تائبا من الله لم يجز ، فإن قدرت حذف مضاف جاز : أى صاحب توبة من الله ، و
( مِنْ اللَّهِ ) صفة توبة ، ويجوز في غير القرآن توبة بالرفع : أى ذلك توبة.
قوله تعالى
( وَمَنْ يَقْتُلْ ) من مبتدأ ، و (متعمدا) حال من ضمير القاتل
( فَجَزَاؤُهُ ) مبتدأ ، و (جهنم) خبره والجملة خبر من ، و (خالدا) حال من محذوف تقديره : يجزاها خالدا فيها ، فإن شئت جعلته من الضمير المرفوع ، وإن شئت من المنصوب ، وقيل التقدير : جازاه بدليل قوله
( وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ) فعطف عليه الماضى فعلى هذا يكون خالدا حالا من المنصوب لاغير ، ولا يجوز أن يكون حالا من الهاء في جزاؤه لوجهين : أحدهما أنه حال من المضاف إليه ، والثانى أنه فصل بين صاحب الحال والحال بخبر المبتدإ.
قوله تعالى
( فَتَبَيَّنُوا ) يقرأ بالباء والياء والنون من التبيين ، وبالثاء والباء والتاء من التثبت ، وهما متقاربان في المعنى
( لِمَنْ أَلْقَى ) من بمعنى الذى أو نكرة موصوفة ، وألقى بمعنى يلقى لان النهى لا يصح إلا في المستقبل ، والذى نزلت فيه الآية قال لمن ألقى إليه السلام لست مؤمنا وقتله ، و (السلام) بالالف التحية ، ويقرأ بفتح اللام من غير ألف ، وبإسكانها مع كسرة السين وفتحها ، وهو الاستسلام والصلح
( لَسْتَ مُؤْمِناً ) في موضع نصب بالقول والجمهور على ضم الميم الاولى وكسر الثانية ، وهو مشتق من الايمان ، ويقرأ بفتح الميم الثانية ، وهو اسم المفعول من أمنته (تبتغون) حال من ضمير الفاعل في يقولوا (كذلك) الكاف خبر كان ، وقد تقدم عليها وعلى اسمها
( إِنَّ اللَّهَ كَانَ ) الجمهور على كسر إن على الاستئناف ، وقرئ بفتحها وهو معمول تبينوا.
قوله تعالى
( مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) في موضع الحال ، وصاحب الحال القاعدون ، والعامل يستوى ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في القاعدين فيكون العامل فيه القاعدون لان الالف واللام بمعنى الذى
( غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ ) بالرفع على أنه صفة القاعدون لانه لم يقصد به قصد قوم بأعيانهم ، وقيل هو بدل من القاعدين.
ويقرأ بالنصب على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين أو حالا ، وبالجر على الصفة للمؤمنين
( وَالْمُجَاهِدُونَ ) معطوف على القاعدين
( بِأَمْوَالِهِمْ ) يتعلق بالمجاهدين (درجة) قيل هو مصدر في معنى تفضيلا ، وقيل حال : أى ذوى درجة ، وقيل هو على تقدير حذف الجار.
أى بدرجة : وقيل هو واقع موقع الظرف : أى في درجة ومنزلة (وكلا) المفعول الاول ل (وعد) ، و (الحسنى) هو الثانى ، وقرئ ركل : أى وكلهم ، والعائد محذوف : أى وعده الله (أجرا) قيل هو مصدر من غير لفظ الفعل ، لان معنى فضلهم أجرهم ، وقيل هو مفعول به لان فضلهم أعطاهم وقيل التقدير بأجر.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 192 _
قوله تعالى (درجات) قيل هو بدل من أجرا ، وقيل التقدير : ذوى درجات وقيل في درجات (ومغفرة) قيل هو معطوف على ماقبله ، وقيل هو مصدر : أى وغفر لهم مغفرة ، و (رحمة) مثله.
قوله تعالى (توفاهم) الاصل تتوفاهم ، ويجوز أن يكون ماضيا ، ويقرأ بالامالة (ظالمى) حال من ضمير الفاعل في تتوفاهم ، والاضافة غير محضة ، أى ظالمين أنفسهم (قالوا) فيه وجهان : أحدهما هو حال من الملائكة وقد معه مقدرة ، وخبر إن (فأولئك) ودخلت الفاء لما في الذى من الابهام المشابه به الشرط ، وأن لا تمنع من ذلك لانها لا تغير معنى الابتداء ، والثانى أن قالوا خبر إن ، والعائد محذوف : أى قالوا لهم ( فِيمَ كُنتُمْ ) حذفت الالف من ( ما ) في الاستفهام مع حرف الجر لما ذكرنا في قوله ( فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ ) والجار والمجرور خبر كنتم ، و ( فِي الأَرْضِ ) يتعلق بمستضعفين ( أَلَمْ تَكُنْ ) استفهام بمعنى التوبيخ ( فَتُهَاجِرُوا ) منصوب على جواب الاستفهام ، لان النفى صار إثباتا بالاستفهام (وساءت) في حكم بئست.
قوله تعالى ( إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ ) استثناء ليس من الاول ، لان الاول قوله ( تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ) وإليه يعود الضمير من مأواهم ، وهؤلاء عصاة بالتخلف عن الهجرة مع القدرة ، وإلا المستضعفين من الرجال هم العاجزون ، فمن هنا كان منقطعا و ( مِنْ الرِّجَالِ ) حال من الضمير في المستضعفين ، أو من نفس المستضعفين ( وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ ) يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون حال مبينة عن معنى الاستضعاف.
قوله تعالى (مهاجرا) حال من الضمير في يخرج ( ثُمَّ يُدْرِكْهُ ) مجزوم عطفا على يخرج ، ويقرأ بالرفع على الاستئناف ، أى ثم هو يدركه ، وقرئ بالنصب على إضمار أن لانه لم يعطفه على الشرط لفظا ، فعطفه عليه معنى كما جاء في الواو والفاء.
قوله تعالى ( أَنْ تَقْصُرُوا ) أى في أن تقصروا ، وقد تقدم نظائره ، ومن زائدة عند الاخفش ، وعند سيبويه هى صفة المحذوف : أى شيئا من الصلاة (عدوا) في موضع أعداء ، وقيل عدو مصدر على فعول مثل القبول والولوع فلذلك لم يجمع ، و (لكم) حال من عدو أو متعلق بكان.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 193 _
قوله تعالى ( لَمْ يُصَلُّوا ) في موضع رفع صفة لطائفة وجاء الضمير على معنى الطائفة ، ولو قال لم تصل لكان على لفظها ، و ( لَوْ تَغْفُلُونَ ) بمعنى أن تغفلوا و ( أَنْ تَضَعُوا ) أى في أن تضعوا.
قوله تعالى ( قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ) أحوال كلها ( اطْمَأْنَنتُمْ ) الهمزة أصل ، ووزن الكلمة افعلل ، والمصدر الطمأنينة على فعليلة ، وأما قولهم طامن رأسه فأصل آخر ، و (موقوتا) مفعول من وقت التخفيف.
قوله تعالى ( إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ ) الجمهور على كسر إن وهى شرط ، وقرئ ( إِنْ تَكُونُوا ) بفتحها : أى لان تكونوا ، ويقرأ ( تيلمون ) بكسر التاء وقلب الهمزة ياء وهى لغة.
قوله تعالى (بالحق) هو حال من الكتاب ، وقد مر نظائره (أراك) الهمزة هاهنا معدية ، والفعل من رأيت الشئ إذا ذهبت إليه ، وهو من الرأى ، وهو متعد إلى مفعول واحد ، وبعد الهمزة يتعدى إلى مفعولين أحدهما الكاف والآخر محذوف أى أراكه ، وقيل المعنى علمك ، وهو متعد إلى مفعولين أيضا ، وهو قبل التشديد متعد إلى واحد كقوله ( لا تَعْلَمُونَهُمْ ) (خصيما) بمعنى مخاصم ، واللام على بابها : أى لاجل الخائنين ، وقيل هى بمعنى عن.
قوله تعالى (يستخفون) بمعنى يطلبون الخفاء وهو مستأنف لاموضع له ( إِذْ يُبَيِّتُونَ ) ظرف للعامل في معهم.
قوله تعالى ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ ) قد ذكرناه في قوله ( ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ ) ( أَمْ مَنْ ) هنا منقطعة.
قوله تعالى ( أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ) أو لتفصيل ماأبهم ، وقد ذكرنا مثله في غير موضع.
قوله تعالى ( ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً ) الهاء تعود على الاثم ، وفى عودها عليه دليل على أن الخطيئة في حكم الاثم ، وقيل تعود على أحد الشيئين المدلول عليه بأو ، وقيل تعود على الكسب المدلول عليه بقوله ( وَمَنْ يَكْسِبْ ) وقيل تعود على المكسوب والفعل يدل عليه.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 194 _
قوله تعالى ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ ) في جواب لولا وجهان : أحدهما قوله (لهمت) وعلى هذا لايكون قد وجد من الطائفة المشار إليها هم بإضلاله ، والثانى أن الجواب محذوف تقديره : لاضلوك ، ثم استأنف فقال : لهمت : أى لقد همت تلك ، ومثل حذف الجواب هنا حذفه في قوله ( وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ) ( وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ ) من زائدة ، وشئ في معنى ضرر فهو في موضع المصدر.
قوله تعالى ( مِنْ نَجْوَاهُمْ ) في موضع جر صفة لكثير ، وفى النجوى وجهان : أحدهما هى التناجى ، فعلى هذا يكون في قوله ( إِلاَّ مَنْ أَمَرَ ) وجهان :
أحدهما هو استثناء منقطع في موضع نصب ، لان من للاشخاص وليست من جنس التناجى.
والثانى أن في الكلام حذف مضاف تقديره : إلا نجوى من أمر ، فعلى هذا يجوز أن يكون في موضع جر بدلا من نجواهم ، وأن يكون في موضع نصب على أصل باب الاستثناء ويكون متصلا.
والوجه الآخر أن النجوى القوم الذين يتناجون ، ومنه قوله ( وَإِذْ هُمْ نَجْوَى ) فعلى هذا الاستثناء متصل ، فيكون أيضا في موضع جر أو نصب على ماتقدم ( بَيْنَ النَّاسِ ) يجوز أن يكون ظرفا لاصلاح ، وأن يكون صفة له فيتعلق بمحذوف ، و (ابتغاء) مفعول له وألف (مرضات) من واو ( فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ ) بالنون والياء وهو ظاهر.
قوله تعالى ( وَمَنْ يُشَاقِقْ ) إنما جاز إظهار القاف لان الثانية سكنت بالجزم ، وحركتها عارضة لالتقاء الساكنين والهاء في قوله (ونصله) مثل الهاء في ( يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ) وقد تكلمنا عليها.
قوله تعالى ( لِمَنْ يَشَاءُ ) اللام تتعلق بيغفر.
قوله تعالى ( إِلاَّ إِنَاثاً ) هو جمع أنثى على فعال ، ويراد به كل مالا روح فيه من صخرة وشمس ونحوهما ، ويقرأ أنثى على الافراد ، ودل الواحد على الجمع ، ويقرأ ( إنثا ) مثل رسل فيجوز أن تكون صفة مفردة مثل امرأة جنب ، ويجوز أن يكون جمع أنيث كقليب وقلب ، وقد قالوا حديد أنيث من هذا المعنى ، ويقرأ ( أثنا ) والواحد وثن وهو الصنم ، وأصله وثن في الجمع كما في الواحد ، إلا أن الواو قلبت همزة لما انضمت ضما لازما ، وهو مثل أسد وأسد ، ويقرأ بالواو على الاصل جمعا ، ويقرأ بسكون الثاء مع الهمزة والواو ، و (مريدا) فعيل من التمرد.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 195 _
قوله تعالى
( لَعْنَةُ اللَّهِ ) يجوز أن يكون صفة أخرى لشيطان ، وأن يكون مستأنفا على الدعاء (وقال) يحتمل ثلاثة أوجه : أحدها أن تكون الواو عاطفة لقال ( على لعنة الله ) وفاعل قال ضمير الشيطان ، والثانى أن تكون للحال : أى وقد قال ، والثالث أن تكون الجملة مستأنفة.
قوله تعالى
( وَلأضِلَّنَّهُمْ ) مفعول هذه الافعال محذوف : أى لاضلنهم عن الهدى
( وَلأمَنِّيَنَّهُمْ ) الباطل
( وَلآمُرَنَّهُمْ ) بالضلال.
قوله تعالى (يعدهم) المفعول الثانى محذوف : أى يعدهم النصر والسلامة ، وقرأ الاعمش بسكون الدال ، وذلك تخفيف لكثرة الحركات.
قوله تعالى (عنها) هو حال من (محيصا) والتقدير محيصا عنها ، والمحيص مصدر ، فلا يصح أن يعمل فيما قبله ، ويجوز أن يتعلق عنها بفعل محذوف وهو الذى يسمى تبيينا ، أى أعنى عنها ، ولا يجوز أن يتعلق بيجدون لانه لايتعدى بعن ، والميم في المحيص زائدة ، وهو من حاص يحيص إذا تخلص.
قوله تعالى
( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) مبتدأ والخبر (سندخلهم) ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف يفسره مابعده : أى وندخل الذين و
( وَعْدَ اللَّهِ ) نصب على المصدر ، لان قوله سندخلهم بمنزلة وعدهم ، و (حقا) حال من المصدر ، ويجوز أن يكون مصدر الفعل محذوف : أى حق ذلك حقا.
قوله تعالى
( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ) اسم ليس مضمر فيها ولم يتقدم له ذكر ، وإنما دل عليه سبب الآية ، وذلك أن اليهود قالوا نحن أصحاب الجنة ، وقالت النصارى ذلك ، وقال المشركون لانبعث ، فقال : ليس بأمانيكم : أى ليس ما ادعيتموه.
قوله تعالى
( مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى ) في موضع الحال وفى صاحبها وجهان : أحدهما ضمير الفاعل في يعمل ، والثانى من الصالحات أى كائنة من ذكر أو أنثى ، أو واقعة ومن الاولى زائدة عند الاخفش ، وصفة عند سيبويه : أي شيئا من الصالحات
( وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) حال أيضا.
قوله تعالى
( مِمَّنْ أَسْلَمَ ) يعمل فيه أحسن ، وهو مثل قولك : زيد أفضل من عمرو : أى يفضل عمرا ، و (لله) يتعلق بأسلم ، ويجوز أن يكون حالا من ( وجهه ) (واتبع) معطوف على أسلم ، و (حنيفا) حال ، وقد ذكر في البقرة ، ويجوز أن يكون هاهنا حالا من الضمير في اتبع
( وَاتَّخَذَ اللَّهُ ) مستأنف.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 196 _
قوله تعالى ( وَمَا يُتْلَى ) في ( ما ) وجوه : أحدها موضعها جر عطفا على الضمير المجرور بفى ، وعلى هذا قول الكوفيين لانهم يجيزون العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار.
والثانى أن يكون في موضع نصب على معنى : ونبين لكم مايتلى لان يفتيكم يبين لكم.
والثالث هو في موضع رفع ، وهو المختار.
وفى ذلك ثلاثة أوجه : أحدها هو معطوف على ضمير الفاعل في يفتيكم ، وجرى الجار والمجرور مجرى التوكيد ، والثانى هو معطوف على اسم الله وهو قل الله ، والثالث أنه مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : ومايتلى عليكم في الكتاب يبين لكم ، وفى تتعلق بيتلى ، ويجوز أن تكون حالا من الضمير في يتلى ، و ( فِي يَتَامَى ) تقديره : حكم يتامى ، ففى الثانية بما تعلقت به الاولى لان معناها مختلف ، فالاولى ظرف والثانية بمعنى الباء : أى بسبب اليتامى كما تقول : جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد ، وقيل الثانية بدل من الاولى ، ويجوز أن تكون الثانية تتعلق بالكتاب : أى ماكتب في حكم اليتامى ، ويجوز أن تكون الاولى ظرفا والثانية حالا فتتعلق بمحذوف ، ويتامى (النساء) أى في اليتامى منهن.
وقال الكوفيون التقدير : في النساء اليتامى ، فأضاف الصفة إلى الموصوف ، ويقرأ في ( ييامى ) بياءين والاصل أيامى ، فأبدلت الهمزة ياء كما قالوا : فلان ابن أعسر ويعصر ، وفى الايامى كلام نذكره في موضعه إن شاء الله.
(وترغبون) فيه وجهان : أحدهما هو معطوف على تؤتون ، والتقدير : ولاترغبون ، والثانى هو حال : أى وأنتم ترغبون في أن تنكحوهن ( وَالْمُسْتَضْعَفِينَ ) في موضع جر عطفا على المجرور في يفتيكم فيهن ، وكذلك ( وَأَنْ تَقُومُوا ) وهذا أيضا عطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار ، وقد ذكره الكوفيون ، ويجوز أن يكون في موضع نصب عطفا على موضع فيهن ، والتقدير : ويبين لكم حال المستضعفين وبهذا التقدير يدخل في مذهب البصريين من غير كلفة ، والجيد أن يكون معطوفا على يتامى النساء ، وأن تقوموا معطوف عليه أيضا : أى وفى أن تقوموا.
قوله تعالى ( وَإِنْ امْرَأَةٌ ) امرأة مرفوع بفعل محذوف : أى وإن خافت امرأة ، واستغنى عنه بخافت المذكور.
وقال الكوفيون : هو مبتدأ ومابعده الخبر ، وهذا عندنا خطأ لان حرف الشرط لامعنى له في الاسم فهو مناقض للفعل ، ولذلك جاء الفعل بعدالاسم مجزوما في قول عدى :
ومـتى واغـل ينبهم iiيحيو ه ويعطف عليه كأس الساقى |
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 197 _
( مِنْ بَعْلِهَا ) يجوز أن يكون متعلقا بخافت ، وأن يكون حالا من (نشوزا) و (صلحا) على هذا مصدر واقع موقع تصالح ، ويجوز أن يكون التقدير : أن يصالحا فيصلحا صلحا ، ويقرأ بتشديد الصاد من غير ألف وأصله يصطلحا ، فأبدلت التاء صادا وأدغمت فيها الاولى ، وقرئ ( يصطلحا ) بإبدال التاء طاء وصلحا عليهما في موضع اصطلاح ، وقرئ بضم الياء وإسكان الصاد وماضيه أصلح.
وصلحا على هذا فيه وجهان : أحدهما هو مصدر في موضع إصلاح والمفعول به بينهما ، ويجوز أن يكون ظرفا والمفعول محذوف ، والثانى أن يكون صلحا مفعولا به وبينهما ظرف أو حال من صلح ( وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ ) أحضرت يتعدى إلى مفعولين ، تقول : أحضرت زيدا الطعام ، والمفعول الاول الانفس وهو القائم مقام الفاعل ، وهذا الفعل منقول بالهمزة من حضر ، وحضر يتعدى إلى مفعول واحد كقولهم حضر القاضى اليوم امرأة.
قوله تعالى ( كُلَّ الْمَيْلِ ) انتصاب كل على المصدر لان لها حكم ماتضاف إليه ، فإن أضيفت إلى مصدر كانت مصدرا ، وإن أضيفت إلى ظرف كانت ظرفا ( فَتَذَرُوهَا ) جواب النهى فهو منصوب ، ويجوز أن يكون معطوفا على تميلوا فيكون مجزوما (كالمعلقة) الكاف في موضع نصب على الحال.
قوله تعالى (وإياكم) معطوف على الذين ، وحكم الضمير المعطوف أن يكون منفصلا ، و ( أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ ) في موضع نصب عند سيبويه وجر عند الخليل ، والتقدير : بأن اتقوا الله ، وأن على هذا مصدرية ، ويجوز أن تكون بمعنى أى ، لان وصينا في معنى القول فيصح أن يفسر بأن التفسيرية.
قوله تعالى (شهداء) خير ثان ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في قوامين ( عَلَى أَنفُسِكُمْ ) يتعلق بفعل دل عليه شهداء : أى ولو شهدتم ، ويجوز أن يتعلق بقوامين ( إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً ) اسم كان مضمر فيها دل عليه تقدم ذكر الشهادة : أى إن كان الخصم ، أو أن كان كل واحد من المشهود عليه والمشهود له ، وفى (أو) وجهان أحدهما هى بمعنى الواو ، وحكى عن الاخفش ، فعلى هذا يكون الضمير في (بهما) عائدا على لفظ غنى وفقير.
والوجه الثانى أن أو على بابها ، وهى هنا لتفصيل ماأبهم من الكلام ، وذلك أن كل واحد من المشهود عليه والمشهود له يجوز أن يكون غنيا وأن يكون فقيرا ، فقد يكونان غنيين ، وقد يكونان فقيرين ، وقد يكون أحدهما غنيا والآخر فقيرا ، فلما كانت الاقسام عند التفصيل على ذلك ولم تذكر
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 198 _
أتى بأو لتدل على هذا التفصيل ، فعلى هذا يكون الضمير في بهما عائدا على المشهود له والمشهود عليه على أى وصف كانا عليه لاعلى الصفة ، وقيل الضمير عائد إلى مادل عليه الكلام ، والتقدير : فالله أولى بالغنى والفقير ، وقيل يعود على الغنى والفقير لدلالة الاسمين عليه ( أَنْ تَعْدِلُوا ) فيه ثلاثة أوجه : أحدها تقديره : في أن لاتعدلوا ، فحذف لا : أى لا تتبعوا الهوى في ترك العدل.
والثانى تقديره : ابتغاء أن تعدلوا عن الحق.
والثالث تقديره : مخافة أن تعدلوا عن الحق ، وعلى الوجهين هو مفعول له ( وَإِنْ تَلْوُوا ) يقرأ بواوين الاولى منهما مضمومة وهو من لوى يلوى ، ويقرأ بواو واحدة ساكنة ، وفيه وجهان أحدهما أصله تلووا كالقراءة الاولى إلا أنه أبدل الواو المضمومة همزة ، ثم ألقى حركتها على اللام : وقد ذكر مثله في آل عمران ، والثانى أنه من ولى الشئ : أى وإن تتولوا الحكم أو تعرضوا عنه أو إن تتولوا الحق في ؟؟ الحكم.
قوله تعالى ( لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ) قد ذكر في قوله ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ ).
قوله تعالى (جميعا) هو حال من الضمير في الجار وهو قوله ( لله ).
قوله تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ ) يقرأ على مالم يسم فاعله ، والقائم مقام الفاعل (أن) وماهو تمام لها ، وأن هى المخففة من الثقيلة : أى أنه ( إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ ).
ويقرأ نزل على تسمية الفاعل ، وأن في موضع نصب.
وتلخيص المعنى : وقد نزل عليكم المنع من مجالستهم عند سماع الكفر منهم ، و ( يُكْفَرُ بِهَا ) في موضع الحال من الآيات ، وفى الكلام حذف تقديره : يكفر بها أحد ، فحذف الفاعل وأقام الجار مقامه ، والضمير في (معهم) عائد على المحذوف ، فلا تفعلوا محمول على المعنى أيضا ، لان معنى وقد نزل عليكم ، وقد قيل والفاء جواب إذا ( إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) إذا هاهنا ملغاة لوقوعها بين الاسم والخبر ، ولذلك لم يذكر بعدها الفعل.
وأفرد مثلا لانها في معنى المصدر ، ومثله ( أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) وقد جمع في قوله ( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) وقرئ شاذا ( مثلهم ) بالفتح ، وهو مبنى لاضافته إلى المبهم ، كما بنى في قوله ( مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ) ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى ، وقيل نصب على الظرف كما قيل في بيت الفرزدق : ( وإذ مامثلهم بشر ) أى أنكم في مثل حالهم.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 199 _
قوله تعالى ( الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ ) في موضع جر صفة للمنافقين والكافرين ، ويجوز أن يكون خبر مبتدإ محذوف : أى هم ، ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر ( فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنْ اللَّهِ ) ومايتصل به ، ويجوز أن يكون في موضع نصب عن إضمار أعنى (نستحوذ) هو شاذ في القياس ، والقياس نستحذ ( عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) يجوز أن يتعلق بيجعل ، وأن يكون حالا من سبيل.
قوله تعالى ( وَهُوَ خَادِعُهُمْ ) ، و (كسالى) حالان (يراءون) يقرأ بالمد وتخفيف الهمزة ، ويقرأ بحذف الالف وتشديد الهمزة : أى يحملون غيرهم على الرياء وموضعه نصب على الحال من الضمير في كسالى ، ويجوز أن يكون بدلا من كسالى ، ويجوز أن يكون مستأنفا ( إِلاَّ قَلِيلاً ) نعت لمصدر محذوف أو زمان محذوف.
قوله تعالى (مذبذبين) هو منصوب على الذم ، وقيل هو حال من الضمير في يذكرون ، والجمهور على فتح الذال على مالم يسم فاعله : أى أن نفاقهم حملهم على التقلب ، ويقرأ بكسر الذال الثانية : أى متقلبين ، وليست الذال الثانية بدلا عند البصريين بل ذبذب أصل بنفسه.
وقال الكوفيون : الاصل ذبب ، فأبدل من الباء الاولى ذالا وذلك في موضع بينهما : أى بين الايمان والكفر ، أو بين المسلمين واليهود ( لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ ) وإلى يتعلق بفعل محذوف : أى لا ينتسبون إلى هؤلاء بالكلية ولا إلى هؤلاء بالكلية ، وموضع لا إلى هؤلاء نصب على الحال من الضمير في مذبذبين : أى يتذبذبون متلونين.
قوله تعالى ( فِي الدَّرْكِ ) يقرأ بفتح الراء وإسكانها وهما لغتان ، و ( مِنْ النَّارِ ) في موضع الحال من الدرك ، والعامل فيه معنى الاستقرار ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في الاسفل.
قوله تعالى ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا ) في موضع نصب استثناء من الضمير المجرور في قوله ( وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ ) ويجوز أن يكون من قوله ( فِي الدَّرْكِ ) وقيل هو في موضع رفع بالابتداء ، والخبر ( فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ).
قوله تعالى ( مَا يَفْعَلُ اللَّهُ ) في ما وجهان : أصحهما أنهما استفهام في موضع نصب بيفعل ، و ( بِعَذَابِكُمْ ) متعلق بيفعل ، والثانى أنها نفى ، والتقدير : مايفعل الله بعذابكم ، والمعنى لا يعذبكم.
قوله تعالى (بالسوء) الباء تتعلق بالمصدر ، وفى موضعها وجهان : أحدهما نصب
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 200 _
تقديره : لا يحب أن تجهروا بالسوء ، والثانى رفع تقديره : أن يجهر بالسوء و ( مِنْ الْقَوْلِ ) حال من السوء ( إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ ) استثناء منقطع في موضع نصب ، وقيل هو متصل.
والمعنى : لايحب أن يجهر أحد بالسوء إلا من يظلم فيجهر : أى يدعوا الله بكشف السوء الذى أصابه أو يشكو ذلك إلى إمام أو حاكم ، فعلى هذا يجوز أن يكون في موضع نصب ، وأن يكون في موضع رفع بدلا من المحذوف إذ التقدير أن يجهر أحد ، وقرئ ( ظلم ) بفتح الظاء على تسمية الفاعل وهو منقطع ، والتقدير : لكن الظالم فإنه مفسوح لمن ظلمه أن ينتصف منه ، وهى قراءة ضعيفة.
قوله تعالى ( بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً ) ذلك يقع بمعنى المفرد والتثنية والجمع ، وهو هنا بمعنى التثنية : أى بينهما.
قوله تعالى (حقا) مصدر : أى حق ذلك حقا ، ويجوز أن يكون حالا : أى أولئك هم الكافرون غير شك.
قوله تعالى ( أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ ) أى شيئا أو سؤالا أكبر (جهرة) مصدر في موضع الحال : أى مجاهرين ، وقيل التقدير : قولا جهرة ، وقيل رؤية جهرة ، قوله تعالى ( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمْ ) فوقهم يجوز أن يكون ظرفا لرفعنا ، وأن يكون حالا من ( الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ ) في موضع نصب متعلق برفعنا تقديره : بنقض ميثاقهم.
والمعنى : ورفعنا فوقهم الجبل تخويفا لهم بسبب نقضهم الميثاق ، و (سجدا) حال ( لا تَعْدُوا ) يقرأ بتخفيف الدال وإسكان العين ، يقال : عدا يعدو إذا تجاوز الحد ، ويقرأ بتشديد الدال وسكون العين وأصله تعتدوا ، فقلب التاء دالا وأدغم ، وهى قراءة ضعيفة لانه جمع بين ساكنين ، وليس الثانى حرف مد.
قوله تعالى ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ ) مازائدة ، وقيل هى نكرة تامة ، ونقضهم بدل منها.
وفيما تتعلق به الباء وجهان : أحدهما هو مظهر ، وهو قوله بعد ثلاث آيات ( حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ ) وقوله ( فبظلم ) بدل من قوله ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ ) وأعاد الفاء في البدل لما طال الفصل ، والثانى أن مايتعلق به محذوف ، وفى الآية دليل عليه ، والتقدير : فبنقضهم ميثاقهم طبع على قلوبهم أو لعنوا ، وقيل التقدير : فيما نقضهم ميثاقهم لايؤمنون ، والفاء زائدة ( بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا ) أى ليس كما ادعوا من أن قلوبهم أوعية للعلم ، و (بكفرهم) أى بسبب كفرهم ، ويجوز أن يكون المعنى أن كفرهم صار مغطيا على قلوبهم ، كما تقول : طبعت على الكيس بالطين : أى جعلته الطابع ( إِلاَّ قَلِيلاً ) أى إيمانا أو زمانا قليلا.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 201 _
قوله تعالى (وبكفرهم) معطوف على وبكفرهم الاول ، و (بهتانا) مصدر يعمل فيه القول لانه ضرب منه ، فهو كقولهم : قعد القرفصاء ، فهو على هذا بمثابة القول في الانتصاب ، وقال قوم تقديره : قولا بهتانا ، وقيل التقدير : بهتوا بهتانا ، وقيل هو مصدر في موضع الحال : مباهتين.
قوله تعالى ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ) هو معطوف على وكفرهم ، و (عيسى) بدل أو عطف بيان من المسيح ، و ( رَسُولَ اللَّهِ ) كذلك ، ويجوز أن يكون رسول الله صفة لعيسى ، وأن يكون على إضمار أعنى ( لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ) منه في موضع جر صفة لشك ، ولا يجوز أن يتعلق بشك ، وإنما المعنى : لفى شك حادث منه : أى من جهته ، ولايقال : شككت منه ، فإن ادعى أن من بمعنى في فليس بمستقيم عندنا ( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ) يجوز أن يكون موضع الجملة المنفية جرا صفة مؤكدة لشك تقديره : لفى شك منه غير علم ، ويجوز أن تكون مستأنفة ومن زائدة.
وفى موضع من علم وجهان : أحدهما هو رفع بالابتداء وماقبله الخبر ، وفيه وجهان : أحدهما هو به ولهم فضلة مبينة مخصصة كالتى في قوله ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ) فعلى هذا يتعلق به الاستقرار ، والثانى أن لهم هو الخبر ، وفي به على هذا عدة أوجه : أحدها أن يكون حالا من الضمير المستكن في الخبر ، والعامل فيه الاستقرار.
والثانى أن يكون حالا من العلم لان من زائدة فلم تمنع من تقديم الحال ، على أن كثيرا من البصريين يجيز تقديم حال المجرور عليه.
والثالث أنه على التبيين : أى مالهم أعنى به ، ولايتعلق بنفس علم لان معمول المصدر لايتقدم عليه.
والوجه الآخر أن يكون موضع من علم رفعا بأنه فاعل ، والعامل فيه الظرف إما لهم أو به ( إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ) استثناء من غير الجنس ( وَمَا قَتَلُوهُ ) الهاء ضمير عيسى ، وقيل ضمير العلم : أى وماقتلوا العلم يقينا كما يقال قتلته علما ، و (يقينا) صفة مصدر محذوف : أى قتلا يقينا أو علما يقينا ، ويجوز أن يكون مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه ، لان معنى ماقتلوه ماعملوا ، وقيل التقدير : تيقنوا ذلك يقينا ( بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ ) الجيد إدغام اللام في الراء لان مخرجهما واحد ، وفى الراء تكرير فهى أقوى من اللام ، وليس كذلك الراء إذا تقدمت لان إدغامها يذهب التكرير الذى فيها ، وقد قرئ بالاظهار هنا.
قوله تعالى ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ) إن بمعنى ( ما ) والجار والمجرور في موضع رفع بأنه خبر المبتدإ ، والمبتدأ محذوف تقديره : وما من أهل الكتاب أحد ، وقيل المحذوف من : وقد مر نظيره ، إلا أن تقدير من هاهنا بعيد لان الاستثناء يكون بعد
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 202 _
تمام الاسم ، ومن الموصولة والموصوفة غير تامة (ليؤمنن) جواب قسم محذوف ، وقيل أكد بها في غير القسم كما جاء في النفى والاستفهام ، والهاء في (موته) تعود على أحد المقدر ، وقيل تعود على عيسى ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ظرف لشهيد ، ويجوز أن يكون العامل فيه يكون.
قوله تعالى (فبظلم) الباء تتعلق بحرمنا ، وقد ذكرنا حكم الفاء قبل (كثيرا) أى صدا كثيرا أو زمانا كثيرا.
قوله تعالى ( وأخذهم ـ وأكلهم ) معطوف على صدهم والجميع متعلق بحرمنا ، والمصادر المضافة إلى الفاعل ، ( وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ ) حال.
قوله تعالى ( لَكِنْ الرَّاسِخُونَ ) الراسخون مبتدأ و ( فِي الْعِلْمِ ) متعلق به ، و (منهم) في موضع الحال من الضمير في الراسخون ( والمؤمنون ) معطوف على الراسخون ، وفى خبر الراسخون وجهان : أحدهما (يؤمنون) وهو الصحيح ، والثانى هو قوله ( أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ ) (والمقيمين) قراءة الجمهور بالياء ، وفيه عدة أوجه : أحدها أنه منصوب على المدح : أى وأعنى المقيمين وهو مذهب البصريين ، وإنما يأتى ذلك بعد تمام الكلام ، والثانى أنه معطوف على ما : أى يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين ، والمراد بهم الملائكة ، وقيل التقدير : وبدين المقيمين فيكون المراد بهم المسلمين ، والثالث أنه معطوف على قبل ، تقديره : ومن قبل المقيمين ، فحذف قبل وأقيم المضاف إليه مقامه ، والرابع أنه معطوف على الكاف في قبلك ، والخامس أنه معطوف على الكاف في إليك ، والسادس أنه معطوف على الهاء والميم في منهم ، وهذه الاوجه الثلاثة عندنا خطأ ، لان فيها عطف الظاهر على المضمر من غير إعادة الجار ، وأما ( الْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) ففى رفعه أوجه : أحدها هو معطوف على الراسخون ، والثانى أنه معطوف على الضمير في الراسخون ، والثالث هو معطوف على الضمير في المؤمنون ، والرابع هو معطوف على الضمير في يؤمنون ، والخامس هو خبر مبتدأ محذوف : أى وهم المؤتون ، والسادس هو مبتدأ ، والخبر ( أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ ) وأولئك مبتدأ ، ومابعده الخبر ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بفعل محذوف : أى ونؤتى أولئك.
قوله تعالى ( كَمَا أَوْحَيْنَا ) الكاف نعت لمصدر محذوف ومامصدرية ، ويجوز أن تكون مابمعنى الذى ، فيكون مفعولا به تقديره : أوحينا إليك مثل الذى أوحينا
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 203 _
إلى نوح من التوحيد وغيره ، و ( مِنْ بَعْدِهِ ) في موضع نصب متعلق بأوحينا ، ولا يجوز أن يكون حالا من النبيين ، لان ظروف الزمان لاتكون أحوالا للجثث ، ويجوز أن يتعلق من النبيين ، وفى (يونس) لغات أفصحها ضم النون من غير همز ويجوز فتحها وكسرها مع الهمز وتركه ، وكل هذه الاسماء أعجمية إلا الاسباط وهو جمع سبط.
والزبور فعول من الزبر وهو الكتابة ، والاشبه أن يكون فعول بمعنى مفعول كالركوب والحلوب ، ويقرأ بضم الزاى وفيه وجهان : أحدهما هو جمع زبور على حذف الزائد مثل فلس وفلوس ، والثانى أنه مصدر مثل القعود والجلوس ، وقد سمى به الكتاب المنزل على داود.
قوله تعالى (ورسلا) منصوب بفعل محذوف تقديره : وقصصنا رسلا ، ويجوز أن يكون منصوبا بفعل دل عليه أوحينا : أى وأمرنا رسلا ، ولا موضع لقوله ( قَدْ قَصَصْنَاهُمْ ) ، و ( لَمْ نَقْصُصْهُمْ ) على الوجه الاول لانه مفسر للعامل ، وعلى الوجه الثانى هما صفتان ، و (تكليما) مصدر مؤكد رافع للمجاز.
قوله تعالى (رسلا) يجوز أن يكون بدلا من الاول وأن يكون مفعولا : أى أرسلنا رسلا ، ويجوز أن يكون حالا موطئة لما بعدها كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، ويجوز أن يكون على المدح : أى أعنى رسلا ، واللام في (لئلا) يتعلق بما دل عليه الرسل : أى أرسلناهم لذلك ، ويجوز أن تتعلق بمنذرين أو مبشرين أو بما يدلان عليه ، و (حجة) اسم كان وخبرها للناس ، وعلى الله حال من حجة ، والتقدير : للناس حجة كائنة على الله ، ويجوز أن يكون الخبر على الله ، وللناس حال ، ولا يجوز أن يتعلق على الله بحجة لانها مصدر ، و (بعد) ظرف لحجة ، ويجوز أن يكون صفة لها ، لان ظرف الزمان يوصف به المصادر كما يخبر به عنها.
قوله تعالى (أنزله) لاموضع له ، و (بعلمه) حال من الهاء : أى أنزله معلوما أو أنزله وفيه علمه ، أى معلومه ، ويجوز أن يكون حالا من الفاعل : أى أنزله عالما به ( وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ ) يجوز أن يكون لاموضع له ، ويكون حكمه كحكم لكن الله يشهد ، ويجوز أن يكون حالا : أى أنزله والملائكة شاهدون بصدقه.
قوله تعالى ( لَمْ يَكُنْ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ) قد ذكر مثله في قوله ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ ـ و ـ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ ).
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 204 _
قوله تعالى ( إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ ) استثناء من جنس الاول ، لان الاول في معنى العموم إذ كان في سياق النفى و (خالدين) حال مقدرة.
قوله تعالى ( قَدْ جَاءَكُمْ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ ) بالحق في موضع الحال : أى ومعه الحق أو متكلما بالحق ، ويجوز أن يكون متعلقا بجاء أى جاء بسبب إقامة الحق و (من) حال من الحال ، ويجوز أن تكون متعلقة بجاء : أى جاء الرسول من عند الله ( فَآمِنُوا خَيْراً ) تقديره عند الخليل وسيبويه : وأتوا خيرا فهو مفعول به ، لانه لما أمرهم بالايمان فهو يريد إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه ، وقيل التقدير ، إيمانا خيرا ، فهو نعت لمصدر محذوف ، وقيل هو خبر كان المحذوفة : أى يكن الايمان خيرا ، وهو غير جائز عند البصريين لان كان لاتحذف هى واسمها ويبقى خبرها إلا فيما لابد منه ، ويزيد ذلك ضعفا أن يكون المقدرة جواب شرط محذوف فيصير المحذوف للشرط وجوابه ، وقيل هو حال ومثله ( انتَهُوا خَيْراً ) في جميع وجوهه.
قوله تعالى ( وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ ) الحق مفعول تقولوا : أى ولا تقولوا إلا القول الحق ، لانه بمعنى لا تذكروا ولا تعتقدوا ، والقول هنا هو الذى تعبر عنه الجملة في قولك قلت زيد منطلق ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف و (المسيح) مبتدأ ، و (عيسى) بدل أو عطف بيان ، و ( رَسُولُ اللَّهِ ) خبره و (كلمته) عطف على رسول ، و (ألقاها) في موضع الحال وقد معه مقدرة وفى العامل في الحال ثلاثة أوجه : أحدها معنى كلمته لان معنى وصف عيسى بالكلمة المكون بالكلمة من غير أب ، فكأنه قال ومنشؤه ومبتدعه.
والثانى أن يكون التقدير : إذ كان ألقاها ، فإذ ظرف للكلمة ، وكان تامة ، وألقاها حال من فاعل كان ، وهو مثل قولهم : ضربى زيدا قائما.
والثالث أن يكون حالا من الهاء المجرورة ، والعامل فيها معنى الاضافة تقديره : وكلمة الله ملقيا إياها ( وَرُوحٌ مِنْهُ ) معطوف على الخبر أيضا ، و (ثلاثة) خبر مبتدإ محذوف : أى إلهنا ثلاثة أو الاله ثلاثة ( إِنَّمَا اللَّهُ ) مبتدأ ، و (إله) خبره ، و (واحد) توكيد ( أَنْ يَكُونَ ) أى من أن يكون ، أو عن أن يكون ، وقد مر نظائره ، ومثله ( لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ ) ، ( وَلا الْمَلائِكَةُ ) معطوف على المسيح ، وفى الكلام حذف : أى أن يكونوا عبيدا.
قوله تعالى ( بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ) إن شئت جعلت من ربكم نعتا لبرهان أو متعلقا بجاء.
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن ( الجزء الاول)
_ 205 _