وتبقى أيضاً شهادات ابن مسعود الصريحة بأن زيداً غلام يهودي !!
وإذا أخذنا بإجماع أئمة الجرح والتعديل من إخواننا على توثيق ابن مسعود وتقواه ... فلا بد أن نقول إن والد زيد يهودي ، وأمه أنصارية، وقد نسب الى الأنصار من جهة أمه وأخواله ! وهذا يفتح باب الشك في ادعاء زيد أن أباه قتل يوم بعاث لأن اليهود لم يشاركوا في حرب بعاث !
جائزة لمن يجد نسب زيد بن ثابت !
وعندما نرجع الى ترجمة زيد في كتب التراجم نجدهم يذكرون أن أمه هي النوار بنت مالك ولايذكرون فيها خلافاً ... قال ابن الأثير في أسد الغابة ج 5 ص 557 : ( النوار بنت مالك بن صرمة من بني عدي بن النجار وهي أم زيد بن ثابت الأنصاري الفقيه الفرضي كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، روت عنها أم سعد بنت أسعد بن زرارة ، أخرجها الثلاثة ) انتهى .
ولكن مصادر السيرة والتاريخ والرجال المعروفة خالية عن إسم أبيها مالك بن صرمة ، ولا عن اسمه الآخر الذي ذكره ابن الأثير ( مالك بن معاوية ) كما لا توجد روايات عن حياتها ، وهل أنها تزوجت بعد ثابت أم لا ؟
لكن المشكلة الصعبة في ترجمة زيد معرفة الإسم الحقيقي لأبيه وجده وأعمامه ونسبه ! فقد ذكرت المصادر لجده عدة أسماء ، منها الضحاك بن خليفة ، وله ابن اسمه ثابت ، ومنها الضحاك بن أمية بن ثعلبة بن جشم وله ابن اسمه ثابت ، ومنها الضحاك بن الصامت ، ومنها الضحاك بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف ... لكن يصعب أن تنطبق ترجمة أي واحد منهم على زيد ... ! وهكذا إذا صعدت مع نسبه جداً فجداً ، مضافاً الى أن بعض هؤلاء الأجداد المفترضين لزيد من الأوس ، وبعضهم من الخزرج !!
قال ابن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 1006 : ( ... عن خمير بن مالك قال : لما أمر بالمصاحف أن تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال : من استطاع منكم أن يغل مصحفاً فليفعل ، فإن من غل شيئاً جاء بما غل يوم القيامة ، ثم قال : لقد قرأت القرآن من في رسول الله سبعين سورة ، وزيد صبي ، أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
... عن حمزة بن عبدالله قال : بلغني أنه قيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه : مالك لا تقرأ على قراءة فلان ؟ فقال : لقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة فقال لي لقد أحسنت ، وإن الذي يسألون أن أقرأ على قراءته في صلب رجل كافر !
... عن ابن إسحاق ، عن أبي الأسود ـ أو غيره ـ قال : قيل لعبد الله ألا تقرأ على قراءة زيد ؟ قال : مالي ولزيد ولقراءة زيد ، لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان .
حدثنا الحماني قال حدثنا شريك ، عن ابن إسحاق ، عن أبي الأسود ـ أو غيره ـ قال : قيل لعبد الله ألا تقرأ على قراءة زيد ؟ قال ما لي ولزيد ولقراءة زيد ، لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة ، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان !! ) انتهى .
هل هو ابن ثابت بن الضحاك بن خليفة الأشهلي ؟
تدوين القرآن
_ 157 _
قال السمعاني في الأنساب ج 1 ص 172 : ( ... وأبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الرحمن بن زيد بن ثابت بن الضحاك بن خليفة الأشهلي المديني ، وخليفة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) انتهى .
ووصف السمعاني له بالأشهلي يعني أنه من الأوس ، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج 2 ص 8 ( ثابت بن الضحاك بن خليفة الأشهلي الأوسي أبو زيد المدني ، وقال في هامشه : الأشهلي بمفتوحة وإعجام شين وفتح هاء منسوب الى عبد الأشهل بن جشم كذا في المغني اه ) انتهى .
ومن البعيد جداً أن يكون مقصوده بهذا النسب زيد بن ثابت وأن جد جده كان من صحابة النبي (ص) !!
وقد ترجم ابن هشام للضحاك بن خليفة بأنه كان منافقاً ومثبطاً للمسلمين في غزوة تبوك ... قال في السيرة ج 4 ص 96 : ( قال ابن هشام : وحدثني الثقة عمن حدثه ، عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن ، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبدالله بن حارثة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن ناساً من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي ، وكان بيته عند جاسوم ، يثبطون الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيدالله في نفر من أصحابه ، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم ، ففعل طلحة ، فاقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت ، فانكسرت رجله ، واقتحم أصحابه فأفلتوا ، فقال الضحاك في ذلك : كــادت وبيــت الله نــار محمدٍ يشيـط بها الضحاك وابن أُبَيْرِقِ وَظَلْتُ وقد طبقتُ كَبْسَ سويلمٍ أنـوء على رجلي كسيراً ومرفقي ســلام عليكــم لا أعــود لمثلها أخاف ومن تشمل به النار يحرق قال ابن إسحاق : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره ، وأمر الناس بالجهاز والإنكماش ، وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل الله... ) انتهى .
وروى الطبري عن الضحاك هذا في تاريخه ج 2 ص 459 رواية قد تدل على أنه حضر السقيفة ! قال الطبري : ( حدثنا عبيد الله بن سعيد قال حدثنا عمي قال أخبرنا سيف بن عمر عن سهل وأبي عثمان عن الضحاك بن خليفة قال : لما قام الحباب بن المنذر انتضى سيفه وقال أنا جذيلها المحكك وغذيقها المرجب أنا أبوشبل في عرينة الأسد يعزى إليَّ الأسد ، فحامله عمر فضرب يده فندر السيف ، فأخذه ثم وثب على سعد ، ووثبوا على سعد وتتابع القوم على البيعة وبايع سعد ، وكانت فلتة كفلتات الجاهلية قام أبوبكر دونها ! وقال قائل حين أوطئ سعداً : قتلتم سعداً ! فقال عمر قتله الله إنه منافق ! واعترض عمر بالسيف صخرة فقطعه ) انتهى .
وللضحاك هذا ولد اسمه ثابت بن الضحاك بن خليفة ، ترجم له البخاري في تاريخه ج 2 ص 165 فقال : ( ثابت بن الضحاك الأنصاري ، وقال بعضهم الكلابي ، له صحبة وأخوه أبو جبيرة بن الضحاك ) انتهى .
تدوين القرآن
_ 158 _
ولكن الرازي نفى في الجرح والتعديل ج 2 ص 453 أن يكون ثابت هذا والد زيد بن ثابت ... قال : ( ثابت بن الضحاك بن خليفة الأنصارى له صحبة روى عنه عبدالله بن معقل وأبو قلابة سمعت أبي يقول ذلك ، سمعت أبي يقول : بلغني عن ابن نمير أنه قال : هو والد زيد بن ثابت ، فإن كان قاله فقد غلط وذلك أن أبا قلابة لم يدرك زيد بن ثابت فكيف يدرك أباه ؟ وهو يقول حدثني ثابت بن الضحاك الأنصاري ! ) انتهى .
وترجم ابن الأثير لثابت هذا فقال في أسد الغابة ج 1 ص 226 : ( ثابت بن الضحاك بن خليفة بن ثعلبة بن عدي بن كعب بن عبدالأشهل كذا نسبه أبو عمر .
وأما ابن منده وأبو نعيم فلم يجاوزا في نسبه خليفة وقالا إنه أخو أبي جبيرة بن الضحاك شهد الحديبية ، وقال ابن منده قال البخاري أنه شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال أبونعيم : هذا وهم وإنما ذكر البخاري في الجامع أنه من أهل الحديبية واستشهد بحديث أبي قلابة عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم الذى أخبرنا به أبوالفرج يحيى بن محمود ... أن أبا قلابة حدثه أن ثابت بن الضحاك حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً فهو كما قال ، وليس على رجل نذر في ما لا يملك ... وقال ابن منده توفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثماني سنين وقيل توفي سنة خمس وأربعين ، وقيل توفي في فتنة ابن الزبير أخرجه الثلاثة ، وأخرجه أبوموسى مستدركاً على ابن مندة فقال : ثابت بن الضحاك بن ثعلبة الأنصاري أبوجبيرة هكذا أورده أبوعثمان ، وقال بعضهم هو أخو ثابت بن الضحاك بن خليفة ، وقال حماد بن سلمة : هو الضحاك بن أبي جبيرة أورده في غير باب الثاء ، انتهى كلام أبي موسى.
فأما قوله في نسبه الضحاك بن ثعلبة فهو وهم أسقط منه خليفة وما لإخراجه عليه وجه ، فإن بعض الرواة قد أسقط الجد الذي هو خليفة ، وقد أخرجه ابن منده على الصواب ) انتهى.
وللضحاك هذا أولاد آخرون معروفون مثل أبي جبيرة واسمه قيس وقد ترجم له البخاري في تاريخه ج 9 ص 20 برقم 157 وابن الأثير في أسد الغابة ج 4 ص 218 و ج 5 ص 156 ، وله بنت اسمها ثبيتة أو نبيتة ترجم لها في أسد الغابة ج 5 ص 413 وإكمال الكمال ج 1 ص 185 وقال عن ثابت ( وهو أخو جبيرة بن الضحاك ، وثبيتة بنت الضحاك ، التي كان محمد بن مسلمة يطاردها ببصره ليتزوجها ) ... الخ .
ولو كان هؤلاء أعمام زيد وأقاربه لعرفوا ، أو ذكر ذلك أحد في ترجمته أو ترجماتهم ... مضافاً الى أن زيداً كان يقول إن والده توفي وعمره ست سنوات كما روت عنه المصادر مثل سير أعلام النبلاء وأسد الغابة وتهذيب الكمال ... وغيرها .
تدوين القرآن
_ 159 _