ، وجرّح وعدّل ، وكان المرجع إليه في هذا الشأن ، قال تلميذه عمر بن الحاجب : شيخنا أبو عبدالله شيخ وقته ونسيج وحده علماً وحفظاً وثقة وديناً ، من العلماء الربّانيّين ، وهو أكبر من أن يدلّ عليه مثلي .
  رأيت جماعة من المحدّثين ذكروه فأطنبوا في حقّه ومدحوه بالحفظ والزهد . سألت الزكيّ البرزالي عنه فقال : ثقة ، جبل ، حافظ ، ديّن .
  قال ابن النجّار : حافظ متقن حجّة ، عالم بالرجال ، ورع تقي . وقال الشرف ابن النابلسي : ما رأيت مثل شيخنا الضياء ) (4) .

--------------------
(1) التقييد والإيضاح لما اطلق أو اغلق من كتاب ابن الصلاح .
(2) تدريب الراوي 1 : 144 .
(3) كشف الظنون .
(4) تذكرة الحفّاظ : 4 : 1406 .

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 212 _
الفصل الثالث

الأقوال والآراء في أهل السنّة حول التحريف وأحاديثه

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 215 _
   لقد تقدّم ذكر الأحاديث الدالّة على التحريف ... وعرفت من خلال ذلك أنّ القول بنقصان القرآن مضاف إلى جماعة كبيرة من صحابة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وعلى راسهم :
  عمر بن الخطّاب ، عثمان بن عفّان ، عبدالله بن العبّاس ، عبدالله بن عمر ، عبدالرحمن بن عوف ، اُبيّ بن كعب ، عبدالله بن مسعود ، زيد بن ثابت ، أبو موسى الأشعري ، خديفة بن اليمان ، جابر بن عبدالله ، زيد بن أرقم ، عائشة بنت أبي بكر ، حفصة بنت عمر ...
  ومن مشاهير التابعين ... وعلى رأسهم :
  سعيد بن جبير ، عكرمة ، الضحّاك ، سعيد بن المسّيب ، عروة بن الزبير ، محمد بن مسلم الزهري ، زرّ بن حبيش ، مجاهد ، الحسن البصري ...
  وعرفت أنّ تلك الاحاديث مخرجة في أهمّ كتب أهل السنّة وأسفارهم ، ومن أشهرها :
  الموطّأ ، صحيح البخاري ، صحيح مسلم ، صحيح الترمذي ، صحيح النسائي ، صحيح ابن ماجة ، المصنّف لابن أبي شيبة ، المسند لأحمد ، المستدرك للحاكم ، الجوامع الثلاثة للطبراني ، المسند لأبي يعلى ، السنن للبيهقي ، جامع الاصول ، فتح الباري ، إرشاد الساري ، المصاحف لابن الأنباري ، الدرّ المنثور ، كنز العمّال ، تاريخ دمشق ، تفسير الطبري ، تفسير الرازي ، تفسير القرطبي ، تفسير البغوي ، تفسير الخازن ، الكشّاف ، البحر المحيط تفسير ابن كثير ، مشكل

التحقيق في نفي التّحريف عن القرآن الشريف _ 216 _
  الآثار ، التسهيل لعلوم التنزيل ، البرهان في علوم القرآن ، مناهل العرفان في علوم القرآن ، الإتقان في علوم القرآن ، وغيرها من الكتب في الحديث والفقه والتفسير ...

موقف علماء الشيعة من هذه الأخبار والآثار :
  أمّا علماء الشيعة فإنّ موقفهم من هذه الأحاديث والآثار المنقولة عن الصحابة نفس الموقف الذي اتّخذوه تجاه الأحاديث المرويّة في كتبهم أنفسهم ... فإنّهم بعدما قالوا بعدم تحريف القرآن ـ للأدلّة القائمة عليه كتاباً وسنّة وإجماعاً ـ حملوا ما أمكن حمله من أحاديثهم المعتبرة سنداً على بعض الوجوه ، وطرحوا كل خبر غير معتبر سنداً أو غير قابل للتأويل ... كما عرفت في ( الباب الأول ) بالتفصيل .
  وهذا هو النهج الذي ينبغي اتّباعه بالنسبة إلى أحاديث التحريف في كتب أهل السنّة ... وبه يتمّ الجمع بين الإعتقاد بعدم التحريف والإعتقاد بصحّة أخبار الصحيحين وغيرهما ... على اصول أهل السنّة ...
  إنّ التأويل إمّا الحمل على التفسير ، وإمّا الحمل على اختلاف القراءة ، وإمّا الحمل على نسخ التلاوة . لكنّ التأويل على الوجهين الأوّلين لا يتمّ إلاّ بالنسبة إلى قليل جدّاً من الأحاديث ، والحمل على نسخ التلاوة غير تامّ صغروياً وكبروياً ، كما ستعرف في ( الفصل الرابع ) .
  فلا مناص من الردّ والتكذيب ... ولا مانع ، إلاّ ما اشتهر بينهم من عدالة جميع الصحابة وصحّة أخبار الصحيحين وأمثالها ... لكنّ هذين المشهورين لا أصل لهما ... كما ستعرف في ( الفصل الخامس ) .