الجملة في موضع نصب مفعول أنذروا : أى أعلموهم بالتوحيد ، ثم رجع من الغيبة إلى الخطاب فقال (فاتقون).
  قوله تعالى ( فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ ) إن قيل الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما لايكون عقيب خلقه من نطفة فجوابه من وجهين : أحدهما أنه أشار إلى مايئول حاله إليه فأجرى المنتظر مجرى الواقع ، وهو من باب التعبير بآخر الامر عن أوله كقوله ( أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً ) وقوله تعالى ( يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ رِزْقاً ) أى سبب الرزق وهو المطر.
  والثانى أنه إشارة إلى سرعة نسيانهم مبدأ خلقهم.
  قوله تعالى (والانعام) هو منصوب بفعل محذوف ، وقد حكى في الشاذ رفعها ، و (ولكم) فيها وجهان : أحدهما هى متعلقة بخلق ، فيكون ( فيها دف‌ء ) جملة في موضع الحال من الضمير المنصوب.
  والثانى يتعلق بمحذوف ، فدف‌ء مبتدأ والخبر لكم ، وفى ( فيها ) وجهان : أحدهما هو ظرف للاستقرار في لكم.
  والثانى هو حال من دف‌ء ، ويجوز أن يكون حالا من دف‌ء وفيها الخبر ، ويجوز أن يرتفع دف‌ء بلكم أو بفيها والجملة كلها حال من الضمير المنصوب ، ويقرأ ( دف ) بضم الفاء من غير همز ، ووجهه أنه ألقى حركة الهمزة على الفاء وحذفها ( وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ ) مثل ولكم فيها دف‌ء ، و (حين) ظرف لجمال أو صفة له أو معمول فيها.
  قوله تعالى (بالغيه) الهاء في موضع جر بالاضافة عند الجمهور ، وأجاز الاخفش أن تكون منصوبة ، واستدل بقوله تعالى ( إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ ) ويستوفى في موضعه إن شاء الله تعالى ( إِلاَّ بِشِقِّ ) في موضع الحال من الضمير المرفوع في ( بالغيه ) أى مشقوقا عليكم ، والجمهور على كسر الشين ، وقرئ بفتحها وهى لغة.
  قوله تعالى (والخيل) هو معطوف على الانعام : أى وخلق الخيل (وزينة) أى لتركبوها ولتتزينوا بها زينة ، فهو مصدر لفعل محذوف ، ويجوز أن يكون مفعولا من أجله : أى وللزينة ، وقيل التقدير : وجعلها زينة ، ويقرأ بغير واو ، وفيه الوجوه المذكورة ، وفيها وجهان آخران : أحدهما أن يكون مصدرا في موضع الحال من الضمير في تركبوا.
  والثانى أن تكون حالا من الهاء : أى لتركبوها تزينا بها.
  قوله تعالى ( وَمِنْهَا جَائِرٌ ) الضمير يرجع على السبيل ، وهى تذكر وتؤنث وقيل السبيل بمعنى السبل فأنث على المعنى ، وقصد مصدر بمعنى إقامة السبيل أو تعديل السبيل ، وليس مصدر قصدته بمعنى أتيته.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 79 _

  قوله تعالى ( مِنْهُ شَرَابٌ ) من هنا للتبعيض ، ومن الثانية للسببية : أى وبسببه إثبات شجر ، ودل على ذلك قوله ( يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ ).
  قوله تعالى ( وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) يقرآن بالنصب عطفا على ماقبلهما ، ويقرآن بالرفع على الاستئناف ، و (النجوم) كذلك ، و (مسخرات) على القراء‌ة الاولى حال وعلى الثانية خبر.
  قوله تعالى ( وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ ) في موضع نصب بفعل محذوف ، أى وخلق أو وأنبت و (مختلفا) حال منه.
  قوله تعالى ( مِنْهُ لَحْماً ) من لابتداء الغاية ، وقيل التقدير : لتأكلوا من حيوانه لحما فيه يجوز أن يتعلق بمواخر ، لان معناه جوارى ، إذ كان مخر وشق وجرى قريبا بعضه من بعض ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في مواخر.
  قوله تعالى ( أَنْ تَمِيدَ ) أى مخافة أن تميد (وأنهارا) أى وشق أنهارا (وعلامات) أى وضع علامات ، ويجوز أن تعطف على رواسى (وبالنجم) يقرأ على لفظ الواحد وهو جنس ، وقيل يراد به الجدى ، وقيل الثريا ، ويقرأ بضم النون والجيم وفيه وجهان : أحدهما هو جمع نجم مثل سقف وسقف ، والثانى أنه أراد النجوم فحذف الواو كما قالوا في أسد أسود وأسد ، وقالوا في خيام خيم ، ويقرأ بسكون الجيم وهو مخفف من المضموم.
  قوله تعالى (أموات) إن شئت جعلته خبرا ثانيا لهم : أى وهم يخلقون ويموتون ، وإن شئت جعلت يخلقون وأموات خبرا واحدا ، وإن شئت كان خبر مبتدإ محذوف أى هم أموات ( غَيْرُ أَحْيَاءٍ ) صفة مؤكدة ، ويجوز أن يكون قصد بها أنهم في الحال غير أحياء ليدفع به توهم أن قوله أموات فيما بعد ، إذ قد قال تعالى ( إِنَّكَ مَيِّتٌ ) أى ستموت ، و (أيان) منصوب ب‍ (يبعثون) لابيشعرون.
  قوله تعالى ( مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ ) ( ماذا ) فيها وجهان : أحدهما ( ما ) فيها استفهام ( وذا ) بمعنى الذى ، وقد ذكر في البقرة ، والعائد محذوف ، أى أنزله ، و (أساطير) خبر مبتدإ محذوف تقديره : ما ادعيتموه منزلا أساطير ، ويقرأ أساطير بالنصب ، والتقدير : وذكرتم أساطير ، أو أنزل أساطير على الاستهزاء.
  قوله تعالى (ليحملوا) أى قالوا ذلك ليحملوا ، وهى لام العاقبة ( وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ ) أى وأوزار من أوزار الذين.
  وقال الاخفش ( من ) زائدة.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 80 _
  قوله تعالى ( مِنَ الْقَوَاعِدِ ) أى من ناحية القواعد والتقدير : أتى أمر الله ( مِنْ فَوْقِهِمْ ) يجوز أن يتعلق من يخر ، وتكون ( من ) لابتداء الغاية ، وأن تكون حالا أى كائنا من فوقهم ، وعلى كلا الوجهين هو توكيد.
  قوله تعالى (تشاقون) يقرأ بفتح النون ، والمفعول محذوف : أى تشاقون المؤمنين أو تشاقوننى ، ويقرأ بكسرها مع التشديد ، فأدغم نون الرفع في نون الوقاية ، ويقرأ بالكسر والتخفيف ، وهو مثل ( فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ) وقد ذكر.
  قوله تعالى ( إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ ) في عامل الظرف وجهان ، أحدهما الخزى ، وهو مصدر فيه الالف واللام.
  والثانى هو معمول الخبر وهو قوله تعالى ( عَلَى الْكَافِرِينَ ) أى كائن على الكافرين اليوم ، وفصل بينهما بالمعطوف لاتساعهم في الظرف.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ ) فيه الجر والنصب والرفع وقد ذكر في مواضع وتتوفاهم بمعنى توفتهم ( فَأَلْقَوْا السَّلَمَ ) يجوز أن يكون معطوفا على قال الذين أوتوا العلم ، ويجوز أن يكون معطوفا على توفاهم ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، والسلم هنا بمعنى القول ، كما قال في الآية الاخرى ( فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمْ الْقَوْلَ ) فعلى هذا يجوز أن يكون ( مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ ) تفسيرا للسلم الذى ألقوه ، ويجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون التقدير : فألقوا السلم قائلين ماكنا.
  قوله تعالى ( مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) ( ما ) في موضع نصب بأنزل ، ودل على ذلك نصب الجواب وهو قوله ( قَالُوا خَيْراً ) أى أنزل خيرا.
  قوله تعالى ( جَنَّاتُ عَدْنٍ ) يجوز أن تكون هى المخصوصة بالمدح مثل زيد في نعم الرجل زيد ، و (يدخلونها) حال منها ، ويجوز أن يكون مستأنفا ويدخلونها الخبر ، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا : أى لهم جنات عدن ، ودل على ذلك قوله تعالى ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ) ( كَذَلِكَ يَجْزِي ) الكاف في موضع نصب نعتا لمصدر محذوف.
  قوله تعالى (طيبين) حال من المفعول ، و (يقولون) حال من الملائكة.
  قوله تعالى ( أَنْ اُعْبُدُوا ) يجوز أن تكون ( أن ) بمعنى أى ، وأن تكون مصدرية ( مَنْ هَدَى ) من نكرة موصوفة مبتدأ ، وماقبلها الخبر.
  قوله تعالى ( فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي ) يقرأ بفتح الياء وكسر الدال على تسمية الفاعل ولايهدى خبر إن ، و ( مَنْ يُضِلُّ ) مفعول يهدى.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 81 _
  ويقرأ ( لا يَهْدِي ) بضم الياء على مالم يسم فاعله ، وفيه وجهان : أحدهما أن من يضل مبتدأ ، ولايهدى خبر.
  والثانى أن لايهدى من يضل بأسره خبر إن ، كقولك : إن زيدا لا يضرب أبوه.
  قوله تعالى (فيكون) يقرأ بالرفع : أى فهو ، وبالنصب عطفا على نقول ، وجعله جواب الامر بعيد لما ذكرناه في البقرة.
  قوله تعالى ( وَالَّذِينَ هَاجَرُوا ) مبتدأ ، و (لنبوئنهم) الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره المذكور (حسنة) مفعول ثان لنبوئنهم ، لان معناه لنعطينهم ، ويجوز أن يكون صفة لمحذوف : أى دارا حسنة ، لان بوأته أنزلته.
  قوله تعالى ( الَّذِينَ صَبَرُوا ) في موضع رفع على إضمارهم ، أو نصب على تقدير أعنى.
  قوله تعالى (بالبينات) فيما تتعلق الباء به ثلاثة أوجه : أحدها بنوحى كما تقول : أوحى إليه بحق ، ويجوز أن تكون الباء زائدة ، ويجوز أن تكون حالا من القائم مقام الفاعل وهو إليهم.
  والوجه الثانى : أن تتعلق بأرسلنا : أى أرسلناهم بالبينات ، وفيه ضعف لان ماقبل إلا لايعمل فيما بعدها إذا تم الكلام على إلا ومايليها ، إلا أنه قد جاء في الشعر كقول الشاعر :

نبئتهم عذبوا بالنار جارتهم      ولا  يـعذب إلا الله iiبالنار
  والوجه الثالث أن يتعلق بمحذوف تقديره : بعثوا بالبينات ، والله أعلم.
  قوله تعالى ( عَلَى تَخَوُّفٍ ) في موضع الحال من الفاعل أو المفعول في قوله ( أَوْ يَأْخُذَهُمْ ).
  قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا ) يقرأ بالياء والتاء ، وقبله غيبة وخطاب يصححان الامرين (تتفيؤ) يقرأ بالتاء على تأنيث الجمع الذى في الفاعل ، وبالياء لان التأنيث غير حقيقى ( عَنْ الْيَمِينِ ) وضع الواحد موضع الجمع ، وقيل أول مايبدو الظل عن اليمين ثم ينتقل وينتشر عن الشمال ، فانتشاره يقتضى الجمع ، و ( عن ) حرف جر موضعها نصب على الحال ، ويجوز أن تكون للمجاوزة : أى تتجاوز الظلال اليمين إلى الشمال.
  وقيل هى اسم : أى جانب اليمين (والشمائل) جمع شمال (سجدا)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 82 _
  حال من الظلال ( وَهُمْ دَاخِرُونَ ) حال من الضمير في سجدا ، ويجوز أن يكون حالا ثانية معطوفة.
  قوله تعالى ( مَا فِي السَّمَوَاتِ ) إنما ذكر ( ما ) دون ( من ) لانها أعم والسجود يشتمل على الجميع.
  قوله تعالى ( مِنْ فَوْقِهِمْ ) هو حال من ربهم ، ويجوز أن يتعلق بيخافون.
  قوله تعالى (اثنين) هو توكيد ، وقيل مفعول ثان وهو بعيد.
  قوله تعالى (واصبا) حال من الدين.
  قوله تعالى ( وَمَا بِكُمْ ) ( ما ) بمعنى الذى ، والجار صلته ، و ( مِنْ نِعْمَةٍ ) حال من الضمير في الجار ( فَمِنْ اللَّهِ ) الخبر ، وقيل ( ما ) شرطية وفعل الشرط محذوف : أى مايكن ، والفاء جواب الشرط.
  قوله تعالى ( إِذَا فَرِيقٌ ) هو فاعل لفعل محذوف.
  قوله تعالى (فتمتعوا) الجمهور على أنه أمر ، ويقرأ بالياء وهو معطوف على يكفروا ثم رجع إلى الخطاب فقال ( فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) وقرئ بالياء أيضا.
  قوله تعالى ( وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ ) ( ما ) مبتدأ ، ولهم خبره أو فاعل الظرف وقيل ( ما ) في موضع نصب عطفا على نصيبا : أى ويجعلون مايشتهون لهم ، وضعف قوم هذا الوجه وقالوا : لو كان كذلك لقال ولانفسهم ، وفيه نظر.
  قوله تعالى ( ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً ) خبره ، ولو كان قد قرئ ( مسود ) لكان مستقيما ، على أن يكون اسم ظل مضمرا فيها ، والجملة خبرها ( وَهُوَ كَظِيمٌ ) حال من صاحب الوجه ، ويجوز أن يكون من الوجه لانه منه.
  قوله تعالى (يتوارى) حال من الضمير في كظيم (أيمسكه) في موضع الحال تقديره : يتوارى مترددا هل يمسكه أم لا ؟ ( عَلَى هُونٍ ) حال.
  قوله تعالى ( وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ ) يقرأ بالنصب على أنه مفعول تصف أو هو بدل مما يكرهون ، فعلى هذا في قوله ( أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى ) وجهان : أحدهما هو بدل من الكذب.
  والثانى تقديره : بأن لهم ، ولما حذفت الباء صار في موضع نصب عند الخليل ، وعند سيبويه هو في موضع جر.
  ويقرأ الكذب بضم الكاف والذال والباء على أنه صفة للالسنة ، وهو جمع واحده كذوب مثل صبور وصبر ، وعلى هذا يجوز أن يكون واحد الالسنة مذكرا أو مؤنثا ، وقد سمع في اللسان الوجهان وعلى هذه القراء‌ة ( أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى ) مفعول تصف.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 83 _
  ( لا جَرَمَ ) قد ذكر في هود مستوفى (مفرطون) يقرأ بفتح الراء والتخفيف ، وهو من أفرط إذا حمله على التفريط غيره ، وبالكسر على نسبة الفعل إليه ، وبالكسر والتشديد وهو ظاهر.
  قوله تعالى ( وَهُدًى وَرَحْمَةً ) معطوفان على لتبين : أى للتبيين والهداية والرحمة.
  قوله تعالى (بطونه) فيما تعود الهاء عليه ستة أوجه : أحدها أن الانعام تذكر وتؤنث ، فذكر الضمير على إحدى اللغتين.
  والثانى أن الانعام جنس ، فعاد الضمير إليه على المعنى.
  والثالث أن واحد الانعام نعم ، والضمير عائد على واحده كما قال الشاعر : ( مثل الفراخ نتفت حواصله ) والرابع أنه غائب على المذكور فتقديره : مما في بطون المذكور ، كما قال الحطيئة :
لـزغب  كـأولاد القطا راث iiخلفها      على عاجزات النهض حمر حواصله
  والخامس أنه يعود على البعض الذى له لبن منها.
  والسادس أنه يعود على الفحل لان اللبن يكون من طرق الفحل الناقة ، فأصل اللبن ماء الفحل ، وهذا ضعيف لان اللبن وإن نسب إلى الفحل فقد جمع البطون ، وليس فحل الانعام واحدا ، ولا للواحد بطون ، فإن قال أراد الجنس فقد ذكر ( مِنْ بَيْنِ ) في موضع نصب على الظرف ، ويجوز أن يكون حالا من ( ما ) أو من اللبن (سائغا) الجمهور على قراء‌ته على فاعل ويقرأ ( سيغا ) بياء مشددة وهو مثل سيد وميت وأصله من الواو.
  قوله تعالى ( وَمِنْ ثَمَرَاتِ ) الجار يتعلق بمحذوف تقديره : وخلق لكم ، أو وجعل (تتخذون) مستأنف ، وقيل هو صفة لمحذوف تقديره : شيئا تتخذون بالنصب : أى وإن من الثمرات شيئا ، وإن شئت شئ بالرفع بالابتداء ، ومن ثمرات خبره ، وقيل التقدير : وتتخذون من ثمرات النخيل سكرا ، وأعاد من لما قدم وأخر ، وذكر الضمير لانه عاد على شئ المحذوف ، أو على معنى الثمرات : وهو الثمر أو على النخل : أى من ثمر النخل ، أو على الجنس ، أو على البعض ، أو على المذكور كما تقدم في هاء بطونه.
  قوله تعالى ( أَنْ اتَّخِذِي ) أى اتخذى أو تكون مصدرية.
  قوله تعالى (ذللا) هو حال من السبل ، أو من الضمير في اسلكى ، والواحد ذلول ، ثم عاد من الخطاب إلى الغيبة فقال ( يخرج من بطونها ـ فيه شفاء ) يعود على الشراب ، وقيل على القرآن.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 84 _
  قوله تعالى ( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) شيئا منصوب بالمصدر على قول البصريين ، وبيعلم على قول الكوفيين.
  قوله تعالى ( فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ) الجملة من المبتدإ والخبر هنا واقعة موقع الفعل والفاعل ، والتقدير : فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ماملكت أيمانهم فيستووا ، وهذا الفعل منصوب على جواب النفى ، ويجوز أن يكون مرفوعا عطفا على موضع برادى : أى فما الذين فضلوا يردون فما يستوون.
  قوله تعالى ( رِزْقاً مِنْ السَّمَوَاتِ ) الرزق بكسر الراء اسم المرزوق ، وقيل هو اسم للمصدر ، والمصدر بفتح الراء (شيئا) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هو منصوب برزق لان اسم المصدر يعمل عمله : أى لا يملكون أن يرزقوا شيئا.
  والثانى هو بدل من رزق.
  والثالث هومنصوب نصب المصدر : أى لا يملكون رزقا ملكا ، وقد ذكرنا نظائره كقوله ( لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ).
  قوله تعالى (عبدا) هو بدل من مثل ، وقيل التقدير : مثلا مثل عبد ، و (من) في موضع نصب نكرة موصوفة ( سِرّاً وَجَهْراً ) مصدران في موضع الحال.
  قوله تعالى ( أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ ) يقرأ بكسر الجيم : أى يوجهه مولاه ، ويقرأ بفتح الجيم وسكون الهاء على مالم يسم فاعله ، ويقرأ بالتاء وفتح الجيم والهاء على لفظ الماضى.
  قوله تعالى ( أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ) هو ضمير للامر ، وأو قد ذكر حكمها في ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ ).
  قوله تعالى ( أمهاتكم ) يقرأ بضم الهمزة وفتح الميم وهو الاصل وبكسرهما ، فأما كسرة الهمزة فلعلة : وقيل أتبعت كسرة النون قبلها وكسرة الميم إتباعا لكسرة الهمزة ( لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ) الجملة حال من الضمير المنصوب في ( أخرجكم ).
  قوله تعالى ( أَلَمْ يَرَوْا ) يقرأ بالتاء لان قبله خطابا وبالياء على الرجوع إلى الغيبة ( مَا يُمْسِكُهُنَّ ) الجملة حال من الضمير في مسخرات أو من الطير ، ويجوز أن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً ) إنما أفرد لان المعنى ماتسكنون ( يَوْمَ ظَعْنِكُمْ ) يقرأ بسكون العين وفتحها وهما لغتان ، مثل النهر والنهر ، والظعن مصدر ظعن ( أثاثا ) معطوف على سكنا ، وقد فصل بينه وبين حرف العطف بالجار والمجرور وهو قوله تعالى ( وَمِنْ أَصْوَافِهَا ) وليس بفصل مستقبح كما زعم في الايضاح ، لان الجار والمجرور مفعول ، وتقديم مفعول على مفعول قياس.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 85 _
  قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ ) أى واذكر ، أو وخوفهم.
  قوله تعالى ( يعظكم ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في ينهى ، وأن يكون مستأنفا.
  قوله تعالى ( بَعْدَ تَوْكِيدِهَا ) المصدر مضاف إلى المفعول ، والفعل منه وكد ، ويقال أكد تأكيدا ، وقد (جعلتم) الجملة حال من الضمير في ( تنقضوا ) ، ويجوز أن يكون حالا من فاعل المصدر.
  قوله تعالى (أنكاثا) هو جمع نكث وهو بمعنى المنكوث : أى المنقوض وانتصب على الحال من غزلها ، ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا على المعنى ، لان معنى نقضت صيرت ، و (تتخذون) حال من الضمير في تكونوا أو من الضمير في حرف الجر ، لان التقدير : لا تكونوا مشبهين ( أَنْ تَكُونَ ) أى مخافة أن تكون (أمة) اسم كان أو فاعلها إن جعلت كان التامة ( هِيَ أَرْبَى ) جملة في موضع نصب خبر كان ، أو في موضع رفع على الصفة ، ولا يجوز أن تكون هى فصلا لان الاسم الاول نكرة ، والهاء في (به) تعود على الربو وهو الزيادة.
  قوله تعالى (فتزل) هو جواب النهى.
  قوله تعالى ( مِنْ ذَكَرٍ ) هو حال من الضمير في عمل.
  قوله تعالى ( فَإِذَا قَرَأْتَ ) المعنى فإذا أردت القراء‌ة ، وليس المعنى إذا فرغت من القراء‌ة.
  قوله تعالى ( إِنَّمَا سُلْطَانُهُ ) الهاء فيه تعود على الشيطان ، والهاء في (به) تعود عليه أيضا ، والمعنى الذين يشركون بسببه ، وقيل الهاء عائدة على الله عزوجل.
  قوله تعالى ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ) الجملة فاصلة بين إذا وجوابها ، فيجوز أن تكون حالا ، وأن لايكون لها موضع وهى مشددة.
  قوله تعالى ( وَهُدًى وَبُشْرَى ) كلاهما في موضع نصب على المفعول له ، وهو عطف على قوله ليثبت ، لان تقدير الاول لان يثبت ، ويجوز أن يكونا في موضع رفع خبر مبتدإ محذوف : أى وهو هدى ، والجملة حال من الهاء في نزله.
  قوله تعالى ( لِسَانُ الَّذِي ) القراء‌ة المشهورة إضافة لسان إلى الذى ، وخبره (أعجمى) وقرئ في الشاذ اللسان الذى بالالف واللام ، والذى نعت ، والوقف بكل حال على بشر.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 86 _
  قوله تعالى ( مَنْ كَفَرَ ) فيه وجهان : أحدهما هو بدل من قوله الكاذبون : أى وأولئك هم الكافرون ، وقيل هو بدل من أولئك ، وقيل هو بدل من الذين لا يؤمنون.
  والثانى هو مبتدأ ، والخبر ( فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ ).
  قوله تعالى ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ ) استثناء مقدم ، وقيل ليس بمقدم فهو كقول لبيد ( ألا كل شئ ماخلا الله باطل ) وقيل ( من ) شرط وجوابها محذوف دل عليه قوله ( فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ ) إلا من أكره استثناء متصل ، لان الكفر يطلق على القول والاعتقاد ، وقيل هو منقطع لان الكفر اعتقاد والاكراه على القول دون الاعتقاد (من شرح) مبتدأ (فعليهم) خبره.
  قوله تعالى ( إِنَّ رَبَّكَ ) خبر إن ( لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (1) وإن الثانية واسمها تكرير للتوكيد ، ومثله في هذه السورة ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ) وقيل ( لا ) خبر لان الاولى في اللفظ ، لان خبر الثانية أغنى عنه ( مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ) يقرأ على مالم يسم فاعله : أى فتنهم غيرهم بالكفر فأجابوا فإن الله عفا لهم عن ذلك : أى رخص لهم فيه ، ويقرأ بفتح الفاء والتاء : أى فتنوا أنفسهم أو فتنوا غيرهم ثم أسلموا.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَأْتِي ) يجوز أن يكون ظرفا لرحيم ، وأن يكون مفعولا به : أى اذكر.
  قوله تعالى (قرية) مثل قوله ( مَثَلاً عَبْداً ) (والخوف) بالجر عطفا على الجوع ، وبالنصب عطفا على لباس ، وقيل هو معطوف على موضع الجوع ، لان التقدير : أن ألبسهم الجوع والخوف.
  قوله تعالى ( أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ ) يقرأ بفتح الكاف والباء وكسر الذال ، وهو منصوب بتصف و ( ما ) مصدرية ، وقيل هى بمعنى الذى ، والعائد محذوف ، والكذب بدل منه ، وقيل هو منصوب بإضمار أعنى ، ويقرأ بضم الكاف والذال وفتح الياء وهو جمع كذاب بالتخفيف ، مثل كتاب وكتب ، وهو مصدر ، وهى في معنى القراء‌ة الاولى ، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الباء على النعت للالسنة ، وهو جمع كاذب أو كذوب ، ويقرأ بفتح الكاف وكسر الذال ، والباء على البدل من ( ما ) سواء جعلتها مصدرية أو بمعنى الذى.

--------------------
(1) ( قوله خبر إن لغفور إلخ ) المراد بها إن الاولى في قوله تعالى ( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ ) إلخ وعليه فللذين متعلق بالخبر كما في السفاقسى ، وعند الزمخشرى للذين خبر إن الاولى اه‍ مصححه . (*)

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 87 _
  قوله تعالى ( مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) أى بقاؤهم متاع ونحو ذلك.
  قوله تعالى (اجتباه) يجوز أن يكون حالا ، وقد معه مرادة ، وأن يكون خبرا ثانيا لان ، وأن يكون مستأنفا (لانعمه) يجوز أن تتعلق اللام بشاكر ، وأن تتعلق باجتباه.
  قوله تعالى ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ) الجمهور على الالف والتخفيف فيهما ، ويقرأ بالتشديد من غير ألف فيهما : أى تتبعتم ( بِمِثْلِ مَا ) الباء زائدة ، وقيل ليست زائدة ، والتقدير : بسبب مماثل لما عوقبتم ( لَهُوَ خَيْرٌ ) الضمير للصبر أو للعفو ، وقد دل على المصدرين الكلام المتقدم.
  قوله تعالى ( إِلاَّ بِاللَّهِ ) أى بعون الله أو بتوفيقه (عليهم) أى على كفرهم ، وقيل الضمير يرجع على الشهداء : أى لاتحزن عليهم فقد فازوا ( فِي ضَيْقٍ ) يقرأ بفتح الضاد وفيه وجهان : أحدهما هو مصدر ضاق مثل سار سيرا.
  والثانى هو مخفف من الضيق : أى في أمر ضيق ، مثل سيد وميت ( مِمَّا يَمْكُرُونَ ) أى من أجل مايمكرون ، ويقرأ بكسر الضاد ، وهى لغة في المصدر ، والله أعلم.

سورة الاسراء
بسم اللّه الرحمن الرحيم

  قد تقدم الكلام على (سبحان) في قصة آدم عليه السلام في البقرة ، و (ليلا) ظرف لاسرى ، وتنكيره يدل على قصر الوقت الذى كان الاسراء والرجوع فيه (حوله) ظرف لباركنا ، وقيل مفعول به : أى طيبنا أو نمينا (لنريه) بالنون لان قبله إخبارا عن المتكلم ، وبالياء لان أول السورة على الغيبة ، وكذلك خاتمة الآية ، وقد بدأ في الآية بالغيبة وختم بها ثم رجع في وسطها إلى الاخبار عن النفس فقال : باركنا ومن آياتنا ، والهاء في (أنه) لله تعالى ، وقيل للنبى صلى الله عليه وسلم : أى إنه السميع لكلامنا البصير لذاتنا.
  قوله تعالى ( أَنْ يَتَّخِذُوا ) يقرأ بالياء على الغيبة ، والتقدير : جعلناه هدى لئلا يتخذوا ، أو آتينا موسى الكتاب لئلا يتخذوا ، ويقرأ بالتاء على الخطاب.
  وفيه ثلاثة أوجه : أحدها أن ( أن ) بمعنى أى ، وهى مفسرة لما تضمنه الكتاب من الامر والنهى.
  والثانى أن ( أن ) زائدة : أى قلنا لا تتخذوا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 88 _
  والثالث أن ( لا ) زائدة ، والتقدير : مخافة أن تتخذوا ، وقد رجع في هذا من الغيبة إلى الخطاب ، وتتخذوا هنا يتعدى إلى مفعولين : أحدهما (وكيلا) وفي الثانى وجهان : أحدهما (ذرية) والتقدير : لا تتخذوا ذرية من حملنا وكيلا : أى ربا أو مفوضا إليه ، ومن دونى يجوز أن يكون حالا من وكيل أو معمولا له أو متعلقا بتتخذوا.
  والوجه الثانى المفعول الثانى من دونى ، وفي ذرية على ثلاثة أوجه : أحدها هو منادى.
  والثانى هو منصوب بإضمار أعنى.
  والثالث هو بدل من وكيل ، أو بدل من موسى عليه السلام ، وقرئ ، شاذا بالرفع على تقدير هو ذرية ، أو على البدل من الضمير في يتخذوا على القراء‌ة بالياء لانهم غيب ، و (من) بمعنى الذى أونكرة موصوفة.
  قوله تعالى (لتفسدن) يقرأ بضم التاء وكسر السين من أفسد ، والمفعول محذوف أى الاديان أو الخلق ، ويقرأ بضم التاء وفتح السين : أى يفسدكم غيركم ، ويقرأ بفتح التاء وضم السين ، أى تفسد أموركم (مرتين) مصدر ، والعامل فيه من غير لفظه ( وَعْدُ أُولاهُمَا ) أى موعود أولى المرتين : أى ماوعدوا به في المرة الاولى ( عِبَاداً لَنَا ) بالالف وهو المشهور ، ويقرأ عبيدا وهو جمع قليل ، ولم يأت منه إلا ألفاظ يسيرة (فجاسوا) بالجيم ، ويقرأ بالحاء والمعنى واحد ، و (خلال) ظرف له ، ويقرأ خلل الديار بغير ألف ، قيل هو واحد ، والجمع خلال مثل جبل وجبال (وكان) اسم كان ضمير المصدر : أى وكان الجوس.
  قوله تعالى (الكرة) هى مصدر في الاصل يقال كركرا وكرة ، و (عليهم) يتعلق برددنا ، وقيل بالكرة لانه يقال كر عليه ، وقيل هو حال من الكرة (نفيرا) تمييز ، وهو فعيل بمعنى فاعل : أى من ينفر معكم وهو اسم للجماعة ، وقيل هو جمع نفر مثل عبد وعبيد.
  قوله تعالى ( وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) قيل اللام بمعنى على ، كقوله ( وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ) وقيل هى على بابها وهو الصحيح ، لان اللام للاختصاص ، والعامل مختص بجزاء عمله حسنة وسيئة ( وَعْدُ الآخِرَةِ ) أى الكرة الآخرة ( ليسوء‌وا ) بالياء وضمير الجماعة : أى ليسوء العباد أو النفير ، ويقرأ كذلك إلا أنه بغير واو : أى ليسوء البعث أو المبعوث : أو الله ، ويقرأ بالنون كذلك ، ويقرأ بضم الياء وكسر السين وياء بعدها وفتح الهمزة : أى ليقبح وجوهكم ( مَا عَلَوْا ) منصوب بيتبروا : أى وليهلكوا علوهم وماعلوه ، ويجوز أن يكون ظرفا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 89 _
  قوله تعالى (حصيرا) أى حاصرا ، ولم يؤنثه لان فعيلا هنا بمعنى فاعل ، وقيل التذكير على معنى الجنس ، وقيل ذكر لان تأنيث جهنم غير حقيقى.
  قوله تعالى ( أَنَّ لَهُمْ ) أى بأن لهم ( وَإِنَّ الَّذِينَ ) معطوف عليه : أى يبشر المؤمنين بالامرين.
  قوله تعالى (دعاء‌ه) أى يدعو بالشر دعاء مثل دعائه بالخير ، والمصدر مضاف إلى الفاعل ، والتقدير : يطلب الشر ، فالباء للحال ، ويجوز أن تكون بمعنى السبب.
  قوله تعالى (آيتين) قيل التقدير : ذوى آيتين ، ودل على ذلك قوله : ( آية الليل ، وآية النهار ) وقيل لا حذف فيه ، فالليل والنهار علامتان ولهما دلالة على شئ آخر ، فلذلك أضاف في موضع ووصف في موضع.
  قوله تعالى ( وَكُلُّ شَيْءٍ ) منصوب بفعل محذوف لانه معطوف على اسم قد عمل فيه الفعل ، ولولا ذلك لكان الاولى رفعه ، ومثله ( وَكُلَّ إِنسَانٍ ).
  قوله تعالى (ونخرج) يقرأ بضم النون ، ويقرأ بياء مضمومة وبياء مفتوحة وراء مضمومة ، و (كتابا) حال على هذا : أى ونخرج طائره أو عمله مكتوبا ، و (يلقاه) صفة للكتاب ، و (منشورا) حال من الضمير المنصوب ، ويجوز أن يكون نعتا للكتاب.
  قوله تعالى (اقرأ) أى يقال.
  قوله تعالى (أمرنا) يقرأ بالقصر والتخفيف : أى أمرناهم بالطاعة ، وقيل كثرنا نعمهم ، وهو في معنى القراء‌ة بالمد ، ويقرأ بالتشديد والقصر : أى وجعلناهم أمراء ، وقيل هو بمعنى الممدودة ، لانه تارة يعدى بالهمزة وتارة بالتضعيف ، واللازم منه أمر القوم : أى كثروا ، وأمرنا جواب إذا ، وقيل الجملة نصب نعتا لقرية ، والجواب محذوف.
  قوله تعالى ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا ) ( كم ) هنا خبر في موضع نصب بأهلكنا ( مِنْ الْقُرُونِ ) وقد ذكر نظيره في قوله ( كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ ).
  قوله تعالى ( مَنْ كَانَ ) من مبتدأ ، وهى شرط ، و (عجلنا) جوابه ( لِمَنْ نُرِيدُ ) هو بدل من له بإعادة الجار (يصلاها) حال من جهنم أو من الهاء في له ، و (مذموما) حال من الفاعل في يصلى.
  قوله تعالى (سعيها) يجوز أن يكون مفعولا به ، لان المعنى عمل عملها ، ولها من أجلها ، وأن يكون مصدرا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 90 _
  قوله تعالى (كلا) هو منصوب (بنمد) والتقدير كل فريق ، و ( هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ ) بدل من كل ، و (من) متعلقة بنمد.
  والعطاء اسم للمعطى.
  قوله تعالى (كيف) منصوب ب‍ (فضلنا) على الحال أو على الظرف.
  قوله تعالى ( أَلاَّ تَعْبُدُوا ) يجوز أن يكون ( أن ) بمعنى أى ، وهى مفسرة لمعنى قضى ، ولانهى ، ويجوز أن يكون في موضع نصب : أى ألزم ربك عبادته ولا زائدة ، ويجوز أن يكون قضى بمعنى أمر ، ويكون التقدير : بأن لاتعبدوا.
  قوله تعالى ( وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ) قد ذكر في البقرة ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ ) إن شرطية ، وما زائدة للتوكيد ، ويبلغن هو فعل الشرط والجزاء فلا تقل ، ويقرأ ( يبلغان ) والالف فاعل و ( أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا ) بدل منه.
  وقال أبوعلي : هو توكيد ، ويجوز أن يكون أحدهما مرفوعا بفعل محذوف : أى إن بلغ أحدهما أو كلاهما ، وفائدته التوكيد أيضا ، ويجوز أن تكون الالف حرفا للتثنية والفاعل أحدهما (أف) اسم للفعل ومعناه التضجر والكراهة ، والمعنى : لاتقل لهما كفا أو اتركا ، وقيل هو اسم للجملة الخبرية : أى كرهت أو ضجرت من مداراتكما ، فمن كسر بناه على الاصل ، ومن فتح طلب التخفيف مثل رب ، ومن ضم أتبع ، ومن نون أراد التنكير ، ومن لم ينون أراد التعريف ، ومن خفف الفاء حذف أحد المثلين تخفيفا.
  قوله تعالى ( جَنَاحَ الذُّلِّ ) بالضم وهو ضد العز ، وبالكسر وهو الانقياد ضد الصعوبة ( مِنْ الرَّحْمَةِ ) أى من أجل رفقك بهما ، فمن متعلقة باخفض ، ويجوز أن تكون حالا من جناح (كما) نعت لمصدر محذوف : أى رحمة مثل رحمتهما.
  قوله تعالى ( ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ ) مفعول له ، أو مصدر في موضع الحال (ترجوها) يجوز أن يكون وصفا للرحمة ، وأن يكون حالا من الفاعل ، ومن ربك يتعلق بترجوها ويجوز أن يكون صفة لرحمة.
  قوله تعالى ( كُلَّ الْبَسْطِ ) منصوبة على المصدر لانها مضافة إليه.
  قوله تعالى (خطأ) يقرأ بكسر الخاء وسكون الطاء والهمز وهو مصدر خطئ مثل علم علما ، وبكسر الخاء وفتح الطاء من غير همز.
  وفيه ثلاثة أوجه : أحدها مصدر مثل شبع شبعا ، إلا أنه أبدل الهمزة ألفا في المصدر وياء في الفعل لانكسار ما قبلها.
  والثانى أن يكون ألقى حركة الهمزة على الطاء فانفتحت وحذف الهمزة.
  والثالث أن يكون خفف الهمزة بأن قلبها ألفا على غير القياس فانفتحت الطاء ، ويقرأ كذلك إلا أنه بالهمز مثل عنب ، ويقرأ بالفتح والهمز مثل نصب وهو كثير ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 91 _
  ويقرأ بالكسر والمد مثل قام قياما (الزنا) الاكثر القصر والمد لغة ، وقد قرئ به ، وقيل هو مصدر زانى ، مثل قاتل قتالا لانه يقع من اثنين.
  قوله تعالى ( فَلا يُسْرِفْ ) الجمهور على التسكين لانه نهى ، وقرئ بضم الفاء على الخبر ومعناه النهى ، ويقرأ بالياء والفاعل ضمير الولى ، وبالتاء : أى لاتسرف أيها المقتص ، أو المبتدئ بالقتل.
  أى لاتسرف بتعاطى القتل ، وقيل التقدير يقال له لاتسرف (إنه) في الهاء ستة أوجه :
  أحدها هى راجعة إلى الولى.
  والثانى إلى المقتول.
  والثالث إلى الدم.
  والرابع إلى القتل.
  والخامس إلى الحق.
  والسادس إلى القاتل : أى إذا قتل سقط عنه عقاب القتل في الآخرة.
  قوله تعالى ( إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً ) فيه وجهان : أحدهما تقديره : إن ذا العهد : أى كان مسئولا عن الوفاء بعده.
  والثانى أن الضمير راجع إلى العهد ، ونسب السؤال إليه مجازا كقوله تعالى ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ).
  قوله تعالى (بالقسطاس) يقرأ بضم القاف وكسرها وهما لغتان ، و (تأويلا) بمعنى مآلا : قوله تعالى ( وَلا تَقْفُ ) الماضى منه قفا إذا تتبع ، ويقرأ بضم القاف وإسكان الفاء مثل تقم ، وماضيه قاف يقوف إذا تتبع أيضا (كل) مبتدأ ، و (أولئك) إشارة إلى السمع والبصر والفؤاد ، وأشير إليها بأولئك ، وهى في الاكثر لمن يعقل لانه جمع ذا ، وذا لمن يعقل ولما لا يعقل ، وجاء في الشعر : ( بعد أولئك الايام ) فكان وماعملت فيه الخبر واسم كان يرجع إلى كل ، والهاء في عنه ترجع إلى كل أيضا الضمير في مسئول لكل أيضا ، والمعنى : أى السمع يسأل عن نفسه على المجاز ، ويجوز أن يكون الضمير في كان لصاحب هذه الجوارح لدلالتها عليه.
  وقال الزمخشرى يكون عنه في موضع رفع بمسئول كقوله ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) وهذا غلط لان الجار والمجرور يقام مقام الفاعل إذا تقدم الفعل ، أو ما يقوم مقامه ، وأما إذاتأخر فلا يصح ذلك فيه لان الاسم إذا تقدم على الفعل صار مبتدأ ، وحرف الجر إذا كان لازما لايكون مبتدأ ، ونظيره قولك بزيد انطلق ، ويدلك على ذلك أنك لو ثنيت لم تقل بالزيدين انطلقا ، ولكن تصحيح المسألة أن تجعل الضمير في مسئول للمصدر ، فيكون عنه في موضع نصب كما تقدر في قولك بزيد انطلق.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 92 _
  قوله تعالى (مرحا) بكسر الراء حال ، وبفتحها مصدر في موضع الحال ومفعول له (تخرق) بكسر الراء وضمها لغتان (طولا) مصدر في موضع الحال من الفاعل أو المفعول ، ويجوز أن يكون تمييزا ومفعولا له ومصدرا من معنى تبلغ.
  قوله تعالى (سيئه) يقرأ بالتأنيث والنصب : أى كل ماذكر من المناهى ، وذكر (مكروها) على لفظ كل ، أو لان التأنيث غير حقيقى ، ويقرأ بالرفع والاضافة : أى سيئ ماذكر.
  قوله تعالى ( مِنْ الْحِكْمَةِ ) يجوز أن يكون متعلقا بأوحى ، وأن يكون حالا من العائد المحذوف ، وأن يكون بدلا من ما أوحى.
  قوله تعالى (أصفاكم) الالف مبدلة من واو لانه من الصفوة (إناثا) مفعول أول لاتخذ ، والثانى محذوف : أى أولادا ، ويجوز أن يكون اتخذ متعديا إلى واحد مثل ( قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً ) ومن الملائكة يجوز أن يكون حالا وأن يتعلق باتخذ.
  قوله تعالى ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ) المفعول محذوف تقديره صرفنا المواعظ ونحوها.
  قوله تعالى ( كَمَا يَقُولُونَ ) الكاف في موضع نصب : أى كونا كقولهم.
  قوله تعالى (علوا) في موضع تعاليا ، لانه مصدر قوله تعالى ، ويجوز أن يقع مصدر موقع آخر من معناه.
  قوله تعالى (مستورا) أى محجوبا بحجاب آخر فوقه ، وقيل هو مستور بمعنى ساتر.
  قوله تعالى ( أَنْ يَفْقَهُوهُ ) أى مخافة أن يفقهوه أو كراهة (نفورا) جمع نافر ، ويجوز أن يكون مصدرا كالعقود ، فإن شئت جعلته حالا ، وإن شئت جعلته مسدرا لولوا لانه بمعنى نفروا.
  قوله تعالى ( يَسْتَمِعُونَ بِهِ ) قيل الباء بمعنى اللام ، وقيل هى على بابها : أى يستمعون بقلوبهم أم بظاهر أسماعهم و (إذ) ظرف ليستمعون الاولى.
  والنجوى مصدر : أى ذو نجوى ، ويجوز أن يكون جمع نجى كقتيل وقتلى ( إِذْ يَقُولُ ) بدل من ( إذ ) الاولى وقيل التقدير : اذكر إذ يقول ، والتاء في الرفات أصل ، والعامل في ( إذ ) مادل عليه مبعوثون لا نفس مبعوثون ، لان مابعد أن لا يعمل فيما قبلها ، و (خلقا) حال وهو بمعنى مخلوق ، ويجوز أن يكون مصدرا : أى بعثنا بعثا جديدا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 93 _
  قوله تعالى ( قُلْ الَّذِي فَطَرَكُمْ ) أى يعيدكم الذى فطركم ، وهو كناية عن الاحياء ، وقد دل عليه يعيدكم ، و (يكون) في موضع نصب بعسى ، واسمها مضمر فيها ، ويجوز أن يكون في موضع رفع بعسى ولا ضمير فيها.
  قوله تعالى ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) هو ظرف ليكون ، ولا يجوز أن يكون ظرفا لاسم كان ، وإن كان ضمير المصدر لان الضمير لا يعمل ، ويجوز أن يكون ظرفا للبعث ، وقدل دل عليه معنى الكلام ، ويجوز أن يكون التقدير اذكر يوم يدعوكم (بحمده) في موضع الحال : أى فتستجيبون حامدين ، ويجوز أن تتعلق الباء بيدعوكم (وتظنون) أى وأنتم تظنون فالجملة حال.
  قوله تعالى (يقولوا) قد ذكر في إبراهيم (ينزع) يقرأ بفتح الزاى وكسرها وهما لغتان.
  قوله تعالى (زبورا) يقرأ بالفتح والضم ، وقد ذكر في النساء وفيه وجهان : أحدهما أنه علم ، يقال زبور والزبور كما يقال عباس والعباس ، والثانى هو نكرة : أى كتابا من جملة الكتب.
  قوله تعالى (أيهم) مبتدأ و (أقرب) خبره ، وهو استفهام ، والجملة في موضع نصب بيدعون ، ويجوز أن يكون أيهم بمعنى الذى ، وهو بدل من الضمير في يدعون ، والتقدير : الذى هو أقرب ، وفيها كلام طويل يذكر في مريم.
  قوله تعالى ( أَنْ نُرْسِلَ ) أى من أن نرسل فهى في موضع نصب أو جر على الخلاف بين الخليل وسيبويه ، وقد ذكرت نظائره ( أَنْ كَذَّبَ ) في موضع رفع فاعل ( منعنا ) وفيه حذف مضاف تقديره : إلا إهلاك التكذيب ، وكانت عادة الله إهلاك من كذب بالآيات الظاهرة ، ولم يرد إهلاك مشركى قريش لعلمه بإيمان بعضهم وإيمان من يولد منهم (مبصرة) أى ذات إبصار : أى يستبصر بها ، وقيل مبصرة دالة كما يقال للدليل مرشد ، ويقرأ بفتح الميم والصاد : أى تبصرة (تخويفا) مفعول له أو مصدر في موضع الحال.
  قوله تعالى ( وَإِذْ قُلْنَا ) أى اذكر (والشجرة) معطوف على الرؤيا والتقدير : وماجعلنا الشجرة إلا فتنة ، وقرئ شاذا بالرفع ، والخبر محذوف : أى فتنة ، ويجوز أن يكون الخبر ( فِي الْقُرْآنِ ).
  قوله تعالى (طينا) هو حال من ( من ) أو من العائد المحذوف ، فعلى الاول يكون العامل فيه اسجد ، وعلى الثانى خلقت ، وقيل التقدير : من طين ، فلما حذف الحرف نصب.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 94 _
  قوله تعالى (هذا) هو منصوب بأرأيت ، و (الذى) نعت له ، والمفعول الثانى محذوف تقديره : تفضيله أو تكريمه ، وقد ذكر الكلام في أرأيتك في الانعام.
  قوله تعالى (جزاء) مصدر : أى تجزون جزاء ، وقيل هو حال موطئة ، وقيل هو تمييز ( مَنْ اسْتَطَعْتُ ) ( من ) استفهام في موضع نصب باستطعت : أى من استطعت منهم استفزازه ، ويجوز أن تكون بمعنى الذى (ورجلك) يقرأ بسكون الجيم ، وهم الرجالة ، ويقرأ بكسرها وهو فعل من رجل يرجل إذا صار راجلا ، ويقرأ ( ورجالك ) أى بفرسانك ورجالك ( وَمَا يَعِدُهُمْ ) رجوع من الخطاب إلى الغيبة.
  قوله تعالى (ربكم) مبتدأ ، و (الذى) وصلته الخبر ، وقيل هو صفة لقوله ( الَّذِي فَطَرَكُمْ ) أو بدل منه ، وذلك جائز وإن تباعد مابينهما.
  قوله تعالى ( إِلاَّ إِيَّاهُ ) استثناء منقطع ، وقيل هو متصل خارج على أصل الباب.
  قوله تعالى ( أَنْ يَخْسِفَ ) يقرأ بالنون والياء ، وكذلك نرسل ونعيدكم ونغرقكم (بكم) حال من ( جَانِبَ الْبَرِّ ) أى نخسف جانب البر وأنتم ، وقيل الباء متعلقة بنخسف : أى بسببكم.
  قوله تعالى ( بِهِ تَبِيعاً ) يجوز أن تتعلق الباء بتبيع وبتجدوا ، وأن تكون حالا من تبيع.
  قوله تعالى ( يَوْمَ نَدْعُو ) فيه أوجه :
  أحدها هو ظرف لما دل عليه قوله ( وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) تقديره : لايظلمون يوم ندعو.
  والثانى أنه ظرف لما دل عليه قوله متى هو.
  والثالث هو ظرف لقوله فتستجيبون.
  والرابع هو بدل من يدعوكم.
  والخامس هو مفعول : أى اذكروا يوم ندعو ، وقرأ الحسن بياء مضمومة وواو بعد العين ورفع كل.
  وفيه وجهان : أحدهما أنه أراد يدعى ففخم الالف فقلبها واوا ، والثانى أنه أراد يدعون وحذف النون ، وكل بدل من الضمير ( بِإِمَامِهِمْ ) فيه وجهان : أحدهما هو متعلق بندعو : أى نقول يا أتباع موسى ويا أتباع محمد عليهما الصلاة والسلام : أو يا أهل الكتاب يا أهل القرآن ، والثانى هى حال تقديره : مختلطين بنبيهم أو مؤاخذين.
  قوله تعالى (أعمى) الاولى بمعنى فاعل ، وفي الثانية وجهان : أحدهما كذلك : أى من كان في الدنيا عميا عن حجته فهو في الآخرة كذلك ، والثانى هى أفعل التى

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 95 _
  تقتضى من ، ولذلك قال (وأضل) وأمال أبوعمرو الاولى دون الثانية لانه رأى أن الثانية تقتضى من ، فكأن الالف وسط الكلمة تمثل أعمالهم.
  قوله تعالى (تركن) بفتح الكاف وماضيه بكسرها ، وقال بعضهم : هى مفتوحة في الماضى والمستقبل ، وذلك من تداخل اللغتين إن من العرب من يقول : ركن يركن ، ومنهم من يقول : ركن يركن فيفتح الماضى ويضم المستقبل ، فسمع من لغته فتح الماضى فتح المستقبل ممن هو لغته ، أو بالعكس فجمع بينهما ، وإنما دعا قائل هذا إلى اعتقاده أنه لم يجئ منهم فعل يفعل بفتح العين فيهما في غير حروف الحلق إلا أبى يأبى ، وقد قرئ بضم الكاف.
  قوله تعالى ( لا يَلْبَثُونَ ) المشهور بفتح الياء والتخفيف ؟؟ وإثبات النون على إلغاء إذن ، لان الواو العاطفة تصير الجملة مختلفة بما قبلها ، فيكون إذن حشوا ، ويقرأ بضم الياء والتشديد على مالم يسم فاعله ، وفى بعض المصاحف بغير نون على إعمال إذن ، ولايكترث بالواو فإنها قد تأتى مستأنفة (خلافك) وخلافك لغتان بمعنى ، وقد قرئ بهما ( إِلاَّ قَلِيلاً ) أى زمنا قليلا.
  قوله تعالى ( سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا ) هو منصوب على المصدر : أى سننا بك سنة من تقدم من الانبياء صلوات الله عليهم ، ويجوز أن تكون مفعولا به : أى اتبع سنة من قد أرسلنا ، كما قال تعالى ( فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ ).
  قوله تعالى ( إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ ) حال من الصلاة : أى ممدودة ، ويجوز أن تتعلق بأقم فهى لانتهاء غاية الاقامة ( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ) فيه وجهان : أحدهما هو معطوف على الصلاة : أى وأقم صلاة الفجر.
  والثانى هو على الاغراء : أى عليك قرآن الفجر أو الزم.
  قوله تعالى ( نَافِلَةً لَكَ ) فيه وجهان : أحدهما هو مصدر بمعنى تهجد : أى تنفل نفلا ، وفاعله هنا مصدر كالعافية.
  والثانى هو حال : أى صلاة نافلة (مقاما) فيه وجهان : أحدهما هو حال تقديره : ذا مقام ، الثانى أن يكون مصدرا تقديره : أن يبعثك فتقوم.
  قوله تعالى ( مِنْ الْقُرْآنِ ) من لبيان الجنس : أى كله هدى من الضلال ، وقيل هى للتبعيض : أى منه مايشفى من المرض ، وأجاز الكسائى (ورحمة) بالنصب عطفا على ( ما ).

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 96 _
  قوله تعالى (ونأى) يقرأ بألف بعد الهمزة : أى بعد عن الطاعة ، ويقرأ بهمزة بعد الالف ، وفيه وجهان : أحدهما هو مقلوب نأى ، والثانى هو بمعنى نهض : أى ارتفع عن قبول الطاعة ، أو نهض المعصية والكبر.
  قوله تعالى ( أَهْدَى سَبِيلاً ) يجوز أن يكون أفعل من هدى غيره ، وأن يكون من اهتدى ، على حذف الزوائد ، أو من هدى بمعنى اهتدى فيكون لازما.
  قوله تعالى ( مِنْ الْعِلْمِ ) متعلق بأوتيتم ، ولا يكون حالا من قليل ، لان فيه تقديم المعمول على ( إلا ).
  قوله تعالى ( إِلاَّ رَحْمَةً ) هو مفعول له ، والتقدير : حفظناه عليك للرحمة ، ويجوز أن يكون مصدرا تقديره : لكن رحمناك رحمة.
  قوله تعالى ( لا يَأْتُونَ ) ليس بجواب الشرط ، لكن جواب قسم محذوف دل عليه اللام الموطئة في قوله ( لَئِنْ اجْتَمَعَتْ ) وقيل هو جواب الشرط ، ولم يجزمه لان فعل الشرط ماض.
  قوله تعالى ( حَتَّى تَفْجُرَ ) يقرأ بالتشديد على التكثير ، وبفتح التاء وضم الجيم والتخفيف ، والياء في ينبوع زائدة لانه من نبع ، فهو مثل يغبوب من غب.
  قوله تعالى (كسفا) يقرأ بفتح السين ، وهو جمع كسفة مثل قربة وقرب ، وبسكونها.
  وفيه وجهان : أحدهما هو مخفف من المفتوحة ، أو مثل سدرة وسدر.
  والثانى هو واحد على فعل بمعنى مفعول ، وانتصابه على الحال من السماء ، ولم يؤنثه لان تأنيث السماء غيرحقيقى ، أو لان السماء بمعنى السقف ، والكاف في ( كما ) صفة لمصدر محذوف : أى إسقاطا مثل مزعومك ، و (قبيلا) حال من الملائكة ، أو من الله والملائكة (نقرؤه) صفة لكتاب أو حال من المجرور (قل) على الامر ، وقال على الحكاية عنه.
  قوله تعالى ( أَنْ يُؤْمِنُوا ) مفعول منع ، و ( أَنْ قَالُوا ) فاعله.
  قوله تعالى (يمشون) صفة للملائكة ، و (مطمئنين) حال من ضمير الفاعل.
  قوله تعالى ( عَلَى وَجُوهِهِمْ ) حال (وعميا) حال أخرى ، إما بدل من الاولى وإما حال من الضمير في الجار ( مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حالا مقدرة ( كُلَّمَا خَبَتْ ) الجملة إلى آخر الآية حال من جهنم ، والعامل فيها معنى المأوى ، ويجوز أن تكون مستأنفة.
  قوله تعالى (ذلك) مبتدأ ، و (جزاؤهم) خبره ، و (بأنهم) يتعلق

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 97 _
  بجزاء ، وقيل ذلك خبر مبتدأ محذوف : أى الامر ذلك ، وجزاؤهم مبتدأ ، وبأنهم الخبر ، ويجوز أن يكون جزاؤهم بدلا أو بيانا ، وبأنهم خبر ذلك.
  قوله تعالى ( لَوْ أَنتُمْ ) في موضع رفع بأنه فاعل لفعل محذوف وليس بمبتدأ ، لان ( لو ) تقتضى الفعل كما تقتضيه إن الشرطية ، والتقدير : لو تملكون ، فلما حذف الفعل صار الضمير المتصل منفصلا ، و (تملكون) الظاهرة تفسير للمحذوف (لامسكتم) مفعوله محذوف : أى أمسكتم الاموال ، وقيل هو لازم بمعنى بخلتم (خشية) مقول له أو مصدر في موضع الحال.
  قوله تعالى (بينات) صفة لآيات أو لتسع ( إِذْ جَاءَهُمْ ) فيه وجهان : أحدهما هو مفعول به باسأل على المعنى ، لان المعنى : اذكر لبنى إسرائيل إذ جاء‌هم ، وقيل التقدير : اذكر إذ جاء‌هم ، وهى غير ما قدرت به اسأل ، والثانى هو ظرف ، وفي العامل فيه أوجه : أحدها آتينا ، والثانى قلنا مضمرة أى فقلنا له سل ، والثالث قل.
  تقديره : قل لخصمك سل بنى ، والمراد به فرعون : أى قل ياموسى ، وكان الوجه أن يقول : أذ جئتهم ، فرجع من الخطاب إلى الغيبة.
  قوله تعالى ( لَقَدْ عَلِمْتَ ) بالفتح على الخطاب أى علمت ذلك ، ولكنك عاندت ، وبالضم : أى أنا غير شاك فيما جئت به (بصائر) حال من هؤلاء ، وجاء‌ت بعد إلا ، وهى حال مما قبلها لما ذكرنا في هود عند قوله ( وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ ).
  قوله تعالى (لفيفا) حال بمعنى جميعا ، وقيل هو مصدر كالنذير والنكير : أى مجتمعين.
  قوله تعالى ( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ ) أى وبسبب إقامة الحق ، فتكون الباء متعلقة بأنزلنا ، ويجوز أن يكون حالا : أى أنزلناه ومعه الحق أو فيه الحق ، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل ، أى أنزلناه ومعنا الحق ( وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ) فيه الوجهان الاولان دون الثالث ، لانه ليس فيه ضمير لغير القرآن.
  قوله تعالى (وقرآنا) أى وآتيناك قرآنا ، دل على ذلك ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) أو أرسلناك ، فعلى هذا (فرقناه) في موضع نصب على الوصف ، ويجوز أن يكون التقدير : وفرقنا قرآنا ، وفرقناه تفسير لاموضع له ، وفرقناه ، أى في أزمنة ، وبالتخفيف أى شرحناه ( عَلَى مُكْثٍ ) في موضع الحال : أى متمكثا ، والمكث بالضم والفتح لغتان وقد قرئ بهما ، وفيه لغة أخرى كسر الميم.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 98 _
  قوله تعالى (للاذقان) فيه ثلاثة أوجه : أحدها هى حال تقديره : ساجدين للاذقان.
  والثانى هى متعلقة بيخرون ، واللام على بابها : أى مذلون للاذقان.
  والثالث هى بمعنى على ، فعلى هذا يجوز أن يكون حالا من (يبكون) ويبكون حال وفاعل (يزيدهم) القرآن أو المتلو أو البكاء أو السجود.
  قوله تعالى (أياما) أيا منصوب ب‍ (تدعوا) وتدعوا مجزوم بأيا ، وهى شرط ، فأما ( ما ) فزائدة للتوكيد ، وقيل هى شرطية كررت لما اختلف اللفظان.
  قوله تعالى ( مِنْ الذُّلِّ ) أى من أجل الذل.

سورة الكهف
بسم الله الرحمن الرحيم

  قوله تعالى (قيما) فيه وجهان : أحدهما هو حال من الكتاب ، وهو مؤخر عن موضعه : أي أنزل الكتاب قيما قالوا وفيه ضعف لأنه يلزم منه التفريق بعض الصلة وبعض ، لأن قوله تعالى (ولم) معطوف على أنزل ، وقيل قيما حال ، ولم يجعل حال أخرى.
  الوجه الثاني أن قيما منصوب بفعل محذوف تقديره : جعله قيما ، فهو حال أيضا ، وقيل هو حال أيضا من الهاء في ولم يجعل له ، والحال مؤكدة ، وقيل منتقلة.
  وله تعالى (لينذر) أي لينذر العباد ، أو لينذركم ( مِنْ لَدُنْهُ ) يقرأ بفتح اللام وضم الدال وسكون النون وهى لغة ، ويقرأ بفتح اللام وضم الدال وكسر النون ، ومنهم من يختلس ضمة الدال ، ومنهم من يختلس كسرة النون.
  قوله تعالى (ماكثين) حال من المجرور في لهم ، والعامل فيها الاستقرار ، وقيل هو صفة لأجر ، والعائد الهاء في فيه.
  قوله تعالى (كبرت) الجمهور على ضم الباء وقد أسكنت تخفيفا ، و (كلمة) تمييز ، والفاعل مضمر : أي كبرت مقالتهم ، وفي (تخرج) وجهان : أحدهما هو في موضع نصب صفة لكلمة.
  والثانى في موضع رفع تقديره : كلمة كلمة تخرج ، لأن كبر بمعنى بئس.
  فالمحذوف هو المخصوص بالذم ، و (كذبا) مفعول يقولون أو صفة لمصدر محذوف : أي قولا كذبا ، و (أسفا) مصدر في موضع الحال من الضمير في باخع ، وقيل هو مفعول له ، والجمهور على أن لم بالكسر على الشرط ، ويقرأ بالفتح أي لأن لا يؤمنوا.

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 99 _
  قوله تعالى (زينة) مفعول ثان على أن جعل بمعنى صير ، أو مفعول له أو حال على أن جعل بمعنى خلق.
  قوله تعالى ( أَمْ حَسِبْتَ ) تقديره : بل أحسبت (والرقيم) بمعنى المرقوم على قول من جعله كتابا ، و (عجبا) خبر كان.
  و ( مِنْ آيَاتِنَا ) حال منه ، ويجوز أن يكون خبرين ، ويجوز أن يكون عجبا حالا من الضمير في الجار.
  قوله تعالى (إذ) ظرف لعجبا ، ويجوز أن يكون التقدير : اذكر إذ.
  قوله تعالى (سنين) ظرف لضربنا ، وهو بمعنى أنمناهم ، و (عددا) صفة لسنين : أي معدودة أو ذوات عدد ، وقيل مصدر أي تعد عددا.
  قوله تعالى ( أَيُّ الْحِزْبَيْنِ ) مبتدأ و (أحصى) الخبر ، وموضع الجملة نصب بنعلم ، وفي أحصى وجهان : أحدهما هو فعل ماض ، و (أمدا) مفعوله ولما لبثوا نعت له قدم عليه فصار حالا أو مفعولا له ، أي لإجل لبثهم ، وقيل اللام زائدة ، وما بمعنى الذى ، وأمدا مفعول لبثوا ، وهو خطأ ، وإنما الوجه أن يكون تمييزا ، والتقدير : لما لبثوه والوجه الثاني هو اسم ، وأمدا منصوب بفعل دل عليه الاسم ، وجاء أحصى على حذف الزيادة ، كما جاء هو أعطى للمال وأولى بالخير.
  قوله تعالى (شططا) مفعول به أو يكون التقدير : قولا شططا.
  قوله تعالى (هؤلاء) مبتدأ ، و (قومنا) عطف بيان ، و (اتخذوا) الخبر.
  قوله تعالى ( وَإِذْ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ ) ( إذ ) ظرف لفعل محذوف : أي وقال بعضهم لبعض ( وَمَا يَعْبُدُونَ ) في ( ما ) ثلاثة أوجه : أحدها هي اسم بمعنى الذى و ( إِلاَّ اللَّهَ ) مستثنى من ( ما ) أو من العائد المحذوف.
  والثانى هي مصدرية ، والتقدير : اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله.
  والثالث أنها حرف نفى ، فيخرج في الاستثناء وجهان : أحدهما هو منقطع.
  والثانى هو متصل ، والتقدير : وإذ اعتزلتموهم إلا عبادة الله ، أو وما يعبدون إلا الله ، فقد كانوا يعبدون الله مع الأصنام ، أو كان منهم من يعبد الله (مرفقا) يقرأ بكسر الميم وفتح الفاء ، لأنه يرتفق به فهو كالمنقول المستعمل مثل المبرد والمنخل ، ويقرأ بالعكس وهو مصدر : أي ارتفاقا ، وفيه لغة ثالثة وهى فتحهما ، وهو مصدر أيضا مثل المضرب والمنزع.
  قوله تعالى (تزاور) يقرأ بتشديد الزاى ، وأصله تتزاور فقلبت الثانية زايا وأدغمت ، ويقرأ بالتخفيف على حذف الثانية ، ويقرأ بتشديد الراء مثل تحمر ،

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 100 _
  ويقرأ بألف بعد الواو مثل : تحمار ويقرأ بهمزة مكسورة بين الواو والراء مثل تطمئن و ( ذَاتَ الْيَمِينِ ) ظرف لتزاور.
  قوله تعالى (ونقلبهم) المشهور أنه فعل منسوب إلى الله عزوجل ، ويقرأ بتاء وضم اللام وفتح الباء وهو منصوب بفعل دل عليه الكلام : أي ونرى تقلبهم ، و (باسط) خبر المبتدأ ، و (ذراعيه) منصوب به ، وإنما عمل اسم الفاعل هنا وإن كان للماضي لأنه حال محكية ( لَوْ اطَّلَعْتَ ) بكسر الواو على الأصل ، وبالضم ليكون من جنس الواو (فرارا) مصدر لأن وليت بمعنى فررت ، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال ، وأن يكون مفعولا له (ملئت) بالتخفيف ، ويقرأ بالتشديد على التكثير ، و (رعبا) مفعول ثان ، وقيل تمييز.
  قوله تعالى (وكذلك) في موضع نصب : أي وبعثناهم كما قصصنا عليك ، و (كم) ظرف و (بورقكم) في موضع الحال ، والأصل فتح الواو وكسر الراء ، وقد قرئ به.
  وبإظهار القاف على الأصل وبإدغامها لقرب مخرجها من الكاف واختير الإدغام لكثرة الحركات والكسرة ، ويقرأ بإسكان الراء على التخفيف وبإسكانها وكسر الواو على نقل الكسرة إليها ، كما يقال فخذ وفخذ وفخذ ( أَيُّهَا أَزْكَى ) الجملة في موضع نصب ، والفعل معلق عن العمل في اللفظ ،و (طعاما) تمييز.
  قوله تعالى ( إِذْ يَتَنَازَعُونَ ) إذ ظرف ليعلموا أو لأعثرنا ، ويضعف أن يعمل فيه الوعد لأنه قد أخبر عنه ، ويحتمل أن يعمل فيه معنى حق (بنيانا) مفعول وهو جمع بنيانة ، وقيل هو مصدر.
  قوله تعالى (ثلاثة) يقرأ شاذا بتشديد الثاء على أنه سكن التاء وقلبها ثاء وأدغمها في تاء التأنيث ، كما تقول ابعث تلك ( رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ ) رابعهم مبتدأ ، وكلبهم خبره ، ولا يعمل اسم الفاعل هنا لأنه ماض ، والجملة صفة لثلاثة ، وليست حالا إذ لا عامل لها ، لأن التقدير : هم ثلاثة ، وهو لا يعمل ، ولا يصح أن يقدر هؤلاء لأنها إشارة إلى حاضر ، ولم يشيروا إلى حاضر ، ولو كانت الواو هنا وفي الجملة التى بعدها لجاز كما جاز في الجملة الأخيرة ، لأن الجملة إذا وقعت صفة لنكرة جاز أن تدخلها الواو ، وهذا هو الصحيح في إدخال الواو في ثامنهم ، وقيل دخلت لتدل على أن ما بعدها مستأنف حق ، وليس من جنس المقول برجم الظنون ، وقد قيل فيها غير هذا وليس بشئ ، و (رجما) مصدر : أي يرجمون رجما.
  روى عن ابن كثير ( خمسة )

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 101 _
  بالنصب : أي يقولون نعدهم خمسة ، وقيل يقولون بمعنى يظنون ، فيكون قوله تعالى ( سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ ) في موضع المفعول الثاني ، وفيه ضعف.
  قوله تعالى ( إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) في المستثنى منه ثلاثة أوجه : أحدها هو من النهى والمعنى لا تقولن أفعل غدا إلا أن يؤذن لك في القول.
  والثانى هو من فاعل : أي لا تقولن إنى فاعل غدا حتى تقرن به قوله إن شاء الله.
  والثالث أنه منقطع ، وموضع أن يشاء الله نصب على وجهين : أحدهما على الاستثناء ، والتقدير : لا تقولن ذلك في وقت إلا وقت أن يشاء الله : أي يأذن ، فحذف الوقت وهو مراد.
  والثانى هو حال ، والتقدير : لا تقولن أفعل غدا إلا قائلا إن شاء الله ، فحذف القول وهو كثير وجعل قوله أن يشاء في معنى إن شاء ، وهو مما حمل على المعنى ، وقيل التقدير : إلا بأن يشاء الله : أي متلبسا بقول إن شاء الله.
  قوله تعالى ( ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ ) يقرأ بتنوين مائة ، وسنين على هذا بدل من ثلاث ، وأجاز قوم أن تكون بدلا من مائة ، لأن مائة في معنى مئات ويقرأ بالإضافة وهو ضعيف في الاستعمال ، لأن مائة تضاف إلى المفرد ، ولكنه حمله على الأصل ، إذ الإصل إضافة العدد إلى الجمع ، ويقوى ذلك أن علامة الجمع هنا جبرلما دخل السنة من الحذف ، فكأنها تتمة الواحد (تسعا) مفعول ازدادوا ، وزا متعد إلى اثنين ، فإذا بنى على افتعل تعدى إلى واحد ( أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ) الهاء تعود على الله عزوجل ، وموضعها رفع لأن التقدير : أبصر الله ، والباء زائدة ، وهكذا في فعل التعجب الذى هو على لفظ الامر.
  وقال بعضهم : الفاعل مضمر ، والتقدير : أوقع أيها المخاطب إبصارا بأمر الكهف فهو أمر حقيقة ( وَلا يُشْرِكُ ) يقرأ بالياء وضم الكاف على الخبر عن الله ، وبالتاء على النهى : أي أيها المخاطب.
  قوله تعالى (واصبر) هو متعد لأن معناه احبس ، و ( بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ ) قد ذكرا في الأنعام ( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ ) الجمهور على نسبة الفعل إلى العينين ، وقرأ الحسن تعد عينيك بالتشديد والتخفيف : أي لا تصرفها (أغفلنا) الجمهور على إسكان اللام ، و (قلبه) بالنصب : أي أغفلناه عقوبة له أو وجدناه غافلا ، ويقرأ بفتح اللام وقلبه بالرفع وفيه وجهان : أحدهما وجدنا قلبه معرضين عنه.
  والثانى أهمل أمرنا عن تذكرنا.
  قوله تعالى ( يَشْوِي الْوُجُوهَ ) يجوز أن يكون نعتا لما ، وأن يكون حالا من المهل

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراء‌ات في جميع القرآن ( الجزء الثاني) _ 102 _
  وأن يكون حالا من الضمير في الكاف في الجار (وساءت) أي ساءت النار (مرتفقا) أي متكأ أو معناه المنزل.
  قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ) في خبر إن ثلاثة أوجه : أحدها أولئك لهم جنات عدن ، وما بينهما معترض مسدد.
  والثانى تقديره : لا نضيع أجر من أحسن عملا منهم ، فحذف العائد للعلم به.
  والثالث أن قوله تعالى ( مَنْ أَحْسَنَ ) عام فيدخل فيه الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، ويغنى ذلك عن ضمير كما أغنى عن دخول زيد تحت الرجل في باب نعم عن ضمير يعود عليه وعلى هذين الوجهين قد جعل خبر إن الجملة التى فيها إن.
  قوله تعالى ( مِنْ أَسَاوِرَ ) يجوز أن تكون ( من ) زائدة على قول الأخفش ، ويدل عليه قوله ( وَحُلُّوا أَسَاوِرَ ) ويجوز أن تكون غير زائدة : أي شيئا من أساور فتكون لبيان الجنس أو للتبعيض ، و ( مِنْ ذَهَبٍ ) من فيه لبيان الجنس أو للتبعيض وموضعها جر نعتا لأساور ، ويجوز أن تتعلق بيحلون ، وأساور جمع أسورة ، وأسورة جمع سوار ، وقيل هو جمع أسوار (متكئين) حال إما من الضمير في تحتهم ، أو من الضمير في يحلون أو يلبسون.
  والسندس جمع سندسة.
  وإستبرق جمع إستبرقة ، وقيل هما جنسان.
  قوله تعالى ( مَثَلاً رَجُلَيْنِ ) التقدير : مثلا مثل رجلين ، و (جعلنا) تفسير المثل فلا موضع له ، ويجوز أن يكون موضعه نصبا نعتا لرجلين كقولك : مررت برجلين جعل لأحدهما جنة ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ ) مبتدأ ، و (آتت) خبره ، وأفرد الضمير حملا على لفظ كلتا (وفجرنا) بالتخفيف والتشديد ، و (خلالهما) ظرف والثمر بضمتين جمع ثمار ، فهو جمع الجمع مثل كتاب وكتب ، ويجوز تسكين الميم تخفيفا ، ويقرأ ثمر جمع ثمرة.
  قوله تعالى ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ ) إنما أفرد ، ولم يقل جنتيه لأنهما جميعا ملكه فصارا كالشئ الواحد ، وقيل اكتفاء بالواحدة عن الثنتين ، كما يكتفى بالواحد عن الجمع ، وهو كقول الهذلى :
والـعين بـعدهم كأن حداقها      سملت بشوك فهى عور تدمع
  قوله تعالى ( خَيْراً مِنْهَا ) يقرأ على الإفراد ، والضمير لجنته ، وعلى التثنية ، والضمير للجنتين.